|
مشروعية الحركة الثقافية الأمازيغية بقلم: علي زنّو، باباس ن ماسين (تارودانت) يان: تقديم يستمد الخطاب الأمازيغي والحركة الثقافية الأمازيغية بشكل عام مشروعيته من الواقع ومن التاريخ ومن الجغرافية. 1 ـ على مستوى الواقع: فالواقع أن الإنسان الأمازيغي ما زال حيا يرزق إلى يومنا هذا حيث نجده في البادية والمدينة والقرية والسهل والجبل، ونجده أيضا في أوروبا وأمريكا وروسيا وفي كل مكان من هذا العالم. ولا زال حامل ثقافته بامتياز، والمرأة مكرمة لدى الأمازيغ منذ فجر التاريخ حيث حكمت شمال إفريقيا بجدارة ووصلت الزراعة إلى مستوى أعلى في عهدها، واللغة نفسها أعطت لهذه المرأة مدلولا ذا مغزى ـ "تمغارت" ـ التي هي مؤنث "أمغار" ويقابله في العربية "الشيخ" أو "الحاكم" أو كبير القبيلة. وهي بالفعل حاكمة أسرتها والمربية والمدرسة، والتي تعني بالأطفال، وتحكي لهم قصصا لها جذورها في أعماق التاريخ، لو تم إدماجها في المنظومة التربوية لصارت نموذجا من الروايات والقصص المنبثقة من محيط المدرسة السوسيوثقافي. 2 ـ على مستوى التاريخ: علمتنا كتب التاريخ أن سكان المغرب الأولين هم الأمازيغ الأحرار، وأكدته كل الكتابات التاريخية لشمال إفريقيا، وأكده التاريخ المعاصر. وأسماء كعبد الكريم الخطابي وموحا أوحمو الزياني وعسو أوباسلام وآيت باعمران لخير دليل على أن الأمازيغ كانوا ولا يزالون على هذه الأرض الطيبة. 3 ـ على مستوى الجغرافية: إن جل الأماكن المغربية تحمل أسماء أمازيغية (أكادير، ـ أجدير ـ تارودانت ـ أنفا ـ أكدال ـ أزيلا ـ أشّاون ـ تيطّاوين ـ تركيست ـ طنجة (تين ن يكي) ـ تاونات ـ تاوريرت ـ تاهلة ـ تيفلت ـ فيكيك ـ ورزازات ـ تازاكورت ـ تنغير ـ تاكونيت ـ أكلميم ـ طاطا ـ إيفني ـ تيزنيت ـ .... إلا أن هناك أماكن استعربت أسماؤها في القرن الماضي، خاصة بعد ظهور الدولة الوطنية بقيادة الحركة الوطنية التي تبنت التعريب الشامل للزمان والمكان والإنسان والأرض ظنا منها أنها تعمل لصالح هذا الوطن، في حين أن أكبر خدمة يمكن أن نقدمها لهذا الوطن ولهذا الشعب ولهذا الإنسان هو الحفاظ على تاريخه وهويته ولغته وثقافته. سين: الحركة الثقافية الأمازيغية تعتبر الحركة الثقافية الأمازيغية حركة مدنية، مطلبية، تاريخية وإنسانية حيث ظلت منذ ظهورها تناضل ضد اليأس والتهميش والاستبداد الذي يطال الأمازيغية والأمازيغ. وما عملها داخل إطار ثقافي بعيدا عن الشأن الحزبي الضيق إلا دليلا على أنها جزء من حركة حقوق الإنسان العالمية، تتمسك بالحق في الوجود والاستمرارية، حيث نادت ولا زالت تنادي بالتنوع الثقافي في المغرب، وتؤمن بأن الإقصاء والشوفينية لا محل لهما في المستقبل. وهذا الأخير رهين بمدى احترام القوميات لبعضها البعض دون إقصاء أو ذوبان أو إكراه. وهي تستمد مرجعياتها من فلسفة حقوق الإنسان والعلوم الإنسانية. وتلتقي في خطابها مع نهضة عالمية لشعوب تطالب بإعادة الاعتبار للخصوصيات التي هي إثراء وإغناء للثقافة الإنسانية عامة. وبالتالي فالأمازيغية قضيتنا جميعا، مثقفين ومبدعين، سياسيين، طلبة وأساتذة... خاصة الديموقراطيين في هذا الوطن من واجبهم الدفاع عنها بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، لأننا لا نتصور ديموقراطية حقيقية في المغرب بدون إدماج للأمازيغية في كل المجالات، لأن إدماج الأمازيغية يعتبر حقا بوابة إلى التنمية. فعندما ندمج مثلا الأمازيغية لغة وثقافة في المدرسة المغربية، نكون قد استثمرنا مهارة من مهارات الطفل المتعلم التي هي اللغة، لأنها تساهم في إيصال المعرفة واستيعابها حيث أثبتت الدراسات أن التعلم الأولي والابتدائي يجب أن يكون بلغة الأم، لأن الطفل عند بلوغه السنة السادسة/السابعة من عمره يكون شخصا متكاملا نفسيا وسلوكيا، ولغته تعبر عن التفاعل الفكري والوجداني الذي يربطه ببيئته، وبالتالي ففهم هذا العامل اللغوي للطفل سيمكننا من فهم المتعلم وكذا فهم المحيط الطبيعي والاجتماعي له. وهذا طبعا الشرط الأول الأساسي للتعلم. أما في الميدان الاقتصادي فحدث ولا حرج حيث تجب المراهنة على العنصر البشري، وثقافته كعنصر أساسي في التنمية الاقتصادية وأن تهميشه وتهميش ثقافته من البرامج يؤدي حتما إلى إقصائه. خاتمة: إن من يعتقد أن المطالبة بإقرار الأمازيغية من شأنه أن يزرع بذور التفرقة في جسم المجتمع لا يجد دعمه من الواقع، ولا تدعمه المعطيات التاريخية والحضارية للمجتمع المغربي، ولم يسجل قط التاريخ يوما أن حصل نشاز في المكونات الثقافية المغربية بفعل الحضور الفعلي للأمازيغية لغة وثقافة إلى جانب الثقافة العربية والإسلامية والأندلسية والإفريقية والأورومتوسطية، ذلك أن العنصر والمكون الأمازيغي أعطى الكثير للثقافة الوطنية. ونحن في الحركة الثقافية الأمازيغية نعتبر أن المغرب موحد بفعل تكوينه الطبيعي المتعدد الثقافي. وقد نجد في أسرة واحدة مشارب متعددة. وهذا طبعا يشكل قوة وامتيازا يجب استثماره في العملية التنموية ولا يعتبر بحال من الأحوال ضعفا ونقصا. ونعتقد أن في هذا التنوع وهذا الاختلاف أول الدروس في الديموقراطية التي نتميز بها عن غيرنا. ومن لا زال لا يؤمن بالواقع فحتما سيتجاوزه التاريخ. إن الوحدة التي يحب أن تساهم فيها القوى الديموقراطية بوسائلها وطاقاتها هي الوحدة الديموقراطية، وأن موقع الأمازيغية في التغيير الديموقراطي أساسي. لذا من واجبنا الانخراط في تنظيمات الحركة الثقافية الأمازيغية ودعمها لكونها حليفا استراتيجيا في النضال الديموقراطي للقوى الحية، وذلك لمشروعية خطابها، وأن تبني القومية العروبية اختيار خاطئ مصدره إيديولوجية اختزالية يسكنها الاستبداد. |
|