|
|
حول مستقبل الأمازيغية مع المصباحيين بقلم: لحسن أمقران (أنمراي) / تنجداد
أثارت تصريحات عبد الاله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس أول حكومة لما بعد الدستور المعدل حول الأمازيغية فيما ما مضى ضجة كبرى في أوساط الناشطين والفاعلين الأمازيغيين، تصريحات حاول البعض التقليل من قيمتها وأهميتها بالنظر إلى الشخصية الاندفاعية لصاحبها، فيما البعض الآخر أبدى تحفظه مما قيل واعتبره حقيقة موقف حزب بأكمله وليس مجرد وجهة نظر شخصية داخل تيار فكري طالما أبدى تحفظه من الانفتاح على القضية الأمازيغية، مما يستدعي التصدي لها بكل قوة وحزم، وهو ما تجلى في العدد الكبير للبيانات والتنديدات التي غزت المشهد الإعلامي لمدة غير يسيرة، والتي قد تكون الدافع وراء التراجع بل والاعتذار – الظاهري – على الأقل لأمين الصباح في منابر مختلفة ورسمية. اليوم، وبعد الاستحقاقات التشريعية ونتائجها المفاجئة التي حقق فيها حزب العدالة والتنمية أكثر مما كان متوقعا، يظل التساؤل عن مصير ومستقبل الأمازيغية ونصيبها من البرنامج الحكومي القادم تساؤلا مشروعا بل وملحا. لقد كانت مسألة الحرف محل خلاف كبير في أوساط المجتمع المغربي، إلا أن التصويت داخل المعهد الملكي كان نقطة نهاية لجدال كان قد لن ينتهي أبدا، نتيجة تصويت باركها صاحب الجلالة وصادقت عليها معظم التنظيمات السياسية باستثناء من لا يطيق رؤية الأمازيغية تستفيق بعد إقبارها وطمسها عمرا طويلا، فأبان عن حقد دفين وبين لها واختار لنفسه الخروج عن الإجماع الوطني والتسليم بالتصويت كأقوى القواعد الديمقراطية. في هذه النقطة بالذات، يجب التنبيه إلى أن مسألة «مراجعة» الحرف التي كان قد لوح بها الزعيم الحزبي المذكور فيما سلف مجرد جعجعة سياسية وطعم أريد بها استمالة الأصوات التي تعادي الأمازيغية وحروفها العريقة. فمسألة الحرف حسمت مند زمن بعيد وهي لا تخضع لمواقف السياسيين بل لأحكام اللسانيين والأكاديميين المتخصصين، بل أكثر من ذلك ،فإن المراجعة لو افترضنا جدلا أنها ممكنة فسيحق للطرف الآخر أن يدافع عن أطروحة الخط اللاتيني الذي سيخدم الأمازيغية، تلك الذريعة التي مللنا سماعها ممن يريدون عربية رسما ومعجما في قالب أمازيغي ويتشدق بمصلحة الأمازيغية. بالمختصر المفيد، لا خوف ولا حزن على الحروف الأمازيغية العريقة «تيفيناغ» لا مع قدوم المصباح أو الميزان أو غيرهما. في النقطة الثانية، تناول رئيس حكومتنا مسألة «أي أمازيغية نريد؟»، في هذا الباب، الأمازيغية ليست أمازيغيات كما يخيل إلى البعض من ذوي الفهم السطحي للظواهر حتى يطرح مثل هذا التساؤل الساذج، فلكل اللغات لهجات تتفرع عنها حسب الجهة والمجموعة الإثنية التي تتكلمها، وليست الأمازيغية استثناء من هذه القاعدة العامة؛ فلهجات الريف والأطلس وفكيك والجنوب الشرقي وسوس كلها متميزة عن بعضها البعض ظاهريا فنجد بينها فوارق فونولوجية سطحية، لكنها تشترك في الخصائص المورفولوجية والنحوية، وهي حقيقة يعرفها الدارس البسيط لهذه اللهجات. أما بالنسبة «لأمازيغية المختبر» كما يحلو للبعض أن يسميها فهي الخيط الناظم بين فروع الأمازيغية وستأخذ مكانها في الساحة اللغوية الوطنية طال الزمن أم قصر، ولن نختلف في كون ذلك يستلزم بعض الوقت وستكون البداية مع خريجي المدارس والمعاهد والنخبة المثقفة المدعوة إلى الاجتهاد قصد تعميم توظيف هذه اللغة العريقة. كنقطة ثالثة وأخيرة، وهي مربط الفرس في كل ما قيل، يتعلق الأمر هنا بمسألة القانون التنظيمي لتفعيل رسمية الأمازيغية. هنا لا بد من أن يتحمل كل من يمثل المغاربة مسؤوليته أمام التاريخ وألا ينساق مع نزوات المفتين بغير علم والمريضة قلوبهم، فاختيارات المغاربة واضحة في هذا الشأن، وما الإقبال على الدستور إلا دليل على صدق ما نذهب إليه، فالأمازيغية جوهر المغرب الذي نعيشه ونعيش فيه ونأمل أن يتسلح كل مغربي غيور بالموضوعية والعلم بحقيقة تاريخ وجغرافيا وسوسيولوجيا وطوبونيميا وطنه قبل تدارس القانون التنظيمي المرتقب والتصويت عليه. إن مستقبل الأمازيغية يتجاوز المواقف الشخصية للسياسيين وفزاعات الأحزاب. المسألة هنا مسألة مركبة يتداخل فيها الثقافي والسياسي والحقوقي والهوياتي والتنموي، فلا ثقافة ولا ديمقراطية ولا حق ولا كرامة وتنمية في ظل تغييب لغة وثقافة وحضارة وهوية المجتمع. باقتضاب شديد، نقول إنه لا خوف على الأمازيغية أيا كان اللون السياسي الصاعد، فالساحة تتلون حسب المواسم الانتخابية حسب نجاح الحزب في استمالة الناخبين بالوعود الرنانة، لكن الأمازيغية حقيقة ثابتة لا تقبل بأقل من نصيبها ولا تطلب أكثر من حقها في الحياة عبر توفير الظروف الضامنة لهذه الاستمرارية. إن النضال الأمازيغي المسؤول، الجدي والجاد يظل أمرا مطلوبا في كل الأحوال، والتوجس الذي نسمع به حول مستقبل الأمازيغية في ظل حكومة زعيم العدالة والتنمية الذي صرح بمعاداته للأمازيغية مجرد حرب نفسية استباقية لا مبرر لتضييع الوقت في الرد عليها، إن مهمتنا الحقيقية كفاعلين ستنجح اذا ما عرفنا كيف نناضل ونرافع عن قضيتنا باسم الحق والقانون والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان.
|
|