|
حزب
الاستقلال
يقرأ ”اللطيف“
في حملته
الانتخابية
عياذا من
الأمازيغية بقلم:
محمد بودهان
تضمن
مقال الأستاذ
عبد الكريم
غلاب حول "حزب
الاستقلال
والبعد
الأمازيغي"،
المنشور
بجريدة "العلم"
ليوم 2 شتمبر 2002،
أفكارا بئيسة
ومستهلكة أكل
الدهر عليها
وبال، تردد
مضمون أسطورة
"الظهير
البربري"
بشكل مكرور
ومُمل. فلازمة
"الظهير
البربري": "لا
تفرق بيننا..."،
حاضرة في كل
ثنايا النص،
حتى أن كلمة "التفرقة"
ومرادفاتها ـ
التمزيق،
التقسيم،
الفصل... ـ
استعملت إحدى
عشرة مرة،
مثلما
استعملت كلمة
"الوحدة"
ومرادفاتها
خمس عشرة مرة.
وهو ما يدل
على أن
المقال قراءة
للطيف بصيغة
أخرى جديدة.
وهذا يعني
بوضوح أن
صاحب "دفنا
الماضي" (رواية
اشتهر بها
غلاب) لم يدفن
الماضي أبدا،
الماضي
المرتبط بـ"الظهير
البربري"
طبعا. ولهذا
يقول غلاب في
مقاله: "لم
يأت البعد
الأمازيغي
عند حزب
الاستقلال
بمناسبة
تأسيس معهد
الدراسات
الأمازيغية
وتكوين مجلسه
الإداري، ولا
أتى من
الدعوة
الأمازيغية
التي سادت
بعض أوساط
المثقفين".
وهذا كلام
صحيح جدا،
وكان فيه
غلاب صادقا
جدا كذلك،
لأن حزب
الاستقلال
اكتشف
الأمازيغية
منذ صدور
ظهير 16 ماي 1930،
هذا الظهير
الذي سيسميه
الحزب بـ"الظهير
البربري". لكن
لم يكن
اكتشافه
للأمازيغية
مناسبة
لتنميتها
والاعتراف
بها ورد
الاعتبار
لها، بل كان
ذلك سببا
لمحاربتها
والغدر بها
ومحاولة
القضاء عليها
نهائيا من
خلال أكذوبة/أسطورة
"الظهير
البربري"
الاستقلالية. وعندما
يكتب غلاب
بأن حزب
الاستقلال "نشأ
وطنيا أي
للمواطنين
جميعهم"، وأن
"حزب
الاستقلال
حزب وطني"،
فهذا صحيح
أيضا كما أن
غلاب كان
صادقا فيه
كذلك، ذلك أن
مفهوم "الوطنية"
نشأ مباشرة
بعد صدور "الظهير
البربري"،
فكانت "الوطنية"
تعني حصرا
محاربة "الظهير
البربري" وكل
ما يحيل عليه
ويرتبط به
مما هو
أمازيغي. فأن
تكون "وطنيا"
آنذاك، معناه
أن تحارب
الأمازيغية
وتعاديها.
وعندما يقول
غلاب بأن حزب
الاستقلال
حزب "وطني"،
فمعنى ذلك
أنه حزب
أمازيغوفوبي
معادٍ لكل ما
هو أمازيغي. كان
غلاب صادقا
كذلك، وبوضوح
وصراحة كاملة
هذه المرة،
عندما كتب: "النشرة
التي كان
يصدرها الحزب
أسبوعيا (في
غيبة الصحافة)
كانت تخصص
جزء من
فصولها
لمقاومة
الفكرة
البربرية كما
كانت تخطط
لها الإدارة
الفرنسية".
وهل فعل حزب
الاستقلال
شيئا آخر
للأمازيغية
أيام الإدارة
الاستقلالية
وبعد جلاء
الإدارة
الفرنسية؟ بل
هل فعل غلاب
شيئا آخر غير
محاربة "الفكرة
البربرية" في
هذا المقال
الذي كتبه في
إطار الحملة
الانتخابية
لحزبه؟ لكن
غلاب لم يكن
صادقا لا مع
نفسه ولا مع
القراء ولا
مع الحقيقة
والتاريخ
عندما يقول: "وبدأت
مقاومة
التبشير
المسيحي الذي
كان أحد
أهداف الظهير.
فلم يثبت أن
تمسح مسلم،
ولو من
الأطفال
الذين كانت
بعض الكنائس
التي نشرت في
الأطلس تعمل
على تمسيحهم".
لم يكن صادقا
لأن الجميع
يعرف أن
المسلم
الوحيد الذي
اعتنق
المسيحية
جهارا أثناء
الحماية هو
محمد بن عبد
الجليل الذي
ينتمي إلى
أسرة فاسية
واستقلالية
مشهورة، وذات
أصول عربية
أندلسية
عريقة. وهذا
شيء يعرفه
جيدا الأستاذ
غلاب، لكن
نفاه وسكت
عنه حتى لا
يكتشف
القراء،
الذين لم
يكونوا
على
علم بذلك، أن
الشخص الوحيد
الذي ارتد عن
الإسلام
وغيّره
بالمسيحية هو
عربي فاسي
استقلالي،
وقد فعل ذلك
بدون "ظهير
بربري" ولا
كنائس أقيمت
على مقربة من
"مولاي إدريس"
وجامع
القرويين!.. ولم
يكن غلاب
صادقا كذلك
عندما كتب
بأن اسم "المغرب
العربي" أو "اتحاد
المغرب
العربي" "شعار
سياسي وليس
عرقيا ولا
عنصريا". وهذه
محاولة
لإخفاء الشمس
بغربال ممزق
الثقب، إذ
الواضح
والمعروف أن
هذه التسمية
تحيل على
العرق والجنس
العربي، كما
أن واضعيها ـ
وعلى رأسهم
غلاب نفسه ـ
أرادوا بها
الإحالة حصرا
على الجنس
العربي
لتبديد أي شك
في الأذهان
حول الانتماء
"العربي"
لشمال
إفريقيا. فلو
كان اسم "المغرب
العربي" مجرد
شعار سياسي
كما يدعّي
غلاب،
لسمِّي، بدل
ذلك، بـ"اتحاد
دول شمال
إفريقيا"،
وهي تسمية
تحيل على
واقع جغرافي
لا علاقة له
إطلاقا
بالعرق أو
الجنس، تماما
مثل اسم "الاتحاد
الأوروبي"
الذي لو سمي
بـ"اتحاد
السكان البيض"
أو "اتحاد
السكان
الآريين"
لكان ذلك
تسمية عرقية
وعنصرية لأن
المعيار
المعتمد هو
العرق
والجنس، كما
هو الأمر
تماما في اسم
"المغرب
العربي" ـ و"اتحاد
المغرب
العربي"
ـ
التي هي
تسمية عنصرية
بامتياز
وزيادة، ولا
علاقة لها
بأي شعار
سياسي آخر
كما يريد أن
يوهمنا ويكذب
علينا غلاب. بل
إن غلاّب، في
كتاباته
الاستجدائية
التي يتزلّف
بها إلى
أسياده
المشارقه،
والتي ينشرها
بمنابرهم
البترولية،
لا يتحدث لا
عن "التعدد
العرقي"
بالمغرب ولا
عن "المغرب
العربي"
كمجرد "شعار
سياسي"، بل
يكون صريحا
معهم ومع
نفسه فيعبر
لهم عن
قناعاته دون
ديماغوجية
ولا مواربة
ولا نفاق،
استدرارا
لعطفهم
ودولاراتهم.
وهكذا يكتب
في مجلة "الدوحة"،
عدد فبراير 1977،
وتحت عنوان
غني عن أي
تعليق: "عروبة
هذا المغرب"،
يردّ على
الذين يرون
أن "المغرب
العربي"
ينتمي إلى
العروبة
انتماء
سياسيا وليس
عرقيا: "والحقيقة
المفترى
عليها في هذه
المقولة أن
بلاد المغرب
تنتمي إلى
العروبة عن
طريق السلالة".
وبعد ان يقدم
أدلته "العلمية"
على عروبة
المغرب
السلالية
والعرقية،
يختم مقاله
كما يلي: "ولتكن
عروبة المغرب
العريقة في
التاريخ
العربي الباب
الذي تدخل
منها هذه
البلاد نادي
الوطن العربي".
فهل بعد هذا
يمكن الكلام
عن تسمية "المغرب
العربي"
كشعار سياسي
وليس تسمية
عنصرية
خالصة؟ إنه
إفك ظاهر
وبهتان صريح
وديماغوجية مكشوفة.
ولا يمكن
الاعتراض بأن
غلاب قد غير
مواقفه بعد 1977،
لأن أي متتبع
لكتاباته
سيخلص إلى
أنه ظل وفيا
لما كان يؤمن
به دائما
فيما يتعلق
بالعروبة
العرقية
للمغرب. ولا
أدل على ذلك
مقاله حول "حزب
الاستقلال
والبعد
الأمازيغي"،
الذي يردد
فيه نفس
أفكاره
السابقة حول
الأمازيغية
كما أشرت إلى
ذلك. ويرى
غلاب أن
إنشاء حزب "الحركة
الشعبية"،
سنتين بعد
الاستقلال،
كان ضربة
موجهة عن قصد
ضد وحدة
الحركة
الوطنية. ليس
بغريب أن
يصدر مثل هذا
الموقف
المعادي
للتعددية
الحزبية
والسياسية من
غلاب وحزب
الاستقلال
الذي كان
دائما رمزا
للواحد
الأحد،
مناهضا
ومحاربا لكل
تعددية
واختلاف،
رافعا شعار "المغرب
لنا لا
لغيرنا"، أي
أن المغرب،
بخيراته
وثرواته، هو
للاستقلاليين
وحدهم دون
بقية الشعب
المغربي. يقول
غلاب: "والحزب
يناقش هذا
الموضوع ـ
يقصد موضوع
الأمازيغية ـ
باعتباره
قضية وطنية،
لا عرقية ولا
جنسية ولا
ديماغوجية".
طيب... إذا كانت
الأمازيغية
قضية وطنية
بالنسبة لحزب
الاستقلال،
فليجبنا غلاب
عن الأسئلة
التالية: ـ
ما هي
المكانة التي
يخصصها الحزب
لهذه "القضية
الوطنية" في
قوانينه
الداخلية
وتوجهاته
الإيديولوجية؟ ـ
ما هي نصوص
الحزب
الأساسية
التي تتحدث
عن
الأمازيغية
كقضية وطنية
وتدعو إلى
التعامل معها
على هذا
الأساس؟ ـ
كم من مذكرات
وجهها الحزب
إلى فروعه
يطلب منها
العناية
بالأمازيغية
وتخصيص دروس
لتعليمها
بمقرات
الحزب؟ ـ
ماذا أنجز
الحزب لصالح
هذه "القضية
الوطنية"
عندما كان
عضوا ـ ولا
يزال ـ
بالحكومات
السابقة
والحكومة
الحالية؟ ـ
كم من مرة
أثار الحزب
هذه "القضية
الوطنية"
ودافع عنها
في البرلمان؟ ـ
كم من
ملتمسات
رفعها فريقه
النيابي إلى
الحكومة
ووزارة
التعليم من
أجل إدماج
الأمازيغية
في المنظومة
التربوية؟ ـ
كم تخصص
جريدتا الحزب
من صفحات
خاصة لهذه "القضية
الوطنية"
وللإبداعات
الأمازيغية؟ ـ... طبعا
أجوبة غلاب
ستبين أن
الأمازيغية
كانت عند حزب
الاستقلال "قضية
وطنية" ، لكن
بشكل معكوس،
أي أنها كانت
تشكل هاجسا
لدى الحزب
يجعله يخطط
دائما لقتلها
والقضاء
عليها نهائيا.
ومن هنا هوس
التعريب
الأعمى الذي
أصبح "ماركة
مسجلة"
وعلامة مميزة
للحزب، فضلا
عن مبادئه
الثلاثة
المعروفة:
العروبة،
الإسلام وحزب
الاستقلال،
والتي لا
مكان فيها
لأية
أمازيغية.
وعداء حزب
الاستقلال
للأمازيغية
من البديهيات
التي لا
تحتاج إلى
إثبات أو
نقاش، لأن
وجود الحزب
نفسه قام على
أسطورة "الظهير
البربري"، أي
على مبدأ
العداء
التاريخي
للأمازيغية. ولم
يجد غلاب
حرجا في أن
يقع في
تناقضات
ينبهنا هو
نفسه إليها،
مثل قوله: "ثم
إن حزب
الاستقلال
يحذر كل
الحذر من
دعوات تأتي
من جامعات
أوروبية تدعو
إلى التمزيق
بهدف التمزيق
السياسي.
والمثال واضح
في السودان (ولو
أن الدين كان
أساسه)". إذن
غلاب نفسه
يعترف بأن ما
يحذرنا منه
حزبه كسبب
للتقسيم
والتفرقة لم
يسبق له أن
كان وراء أي
تقسيم أو
تفرقة، بل إن
الدين هو
سببه وأساسه.
فلماذا إذن
التحذير من
جامعات لم
يأتنا منها
سوى المعرفة
الحقة والعلم
الموضوعي؟
ولنعرف أن
قادة حزب
الاستقلال هم
أول من يرسل
أبناءهم إلى
الدراسة بهذه
الجامعات
التي
يحذروننا
منها. وخوفا
من أن يفهم
القارئ أن
الحزب قد غير
موقفه من
الأمازيغية
بسبب بعض
العبارات
اللطيفة مثل:
"يجب أن توحد
ويجمع تراثها
الشعري
والغنائي..."،
"تعلم
الأمازيغية
الموحدة في
الأقاليم
التي معظم
سكانها من
الأمازيغيين
وكل التلاميذ
ولو كانوا
معربين"،
خوفا من ذلك
الفهم يسارع
غلاب في
الفقرة
الختامية إلى
إلغاء
المضمون "الإيجابي"
لتلك
العبارات،
منبها القارئ
إلى أن موقف
حزب
الاستقلال لم
يتغير، موضحا
ذلك كما يلي: "والحزب
متشبث
بالعربية
كلغة رسمية
دستوريا
لأنها لغة
القرآن ...".
وهكذا يصدق
على ما كتبه
غلاب المثل
الدارج: "ما
حرثه الجمل
دكّه"، بمعنى
أن ما أثبته
غلاب
للأمازيغية
عاد فنفاه،
وما منحه لها
سحبه وتراجع
عنه. لكن
إذا كانت
اللغة
العربية، بما
ينسب إليها
من خصائص
ميتافيزيقية
ـ والتي لا
تستحضر إلا
لابتزاز
الأمازيغية ـ
تجعلها سامية
ومقدسة، هي
أفضل لغة في
التاريخ
والوجود،
فلماذا لم
يتعلمها ولم
يدرس بها
أبناء زعماء
وقادة حزب
الاستقلال
الذين
يتهافتون على
البعثات
الأجنبية
والمؤسسات
الخاصة،
مهرّبين
أبناءهم من
التعليم
العمومي الذي
تلقن فيه
الدروس
بالعربية كأن
هذه اللغة
جذام يعدي؟
إذن العربية
لغة القرآن
فقط بالنسبة
لأبناء
الأمازيغيين
الذين يجب
عليهم أن
يحافظوا
عليها
ويهجروا
لغتهم "الوثنية"
حتى يحظوا
بجنة الفردوس! وأخيرا
أستغرب كيف
أن الأستاذ
غلاب يقوم
بدعاية مضادة
لحزبه في
إطار الحملة
الانتخابية
لتشريعيات 2002.
فمما لا شك
فيه أن كل
متعاطف مع
القضية
الأمازيغية
سوف يتراجع،
بعد قراءة
مقال الأستاذ
غلاب، عن منح
صوته لحزب
الاستقلال
إذا كان قد
سبق له أن قرر
التصويت
لصالح هذا
الحزب، لأن
المقال عبارة
عن تحذير من
الأمازيغية،
وقراءة للطيف
مرة أخري
عياذا منها.
فكيف لمن
يحذّر حزبُ
الاستقلال
المواطنين من
"مخاطره" أن
يعطي صوته
لهذا الحزب؟ |
|