|
تينْ ن ءيدْلانْ بقلم: الشعوي مولود (آيت إسحاق) هل تذكرين؟ كنتِ شامخة كالجبل، ساحرة كالقمر رائعة الجمال واسعة الخيال. كنت عروسا محروسة بين الجبال والوديان، بين الشيوخ والفرسان، بين الشجعان والشجعان بين الهدايا والمرايا والصبيان بين الورود والألحان وصداك في كل مكان. ****** هل تذكرين يا بطلة؟ كنت عنيدة كموج البحر لا يفزعك أحد لا يرعبك أحد زحفت على الدنيا وكان الوطن كله، من البحر إلى البحر، كله تحت أقدام فرسانك الشجعان. وفي كل أرض تحلين، ينمو الخير والعدل، حتى وصل صداك بلاد الروم. لكن رياح الصحراء عصفت بك ذات ليلة فعمت الفوضى أرضك ورحل فرسانك بعيدا ورحلت كما ترتحل الشمس، وعدت مع الشروق مقيدة اليدين، وحولك شياطين لا ترحم، وحولك جلاّدون وسفّاحون وقوادون ومصاصو دماء. اغتصبوك يا عروس، أذلوك وأهانوك. لكن نظراتك ترعبهم وصرخاتك توقف سياط الجلادين. لا تتوقفي عن الصراخ يا بطلة، اصرخي كالرعد، كالبرق، كالبركان، كالإعصار: أين جنودي؟ أين فرساني؟ أين أهلي؟ أين لغتي؟ أين أرضي؟ أين أولادي؟.... ******** وأخذت الجبال تصرخ، والوديان تصرخ والأمهات والأولاد واختلطت الزغاريد بأصوات الطبول وطلقات البارود بالصهيل والضحك بالعويل... وأعلن في الأبواق والأسواق: غدا سيفرج عن العروس، فاجتمعنا في ساحة المدينة، وفوق قمم الجبال وانتظرنا أياما وسنينا. وبعد طرد الروم من أرضنا وبعد أن تقاسم الخونة الغنيمة، وبعد أن تعاقب الظلم علينا وبعد تناوب القمع علينا ها هو التناوب يهل علينا وبقينا صامتين كالقبور، هادئين كالتماثيل نمسح دموعنا خلسة نضمد جروحنا خلسة نتنهد، نئن، نتأوه، نتأسف، وكالكرة نتدحرج تحت أقدام الأغبياء والطغاة. ماتت لغة الرفض فينا ماتت لغة التمرد فينا ولم يعد بيننا إلا المنبطحون والمتسكعون، والمخبرون والتائهون. ما أقبحنا! ما أخجلنا! ما أدنسنا! لم يعد بيننا غير هذا الفراغ الذي يسري في عروقنا كالسم. إلى متى سنبقى هكذا؟ إلى أن نختفي أو ننمحي حينها سيحلو الكلام لدعاة الإقصاء وسيتفرجون علينا بارتياح وسنغني لهم وعليهم وسنرقص أمامهم كالمهابيل كالمجانين كعرائس الصغار كالبهلوانات. وأكيد سيضحكون حتى الثمالة من الصباح حتى المساء ومن المساء حتى الضباح. ******* .... وانتظرنا أربعمائة سنة وأعلن في الأبواق والأسواق، أنك آتية عبر أشعة الشمس وعبر أشعة القمر، واجتمعنا في ساحة المدينة نتبادل القبل والتهاني والعبر ننتظر شروق الشمس وبقينا ننتظر والتحقنا بإخواننا، وهم أيضا ينتظرون في ساحة كبيرة ينتظرون تأشيرة الخروج وأوصدوا الأبواب في وجوهنا وركبنا قوارب الموت ثلة عاشت وثلة تتسكع في ديار الروم وثلة ما زالت تنتظر. (آيت إسحاق، في 02/07/2001) *ءيديلان: جمع ءيْديْل، الأرز، Cèdre. |
|