|
تأملات: رقصة
”أحيدوس“ أو
إنارة الظلام بقلم:
الحسين دمامي
(ورزازات) محور
دوران رقصة "أحيدوس"
بقبائل وادي
دادس بإقليم
ورزازات هو
نفس محور
دوران الكرة
الأرضية، أي
من جهة الشرق
حيث تنبعث
الشمس، مما
يجعل من
الرقصة ـ
رمزيا ـ طقسا
جماعيا
لإعادة الشمس
من موطن
غروبها، كأن
كلمات شعر "أحيدوس"
نوع من
الدعاء
والتقرب رغبة
في انبعاث
الشمس.
والدليل
الميداني هو
أن رقصة "أحيدوس"
النموذجية
تتم ليلا بعد
تناول وجبة
العشاء
الجماعية في
الأفراح، كما
تنتهي مع
بزوغ الفجر
حيث "نجمة"
الصباح Titrit n
tifawt تؤذن
بعودة الشمس
من رحلة
الغروب من
جديد. ومما
يضفي طابعا
رمزيا على
مسار الرقصة
هو أن تحرك
الراقصين يتم
جهة اليمين(1)،
وهي جهة
اليمن
والعطاء. أما
على مستوى
الإيقاع،
فلأحيدوس
التقليدي ـ
على الأقل
بدادس ـ
إيقاعه
الخاص، إذ
يبدأ
بالأغاني ذات
الإيقاع
الثقيل
والقصائد
الطويلة من
نوع Tazerraret، فيما
إيقاع
النهاية يكون
سريعا،
والغناء
يعتمد أبياتا
شعرية خفيفة،
وهو ما سيمى
بـ"لمْساق"
Lemsaq. وفيما
يخص مضمون
الأشعار فإنه
لا يخلو من
السخرية
شعرا، طالما
أن من شروط
حيازة القدرة
الشعرية على
نظم شعر
الهجاء
ببلاغة
وبتجنب
الخطاب
المباشر كأن
الناظم يمتحن
قدرة الخصم
على الفهم،
وفي نفس
الوقت يضلل
الكلمات حتى
لا ينعكس
مفعولها
السحري ضده
طالما أن
المرقص هو
مكان
حُرُم Agdal، مما
يؤدي بخارق
طقوسه إلى
الإصابة
باللعنة
Amuttel. وحتى
الغزل والمدح
هو ضرب من
الهجاء
للمنافس
حينما يحصل
الناظم على
تأييد
المستمعين
بقولهم: "صدقت"
Teghzvanet(2)، أو
زغاريد
النساء. ورغم
أن الرقصة
موطن للتباري
والتنافس
الشعري، فإن
ختم الرقصة
تتجه غالبا
إلى قول
أبيات تتمحور
حول التصالح
والتسامح على
عتبة إشراقة
يوم جديد.
وهذا التسامح
والتصالح
ينهيان حكاية
الليلة بنوع
من التفاؤل
ترمز له أشعة
الشمس
الطاردة
لبقايا
الليل، مثلما
تنتهي
الحكايات
التي تروى
حول موقد
النار أو عند
منوال النسيج
Asettva؛
إذ الراوي
يختم حكيه
بترك القصة
في أمان،
وعودته ، من
رحلة الحكي ـ
بأمان، كأن
ولوج عالم
الحكي هو
دخول لمغامرة
مجهولة
التضاريس
سلفا، مما
يتطلب براعة
الراوي حتى
لا تنسلخ
الحكاية من
بين يديه،
ويفقد خيوطها
التي
تتلاشى مثل
تلاشي خيوط
النسيج من يد
النساجة. إن
رقصة "أحيدوس"
مؤشر على
سلوك طقوسي
طالما أن
الفنون لها
علاقة
بالمقدس.
وعلامة ذلك
اعتبار
المرقص
حُرْما
يستدعي من
الحاضرين ـ
بطبيعة الحال
في المجتمع
التقليدي ـ
التزام طابو
الكلام تجنبا
للإصابة
باللعنة،
مثلما يحكم
عل الناظم
ألا يسيء
استغلال
قدرته على
النظم،
لهذا
يحل القول
البليغ حتى
في الهجاء
عكس اللغة
اليومية
الفجة. وفوق
هذا تنتهي
الرقصة
بالتسامح
والتصالح بعد
صراع مصطنع(3). هامش: 1
ـ لفظة "اليمين"
بالأمازيغية
هي Ayeffas، وهي
قريبة من فعل
Ikas الذي
يعني العطاء
والهبة. كما
تتضمن الجذر
F الموجود
في "تاوفيت" و"أفا"،
أي الشمس
والنار،
وكلاهما
للإضاءة.
وقريبة من
الجذر F.S، ومنه
"تافسوت"
التي تعني من
جملة ما
تعنيه:
النضج، الجمل. 2
ـ لفظة Taghzvent من
نفس الفعل.
وتعني ببعض
المناطق
العرّافة،
وحرفيا ستعني
قائلة الصدق
أو الصادقة. 3
ـ الهجاء
يرتبط
بالعداوة،
لكن هناك
طقوسا ظاهرها
الهجاء
العلني حيث
تستعمل جمل
التشاؤم، لكن
باطنها تعبير
عن الأخوة
الرمزية، وهو
ما يقع مثلا
في طقس "تافرگانت"
القائم على
التلاسن بين
المتحالفين. |
|