|
|
الحركة الوطنية في الميزان بقلم: إبراهيم وزيد (تيزنيت) كثر الحديث هذه الأيام، في الصحف والتلفزيون عن الوطن والوطنية وحب الوطن والوفاء له وما إلى ذلك من الأحاسيس الجياشة، التي يتفاخر البعض بكونها تتوفر لديه أكثر من الآخرين. وأصبح كل من يحشر لفظة "الوطن" في كل كلمة يتفوه بها رجلا وطنيا، لا يرقى شك إلى سجله العدلي، على حد تعبير رشيد نيني(1) والواقع أن هناك من يحب الوطن حتى الموت، ويتمنى أن يراه أجمل من كل الأوطان، دون أن يتشدق بذلك أمام كاميرات التلفزة. وفي المقابل هناك من لم يحمل سلاحا من أجل الوطن، ولم يشارك في حرب أو كفاح. ومع ذلك يدعي أنه يعشق الوطن حتى النخاع ويناضل من أجله في صفوف "الحركة الوطنية"؛ وهي خليط من الفقهاء والشعراء، الذين يتغنون ببطولات الريف وأمجاد المقاومة المسلحة بالأطلس، أي ما يسمى بوطنيي "الطربوش الأحمر"، الذين احتكروا الوطنية دون غيرهم من المغاربة لأنهم وضعوا توقيعهم على وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944. ويتوزع هؤلاء على ثلاث مدن رئيسية كما يلي: 23 من فاس، 11 من الرباط و 7 من سلا.. كل ما أنجزته هذه "الحركة الوطنية" هو تشكيل وفد للتفاوض مع فرنسا في منتجع "إكس ليبان"، في الوقت الذي استمر فيه الكفاح المسلح على أشده في الأطلس والريف.. وكان وفد حزب الاستقلال يتكون من: عمر بن عبد الجليل رئيسا وعبد الرحمن بوعبيد ناطقا رسميا وعضوية المهدي بن بركة ومحمد اليزيدي، إضافة إلى حضور محمد بوستة وامحمد الدويري. وغاب عن الوفد علال الفاسي لأنه كان في القاهرة حيث يبث من هاك "نداء" من إذاعة "صوت العرب" التي لا يستمع إليها أحد في المغرب نظرا لبعد المسافة وغياب التجهيزات التقنية. »وإذا كان التاريخ قد أكد بأن "إكس ليبان" كانت خطأ ارتكبته "الحركة الوطنية" بالنظر إلى النتائج الهزيلة للمشاورات، والتي كانت لها انعكاسات سلبية على مستقبل المغرب، ومن أبرزها غياب التحديد الدقيق لحدود الدولة في اتجاه الشرق والجنوب(2).. رغم ذلك يصر أقطاب "الحركة الوطنية" على أن الفضل في استقلال المغرب لا يعود إلى المقاومين الأمازيغ وحدهم ـ كما اعترف بذلك المهدي بن بركة ـ بل كذلك إلى السياسيين في حزب الاستقلال، الذين تفاوضوا مع فرنسا في غشت 1955 قبل العودة إلى المغرب للتهافت على المناصب السامية بعد الاستقلال حيث شارك الحزب العتيد بقوة في حكومات هذه المرحلة. وانفرد بالحكم بنوع من التسلط والاستبداد، مما أدى إلى تمرد عدي أوبيهي عامل تافيلالت فس 1957 واندلاع أحداث الريف في 1958 ضد الحكومة المركزية. وخلال شهر رمضان الماضي نشرت "الأحداث المغربية" حوارا مطولا مع أبي بكر القادري، من مؤسسي حزب الاستقلال وأحد رواد "الحركة الوطنية"، الذي تحدث ـ كالعادة ـ عن أسطورة "الظهير البربري"، حيث يظهر أن الأمازيغيين استعملتهم فرنسا لمحاربة الإسلام وتمزيق وحدة المغرب، في حين يظهر الخونة الحقيقيين في صورة وطنيين أقحاح. ثم تحدث القادري كذلك عن المقاومة حيث قال في حلقة 20/12/2000 »بأن الطلائع الأولى للمقاومة المسلحة كانت كلها منخرطة في حزب الاستقلال«. لكنه سيعود بعد ذلك، في حلقة يوم 25/12/2000 ليؤكد أنه لا يعرف أي شيء عن أسرار المقاومة، وأن كل ما يعرفه هو محمد الزرقطوني (27 عاما) باعتباره من خيرة المقاومين المغاربة بالرغم من كون رجال المقاومة بالأطلس والريف استمروا في الكفاح المسلح لفترة زمنية تكاد تقترب من عمر هذا "المقاوم الكبير" ويحفظ لنا التاريخ أسماء أبطال من عيار عبد لكريم الخطابي وحمو الزياني.. لكن هذه المعلومات غائبة أو مغيبة عن ذهنية القادري الذي وصفه عبد اللطيف جبرو ب"الذاكرة الحية"(3). لقد أصبحت الحاجة الآن كبيرة إلى إعادة كتابة تاريخ المغرب، بشكل نزيه وبدون أساطير ومغالطات التاريخ الرسمي الذي يكتبه عبد الوهاب بنمنصور. وهذه »الأساطير نظل نرددها في المدارس، ونختبر فيها في الامتحانات.. بل الأهم أن وراء كل أسطورة من أساطير تاريخنا قلباً وإخفاءً وتحريفاُ لحقائق تخص الأمازيغية والأمازيغ«(4) الذين منعتهم برامج التعليم الحكومي من التعرف على حقيقة تاريخهم وحضارتهم.. لأن ذلك يتناقض مع »حماية أساطير الحركة الوطنية والدفاع عن "أصنامها" التاريخية التي لم يعد أحد يسجد لها..«(5) بعد أن كانت رموزا مقدسة حيث ينعت المهدي بن بركة بزعيم اليسار التقدمي، لكنه متورط في اغتيال قائد جيش التحرير عباس المسعدي. ثم عبد الرحيم بوعبيد زعيم الاختيار الديموقراطي، الذي أكد الفقيه البصري أنه كان متواطئا مع محمد أفقير في المحاولة الانقلابية لـ1972، هذه المحاولة التي نسبت بشكل أحادي إلى أوفقير الذي يعتمد عليه الأمازيغوفوبيون من أجل تبرير عدائهم للأمازيغية، أمثال علال الأزهر واليزيد البركة اللذين يقولان كلما أثيرت القضية الأمازيغية: »لا تنسوا أن أوفقير كان أمازيغيا«، وهذا بالرغم من أن هذا الجنيرال لم يدافع قط عن الأمازيغية، كل ما في الأمر أنه كان عضوا في جمعية "فدماء طلبة كوليج أزرو" التي حلت. هوامش: 1 ـ رشيد نيني، جريدة "الصباح"، يوم 5/12/2000 2 ـ عادل بن حمزة، "الصباح"، يوم 9/9/2000 3 ـ عبد اللطيف جبرو، "الأحداث المغربية"، يوم 1/1/2001 4 محمد بودهان، "تاويزا"، العدد 45، يناير 2001. 5 ـ نفسه |
|