|
|
ورقة «جمعية الهوية الأمازيغية» حول الاعتراف الدستوري بالأمازيغية
ركز الخطاب الملكي لـ9 مارس، في المبادئ الموجهة للجنة المكلفة بإعداد الدستور الجديد، على الأمازيغية كـ»صلب» للهوية المغربية. الشيء الذي يؤكد أن دسترة الأمازيغية يجب أن تكون في مستوى مكانتها كـ»صلب» لهذه الهوية. وقد انطلق النقاش وطرحت التساؤلات، منذ الخطاب الملكي، حول مضمون وسقف الاعتراف بالأمازيغية في الدستور المقبل. وهنا يجدر التمييز، ضمن القضية الأمازيغية، بين جانب اللغة وجانب الهوية. فإذا كان جانب اللغة لا يطرح أي إشكال في ما يتعلق بمطلب دسترتها كلغة رسمية ـ وليس مجرد لغة وطنية لأن ذلك سيكون تحصيلا للحاصل ما دامت أنها بالفعل لغة وطنية وليست أجنبية ـ بجانب العربية، فإن قضية الهوية تطرح بعض الإشكال لما يلفها من لبس وتشويش في المفهوم والمعنى مع ما يترتب عن ذلك من تطبيقات سياسية، على مستوى الانتماء الهوياتي للمغرب، لهذا المفهوم والمعنى الملتبسين والمشوشين. وهكذا فإن الاعتراف مثلا بالأمازيغية كمكوّن رئيسي للهوية المغربية هو نموذج لهذا الالتباس والتشويش. ذلك لأن الأمازيغية، على مستوى الهوية المغربية، ليست مكوّنا لهذه الهوية المغربية، بل هي الهوية المغربية نفسها لأن الأرض المغربية أمازيغية، منها تستمد الدولة والشعب المنتميان لهذه الأرض هويتهما بمفهومها الترابي بغض النظر عن تنوع الأصول العرقية المكونة للشعب المغربي، والتي (الأصول) لا علاقة لها بمفهوم الهوية ذي المضمون الترابي وليس العرقي، كما يمكن استقراء ذلك من طبيعة هويات كل شعوب ودول العالم. ومن جهة أخرى، إن الاعتراف بالأمازيغية كمكوّن رئيسي للهوية المغربية ـ أما اعتبارها مجرد رافد لهذه الهوية فسيكون إساءة لها أكثر مما هو اعتراف بها ـ لن يحل المشكل الهوياتي بالمغرب بصفة نهائية. ذلك أنه بمجرد الاعتراف بتعدد في العناصر «المكوّنة» للهوية المغربية، فإن ذلك يعني استمرارا «للصراع» بين هذه العناصر بسبب ادعاء أو شعور كل عنصر بأنه مهضوم الحقوق مقارنة مع عنصر آخر يعتبر المستفيد من كل الامتيازات السياسية والاقتصادية (السلطة والثروة). وهو ما سيتواصل معه الصراع الهوياتي بالمغرب بين العناصر المكونة للهوية المغربية في ظل الدستور الجديد على غرار الصراع الهوياتي بين المكون الأمازيغي والمكون العربي في ظل الدستور الحالي كنتيجة لافتراض وجود هوية أمازيغية وأخرى عربية بالمغرب. أما الحل الدستوري النهائي للمشكل الهوياتي بالمغرب فيتمثل في الاعتراف بالهوية الواحدة للمغرب، والتي يحددها الانتماء إلى موطن واحد يجمع كل المغاربة باختلاف أصولهم العرقية والإثنية. وبما أن هذا الموطن الواحد هو أرض أمازيغية، فالهوية المغربية، بمضمونها الترابي، لا يمكن إلا أن تكون أمازيغية تبعا للأرض الأمازيغية. فإعداد الدستور الجديد فرصة تاريخية إذن لوضع حد نهائي ورسمي للمشكل الهوياتي بالمغرب، وذلك بالتنصيص في ديباجة الدستور أن «المغرب مملكة أمازيغية»، بالمفهوم الترابي طبعا. واحتياطيا نقترح، في حالة ما إذا رأى أعضاء اللجنة أن لفظ «أمازيغية» قد يفهم بدلالات عرقية نظرا لهيمنة المفهوم العرقي للهوية بالمغرب، أن ينص الدستور في ديباجته أن «المغرب مملكة تستمد هويتها وانتماءها من موطنها بشمال إفريقيا»، إحالة على الأرض كعنصر مادي وموضوعي لا يوحي بأي ارتباط عرقي. ولا نعتقد أن مغربيا واحدا قد يعترض على هذا التحديد الترابي للانتماء الهوياتي للمغرب، وهو ما سيضع حدا ونهاية للمشكل الهوياتي بالمغرب، مع ما يعنيه ذلك من تطابق وانسجام بين هوية الدولة، التي كانت من قبل عربية، وهوية الأرض التي تسود عليها هذه الدولة التي كانت تتصرف كما لو أنها أجنبية عن هذه الأرض بسبب انتمائها العربي الذي هو انتماء خاص بالأوطان العربية بناء على المعيار الترابي في تحديد الهوية. وهكذا تتصالح الدولة مع الأرض بانتقالها من «الشرعية العرقية» ذات المصدر الخارجي إلى «الشرعية الترابية» ذات المصدر الداخلي، كما هو حال كل دول العالم التي تستمد هوياتها من هويات أوطانها وأقطارها. (جمعية الهوية الأمازيغية، سلوان في 31 ـ 03 ـ 2011) |
|