|
|
حوار مع الفنانة تباعمرانت إنجاز: حساين عبودأريدَ للأغنية، وكل التعابير الفنية الأمازيغية، أن تبقى خاملة في الطبقة الدنيا، تملأ خانة الابتذال. إلا أن هناك أسماء كلها عزم وإصرار للإعلاء بشأنها وتشذيبها ورعايتها ونشر عبقها الفواح. إلى هذه الطينة تنتمي "الرايسة" فاطمة تباعمرانت. ولهذه المهمة ندبت نفسها لما يقارب العقدين من الزمن. إنها ينبوع لا ينضب لأغنية صادقة نابعة من الوجدان تجمع بين ترانيم موسيقية تطربنا حتى الثمالة، وكلمة تستفز فينا سؤال الهوية. فاطمة تاباعمرانت أكبر من أن تكون واحدا من الأصوات النسائية التي تؤثث فضاء هذه الأغنية، فهي كذلك مناضلة في معمعان الكفاح الذي تخوضه الحركة الثقافية الأمازيغية. اغتنمنا فرصة تواجدها بمكناس، على هامش ندوة "البعد الهوياتي في البيان الأمازيغي" التي نظمتها جمعية "أسيد" الثقافية بمكناس بتاريخ 11/11/2000؛ وكانت حريصة على حضور الندوة رغم عناء السفر وما تتطلبه السهرة من الخلود للراحة... أجرينا معها الحوار التالي: سؤال: الرايسة فاطمة تباعمرانت فنانة مقتدرة، نريد أن نتعرف عليها أكثر وعلى مسارها الفني وأهم المحطات التي طبعته. جواب: بداية أريد أن أتوجه بجزيل الشكر إلى جمعية "أسيد" الثقافية التي وفرت لنا شروط هذا اللقاء بين الأمازيغ، مثقفين وفنانين وجمهورا.. أنا من "آيت بوبكر بقبائل آيت باعمران. ولدت سنة 1962 بإيفران بقلب الأطلس الصغير. دشنت تجربتي الفنية في غضون سنة 1983، وسجلت أول شريط لي سنة 1984، وقمت بمحاورات فنية مع جهابذة الفن بمنطقة سوس. بعد ذلك أنجزت شريطا له أهمية رمزية ومعنوية قصوى في مساري الفني، ويرجع ذلك إلى حضور سؤال الهوية الأمازيغية فيه، وهو السؤال الذي سيلازمني ليشكل أحد الانشغالات المركزية في غنائي، كما أنني أتناول مواضيع شتى كالطبيعة وجمالها والحياة، وأيضا موضوع اليتم لأنني عشت تجربة اليتم وحرمت من حنان ودفء الأمومة منذ السنة الثالثة من عمري. لذلك تجدني أغني للأم: الأم كينبوع الحياة والعطف. والأم الأمازيغية هي اللغة والثقافة والهوية التي ترعرعنا جميعا في حضنهما. سؤال: ما دامت البداية تمتد إلى الثمانينات فلكم تجربة اختمرت عبر مسافة زمنية تستغرق عقدين من الزمن لكم فيها لحظات لقاء مباشر مع الجمهور وطنيا وبالخارج، أليس كذلك؟ تياعمرانت: الجولات التي قمت بها بالخارج محدودة وتعد على رؤوس الأصابع، وهي حضوري ضمن مهرجان ليالي مغاربية سنة 1994 حيث أحييت خمس سهرات، ثلاث منها بفرنسا وسهرتين بإيطاليا، كما قمت بجولة إلى هولاندا وحضرت ضمن بسماب المغرب 1999. فأنا أميل وأفضل المهمة الرسولية للفن، أي الالتزام بقضية يؤدي الفنان رسالة التبشير لها عبر فنه. وداخل المغرب شاركت في عدة مهرجانات وأسابيع ثقافية نظمتها الجمعيات الثقافية الأمازيغية كالجامعة الصيفية، تاماينوت،... أگراو أمازيغ... وها أنا اليوم في حضن جمعية أسيد بمكناس. سؤال: كيف تقيمين الحضور النسائي داخل الأغنية الأ]مازيغية؟ تباعمرانت: هذا سؤال مهم ويرتبط بوضع مجتمعي عام لا يمنح المرأة شروطا مواتية. عندما ولجت هذا الميدان كان حكرا على الرجال مع حضور نسائي باهت ومحدود. وغياب المرأة هو إفقار للفن وتعطيل لإمكانات مهمة للإبداع.. المرأة معطاء ولها عالمها الخاص ومواضيع لن تثار إلا بها. الفن محطة للأحاسيس لدى الجنسين على السواء. علينا الانحياز إلى مناصرة المرأة كقضية لها أبعاد منها ما هو فني. سؤال: هل ثمة دور يمكن أن يؤديه الفنان لصالح القضية الأمازيغية؟ تاباعمرانت: الفنان في هذا الصدد له دور أساسي عليه الاضطلاع به سواء بخلق الوعي لدى الجمهور بالقضية وبمواكبة ما تقوم به الجمعيات والحركة الثقافية الأمازيغية بصفة عامة. وأستحضر هنا نموذج الفنان المقتدر عموري مبارك الذي قدم وأعطى كثيرا بفن ملتزم لأن الشعب لا يقرأ ويعتمد على الأذن والإصغاء. وشخصيا أدين بالكثير للحاج محمد الدمسيري رحمه الله. فهو الذي وجهني وخلق لدي شرارة الوعي بالأمازيغية كقضية يحضر هاجسها باستمرار في أعمالي الفنية. والفنان عليه أن يقدم فنا رفيعا يكون مادة خاما للباحث والدارس لتبقى أعماله خالدة أكثر من بقائه شخصيا. فالمرحوم الحاج بلعيد يحيا معنا في منازلنا وقلوبنا وقلوب أبنائنا عبر فنه. الفنان عليه أن لا يكون فنان اللحظة التي يحياها. سؤال: أليس حجم حضور الفنان الأمازيغي في الإعلام المرئي مجحفا؟ تباعمرانت: الفنان الأمازيغي لا مكان له في القناتين التلفزيتين الوطنيتين معا، وليس هذا من مسؤوليته إطلاقا، بل هي مسؤولية الإعلام والقيمين عليه. إن الفنان يراوده طموح خلق الوشائج مع جمهوره الصغير والكبير عبر التلفزة وأن تتاح له فرصة تبليغ أسلوبه الفني. وهنا لا يشكو الفنان الأمازيغي من أي قصور أو نقص، لكن على الإعلام أن يبادر بمد يده إليه ليكتشف ما عنده. سؤال: ما ذا عن تجربة تباعمرانت مع الفيلم الأمازيغي؟ تباعمرانت: لي تجربة في فيلم "تهيا"، وهو أول عمل لي. وأنا أستعد الآن للمشاركة في فيلم آخر. لي طموحات أكثر، لكن أن نبقى حبيسي الفيديو فهذا يشكل كابحا لعطائنا وآمالنا ما دمنا لا نتوفر على سينيما ومسلسلات تلفزيونية. سؤال: كلمة الأخيرة؟ تاباعمرانت: شكرا للجريدة على فرصة لقاء قرائها ولجمعية "أسيد"، وأتمنى مستقبلا زاهرا للأمازيغية. (أنجز الحوار أصلا بالأمازيغية وترجمناه إلى العربية. ونستسمج الفنانة والقراء عن أخطاء قد تصاحب الترجمة) |
|