|
عن النزوع الأمازيغي وهفواته (تابع) بقلم: حميدي علي (خنيفرة) من جهة اخرى نرى نحن ان اسماء ابراهيم وسليمان وموسى ليست ملكا للعرب وهم لايعرفون من اين اتتهم بالظبط لانهم اخر شعب في الحوض المتوسطي سيعرف شيئا اسمه الدين السماوي. اما اسماؤهم الخاصة بهم فلها صلة وثيقة باسماء الحيوانات كالكلاب والاسود والنمور والبراغيث…. ومن هنا مصداقية قولنا ان الثقافة العربية لن تفيد الحضارة الانسانية الا في التخريب على جميع الاصعدة وكذلك تكلم ابن خلدون. ومن هنا تسمية الامازيغ بتلك التسميات للرسل والانبياء، اللهم اذا كان العرب يعتقدون ان الدين من صنعهم وليس وحيا الاهيا. او اللهم اذا تعاملوا مع الاسلام باعتباره مطية لتمرير وترسيم العربية وهذا شيء اخر، و ليختر اي الاحتمالين اهون عليه. وبعد هذا بماذا سيفسر اسم موسى وعيسى وداود و ايشو. سيقول بانها اسماء يهودية. لا عليه، فعلى قدر ذاكرته يتذكر… هكذا نخلص الى ان كل ما يمكن ان ينتهي اليه في هذا الموضوع ما هو الا التفافا على الحقيقة وتحويرا للمعطيات وقلبا للمعاني بغرض الوصول الى هدف خسيس وهو منع الامازيغي من التمتع بحقوقه كاملة فوق ارضه. وبالتالي فمحاولته بعيدة كل البعد عن الدقة والموضوعية، وان ما سيقوله على هامش خطابه ما هو في الحقيقة الا تكرارا لما سبق، و شرعنة سياسة مهووسة بالطمس وابتلاع الاختلاف. ثم يقول بان الامازيغي النزوعي يعمل على: (تحويل العداء الذي هو اليوم شعور نخبوي منعزل الى شعور جماعي… وهو ما يؤدي الى اكساب هذا الشعور صفة العنصرية التي تقوم على الاندفاع والمحاكاة اكثر مما تقوم على المنطق والاستدلال(. يا سلام. اولا كلمة المنطق والاستدلال بالنسبة لنا نحن هي للاستهلاك فقط ولن يرهب بها احدا. فقد بينا ان لا علاقة له بها. ولابد لاي كان يريد اضفاء المصداقية على الهراء ان يتبجح ويتلفظ بهذه الكلمات اعتقادا ان ذكرها سيجعل كلامه منطقيا. انه يتصرف كذلك لعلمه بانه يريد تمرير شيء غير مشروع. هذا عن مجانية التلفظ بتلك الكلمات. اما الافظع في امر هذا الرجل هو ان تكون هناك عنصرية تقوم على المنطق والاستدلال والاخرى على الاندفاع والمحاكاة. ارايتم الان حماقات المنطق العربي في بلاد الامازيغ. انه يقبل على الاقل العنصرية التي تقوم على الاستدلال والمنطق. ولا اعتقد اننا في حاجة الى اعادة تناول كل الحركات العنصرية التي عرفتها البشرية وهل هناك من قال بان الحركة العنصرية الفلانية تقوم على الاستدلال والمنطق والاخرى لا تقوم على الاستدلال والمنطق. ولا اعتقد اننا في حاجة الى تعريف العنصرية والمنطق والاستدلال لنبين فراغ القول عنده، ولا على خلفية المحاكاة والاندفاع. لقد فضح نفسه. ان التفكير العنصري الحقيقي هو الذي حين يتكلم عن ذاته يبرر تفكيره وحين يتكلم عن الاخرين يصفهم بالعنصرية والعرقية والتعصب. شخصيا وفي تصور اخر للمسالة ان اي سلوك سواء كان عنصريا او مسالما او ديموقراطيا له اسس مادية واجتماعية هي التي تولده وتملي عليه افعاله وردود افعاله. وبالتالي علينا نحن ان نبحث في تلك الجدور ونعمل على تغييرها والقضاء عليها وهذا هو الشكل السليم لمعالجة مثل هذه القضايا. اما ان ارفض لغة شعب وثقافته باسم لغة اخرى وثقافة اخرى فانني لا اكشف الا على عنصريتي وحقدي على تلك اللغة واهلها. وبالنسبة لنا هنا في المغرب لسنا في حاجة الى مجهود لنعرف حقيقته السوسيوديموغرافيا وبالتالي استشراف الحلول من ذلك الواقع. والا فاذا كان يصف الامازيغي بالعنصري وفي بلده للاسف فماذا سنقول نحن لما جرى ويجري للامازيغ فوق ارضهم. محو الاسماء الامازيغية وتعويضها باسماء عربية دخيلة لا علاقة لها بتاريخ البلاد وثقافتها واهلها. اليست هذه هي العنصرية الحقيقية؟ ام انها مبنية على المنطق والاستدلال. يقول: )..فلنتصور لحظة ان الامازيغية ستندفع باحثة عن افراغ ما تراكم لديها من حقد.. ولن تخطئ هدفها فقد لقنته منذ البدء انه العربية وكل ما يمت الى … العربي( اذا كنت ترى ان الدعوة الامازيغية ستصب جام غضبها على العربية وما والاها، فماذا تسمي انت ما تقوم به العربية ودولتها الان في بلاد الامازيغ: انها لم تخطئ هدفها والذي هو القضاء على الامازيغية لغة وهوية واسماء اماكن واسماء اعلام وكل ما له علاقة بالتاريخ الامازيغي والتقويم الامازيغي وملوك وابطال الامازيغ.. كل شيء يسلط عليه جام غضب العربية. انك اقمت الان الدليل على نفسك وعلى مهمة لغتك العربية وسلطتها السياسية بانها اعمال عنصرية وسلوك عنصري على شاكلة من قلت انه يقوم على المحاكاة والاندفاع. ما رايك بعد ان انكشفت حقيقتك بعد ما كنت تظن انك ستلصق تهمة العنصرية بالامازيغي. ولكن لم يخطئ المثل المغربي الدارج الذي يقول: اللي حفر شي حفرة ك يطيح فيها. ففي ماذا سيضرنا الحفاظ على اسمائنا الامازيغية الاصلية؟ هل كان العرب سيصنعون الصواريخ ويصعدون الى القمر ولكن اسم "عسو" و"باسو" هو الذي حال دون ذلك؟ فباي مبرر اذن يتم نهج هذا السلوك ان لم يكن بغاية طمس حقيقة البلاد وتصريف حقد قديم ضد الاهالي توارثه الغزاة العرب لبلاد الامازيغ. اليس من اجل محاربة الامازيغية ونفي هوية البلاد الاصلية والحاقها بملكية العرب بشرا وجغرافيا ظلما وعدوانا وتغليط اجيالنا الصاعدة حيث تصبح تعتقد وتومن بغير الحقيقة، ويصبح الزيف عندها مسلمة بديهية. هل هناك من جريمة عنصرية اكثر فظاعة مما يجري امامنا: تحويل مصير بلاد وشعب ليصبح بدون ذاكرة . هذا هو التفكير العنصري والسياسة العنصرية التي يجب محاربتها والتي يتزعمها جهاز يدعي الديموقراطية ويدافع هو عليها بكلام يفضحه اكثر مما ينصره ويغطي عليه. اليس الحفاظ على المآثر التاريخية حفاظا على المحيط السوسيوثقافي لتلك المآثر؟ ماذا يعني ان كل صغيرة وكبيرة يتم انسابها الى العرب؟ الا يشبه هذا السلوك بغول او وحش يبتلع كل ما حوله بشرا و عمرانا وزمنا؟ ان هذا الوضع اللاديموقراطي هو الذي ولد لدى الامازيغي ضرورة النضال ضد هذا الاخطبوط المتوحش. وهو يعي ان ليس هناك في العالم من سينتقص من نضاليته سوى الابواق الرخيصة لتلك السياسة /الاخطبوط. ومن سمات ذلك التفكير العنصري العربي كذلك ان يجرد النضال الامازيغي من هذا الاساس المادي ويعمل على القفز عليه وينطلق من افعال الامازيغي وياخدها كمحدد لاضعافه واثارة الراي عليه. ففي قوله: )يصبح العداء والحقد اداة تلحم بين اعضاء الشريحة اللغوية وسندا يهب القوة… .(يعني ان ليس هناك اضطهاد واهانة وطمس للهوية. وبالتالي فان الواقع بريء من هذا وان سلوكه هذا ناتج عن الحقد والعداء على شاكلة قوله المحاكاة والاندفاع التي تفتقد للسند الواقعي المبرر بالمنطق والاستدلال. اية ديماغوجية هذه واي احتيال؟ من السهل الرد على مثل هذا الكلام ولكن نفضل القول ان هذا الاسلوب في التناور عبر عن افلاسه واننا في مرحلة اخرى. واذا كان لايعرف الا ان يتكلم من اجل التضليل فليطور نفسه شيئا ما لمسايرة التناور على حقوق الشعوب. انه يتعمد التحدث في المستويات النفسية لانه مقتنع بانه لا يستطيع الجدال في امور الواقع، ببساطة لان هذا الاخير يزخر بعنصرية الدولة التي يغطي عليها هو. لهذا، وعوض ان ينطلق من الواقع ليعرف ويعرف الحقد والعداء عند الامازيغي وليعرف السند المادي لمطالبه ينطلق من الحقد والعداء كموجه للشريحة اللغوية وكسند لمواقفها. نقول مرة اخرى ان الواقع هو السند الحقيقي لمطالب الامازيغ، وهو الذي يوحد حاليا مطلبهم اللغوي ويكسب نضالهم المشروعية والمصداقية. وهم لا ينتظرون الحصول على حسن السيرة من اعدائهم، لانها لم تكن في يوم من الايام ولن تكون الا بفعل نضال الامازيغ والراي العالمي المساند لمطالبهم الديموقراطية الحقيقية، والمناخ الحر الذي تجد فيه الشعوب المتنفس لاستكشاف طاقاتها الابداعية دون وصاية من احد، اسهاما في الحضارة الانسانية. ويقول مرة اخرى: (ذلك ان اشراك اكبر قدر من الناس في تقاسم هذا الشعور يضفي الشرعية على القضية ويضمن الراحة النفسية للمدافعين عنها(. قلت سابقا لقد سبقه غيره من اعداء الامازيغ الى مثل هذه الحيلة المفضوحة وهي الفصل بين النخبة والسواد الاعظم، الفصل بين الفعاليات والسواد الاعظم. لقد سبق ان قال احدهم على اعمدة الاتحاد الاشتراكي عدد 4616 ليومه 31 مارس سنة 1996 وهو على العبدي: انها ـ اي الامازيغية ـ مسالة البعض ويعمل في عالم مفكك ومسلوب الارادة و لا يريد ان تكون لدية قوة…( انه لا يقوى على الصمود في الدفاع على هذا الطرح. فبعد ان قال انه شعور نخبوي ويصعب له التمكين لرايه بسبب "مسالمة" العربية للامازيغيات يعود ليقول بان المسالة في مراحلها الاولى، وبالتالي يسيطر عليه خوف تعكسه جملته التالية: (لنتصور لحظة انها استطاعت التسلل من دائرة النخبة الى القاعدة العريضة(. وهو يؤاخد الامازيغي على العمل من اجل نشر الوعي بقضيته. نقول له اولا انك على يقين وتيقن بانه كذلك سيكون افق الامازيغية وانت تلمس يوما بعد يوم انتشارها وسط القاعدة. وبقدر ما تلمس القاعدة بان هناك من يشوش على امازيغيتها ويعاديها بقدر ما يتاجج نضالها واداؤها. وتيقن انه لن ينفعك لكبح جماح الحرية لا السجن ولا الاغتيال ولا التضليل. الامازيغ فوق ارضهم ولا يحق لاي كان ان يملي عليهم كيف يتصرفون في الحياة. ثانيا لنساله هو: الاحزاب السياسية والجمعيات و.. و.. كيف تكون في بدايتها. انها فكرة افراد وبالتالي تعمم. هل حزب الاستقلال مثلا كقلعة للعروبية وغدر الامازيغ نزل من السماء كما هو الان، ام بدا بفعل افراد؟ اذن المسالة جد عادية كجميع الحركات والاحزاب، هذا ناهيك على ان الامازيغي يعمل في ميدانه والحقل حقله وواسع وعريض عكس الاحزاب العروبية التي لا تمثل الا كمشة والبقية من اتباعها تحمل وعيا زائفا. اذ لا اصدق كيف اكون عضوا امازيغيا في مثل ذلك الحزب الذي يقتل امازيغيتي باسم "وطنية" انفضح امرها. اذن مثل هذه الاحزاب اعتمدت على التضليل ونجحت جزئيا، فما بالك بالذي ينطق بالحقيقة، ويخاطبك انت كامازيغي اولا ثم في خيرات وطنك المسروقة. اكيد ان الامازيغي افقه ديموقراطي اجتماعيا وثقافيا وسياسيا، وبالتالي فذلك ما يضفي المصداقية التاريخية على نضاله وما يجعل المستقبل له. والحقيقة ايا كانت وفي اي مجال هل تمتلكها العامة منذ الوهلة الاولى او تبدا بشخص او جماعة وشيئا فشيئا تتعمم. وحدانية الرب مثل ، كروية الارض، مركزية الشمس، كلها حقائق تبدا مع العلماء وتتعمم مع الزمن الى ان تصبح فاعلة في تاطير رؤيتنا للمجتمع والحياة. اذن باي حق يؤاخد هو الامازيغي في عمله من اجل نشر الوعي بقضيته وتعميمه على ابناء بلده. هل يحق للجميع ان يسلك هذا الطريق الا الامازيغي، حتى يسمي عملية نشر الوعي والحقيقة وما تعيشه الامازيغية من نفي وقتل بطيء وما يتعرض له الامازيغي في ارضه من اهانة واحتقار بتلك الالفاظ التحاملية: قلب الود الى حقد، تطويع الحشود لاهدافها الخاصة… السبيل الى كسر هذه العلاقة و تحويلها الى ضدها.. تحويل العداء النخبوي الي شعور جماعي، وما الى ذلك من الالفاظ التي لو شئنا الرد عليها واحدة واحدة لظهرت لنا عنصرية صاحبها مع كل لفظة ورائحة رفض الامازيغ وعدائهم تفوح في كل واحدة رغم ان الضيف يكون شكورا لمضيفه. الا ان الكرم في غير اهله خسارة وما اكبر خسارتنا نحن الامازيغ. فبالنسبة الى قلب الود الى حقد، في اطار نضال الامازيغي، لا يعني سوى قلب الوعي الزائف بالود الذي يدعيه العروبيون لاخفاء حقدهم الى وعي على انه حقد الجهاز الرسمي وابواقه على الامازيغية. اي حتى يكون وعي الامازيغي وعيا غير زائف وسليم بما يحاك ضده سرية وعلنية عليه ان يعرف ان ليس هناك في حقيقة الامر ود. وشرط حصول الود والطمانينة هو تخلي الامازيغي علىهويته واتلافها والتخلي على لغته وتقمص الشخصية العربية. ولكن بمجرد وعيك لذاتك يصبح الامر شيئا مغايرا تماما وتنقلب لديك المفاهيم راسا على عقب ويبدا الحقد العربي والعنصرية العربية في التكشير على انيابها. ان الود حاصل مادمت تتكلم الدارجة. وبمجرد ما تتكلم لغتك الامازيغية يبدا الحقد والعداء معلنا نفسه بعبارة "تكلم العربية". مع اننا نعرف ان العربية في وعي ولا وعي المغاربة هي الدارجة. اذن الامازيغي هنا لا يعمل الا على توعية او تصحيح وعي الامازيغ بواقعهم وحقيقتهم وتاريخهم، وهذا ليس عيبا، انما رسالة نبيلة ونضالية ملقاة على عاتق من يعرف من ابناء الامازيغ. وكل من تخلى عنها او تساهل فيها فسيحاسبه التاريخ وسيحاسبه الضمير الامازيغي الكامن في دواخله. فما الذي كانت تفعله المدارس الحرة؟ الم يكن عملا من اجل تسييد لغة على حساب اخرى خدمة لمصالح فئة محدودة العدد جدا جدا؟ لماذا لا ينظر اليها على انها مثل ما نعت به الامازيغي. وفي مقاله هذا، هل يعتقد ان المغاربة سيقولون بانه يتكلم نبوة وهداية وعلما. انه يعمل بما يصف به الامازيغي: تحذير العرب وتخويفهم من الامازيغي النزوعي وصولا الى العنصري، وصولا الى شرعنة عزله وقتله وفي ذلك قتل للسواد الاعظم قبل ان تصله الدعوة الامازيغية. هذا مع اننا لسنا في بلاد العرب حتى يخيفهم من الامازيغ. نحن هنا في بلاد الامازيغ. من واجب الامازيغي توعية المواطنين بحقيقة المقاومة المسلحة الامازيغية. ومن حقه وواجبه ان يربط لهم بين اخر معركة امازيغية ضد الغزو الفرنسي واول اطار سياسي تعامل مع الغزو الفرنسي. هذه حقائق على المغاربة جميعا ان يعرفوها لان لا احد منهم استفاد اقتصاديا وثقافيا من ذلك العمل السياسي سوى اصحابه. هذه امور في مصلحة المغرب والمغاربة وعيها ليعوا فعلا حقيقة تاريخهم المزور، وليعوا انهم مغدورون من الخلف. ان معارضة هذا العمل ووصفه بقلب الود الى حقد وحشد التاييد وتطويع الحشود… يعد شكلا من اشكال الحرب والرقابة على فكر يكشف حقيقة الاوضاع بالبلاد. ذلك الفكر الذي سيجعل المغاربة جميعا على بينة من حقيقة تسييد اللغة العربية على انها من اجل خدمة مصالح فئة صغيرة العدد. بينما بالنسبة للشعب لا يمكن ان يعي واقعه دون العودة الى ما قبل 1912 ، والى الحماية نفسها ثم المقاومة المسلحة، وصولا الى الحركة العروبية المتعاملة مع الاستعمار. وفي عبارة تطويع الحشود: اليس هذا الكلام اهانة للمغاربة والامازيغ؟ هل يعتقد ان المغاربة حشود وهذه الحشود هي مخلوقة من اجل التطويع. اليس لها راي؟ لو استطاعت العربية ومسيدوها تطويع الحشود لما بقي عندنا انسان واحد يتحدث الامازيغية، ما بالك بالدفاع عليها. ان الحشود التي رفضت التخلي عن لغتها و تشبتت بها في ظل سياسة اعلامية وسياسية عربية مطلقة هي التي حافظت لنا على هويتنا ولغتنا وهي التي تجيبك ان احتقار الناس ونعتهم بالحشود يدخلك في صنف من يؤمن بان البشر وسيلة للمرور الى الكراسي الوثيرة لمجاورة النخبة. اما الامازيغي الذي ينطلق من النخبة ويعود الى اهله واناسه وشعبه فهو لا يطوع تلك الحشود، انما يعود اليهم بالامانة التي في عنقه وقلدوه اياها لما حافظوا له على لغته ولسانه وهويته في عز اكتساح العربية للاعلام والمدرسة. ثم في كلمة "تطويع"، الا نستشف فيها نوعا من اللاارادية واللارضى من طرف هذه الحشود؟ الا نستشف فيها ان هذه الحشود كالعجين نشكله كما نريد؟ اذا كان الامر كذلك فلماذا لم تشكله و تطوعه العربية كما يحلم هو؟ ان الحشود التي يتحدث عنها هم بشر لهم معارف وتجارب في الحياة اغنى مما تلقنه المدارس العربية التي لا تعمل الا على عزل المتمدرس عن وسطه. حشود احتكت بالطبيعة والثقافات والاستعمارات الاخرى وحافظت على هويتها وتدافع عليها وترفض الذوبان في اي كان. وان تنمية الوعي لديها امر مشروع لا اعرف لماذا يخاف هو منه. هل لانه عربي. لا اظن لان القلة القليلة من العرب التي تسللت الى المغرب بحثا عن الرزق ذابت وسط الامازيغ. ثم لان المغاربة افارقة. فالكثير من الملوك كانوا يستعينون بالافارقة في حربهم ضد القبائل الامازيغية. وكلما هزمت قبيلة كان الملوك يتركون نساءها عرضة للاغتصاب من طرف هؤلاء الجنود الافارقة. وهو امر تكرر مع الاستعمار الفرنسي. وكلما حصل حمل جاء الابناء خليطا ما بين البشرة السوداء والبيضاء. وحيث الاب يعمل لصالح الملك يقول لابنائه نحن اما ادارسة او هاشميون او مرابطون او مرينييو. وهم في الحقيقة ابرياء ابناء امازيغيات مغتصبات وابناء افارقة مغتصبين. سبق ان لمسنا ان كل الذين يرفضون مطالب الامازيغ لا يستندون على معطيات واقعية ولا على اسس علمية. انما ينطلقون من معطى ذاتي وهو اعتقادهم انهم عرب، وهو ما يجعل ذواتهم لا تصمد، وافكارهم سرعان ما تنهار كلما اقتربنا منها وقلبناها واعدنا قراءتها. وها هو الان يعمل بقاعدة حلال علي حرام عليكم. له الحق في افراغ خطاب الامازيغي من اي محتوى نضالي وتجريده من اي اسس واقعية، وليس للامازيغي الحق في ان يفعل ذلك. وفي هذا السياق يلجأ الى الاسطورة وينسى ان كلامه هذا يضرب به حتى خطابه هو، وبالتالي فما يقوله عن الامازيغي ينسحب على العربي. ولا مفر له من هذا المنزلق لانه هو وحده سمى الاسطورة كما اراد، والخطابات وما تقوم عليه بالشكل الذي يجعلها تنسحب على الخطاب العربي المناهض للامازيغية. انه بقدر ما يتفنن في ضرب الامازيغي لا يعمل في الاخير الا على فضح نفسه بنفسه. وتلك سمات الفكر الذاتي الذي لا يخطو خطوة على درب الانتصار للذات والغاء الاخر حتى يصطدم بالواقع، بل قد يدخله ضعف التفكير الاناني هذا في متاهة لن يخرج منها الا بعد ان يفقد الثقة في نفسه. انه اراد ممارسة التضليل واعتقد انه سينجح فيه اذا اقحم عبارات العلم الحديث والمناهج الحديثة. ولانه ليس منها في شيء فان احتياله عليها اوقعه فيما هو فيه من منزلقات لا يمكن تسميتها حتى بالعبث لان هذا في الفلسفة له معنى ووظيفة. وبالنسبة اليه لا يعني الا افتقاده للحجة التي بها سيعارض مطلب الامازيغ الموضوعي والمعقول، وان هذا الحرص من جانبه على كلمة النزوع والنزوعي والباسها ما يريد من المعاني، وكذلك كيفية فهمه الانتقائي للاسطورة وتعامله معها، كل ذلك ماهو الا لغوا سرعان ما انكشف بانه لم يات بجديد. فكل ما يقال عن الامازيغي قيل من قبل، والامازيغي على دربه سائر يحصد عطف وتضامن اهله وشعبه والراي العام الحقوقي الوطني والدولي . انه لا ياخد من معاني الاشياء الا ما يساير احكامه وتصوراته المسبقة التي نجدها مبثوثة هنا وهناك في الكلام المناهض لحق الامازيغ في الوجود. ولننظر الى عبارته: (من هنا قولنا عن الشيء الذي لا وجود له والذي ليست له اية قيمة في معرض المنازعة بانه اسطورة). لاحظوا أولا قوله في معرض المنازعة. انه ينازع الامازيغي في حقه. اما الامازيغي فلا يقول ولا ينازع العربي في حقه اللغوي. انه الاعتداء على الغير والاقرار به. نحن فوق ارضنا وينازعنا في حقنا في استعمال لغتنا. انه لامر يتجاوز الغرائب… انه، وليستند على ما شاء ـ حتى فهمه للاسطورة ـ يعطي لنفسه صلاحية تحديد الوجود والعدم، فما شاء اقر بانه موجود وما لم يشا اقر بانه غير موجود. والحقيقة ان كل شيء حتى يكون منطقيا، فهو موجود والا فماذا يناقش؟ هل بامكانه نقاش ورؤية شيء غير موجود؟ اذن ما يقع امام العين والفكر فهو موجود، ولا يهم طبيعة وجدوده، ولا يمكنه ان يقول عن الشيء الغير الموجود بانه اسطورة لانه غير موجود اصلا. هل يستطيع مناقشة عنصر او معادلة غير موجودة في الرياضيات مثلا او تركيبة كيماوية غير موجودة. ويسقط في تناقض لا يمكنه رده وهو قوله: والذي ليست له اية قيمة. وربكم كيف يكون الشيء غير موجود وليست له قيمة في نفس الوقت؟ ان قولنا بان هذا الشيء لا قيمة له فيه اقرار له بوجود معين. فالقيمة او عدمها لاحقة بالوجود، لانه لا يمكن للشيء ان تكون له قيمة او لن تكون له الا اذا كان موجودا. هذا عن التناقض، ببساطة لانه يتصرف كما شاء في معاني الاشياء ولا يتعامل معها كما هي في الواقع. والجميع يعرف من ذا الذي يتصرف كما يشاء… ثم عن الشيء الذي له قيمة او ليست لديه، فعليه ان يضيف عبارة )بالنسبة الي(. فكم من الاشياء يعطيها قيمة وهي بالنسبة لغيره في الفكر والاجتماع لا قيمة لها. ولكن مهمة الايديولوجية العروبية دائما هي قولبة العقول ونفي التعدد. بينما العالم الحق والاجتماعي يؤمن بالتعدد والاختلاف كقيمة، وهو مصدر الوجود والتطور. وليبحث لنفسه في الحياة اليومية والعادية كم من شيء يعطيه قيمة وغيره في الحي او المدينة او القرية لا ينظر اليه بنفس القيمة. وكذلك نفس الشيء بين الشعوب، كم من شعب يعطي قيمة معينة لشيء ما وكم من شعب لا ينظر بنفس المنظور القيمي لنفس الشيء. ولسنا في حاجة الى امثلة في هذا الباب. شخصيا ارى انه بالنسبة للعقل والمنطق ليس هناك من شيء لا قيمة له. فقط العقل والزاوية التي ننظر من خلالهما الى ذلك الشيء والمرحلة التاريخية التي من داخلها تتحدد رؤيتنا تلك. ويقول: )…مع التعريف الذي اعطيناه للاسطورة كما هي متعارف عليها في الفكر السياسي المعاصر(. اذا تصرفت في تعريف الاسطورة وفق رؤاك الايديولوجية العروبية فكان عليك عدم اضافة "كما هي متعارف عليها في الفكر السياسي المعاصر". واذا اوردتها كما هي في الفكر السياسي المعاصر فلست انت واضع هذا الاخير حتى تقول: اعطيناه للاسطورة. فاما الاسطورة في الفكر السياسي المعاصر وكفى. واما الاسطورة بمعناك الانتقائي ولا داعي لاقحام الفكر السياسي المعاصر لترهيب القارئ واضفاء المصداقية على تصرفك وفهمك الخاص والناقص لمعنى الاسطورة. ميزة غالبا ما ينتهي اليها البيولوجيون بعد انتهائهم من عملهم بخصوص دراسة ميكانيزمات عمل الجسم البشري و الدقة المتناهية لتوزيع الادوار بين تلك العمليات. انها ميزة الوعي بالذات في اخر المطاف. هناك الذات وهناك الوعي بالذات، وهذه الميزة الاخيرة هي التي تسمو بالانسان الى المستوى الفلسفي في ادراك الوجود والطبيعة وقبلها او قل تسبقها الذات. من ذا الذي يستطيع ان يفكر من خارج ذاته؟ لو امكن ذلك لما امكننا الحديث عن الاجناس البشرية. والمقررات الدراسية للقومية العروبية في بلاد الامازيغ قررت درسا عن سكان المعمور ولتوضيح درسها قدمت صورا للاجناس ابتداءا من الاسود الى الاصفر والاحمر وغير ذلك من الميزات البشرية التي تكثفها تلك الصور. والانسان الذي تحدوه الايديولوجية هو الذي يريد القفز على الطبيعة. ان الانسان الاسود بسبب من لونه مورس عليه الاظطهاد وجميع الممارسات الحاطة بالكرامة الانسانية. ومورست عليه باعتباره عرقا ناقصا. لقد لقنتنا المدرسة العروبية في وقت يخوض فيه السود نضالهم ضد العنصرية في جنوب افريقيا هذا البيت الشعري لشاعر عربي: لا تشتري العبد الا والعصا معه ان العبيد لاجناس مناكيد وكان على صاحبنا وعلى ثقافته الغير عنصرية ان تحذف هذه القصيدة التي تزكي تصورات عنصرية عرقية ومن موقع الادب والبلاغة الرفيعة التي ما بعدها بلاغة كما يعتقد العنصريون. وكان السود يشعرون بالخجل والقرف وقتها. واذا لم يحفظ القصيدة ببيتها العنصري لن ينجح. لقد عانوا من ذلك في الشارع قبل المدرسة. كذلك تميز المقررات بين الشعوب على اساس اللون اولا. وهل سبق لصاحب المقال ان لم ينعت السود بالافارقة وفي لا وعيه لا يقصد نفسه. ان هذه الثقافة يجب محاربتها في العقل العروبي العنصري وفي ممارسته ولا شعوره لانها خاطئة طالما ليست معيارا للاخلاص للانسانية. (يتبع في العدد القادم) |
|