|
|
الأمازيغية والحزب السياسي بقلم: بن مولى (أنزكان، أگادير) هذا رد على ما جاء في مقال السيد مولاي علي الإد ريسي المنشور بالعدد 45 من "تاويزا" تحت عنوان: "هكذا يسقط المناضلون والقادة فتسقط القضايا" الأمازيغية لها جذورها وأصولها في أرض تامازغا، ولا خوف عليها من سقوط رموزها المدافعين عنها. لكنها في حاجة إلى من يحميها من أعدائها المتربصين بها في كل وقت وحين للقضاء عليها وإماتتها. فالدساسون يتربصون بها الدوائر. والأمازيغية قضية شعب وأرض وليست أهواء فئوية أو ترفا زائدا. إنها قضية وطنية تهم جميع الفئات. لهذا فهي في حاجة إلى المحافظة عليها وصون كرامتها وأمجادها. في العدد 45 من "تاويزا"، طرح السيد مولاي علي الإدريسي عدة أسئلة، منها هذان السؤالان: ألن يسقط القيادون والمسؤولون الأمازيغ بعد اعتلائهم السلطة ككل قيادي الدول النامية فتسقط معهم القضية الأمازيغية التي كانوا يدافعون عنها؟ إن طرح مثل هذه الأسئلة يعطي الانطباع بأن كاتب المقال لا يهتم كثيرا بالمجال السياسي ويعتبره شرا لا يجب الاقتراب منه، ويحذرنا من السياسي وشروره لأنه لا خير فيه للأمازيغية والمناصرين لها. ومن الأفضل لها أن تنزوي وراء الجدران أو في متحف أو زاوية من المركب الثقافي خوفا عليها من السياسة وشرورها. فلا يجب عليها أن تقترب من المناطق الدافئة خوفا عليها من الاحتراق في المجال السياسي. ولا بأس إن قضت نحبها وهي منزوية في ركن بارد من المتحف الثقافي وهي تنتظر في يأس من يخرجها إلى الأماكن الدافئة لتلتقي بأهلها وأحبابها لتتعرف عليهم ويحتضنوها ويهتفوا باسمها في كل مكان وزمان. فكل ما تعانيه الأمازيغية يرجع إلى عدم الاهتمام بها سياسيا. فهي لم تجد من السياسيين من يعتني بها ويدافع عنها لكي تتبوأ المكانة التي تستحقها في الحياة العامة وتفرض وجودها على أرضها وبين أهلها وذويها حتى يرد لها الاعتبار في الإعلام والتعليم والإدارة العمومية وفي كل المجالات الأخرى فوق أرضها وعلى يد أبنائها الأمازيغ. وليس من العيب في شيء أن يبحث المدافعون عن الأمازيغية عن مواقع ريادية داخلها كمسؤولين قياديين. فهذا شيء طبيعي موجود لدى كل الكائنات على البسيطة ما لم يخل بواجبه أو يخون الأمانة المنوطة به والمسؤولية الملقاة على عاتقه. إن تشكيل هيئة سياسية ضاغطة أمر مشروع ومقبول للتأثير في القرار السياسي للاهتمام بالأمازيغية والاستجابة لمطالبها المشروعة وحقوقها المهضومة ووضع حد للتهميش والإقصاء اللذين تعاني منهما. فلا يمكن مقارنة الأمازيغية والمدافعين عنها بالأنظمة التي ذكرتها لسبب وجيه هو أن الأمازيغية بنت هذه الأرض التي نبتت وترعرعت فيها وليست دخيلة أو مستوردة. لهذا فهي قضية وطنية وشعبية لا يمكن التنازل عنها أو المساومة عليها لأنها قضية مصيرية بالنسبة للمواطن ابن الأرض. فالأرض أرض أمازيغية، والسكان أمازيغيون. فلا مجال هنا للتغليط أو المغالطة. فكل شيء على هذه الأرض يحيل على الأمازيغية ويذكّر بها: اللغة، الجبال، الأشجار، النبات، الإنسان... إذن فلا خوف عليها من سقوط الأشخاص المدافعين عليها لأن هذا كذلك سنة الكون وشر طبيعي. لقد سقط العديد من المدافعين عن الأمازيغية عبر التاريخ. فهناك نماذج كثيرة مثل: ماسينيسا، تهيا (الكاهنة)، كسيلة، بورغواطة... هؤلاء سقطوا وبقيت الأمازيغية شامخة رغم كل محاولات طمسها وإقبارها التي سخرت فيها إمكانات هائلة، مادية وبشرية من هيئة سياسية وتعليمية وإعلامية ومحاولة سن قوانين لقتلها والقضاء عليها. ومع ذلك كله لم يلحق بها الدساسون والحاقدون عليها إلا بعض الأعطاب، لأن جذورها ضاربة في أعماق الأرض والتاريخ، ولا يمكن القضاء عليها. لم تحقق الحركة الثقافية الأمازيغية أهدافها ومطالبها لأنها لم تدخل المعترك السياسي ولم توله الاهتمام اللازم مع أن العامل السياسي له أهميته ودره الفاعل في هذا المجال. لأن السياسي هو بمثابة القاطرة التي تجر عربات القطار إلى الأمام لتصل إلى الهدف المنشود. فبدون قاطرة السياسي لن يتحرك قطار الثقافي من مكانه ولن يلتفت إليه أحد مهما تعالت صيحاته، وأنه رغم أهميته فلا يمكن أن نتصور الثقافي دون السياسي ولا السياسي دون الثقافي. فكل واحد منهم يكمل الآخر. ولهذا فالقضية الأمازيغية قضية الكل من أجل الكل. وقد جاء الوقت لطرح الورقة السياسية. إن الذين يدعون إلى عدم تسييس القضية الأمازيغية هم في الحقيقة يخافون من المنافسة السياسية الجادة.، يريدون أن تبقى الأمازيغية منزوية وراء الجدران الباردة حتى لا تزعجهم ولكي تموت في هدوء وسكينة من اليأس. هذا الفراغ الذي تعاني منه القضية الأمازيغية أدركته الحركة الثقافية الأمازيغية أخيرا وتحاول تدارك هذا النقص بإعطاء دينامية جديدة وفاعلة للقضية الأمازيغة تتمثل في إنشاء حزب سياسي ليؤثر في القرار السياسي كما سبق أن قلنا ويفرض وجوده داخل السلطة وتأخذ مطالبه بعين الاعتبار. فقد أصبحت الساحة السياسية مواتية والفرصة سانحة للدخول بالأمازيغية المعترك السياسي حتى تًسمع كلمتها وتجهر بصوتها وتسترد مكانتها ويتم تصالح المواطن المغربي مع ذاته وهويته الأمازيغية الأصيلة ويتخلص من الاستلاب والتفاخر بالانتساب إلى الآخرين. قلت الفرصة مواتية لأن الأحزاب الموجودة في الساحة أصبحت مكشوفة من اليمين إلى اليسار ولم يعد المواطن يجد فيها نفسه ولا هويته.... اليمين يتألف من رجال الأعمال والموظفين الكبار ولا يتكلمون إلا لغة "البزنس"، فكل شيء عندهم قابل للبيع والشراء بما في ذلك الناخب والمنتخب. أما اليسار فحدث ولا حرج، فهم لا يختلفون كثيرا، إنهم تجار السياسة يسوقون كل الشعارات والأحلام والأوهام من بضاعة الشرق البائرة بأبخس الأثمان. إنهم مصابون بداء الاستلاب وعقدة تقليد الأجنبي. ولا تحاول البحث عندهم عن المحلي وعن نبات الأرض، فهم يحتقرونه ولا يطيقون رؤيته. ولهذا فنحن في حاجة إلى حزب أو حزبين إن أمكن ذلك: حزب محافظ أمازيغي وحزب ديموقراطي امازيغي ليتنافسا على مصلحة الوطن والمواطن قبل أن يحل موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وإذا تحقق هذا المبتغى وحصل على نتائج ومشرفة يمكن أن تتفاوض الأمازيغية من موقع قوة. |
|