uïïun  177, 

ynyur 2962

  (Janvier  2012)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

tamaskalt n usmnäw n "lirkam", tanbaät tra ad t tsmmt

Arrud n wmrabdv

Awrir

Azul amqran

Tazizawt

Nra ad angh ttut a yawal

Français

Elections du 25 novembre: les vrais enjeux

Les xénophobes peuvent-ils être de vrais musulmans?

Corippe et l'éloge de l'erreur

العربية

بدل دسترة ليركام هناك اتجاه لإلغائه

إيمازيغن في متخيل المستعمر

ردا على العثماني بخصوص المرجعية الإسلامية

بنكيران يعيش خارج السياق الراهن

حول مستقبل الأمازيغية مع المصباحيين

البعد الفانطيسطيكي في مسرحية محمد بزكّو

قراءة في مسرحية أودم ن تيسيت

بيان المرصد الأمازيغي

الشعر الأمازيغي يصدح بقلعة مكونة

فعاليات ملتقى بويزكران للثقافة الشفوية

بلاغ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة

بيان الحركة الأمازيغية بأكادير

بيان الحركة الأمازيغية بوسط المغرب

بيان منظمة تاماينوت

بيان المؤتمر الدولي للشباب الأمازيغي

 

 

 

 

البعد الفونطاستيكي في النص المسرحي الأمازيغي الحديث بالريف المغربي، نموذج مسرحية «Waf»للكاتب محمد بوزكو *

بقلم: ذ.عبد الرزاق العمري (ازغنغان – الناظور)

 

لقد ظل المسرح منذ انبثاقه الأول شرطا وجوديا مرتبطا بالزمن، وبتمثلات الموت، ومن ثم كان انخراطه في سيرورة هذا الزمن انتقادا ومحاكمة للقيم المنحطة، وانتصارا للحظة الخلاص الممكنة، ومراهنة على جعلها لحظة مشرقة، وموسومة بالديمومة.

كثير من النصوص المسرحية الأمازيغية بالريف المغربي اختارت لها تيمة الموت بأبعادها الوجودية والفلسفية والتاريخية والدينية... في أفق إعادة صياغة الأسئلة الخاصة بالإبداع والثقافة الأمازيغية عامة.

واختيارنا مسرحية «واف» لكاتبها محمد بوزكو كأنموذج للنص المسرحي الأمازيغي بالريف له اعتبارات اجناسية، وجمالية وإنتاجية، وثقافية... فهذا النص يعتبر ثاني نص درامي مطبوع في كتاب، وهو من هذه الناحية يشكل الأثر المادي للفعل المسرحي والتجسيد الفعلي لوجوده، كوثيقة، وكجـزء من ريبيرطـوار مرشـح لتحقـيق تراكـمات كمية ونوعية، كما أنه نص مكتوب بحرفين، أمازيغي ولاتيني، ويقدمه صاحبه كرهان أدبي استشرافي ضمن مجموع الثقافة الأمازيغية، التي تحاول الارتقاء بالإبداع من طوق الشفاهية إلى رحاب الثقافة العالمة، باعتماد وسائطها الكتابية والطباعية والإنتاجية والتوزيعية... ثم إنه فضاء أدبي تفاعلت بداخله أجناس وأساليب أدبية مختلفة (الشعر، والسرد،... والأمثال، والحكايات والواقعي والمتخيل....) هذا فضلا عن كونه يضع المتلقي في صلب سؤال الهوية الأمازيغي.

لقد اختار الكاتب لمؤلفه عنوان «واف» فجعله ميسما لمجموع المسرحية، بل أول علامة دلالية يلقي بها إلى المتلقي، بهدف إثارة فضوله وأفق انتظاره، والعنوان على غرابة تيمته، والتباس صلته بالفعل المسرحي، يسمح بالكشف عن جزء من هوية النص، ومضمونه الخطابي وصلته بالمتلقي، فـ»واف» في عمق الثقافة الامازيغية له حمولة دلالية تحيل على الخوف والفزع (الفزاعة )، مما يفترض ذاتا تمارس فعل التخويف وموضوعا يقع عليه الفعل، في علاقة صراع لا متكافئ.

والعنوان في أولى تجلياته النصية والخطابية، يحيل على قناع / شخصية ذي حضور مهيمن على امتداد النص، وذي وقع تسلطي على جل شخصياته. وتطابق الشخصية والقناع في صورة واحدة ومتماهية، هو أول إقحام للفونطاستيك في بناء متخيل النص الدرامي، رغم وروده على مستوى هذا العنوان، وعلى مستوى بداية المشهد الأول متراوحا بين التعيين والتضمين.

تقع مسرحية «واف» في أربعة وأربعين صفة من الحجم المتوسط وتوزعها ثلاثة فصول متفاوتة الطول والقصر، فالفصل الأول يشغل عشر صفحات، بينما الفصل الثاني تسع صفحات، أما الفصل الثالث فخمس وعشرون صفحة. وفي المجموع ما يؤكد صغر حجم المسرحية.

أما على مستوى القصة فهي تحكي سيرة رجل يتهيأ للانتحار على قارعة الطريق. وفي انتظار السيارة التي ستضع حدا لحياته، يشرع ذاكرته على جرح الماضي، لتتداعى إليه صور الإحباط واليأس والفزع، معللا سبب بلائه وقلقه بخطيئة أبويه اللذين جاءا به إلى الوجود، وباختلال واضطراب أحوال الناس، وانطلاء الوجه الحميمي للمكان. وفي إقبال الرجل على محاولة الانتحار، يتفاجأ برجل آخر يحمل فزاعة، عليها ضوء أحمر، فينتشله من الطريق، ويعترض عليه قراره بالانتحار بذريعة أن خيار الموت والحياة معا موكولان إلى سلطته، وأن مداومته على حراسة عالم الموتى مبرر بخشيته من أن يتكاثر عدد الموتى فتفيض بهم الأرض.

ومع ظهور الرجل الفزاعة يتصاعد الإيقاع الدرامي للنص بتأزم الأحداث، ويشرع العجائبي في التبلور، مع استنطاق الفزاعة للرجل الأول، متخذا لبوس الرقابة في زمن يدل على حالة طوارئ قصوى.

وفي مشهد كافكاوي ساخر يساجل الرجل الفزاعة الرجل الأول، بعد منعه من الانتحار، متهما إياه بارتكاب جريمة ما، ومحاولا الانفلات والهروب بجريمته إلى عالم الموتى.

وفي الفصل الثاني من المسرحية تطالعنا «مازيليا» وهي تنادي الرجل الأول باسمه الحقيقي «أمراضي» وترمي إليه المفاتيح السحرية لسرد سيرة حياته، ولأجواء حضوره المكره خلف زفاف والديه في قالب سوريالي، يكسر خطية الزمن وعليته، كل ذلك في أسلوب وإيحاء قريبين من أسطورة: «أوديب «. كما يكشف النقاب عن الدواعي التي كانت وراء اقترانه بــ «مازيليا»، وبطقوس بيعها كأمة في المزاد العلني، وبعد استنطاق الرجل الفزاعة للرجل الأول و»لمازيليا» ينخرط «أمراضي» في أجواء من التداعيات والفنطازمات، محاولا الهروب من عصف الزمن، الذي يتزامن مع أجواء طبيعية هوجاء. كالريح والأعاصير Alaghi لولا ظهور الصوت الغريب

فيُجعل بموت الرجل الأول، ليتحقق فعل الموت تماما كما في الحكايات الخرافية، حيث يتدخل الخوارقي والمافوق طبيعي بشكل لااختياري في تصريف الفعل الاختياري للإنسان.

يموت البطل «أمراضي» في منتصف الطريق / وسط المسرحية، وهذا اختيار موفق وذكي في بناء حبكة النص المسرحي وفي تأزيم شخصياته وأفعالها.

يبد أن المكون الفنطاستيكي في المسرحية ليس سوى جزء من الفعل الدرامي المتنامي الذي يحدد المسار التصاعدي للصراع الدرامي، ذلك أنه كلما تدرجنا من الفصل الأول إلى الفصل الثاني كلما احتدم الصراع أكثر ومن هنا يبدو لنا أن بناء المتخيل إلى حدود نهاية الفصل الثاني من النص الدرامي مستساغ عقليا، رغم تسلل الخوارقي من أنسجة وبنية النص إلى فضاء التلقي، لأن نهاية البطل بالموت أمر يكمن التحقق منه واقعيا، فاستراتيجية الخوارقي في هذا النص تنبني أساسا على التضمين L>implicite واللايقين L>incertain. وهما معا يؤكدان أن الفونطاستيك يؤدي وظائفه على الوجه الأتم حين يُبقي بعض الحقائق النصية غامضة، ويلقي بها إلى فضول المتلقي أو القارئ، كي يتدبر لبوساتها بالمساءلة والمكشافة، باعتبارها ظواهر ُمشكلة وأشياء غير مكشوفة « (2)، ومن هنا يأتي السؤال: كيف يموت البطل في وسط المسرحية؟ ولماذا تم قتله بهذه السرعة؟

طبعا يموت البطل لتعلن ولادته الثانية مطهرا مع الفصل الثالث، في فضاء متصدع ومكهرب اسمه «الناظور»، بحيث يخرج الرجل من قبره / مدينته، فيدخل في صراع إيجابي مع الرجل الفزاعة، الذي تقمص سلط ونصاب الناس، وسكن أوعيتهم ونفوسهم وأحلامهم، وليثبت في النهاية أن الحياة إمكان وسؤال، وينبغي إدراكها مفصولة عن أشكال الوجود العابرة، لذلك يتعاقد الرجل / «أمراضي» والفتى والأم / «مازيليا» على قتل الرجل الفزاعة. وفي سخاء بروميثي يضع الرجل الأول حدا بين جيلين متعاقبين: جيل أول يعي شرط الموت كقيمة واجبة وفاعلة في مد النور والضياء والحرية للجيل اللاحق، وجيل ثان يحيا في ألفة وطمأنينة، بعيدا عن أهوال التسلط والجبروت وكوابيس الخوف والموت المجاني، مما ييسر مهمة إعادة بناء لحمة البيت والوطن والهوية، وهنا تكمن الأطروحة الأساس للمسرحية، وعليها يبني الكاتب رهانه النصي والعام.

يتأسس العنصر السردي للمسرحيـة مـن مجموع الأحداث والوقائـع والمواقف الـتي تتتابع داخـل النص.

ففي نص «واف» تبتدئ هذه الحكاية برغبة الرجل الأول في الانتحار، بعد أن استنفذ كل صبره. ليظهر الرجل الثاني، كفعل اعتراضي على هذا الاندفاع في اتجاه الموت. وبين الإصرار على الموت المجاني والاعتراض عليه، تظهر وقائع وأحداث وحوافز تحيل بالمرموز على الواقع والمجتمع الذي يستدعي خيار موت إيجابي، وقادرا على إعادة بناء جسم المجتمع، غير أن الفعل المسرحي في سياق علاقته بوضعيات الشخصيات ومتغيراتها، لم يخضع نصيا لتعاقب سردي سببي، بسبب اقتحام فعل عجائبي وفجائي، وهو الموت على قارعة الطريق (الشهادة)، والانبعاث ثانية كعلامة فارقة في النص. إن العنصر العجائبي في مثل هذا التوصيف يكسر القاعدة الكلاسيكية لمفهوم الحبكة بإلغائه منطقية الزمن.

فعلى مستوى الشكل، يدرك الفعل الدرامي لمسرحية «واف»، بقابليته على التجزيء إلى لحظات:

.Catastrophe، ثم لحظة الانفتاح lèpitase ، ولحظة التوتر = العقدة الأكثر تشابكا Protase لحظة البداية

، تم استبدال محور التسلسل الزمني بمحور إرجاعي فوق زمني أو Nœud dramatique إلا أنه مع العقدة الدرامية

عجائبي، الأمر الذي يعكس انتقال فعل التمسرح من دائرة الحياة، ليقابله فعل التمسرح من داخل متخيل الموت.

إن الفونطاستيك في الأدب كما في أشكال الفن الأخرى: «الرسم والسينما»، غير منفصل عن السؤال بصدد شعرية الشكل، ونسق التمثل الذي يحقق وجوده كأثر، فالفونطاستيك يتأسس على ازدواج وضعيته كقابلية: فعلى مستوى التمظهر، يفترض ـ وجوبا ـ أن يمنح الشكل لما لا يمكن تقديمه وتعريفه بالإيضاح». (3)

يتحقق مفهوم الفضاء في نص «واف» من خلال مستويات نصية ثلاثة:

أ ـ فهو فضاء درامي Espace dramatique لأن وجوده بالقوة يتم من خلال النص الاطار، وهو فضلا كيان مجرد، وبناؤه موكول إلى القارئ أو المشاهد، بحيث يصبح إجراء التمثل الخيالي أحد أبرز أفعال تلقي هذا النص المسرحي.

ب ـ وهو فضاء نصي وكتابي «قابل للإدراك بصريا وسماعيا « وتلعب فيه الإرشادات المسرحية وظائف إنجازيه ينجزها القارئ والمتلقي معا. على أن هذه الإرشادات لم توظف بنفس الأقيسة والوظائف، ففيما تحضر الإرشادات المسرحية التعبيرية بكثافة، وتتخلل ملفوظ الحوار بهدف توجيهLes didascalies expressives

المتلقي إلى حالة الشخوص، ووضعياتهم، وردود أفعالهم ـ عبر الإرشادات الدالة على النبر ومدى الصوت، وحالات التردد، والإحساس بالحزن والغضب وردود الأفعال الساخرة والتهكمية )S tghuyyits)، ( S uzillez )، (S uhecci )

Les didascalies fonctionnelles ... تظل الإرشادات المسرحية الوظيفية (deghya daghyaz)، (S reqsahet)

محدودة الورود في النص، وحضورها يتم أساسا بغاية تيسير مهمة قراءة وفهم بعض المقاطع، أو بغاية تأزيم الحوار من خلال تقديم لوحات أو مشاهد دالة على تغير طارئ في المكان والحدث: كمشهد الإقدام على الانتحار في الصفحات 8_9_10، والمشهد السابق على سرد الرجل الأول لأحوال أسرته ص 18.

وما يلفت النــظر بإزاء هـــذه المعينات والإشـارات المسـرحية هـو غياب الإرشادات المـسرحية الأولــية والأســاسية Les didascalies initiales التي توظف بغرض تقديم الشخصيات من خلال معلومات خاصة القرابة بينها وبالعلاقات الهرمية والتراتبية، والسن واللباس،... وفي اعتقادنا أن هذا المسلك في تناول الشخصيات مقصود ومبرر، وأن الكاتب كان يعي ما معنى أن يكون النص المسرحي مليئا بالثقوب وكيف لا تستوي كتابته إلا بكتابة موازية يكون فيها للجسد والركح دوراهما التكميليان، لاسيما أن جوانب من النص يغطي عليها الملمح التراجيدي / التجريدي (صراع الموت والحياة)، ومن هذه الناحية نرى صعوبة تحديد المكان، فباستثناء الطريق والمقبرة، وفضاء الموت لا توجد في النص أية إشارة دالة على أمكنة واقعية، ونفس الملاحظة تنطبق على الزمان الذي يتراوح بين النور والظلام وبين الليل، والنهار، والماضي، والحاضر. وأن الكاتب قصد صياغة خطاطة سردية لمحكياته باختيار قالب فني قريب من الحكايات العجائبية والشعبية، لكن بأسلوب ساخر أقرب منه إلى الأسلوب الكافكاوي في الكتابة السردية، وهذه ملاحظة كافية للتدليل على أن النص المسرحي يخاطب الذهن كفاعلية إدراكية أكثر مما يخاطب الجسد كموضوع مرئي.

وفي طريقة توزيع الأدوار على شخصيات النص المسرحي، اختار الكاتب بعض النماذج التي تتطابق وحالة وعيه، كالرجل الأول الذي منحه بعدا مركزيا داخل النص، وأوكل إليه أدوارا وأفعالا تتغير باستمرار في المسرحية، فهو يحضر في بداية المسرحية بوجه سلبي في الماضي، وبآخر إيجابي بعد العودة من الموت، مع أن الموت هنا ليس سوى المعادل الموضوعي للتطهير، وهو تبعا لذلك بطل إشكالي يعيش خواءً وجوديا، تحت سلطة جائرة ووسط مجتمع منحط، تنعدم فيه شروط الإنسانية الأصيلة، ومن ثمة فوجوده الأوحد هو من داخل اللغة التي يعبر من داخلها ومن خلالها عن كينونته وعن إصراره في مواجهة الفراغ والنسيان والظلم، وفي منتصف المسرحية يموت فداء للحرية والنور والخلاص الجماعي، غير أن وجهه الغرائبي في النص يتجلى أساسا في انتقاله من عالم الأحياء إلى عالم الأموات، ثم من عالم الأموات من عالم الأحياء.

ولتأزيم الصراع الدرامي اختار الكاتب شخصية ثانية معاكسة لشخصية الرجل / «أمراضي»، وهي شخصية الرجل / « الفزاعة « : رمز السادية والخوف، ورمز الوجود السالب. يستحضره النص من خلال مراقبته للناس في حياتهم، وملاحقتهم في يقظتهم ونومهم، وفي موتهم، يعيش بانتكاسات وبآلام الآخرين، ويتأذى من حريتهم، ويعاكس أجيالا متلاحقة برمتها... كما أن له امتدادا وسلطة خارقة في الزمن والتاريخ والدين والوجدان، إنه يشخص القيم اللإنسانية في نزعتها المطلقة لذلك أوكل الكاتب مهمة استئصالها إلى حركية التاريخ والى تلاحم الأجيال: جيل الرجل الأول وجيل الطفل ثم جيل «مازيليا» التي ترمز نصيا للأمومة والحب، واستعجال لحظة التغيير، كما ترمز للأمازيغية حضارة ولغة وهوية.

ومن خلال قراءة إرجاعية لنص المسرحية، وانطلاقا من أسبقية النص المكتوب على فعل التلفظ، نقف على بعض من معيقات هذه القراءة، باعتبار أن النص «واف» هو تلفظ مزدوج يستدعي نمطا حواريا، ويحدد شكله التعبيري والدرامي، كما يستدعي قارئا ومشاهدا يسمع ويدخل مع شخصيات النص في حوار افتراضي.

فمن خلال الإرشادات المسرحية الأساسية الخاصة بكل فصل، يسهل على القارئ إدراك مدى التمايزات الحاصلة في تدبير الحوار وتوزيعه بناء على وظائف مرسومة بقصدية مسبقة وواعية، ففي الفصل الأول يدور الحوار بين شخصين اثنين، هما الرجل الأول والرجل الثاني، وهو في جوهره وظاهره حوار ثنائي: وضعيته التلفظية هي الصراع والترهيب. ومع الفصل الثاني تنضاف شخصية «مازيليا» إلى قطبي الصراع ليصبح ثلاثيا، وفيما تحتكم وضعيات التلفظ بين الرجل الأول و»مازيليا» إلى الحب والانفصال في نبر غنائي يستدعي أصداء الماضي المؤلم، تحتكم وضعيات التلفظ بين الرجل الأول والرجل الثاني من جهة، وبين الرجل الثاني و»مازيليا» من جهة ثانية إلى الاستنطاق والترهيب.

وبالانتقال إلى الفصل الثالث والأخير يتضاعف عدد المتحاورين مع تنامي الصراع الدرامي ليشمل أربع شخصيات، وهي الرجل الأول، والرجل الثاني و» مازيليا « ثم الطفل « احذري « ومع هذا الفصل تتعدد وتتداخل وضعيات التلفظ ملتحمة بأسئلة جوهرية وموصولة برهان الحرية والهوية، مما يزكي الوظيفة الإنجازية للحاور : أي الانتقال باللغة الدرامية من قوة الخطاب المتضمن / المضمر، إلى الخطاب التعييني المباشر.

ومن السمات المائزة للغة الحوار في مسرحية «واف» كونها وردت متراوحة بين الاشتغال على الأسلوب، وبين محاكاة الخطاب الشفاهي، فالبذخ البلاغي والأسلوبي واضح في الميل إلى إلباس اللغة خاصية شعرية وانزياحية :

أنا أبحث عن روحي ليس إلا

لا أصعد، لا أنزل

أبحث عن دلال

يسمح القلب

بغرسه في مقلتي (4)

ومثل هذا الاستعمال للغة موزع في النص المسرحي على نحو مكثف، حتى غدا شكلا غنائيا ينازع الأثر الدرامي للغة، ويهدد هوية النص التجنيسية (التراجيدية )، وقد أكد هذه الإشارة غير واحد من الدارسين والنقاد فهذا Stendhal يفترض في الحوار المسرحي : « أن يفهم فحوى خطابه مباشرة بعد بثه، بحيث يجب أن تكون المؤشرات الأسلوبية في خدمة هذا الملمح الشفاهي للغة، وعلى قدر لا يجعل استعمالها المكثف بلاغيا مستنفرا للمتلقي، لأن المسرح لا يحقق كماله إلا في اللحظة التي يعمل فيها على التقليص من سمك الأسلوب، على نحو يجعل المتعة الشعرية تنحل في ما يسميه المتعة الدرامية « (5)

يعد المونولوج le monologue أحد الوسائل المهمة التي تقربنا من حالات الوعي لدى الشخصية الدرامية.

وفي معظم حالات استعماله، يكون موجها إلى متلق متخيل، ويكون اشتغاله على مستويين متلازمين: مستوى دلالي يدل على الإقصاء أو التهميش أو الخوف... ومستوى شكلي يعمد إليه في إيقاف الحدث، أو التواصل المشهدي بين شخصين، وتكسير إيقاع الحوار بينهما.

وفي مسرحية « واف « يمتع المونولوج بقوته الإنجازية، باعتبار إسهامه في حل عقدة البطل ( الرجل الأول )، الذي يستغل في مطلع المسرحية لحظة تواجده على قارعة الطريق، فيستدعي شريط الماضي ليحاكم مصيره وقدر مجيئه إلى الوجود. ص 9،8،7. كما أن المونولوج في هذه المسرحية يرد على وجهين اثنين:

( ويتعلق الأمر بلحظة التفكيـــر ، أو المشـــاعر التي تـــدفع الشخصـية المسرحية إلـــى البـــوح Lyrique مونولوج غنائي

بأسرارها ) ( 6) ، ومونولوج اتخاذ القرار ، ومعه ( يوضع الشخص أمام خيار صعب ، فيرتد إلى ذاته ، مقدما تبريرات وحججا تدعم سلوكه و أخرى تنفذها ) (7) . والنوعان معا ينطبقان على حالتي الرجل الأول و « مازيليا « في الفصلين الأول والثاني.

ليست « مسرحية « واف « مجموع خطابات حوارية بين شخصيات متصارعة. وليست جهازا مُعدا لتواصل أدبي محض، بل هي في المقام الأول مشروع تأسيسي لحركة التأليف المسرحي الأمازيغي بالريف المغربي على قواعد درامية تراجيدية، وكوميدية، وبلغة درامية فنية حبلى بوظائف شعرية، تشهد بتقاطعات أجناسية داخل أنسجتها النصية (الشعر، الغناء، الأمثال، السرد... )، وبأساليب المحاكاة، والتفاعلات النصية التي تهجنت وتأسلبت بداخل اللغة المسرحية (كافكا، سارتر، جبران، والمسرح الأسود... ) وما إلى ذلك من أشكال الاختراقات النصية التي يستدعيها الخيار الفنطاستيكي للأدب، والتي تمس الجانب الدلالي والشكلي معا لمقولة الجنس الأدبي .

لائحة المراجع

* محمد بوزكو كاتب مغربي أمازيغي من مواليد دار الكبداني _ الناظور ولد سنة 1966، له إسهامات باللغة الأمازيغية في القصة القصيرة، والرواية، والمسرح، والمقالة، والسينما.

MUHEMMED BUZEGGU : WAF –TAMEZGUNT- 1Les imprimeries AL MAGHRIBIA OUJDA 2009

Denis Mellier : LA littérature fantastique. ed seuil , 2000 -2

Denis Mellier - : ‘’’’’’ ‘’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’ p 6 -3

4 مسرحية « واف « لمحمد بوزكو. ص 12

Françoise Rullier – Theuret : le texte de théâtre. Hachette. 2003 p. 100 -5

Patice Pavis : Dictionnaire du théâtre. Dunod. Pari 1996. p112- 6

p. 116 -7

 

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting