|
مبروك
محمد، الفنان
الذي لم تغسل
دماغَه
المدرسةُ
المغربية مبروك
محمد مغنٍّ
أمازيغي
تَعِد
ُإبداعاته
بمستقبل ناجح
ومعطاء في
مجال الأغنية
الأمازيغية.
وهو فنان
يتميز بكونه
بقي "بكرا" لم
تدنس المدرسة
العروبية
مشاعره
وإحساساته
الأمازيغية
الأصيلة لأنه
لم يسبق له أن
دخل المدرسة
العروبية
للأسباب التي
سيشرحها في
الحوار أدناه.
وهو ما سمج له
أمن يبقى
بعيدا عن كل
استلاب ويفلت
من غسل
الدماغ الذي
خضع له كل
تلاميذ
وخريجي
المدارس
العروبية
بالمغرب. التقته
"تاويزا
بمناسبة"
إصدار شريطه
الغنائي
الأول "تاغارّابوت"
(السفينة)،
فكان لها معه
الحوار
التالي: تاويزا:
من هو مبروك
محمد؟ مبروك
محمد: اسمي
مبروك محمد،
من مواليد 1960
بدوار "إعثمانن"
بقبيلة "گزنّاية"
التابعة
لدائرة أكنول
بإقليم تازة.
قضيت الجزء
الأول من
عمري متنقلا
بين جبال "گزنّاية"،
مرددا
الأهازيج
والأشعار
الأمازيغية
التي تتغني
بأبطال "گزنّاية"
وما قدموه من
تضحيات في
سبيل الوطن
عندما كانت
هذه المنطقة
مركزا لجيش
التحرير في
بداية
الخمسينات...
متزوج وأب
لست بنات،
أشتغل
بالتجارة،
وأقيم بفاس
وتطوان حسب
مشاغلي
المهنية. تاويزا:
ما هو مستواك
الدراسي؟ مبروك
محمد: لم يسبق
لي أن دخلت
المدرسة
المغربية
إطلاقا.
فالمدرسة لم
أكن أشاهدها
إلا يوم
السوق
الأسبوعي
عندما كنت
أرافق والدي
إلى المركز
الحضري "إجبارن"
الذي كان
يبعد عنا
بسبع
كيلومترات.
نظرا لبعد
المدرسة عن
دوارنا، لم
يكن ممكنا،
وأنا طفل
صغير، أن
أقطع 14
كيلومترا ـ
ذهابا وإيابا
ـ من الطريق
العابرة وسط
غابة تعج
بالضباع التي
شاعت أخبار
افتراسها
للراشدين،
فبالأحرى
لطفل صغير
مثلي. وهكذا
مرت السنون
وتقدم بي
العمر دون أن
تتاح لي فرصة
التعلم
بالمدرسة. ولما
بدأت أعي،
عندما بلغت
الرابعة
والعشرين، أن
هناك لغة
أمازيغية
كاملة
مكتملة، لا
فرق بينها
وبين أية لغة
أخرى معروفة،
كالعربية أو
الفرنسية أو
الإنجليزية
مثلا، من حيث
الكفاءة
الوظائف،
تعلمت
الكتابة بحرف
تيفيناغ التي
أقرأ وأكتب
وأتراسل بها
اليوم
بسهولة، كما
لاحظتَ من
خلال بعض
النصوص التي
سبق أن بعثت
بها للنشر في
تاويزا قبل
أن تنبهني أن
هذه الأخيرة
اختارت الحرف
اللاتيني
وحده للكتابة
والنشر. تاويزا:
على ذكر
تيفيناغ، كيف
تعلمتها وكيف
بزغ لديك
الوعي
بالقضية
الأمازيغية
بصفة عامة
حتى أصبحت
مهتما بها
ومدافعا عنها. مبروك
محمد: هناك
حادثة بسيطة
كانت نقطة
البداية في
البحث عن
الهوية
والاهتمام
باللغة
الأمازيغية.
فمنذ أزيد من 15
سنة، وأثناء
إقامتي
بالعرائش،
خرجت ذات
صباح لشراء "سفنج"
Les beignets من
أحد
الإسبانيين
الذي كان
معروفا بجودة
"سفنجه".
فتكلمت معه
بالأمازيغية
التي كان
يفهمها، فرد
بالإسبانية
التي كنت
أفهمها. فجرى
بيننا الحوار
التالي: ـ
أريد 5 دراهم
من "سفنج" ـ
تكلم
الإسبانية.
فأنا إسباني
أتكلم
الإسبانية
ولا أتكلم "الشلحة" ـ
وأنا كذلك
أمازيغي ولا
أتكلم
الإسبانية
لأن لغة أمي
هي
الأمازيغية. ـ
برافو عليك..
هذه هي أول
مرة يتكلم
معي زبون
راشد لغته
الأصلية، في
حين أن كل
الذين
يترددون على
متجري يجهدون
أنفسهم
للتحدث معي
بالإسبانية،
متنازلين عن
لغتهم
الأمازيغية
أو العربية
رغم أنني
أجنبي. أحيي
فيك هذا
الموقف
الشجاع. فلو
تمسك
الأمازيغيون
بأمازيغيتهم
في كل حوار
وخطاب
لفرضوها كما
فرضت أنا
الإسبانية
بمفردي على
زبنائي لأنني
أرفض الرد
عليهم
بالعربية رغم
أنني أتقنها
كما تعلم
لطول إقامتي
بالعرائش.
ولم يكن هذا
ممكنا إلا
لأن لديهم
استعدادا
للتنازل عن
لغتهم إرضاء
للأجنبي
واحتراما
للغته هو. لقد
نبهتني هذه
الملاحظات
التشجيعية
للإسباني
صاحب محل "سفنج"
أن
الأمازيغية
لغة مثل سائر
اللغات
الأخرى
المعروفة.
وإذا كانت لم
ترق إلى
مستوى
العربية أو
الفرنسية أو
الإنجليزية،
فليس لأن بها
قصورا يمنعها
من ذلك، بل
يرجع السبب
إلى أننا
نتنازل عنها
ـ كما قال
صاحب "سفنج"
ـ بمجرد ما
يكون مخاطبنا
يتكلم
العربية أو
لغة أخرى، إذ
سرعان ما
نستعمل لغته
ونتخلى عن
أمازيغيتنا
إرضاء له
واحتراما
للغته ولو
كان وحيدا
وكنا نحن
كثْرا، كما
جاء في
الملاحظات
الوجيهة
للإسباني. تاويزا
تقاطعه: هل
تعرف أن هذا
ما حصل
بالضبط مع
إدريس الأول
عندما كان
وحده يتكلم
العربية وسط
جموع من
السكان لا
يتكلمون إلا
الأمازيغية،
ومع ذلك
كانوا
يتعلمون
العربية
ليخاطبوه بها
متخلين عن
لغتهم، بدل
أن يفرضوا
عليه أن
يتعلم هو
الأمازيغية؟ مبروك
محمد: لم يسبق
لي أن اطلعت
على هذه
الحقائق
الهامة جدا...
اتابع إذن.
هكذا وعيت
إذن أهمية
التمسك
بالأمازيغية
والاعتزاز
بها كرأسمال
غالٍ وثمين.
ومنذ ذلك
الوقت بدأت
أربط علاقات
مع جمعيات
أمازيغية (كانت
قليلة في ذلك
الوقت)
ومناضلين
وإعلاميين
أمازيغيين
بثيطاوين
وطنجة وفاس.
فاكتشفت من
خلالهم حرف
تيفيناغ الذي
استطعت تعلمه
بفضلهم
بسهولة
وأصبحت
أستعمله
بكثرة في ما
أكتبه
بالأمازيغية.
وبذلك اقتنعت
بأنني لم أعد
"أميا" لأني
أعرف القراءة
والكتابة
بلغة أمي. ثم
ظهرت الجرائد
والمجلات
الأمازيغية
التي كنت
أراسلها
بتيفيناغ
مثل
جريدة "تاماگيت"
التي كان
يرسلها إلي
لدى عنواني
الشخصي
الأستاذ
بولگيد، كما
اتصلت
بالأستاذ
أجعجاع مدير "تيفاوت"
الذي
استقبلني
يحفاوة كبيرة
بمنزله
بمكناس
وشجعني على
إبداعاتي
المتواضعة
بتيفيناغ. تاويزا:
لننتقل الآن
إلى الأغنية
الأمازيغية
لنسألك عن
بداية
اهتمامك بها مبروك
محمد: منذ أن
فتحت عيناي
بگزنّاية
وأنا أسمع
الأغاني
الأمازيغية
يوميا
تقريبا، سواء
في الأعراس
والمناسبات
الخاصة، أو
تلك التي
يرددها
الرعاة
والبنات
المتجهات إلى
العين لجلب
الماء. وفي سن
الرابعة عشرة
بدأت أنا
كذلك أردد
الأغاني
الأمازيغية
التي أصبحت
أحفظ الكثير
منها. وهنا
تجدر الإشارة
إلى أن أبي لم
يكن يحبذ
الغناء إلا
في الأعراس
أو في أعمال
التضامن
الجماعية (تاويزا)
لأنه كان
يعتقد، كما
كان يقول
دائما، أن
الغناء هو
سبب إخراج
النصارى
للمسلمين من
الأندلس. لكن
رغم موقف
والدي، الذي
لم يكن
متشددا،
استمررت في
ترديد وحفظ
الأغاني
الأمازيغية.
ولما وعيت
بأهمية
الهوية
واللغة
الأمازيغية
مع تقدمي في
السن بدأت
أنا كذلك
انظم أشعاري
التي أغنيها
بألحاني
الخاصة. تاويزا:
كيف انتقلت
من حفظ أشعار
الآخرين إلى
إبداع أشعارك
الخاصة؟ مبروك
محمد: نعم كنت
اكتفي بحفظ
وترديد ما
يبدعه ويغنيه
الآخرون إلى
أن استمعت
يوما إلى
أغنية جاء
فيها:
Timazighin tisvebhanin fghent
ghar remrah negzent am tyazidvin. وترجمته:
الأمازيغيات
الجميلات
خرجن إلى
الفِناء
ينططن
كالدجاجات.
وهو ما قرأت
فيه إهانة
للمرأة
الأمازيغية
بسبب فقر
خيال الشاعر
الذي شبه
الأمازيغية
الجميلة
بالدجاجة، مع
أن هذه
الأخيرة
عندما تكون
في فِناء
الدار فإما
أن تحفر فيه
ثقبا بأرجلها
أو تدنس
التربة
بزبلها. فقلت
في نفسي
لماذا لا
أحاول أن
أبدع أشعارا
أفضل من هذه
التي يسيء
أصحابها إلا
الأمازيغية
من حيث لا
يدرون. وهكذا
انطلقت في
نظم قصائدي
التي أغنيها. تاويزا:
إذن بدأت
تتعاطى
للأغنية
الأمازيغية
منذ أن كنت
ابن 14 سنة. لكن
لم تسجل أي
شريط إلا بعد
بلوغك
الأربعين،
لماذا؟ مبروك
محمد: كنت
اعتقد دائما
أن المغنين،
الذين لديهم
أشِرطة أو
أقراص تباع
بأثمان
محددة،
يحترفون
الغناء الذي
هو مصدر
رزقهم وعيشهم.
أما أنا، بما
أنني أتعاطى
للتجارة التي
هي مصدر
عيشي، فلم
يخطر ببالي
أن أسجل
أغاني قصد
البيع لأنني
لست في حاجة
إلى ذلك.
وأخيرا
أقنعني بعض
الأصدقاء
والمناضلين
في الحقل
الأمازيغي
بضرورة تسجيل
أشرطة، ليس
لغرض تجاري،
بل خدمة
للأمازيغية
وتعريفا
بالأغنية
الأمازيغية
ورفعا من
مكانتها. تاويزا:
هل اعترضتك
صعوبات في
هذا التسجيل
الأول؟ مبروك
محمد: صعوبات
كبيرة وجمة،
سمحت لي أن
أكتشف مدى ما
يعانيه
الفنانون
الأمازيغيون
الذين يقعون
ضحية لابتزاز
المنتجين
وللسطو على
حقوقهم من أي
كان يقوم
بإعادة تسجيل
إبداعاتهم
وإنتاجاتهم.
لقد أنفقت
مبالغ كبيرة
متنقلا بين
أستوديوهات
التسجيل
بالدار
البيضاء وفاس،
لكن
دون جدوى.
وأخيرا تم
توجيهي إلى
أحد
الأستوديوهات
الجديدة
بطنجة (فن
الشمال)،
الذي يسيره
السيد
السعليتي حسن
الذي وجدت
فيه الرجل
الذي لا
يعنيه الربح
بقدر ما
تعنيه هو
كذلك
الأمازيغية
ورد الاعتبار
لمختلف
جوانبها
اللغوية
والثقافية
والغنائية
والهوياتية.
ولديه سجلت
هذا الشريط
الأول في
شروط يمكن أن
أقول عنها
بأنها مثالية. تاويزا:
ما هو مضمون
هذا الشريط؟ مبروك
محمد: يتكون
الشريط من ست
أغانٍ:
تاغارّابوت (السفينة)
وهو عنوان
الشريط،
وياسيدي ربي (يا
إلهي)،
أمزيان (الصغير)،
أيمانينو (وأماه)،
ثومات (الأخوة)،
أرجيغ (حلمت).
وكلها تتناول
موضوعات
اجتماعية
كالهجرة،
متاعب
الحياة،
الصداقة
والأخوة، دور
المرأة،
ذكريات
الصبا،
الأمومة...
تاويزا:
يبدو من
الاستماع إلى
هذه الأغاني
أنها ذات
إيقاع
تقليدي، وهو
ما يعطي للحن
طابعا
أمازيغيا
أصيلا. مبروك
محمد: ربما،
لست ادري. كل
ما أنا متأكذ
منه أنني لم
أقلد أحدا من
المغنين
الأمازيغيين
الذين
سبقوني،
والذين
أقدرهم كثيرا.
وإنما اجتهدت
وأبدعت حسب
قدرتي
ومعرفتي
المتواضعة
بالموضوع،
سواء من حيث
الكلمات التي
من أشعاري أو
من حيث اللحن
الذي هو كذلك
من إبداعي. تاويزا:
هل وصلتك
ردود إيجابية
حول هذا
الشريط؟ مبروك
محمد: لم تمض
على توزيع
الشريط إلا
أقل من
شهرين، ومع
ذلك أتلقى
كثيرا من
المكالمات من
أشخاص لا
أعرفهم
يشجعونني
ويهنئونني
على هذا
الإنجاز الذي
اعتبره جد
متواضع.
وبالمناسبة
أطلب منك ان
تثبت رقم
هاتفي لمن
يرغب في
الاتصال بي
لأي استفسار
أو طرح أي
تساؤل بدا
له
بعد أن استمع
إلى الشريط: 070158113. تاويزا:
شكرا لك Ad taqad ac. |
|