|
|
الحركة الثقافية الأمازيغية وإشكالية تأسيس حزب سياسيمرتو عالي (النيف) برزت فكرة تأسيس حزب سياسي أمازيغي من داخل الحركة الثقافية الأمازيغية سنة 1993 عندما طرح حسن إد بلقاسم هذه الفكرة في اجتماع مجلس التنسيق الوطني بين الجمعيات الأمازيغية بفاس. لكن ذلك رفض من طرف الحاضرين لتقبر هذه الفكرة إلى حين صدور "بيان بشأن ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب" لمحمد شفيق، في فاتح مارس سنة 2000، لتبعث هذه الفكرة من جديد، حيث طرحت إمكانية تأسيس حزب سياسي أمازيغي في اجتماع بوزنيقة يوم 13 ماي 2000 من طرف بعض الموقعين على بيان محمد شفيق. لكن الفكرة رفضت مرة أخرى من قبل أغلبية الموقعين، وتم أثناء هذا الاجتماع تشكيل لجنة تتكون من 15 عضوا. وما يعاب على طريقة تشكيل هذه اللجنة هو اختيار خمسة أعضاء من سوس والريف والأطلس ليتم تكريس الجهوية التي ترفضها الحركة الثقافية الأمازيغية. ويكمن السبب الرئيسي في نهج هذه الطريقة في أنه إذا تم نهج أسلوب الانتخاب سيكون احتمال تمثيلية بعض الأشخاص ضعيفا، بالإضافة إلى ذلك، عوض أن تضطلع هذه اللجنة بالدور المنوط بها، والمتمثل في التعريف بالبيان وجمع التوقيعات، بدأت تقوم بالإشهار للحزب السياسي في لقاءاتها في كل من أگادير والناظور ومكناس والرشيدية. وعموما، فإن أنصار تحزيب القضية الأمازيغية يستندون إلى مجموعة من الحجج يمكن إجمالها في ما يلي: ـ ضعف العمل الجمعوي الأمازيغي وعدم فعاليته. ـ إن الأمازيغية تموت بقرار سياسي، ومن ثم يجب إنقاذها بنضال سياسي. ـ إن المشهد السياسي المغربي يسمح بذلك، وذلك من خلال سياسة الملك محمد السادس المتميزة بالانفتاح. إضافة إلى فشل ما يسمى بحكومة التناوب وتراجع باقي الأحزاب، حيث يؤكدون على أن تأسيس حزب سياسي أمازيغي سيقضي على الأحزاب المغربية التي ليست لها هوية، إشارة إلى الأحزاب العروبية. إذا لم تتمخض عن بيان مجمد شفيق هيئة سياسية فلا معنى له، مستندين في ذلك إلى قراءة سياسية للبيان حيث جاء فيه »بأن الجمعيات الأمازيغية قد استنفدت مهامها بدون جدوى«. إلا أن هناك اتجاها آخر من داخل الحركة الثقافية الأمازيغية يرفض بشدة مشروع الحزب ويعتبر أن القضية الأمازيغية قضية وطنية تهم جميع المغاربة وكافة الأحزاب السياسية. ويرى أنه في حالة تأسيس هذا الحزب الأمازيغي ستكون الأحزاب المغربية الأخرى غير معنية بالأمازيغية ما دام هناك حزب أمازيغي يدافع عنها، كما أن الثقافة توحد وتجمع في حين أن السياسة تفرق، لأن ما يجمعنا في الحركة الثقافية الأمازيغية هو الدفاع عن الأمازيغية. والذين يدافعون عنها لديهم قناعات وإيديولوجيات مختلفة (إسلامية، ماركسية...). ومن هنا يصعب تحديد الخطاب السياسي لهذا الحزب، والذي من المؤكد أنه لن يكون موضع قبول الجميع. إضافة إلى أن الأمازيغية ستكون موضوع مساومات، وتكثر الانتهازية والهرولة نحو المناصب السياسية؛ ولنا في التجربة الجزائرية خير مثال: فعندما ألقى عبد العزيز بوتفليقة خطابا بمنطقة القبائل في إطار حملته الدعائية لقانون الوئام المدني، قال بأن الأمازيغية لن تكون أبدا لغة رسمية للبلاد؛ وكان سعيد سعدي زعيم "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" حاضرا، وظل ساكتا ولم يحرك ساكنا، لا لشيء سوى لأنه يشارك في الحكومة بثلاث حقائب وزارية. ويعتقد البعض أن الأحزاب الأمازيغية بالجزائر هي التي حققت للأمازيغية مجموعة من المكاسب. ولكنني أعتقد أن "الربيع الأمازيغي"، وما ترتب عنه من أحداث سنة 1980، هو الذي حقق للأمازيغية بالجزائر أشياء كثيرة. زد على ذلك أن النظام المخزني سوف لن يكف عن التدخل في توجيه هذا الحزب الأمازيغي بما فيه مصلحته، مستعملا في ذلك وسيلتي الترغيب والترهيب. أن ما يجب القيام به الآن ليس الهرولة نحو تأسيس حزب سياسي دون دراسة إمكانية النجاح أو الفشل، بل يجب تصعيد أشكالنا النضالية بالتدريج وبناء ذواتنا ومحاولة التأثير على القواعد الحزبية لإقناعها بالأمازيغية لأن معظم قواعدها أمازيغية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن مطالب الحركة الثقافية الأمازيغية لا تكتسب في وقت قصير، ولكن بعد جهد جهيد ونضال مرير. وأعتقد أن الحركة الثقفافية الأمازيغية قطعت أشواطا كبيرة ووقفت في منتصف الطريق، وما علينا إلا تتمة الطريق حفاظا على قوة ومشروعية خطابنا الذي يربك الأحزاب والحكومة وغيرهم، حتى لا يصدق علينا المثل الأمازيغي الذي يقول: Izvum ar tadeggût yetca صام حتى الزوال فأكل. إذن، فليتحمل المسؤولية دعاة الحزب السياسي في الزج بالخطاب الأمازيغي في متاهات لا تحمد عقباها وهدم ما تم بناؤه طوال العقود الماضية. 7. يناير 2001 |
|