كـان علماء الإسلام الأمــازيغيـون )قبل القـرن العشـرين الميـلادي( متمسكيـن ومتشبثيـن - إلى حــد مــا - بالـهـويـة والـحـضـارة الأمازيغية؛ فألـفــوا مــؤلفـات وصـنفـوا مـصنفـات، مختـلفـة ومتنـوعـة، باللـغــة الأمازيغـية لـسـان المسلميـن الأمازيغييـن، عـالمين معنـى قــوله تـعـالـى: »ومـا أرسلنـا مـن رســول إلا بلسـان قــومه، لِيُبَيِّـنَ لـهــم(1). «.

غير أنه في الـقـرن الـمـاضي، لاسيمـا بعد عـام 1956 الميـلادي، تـراجـع اهتمـام رجــال الــدين الأمـازيغ بالـحـضـارة والهـوية واللـغـة الأمـازيغيـة، تـراجـعـا كبيـرا. فأصبـح العلماء الأمازيغيون )بـعضهـم على الأقــل( يــرون أنهـم » عــرب ! « ويفضلـون العـروبـة على هــويـة المسلميــن الأمازيغييـن؛ فأهملـوا وهمشـوا واحتقروا كـل مـا هـو أمــازيغـي مـن هـويـة وحـضـارة ولـغـة وثـقـافـة وتــاريخ وأرض وإنسان وشـعـب... ولـم يعـودوا يــؤلـفـون الـمـؤلفات والـكـتب باللـغـة الأمازيغية، بـل باللـغـة الـعـربيـة وحــدهـا، فـي إقصاء تــام للـغـة الأمــازيغيـة لـسـان المسلميـن الأمــازيـغ. رغــم أن الـــقـرآن الـكـريـم، الــذي هـو الـمـصـدر الأول للــديانـة الإسلامية، يعتبـر اختـلاف وتنـوع اللـغـات وتـعـدد الألـسـنـة آيــة مـن آيــات اللـه تـعـالى رب الـعـالميـن! نعم، هـذه الآيـة الـكريمـة وغيـرها مـن الآيـات » الـهـوياتيـة « يـمـرون عليهـا مـرور الـكـرام ) أو مـرور الكيـران كما يقـول السيد محمـد الـجــم (. يـمـرون عليها وهـم عنها معـرضـون )وهـم مـغـرضـون(. قــال الشيخ محمـد المختـار السوسـي ) المـتـوفى 1963م(  في كتـابه » المعسـول  «في تـرجمـة الـقـاضي مسعـود الـشـيـاظمي:

فـي تـقـديمـه لـكـتاب «الحـوـض في الفقـه الـمـالكـي بــاللسـان الأمــازيغـي» للـشـيـخ سيـدي امـحمـد ؤعـلـي أوزال Awzal، سـجـل الأستـاذ الـعـلامـة أحـمـد العـدوي مـوقفـه مـن الـهـوية واللـغـة الأمــازيغيـة، وهـو مــوقف كـما سبقت الإشارة، يخالف تـمـامـا مــوقف الـمـختار الـسـوسي وأمـثـالـه مـن الـعـلـمـاء الأمــازيــغ الأحـيـاء منهـم والأمــوات (منـذ الـقـرن الـعـشـرين إلى الآن). يقـول الشيـخ الـعـدوي بـعـد أن ذكــر أسـمـاء وأقــوال بعـض « المستشرقين» الـذيـن قــامـوا بنشـر وتـرجمـة الـمـؤلفات والكتـب الدينيـة الـتي ألـفـهـا، بـاللـغـة الأمــازيغيـة، علماءُ الإسلام الأمــازيغيـون. قــال منـذ أكثـر مـن ثـلاثـيـن عــاما: "هـكـذا يقبـل المستشـرقــون على مــا نملكــه مـن الـتراث الـخـالـد، تحـت قـنـاع تنميـة البحـث الـعـلـمي والــرغبـة في الاطــلاع على ثـقـافـات الشـعـوب، فـيـنقـلونه إلى لـغـاتهـم، ويقـدمـونه إلى طـلابهـم وأمـمـهم، على حيـن أن مثقفيـنا يجهـلون مــا تحتضـنـه المكتبـات الـعـامــة والـخـاصــة ببـلادهـم، ويقنعـون بـلـحـس مــا تـقـطــر بـه أسـنـان أقــلام الـغـربــاء الأجــانب... فعـن طـريـق هــؤلاء الأجــانب يتعـرفـون علـى الـنـزر الـيـسيـر مــن ثــروتهم الـثـقـافيـة الضخمـة، وتلـك ضـريبـة الـجهـل بـاللـغـة الـوطنيـة ولهجـاتهـا وآدابـهـا، وحصيلـة الـمـتخلفيـن هـي الـحـرمــان، والـخـاســر هــو الــوطــن، وللـه الأمــر من قـبـل ومن بعـد ". (انتهـى كــلام الشيـخ سيـدي أحـمـد الـعـدوي: كتـاب " الحـوض في الفقـه الـمـالكي باللـسـان الأمـازيغـي" للشيـخ سيـدي امحمد أوعلـي أوزال، تحقيق وتعليـق: المـرحــوم الأسـتـاذ الــرحمـاني عبـد الله بـن مـحـمـد الجشتيمـي، الطبعـة الأولـى سنـة 1977، ص 21 - 22 ). نعـم، تلـك هـي ضــريبـة الـجهـل بــاللغـة الــوطنيـة الأمــازيغيـة واحتقـار الهــوية الأمــازيغيـة. والحصيلـة هــي الـحـرمــان ولا شــيء! والـخـاســر هــو الــوطــن والمواطن ! لـكـن إلى متـى ؟! ولـمـاذا ؟! لـمــاذا هــذا الـجـهـل وهــذا الاحتقـار؟! هــل مــن جــواب !؟ أزول فلاونت / فلاون. تانميرت أطاس / باهرا.

الهــامــش: