|
من محن ”إيمديازن “ في عهد الحماية بقلم: الحسين دمامي ( ورزازات) إذا كان الشعراء في القبيلة التقليدية يتمتعون بمكانة مهمة بحكم حاجة القبيلة إلى من يدافع عنها بالكلمة(1) من الوزن الثقيل مثل حاجتها إلى سواعد قوية تحمل السلاح، فإن خطورة شعرهم ستظهر أثناء الحماية حيث ستُمارس عليهم نوع من الرقابة طالما أن شعرهم يستحضر قيما تقليدية مضادة للبنية الإدارية الاستعمارية وللمستفيدين منها من الأعيان على حساب البنية الانقسامية السائدة في السابق بثقافتها القائمة على القرابة التي توظف في حسابات الأعيان. ففي ظل الحماية أصبح الشاعر محاصرا لأن القبيلة لم تعد قادرة على حمايته طالما أنها خاضعة لسلطة خارجية؛ ومقاومته الشعرية تجعله في مواجهة مباشرة للسلطة الخارجية والرموز المحلية المستفيدة منها. ويظهر الحصار على الشعراء في احتفاظ الرواية الشفوية(2) بمعلومة مفادها أن سلطة الحماية ب"بومالن دادس" بإقليم ورزازات، فرضت على الشعراء ضرورة الحصول على ترخيص للقيام بجولاتهم الشعرية. وهذا الحصار يُفهم على ضوء أن من يريد الهجرة عموما كان عليه الحصول على ترخيص من مكتب الشؤون الأهلية، ولأن كلام الشعراء كاشف للمقاومة السائدة في بقية المناطق المغربية حيث وصلت أصداء ثورة عبد الكريم الخطابي بالريف، ومقاومة "بّا علي" بالمناطق المجاورة لدادس. كما يتجلى الحد من حركية الشعراء في تعرضهم للسجن فترة الحماية ـ وحينها لم يكن يدخل السجن إلا من رفع راية العصيان التي تصل درجة المقاومة الفردية، أو من رفض أداء الضرائب والقيام بالكلفة ولم يؤد التحية للقبطان ـ إذ تحتفظ لنا الرواية الشفوية بنصوص شعرية يتطرق فيها الشعراء لتعرضهم للسجن، ويتعلق الأمر بثلاث حالات: ففي ما يخص الشاعر "عقّا" من آيت مرغاد، فلقد تم سجنه برميه في البئر على عهد المحجوب بلمدني(3)، خليفة الگلاوي على آيت سدارت الجبل. ولم يتخلص من العقوبة إلى بتدخل اعيان آيت عطّا. وخلد الشاعر الواقعة شعرا بقوله: آتين توغا(4) لّي گ بوبّيغ تيجلّاسين آبيفراضينو إيبّي واگا سمارن وامان رعبات إي لحر لّي گي نّان ضر أنو ها ييمخزنيين بّعجوجان غيفي آياجميل نّون آ ْوتّابو(5) أولا إيت تاعدادات(6) أولا وانّاد إيكّان أوسيكيس(7) وسبب رمي الشاعر في بئر هو عزفه الناي حينما مر قرب مقر إقامة ممثل سلطة الگلاوي بالمنطقة. وفي ذلك قال مرافقه: آها عقّا بو وغانيم أراك تّينيغ خيراك لّيگنّي تاغت أنو، إي قل ياد آد تاليت أما الشاعر الثاني فهو المرحوم "خاردّو" (توفي 1961) من قرية "تاملالت" السدارتية، الذي تم سجنه لرفضه نفوذ "تلوات" على القبيلة، وحينما خضعت تقدم بكبش لطلب العفو(8)، فتم سجنه بقرية آيت عبد الرحيم حيث كان السوق القديم للمنطقة قبل تحويله إلى "بومالن". ولقد خلد ذلك في مقطع من إحدى قصائده بقوله: تكّايغ فارينا أفود، كّن إيشوّاضن ضاراتنغ إي نزرا لعذاب أورت نمّوت ثم قال موجها الخطاب لعائلة "موحداش" المساندة لتلوات ولو على حساب آيت عطّا انفسهم: آيالرّاو ن "أوزيزاو"(9) مكيد ربّي إيفكاون مامي ترام أوال ن ويدّاكن اور إيرين أما الشاعر الثالث الذي لم يسلم من السجن فهو الشيخ "موح" ابن "خاردّو" (توفي سنة 1998) الذي كان يقيم حفلا بقرية "إيمزلين" فوشى به أحدهم، فتم اقتياده ورفاقه إلى المجموعة. إذ يقول في مطلع القصيدة التي وثق فيها الحادثة: إيغرم نومزيل أگد نسيغ أور زريغ إيمخزنين ألّيگاغن گولان حريناغ گ شّنضي زارون آ لبيرو أمّي نغيغ رّوح إيد إيويغ آمايْد إيتشتكان غيفيغ إيد إيگ ربّي إيكاريفن إي لارزيق نّون أرد أسين إيداس إيك ربّي إي "مبارك" تادّا يوگرن أسكّين حيشاكن آما يد إيسّفليدن دعووات آ ليسلام آيكمّل، موجود ربّي. هوامش: 1 ـ لفهم قيمة الشعر الأمازيغي بوادي دادس لا بد من استحضار القيمة الاجتماعية للكلام (أوال) حيث يعتبر رأسمالا رمزيا بالنسبة للعامة، ثم القيمة السحرية للكلام، سواء عند العامة أو الشعراء حيث للنظم تقاليده، لأن الشاعر ينطق باسم قوى تتملكه، تقوم الرابطة بينه وبينها على حسن توظيف الكلام. 2 ـ بالنسبة لنصوص "خاردّو" و"الشيخ موح" فهي معزولة لمجايليهم، وإن كان هناك عدم ضبط قصائدهما. أما نص "أوعقّا" فهو معروف حتى ب"أمسمرير". 3 ـ خليفة الگلاوي على آيت سدارت ن ييغيل (الجبل). امتدت فترة حكمه من 1918 إلى 1936. 4 ـ توغا: مجموعة قرى سدارتية. والشاعر يعني بها قرية آيت يول حيث قلعة المخزن. 5 ـ أوتّابّو: من أعيان قرية "أوسيكيس"، والذي منحت أسرته في وقت سابق الشيخ العام لآيت عطّا. 6 ـ 7 ـ قرى بقيادة أمسمرير غي ملك آيت عطّا. 8 ـ لم يكن المحجوب بلمدني يغفر لمن قاومه، إذ من تقدم لطلب العفو يتم سجنه. وهو نفس السلوك الذي لجأ إليه خليفته "موحداش" الذي سمم عدة أعيان آيت سدارت. 9 ـ أزيزاو: لقب أسرة موحادس المتواجدة ب"أيميض"، والتي لعبت دورا مهما في إرساء سلطة تلوات بتُدغة (تدوغت) ودادس. ورزازات في 18/9/200
|
|