|
|
أمازيغوفوبيا حزب الاستقلال «الحاكم».. بقلم: محمد أزناكي
إن طلب مني أن أُعرّف بحزب الاستقلال، وفلسفة وجوده واستمراره، فإني لن أتوانى في القول بأنها إيدولوجيا مبنية على تيمتين، هما بمثابة إكسير حياته وماء خلوده.. إنهما تيمة «السلطة، ولا شيء غير السلطة وامتيازاتها العائلية».. وتيمة «العروبة والإسلام».. كفكر أحادي إطلاقي.. التيمة الأولى عصب حياة الحزب وهدفه الأسمى منذ نشأته. لأنه بالسلطة يمكّن لعائلات النخبة الاستقلالية أن تحافظ على مكانتها الاجتماعية، وتنمية رصيد علاقاتها، ضمن شبكة صانعي القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي و»الثقافي»، ومراكمة الامتيازات والمنافع، التي تقوي من حضور عناصرها في المشهد العام المغربي وتعزز من قوة تأثيرها المجتمعي.. بجميع الطرق والوسائل الممكنة والمتاحة.. المشروع منها وغير المشروع.. في هذا الصدد، يمكن استعراض قائمة الأسماء النافذة التي تعاقبت على تسيير دواليب الدولة ومؤسساتها الحساسة، منذ الاستقلال إلى اليوم. كما يكفي استعراض أسماء أعضاء الحكومة الحالية والمؤسسات ذات الصلة المباشرة بها للتأكد.. مما لا يحتاج إلى تأكيد.. أما التيمة الثانية التي بها وعليها يحيا الحزب العلالي فهو شعار «العروبة والإسلام».. الذي أقل ما يمكن أن أنعته به هو قولي بأنه شعار عنصري.. لا وطني ولا ديمقراطي. لماذا؟ في البداية أوضح بأنني لست ضد العروبة كفكر، من حق أصحابه الدفاع عنه والترويج له. أنا ضد العروبة التي تريد أن تبني وطنا عربيا فوق أرضنا الأمازيغية، وأراضي أصدقائنا الأكراد والفرس والترك والعبريين والزنوج والنوبة وغيرهم من شعوب منطقتي شمال إفريقيا والشرق الأوسط. أنا لست ضد الإسلام كديانة لها معتنقوها ولها مجالات اشتغالها وضبطها.. أنا ضد الإسلام في نسخته الوهابية اللاإنسانية.. أنا ضد شعار «العروبة والإسلام» التي عزف عليه حزب علال الفاسي كشعار لتنويم الشعب المغربي، وإلهائه عن مشاكله الحقيقية.. أنا ضد هذا الحزب الذي يتحدث أمينه العام عن مساهمته فيما يسميه ب «المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي المغربي».. في الوقت الذي يصرح فيه بأنه سيناضل من أجل ألاَّ تكون الأمازيغية في الدستور..إن الحزب الذي يريد بناء الوطن ويرفع الديمقراطية شعارا له، لا يقصي أي طرف من مكونات هذا الوطن إرضاء لمكون واحد فقط.. فحقيقة المغرب وواقعه تقول بأن المغرب مجتمع التعدد والاختلاف.. أما شعار «العروبة والإسلام» فهو إديولوجي وعنصري.. لأنه أقصى أمازيغ المغرب ويهوده، كما أقصى مواطنين آخرين لا يتقاسمون مع الحزب العتيد نفس قناعاته الإديولوجية ومعتقداته الفكرية والروحية. أقصى الجميع بكل حمولاتهم الإنسانية وثقافتهم وحضارتهم ولغتهم الممتدة كلها في جذور هذا الوطن آلاف السنين.. بل منذ الأزل.. حزب الاستقلال نوّم الشعب بشعاره التليد لإلهاء الجميع عن مقاصده الحقيقية في الانفراد بالسلطة وامتيازاتها.. شيطن الأمازيغية.. اللبنة الأصلية والأساسية في صرح هذه الأمة، وخوّن مناضليها محرري هذا الوطن.. ووطن القومية العروبية المستوردة من صحراء جنوب الشرق الأوسط.. وعرف المغاربة برموز جاهلية العربية الأولى.. من شعراء وصعاليك وغلمان وجوارٍ وزعماء قبائل وقادة غزوات وحروب.. طمس معالم رموز الشعب الحقيقية وأبناء الأرض الأصلية.. بهدف تجديد العبادة لصنم العروبة وإفراد الشرق بالولاء.. فكان ما نراه يوميا من مظاهر ضعف إحساس بروح الانتماء للوطن.. وكل ما يمت له بصلة. نرى الشباب المغربي يرفع بفخر واعتزاز أعلام كيانات الشرق الأوسط وصور زعماء تنظيماته المتطرفة في شوارعنا وميادين.. ويصرخ بأعلى صوته مفديا أوطان الآخرين.. بينما يستحي نفس الشباب المغربي من حمل العلم الوطني في الفضاءات العمومية.. بل يصرخون برغبتهم في مغادرة هذا الوطن.. ترى المغاربة يحفظون قصائد امرئ القيس وروايات فلان بن عِلاَّن عن علان بن فلان.. يتشدقون باستعراض أنساب زعماء قريش وخلفاء بغداد ودمشق.. يستظهرون بزهو خطب الحجاج ومعاوية بن أبي سفيان.. يحفظون أسماء شوارع وأزقة ومدن وممثلي ونجوم المشرق.. بل يعرفون حتى ماركات وألوان قطع اللباس الداخلي لصدام حسين وجمال عبد الناصر وحسين نصر الله..سيصطدم المرء بحقيقة مرة مفادها الجهل المطلق بتاريخ المغرب وحضارة المغرب ورموز المغرب وعظماء المغرب.. إذا سألت الواحد من شباب مدارس حزب الاستقلال العمومية، التي خرجت الملايين من المغاربة من المدرسة التي افتتحها سنة 1958 بالمبادئ الأربعة، التي رأس رمحها التعريب.. سيصطدم المرء لو سأل شابا من طنجة عن قبر ابن بطوطة أين يوجد. أو سأل شابا من مراكش عن قبر يوسف بن تاشفين أين يوجد.. لنسأل كل المغاربة.. عن سنة احتلال سبتة ومليلية، عن موقع زحيليكة أو ايمينتانوت.. لنسأل شباب المغرب وأطفاله عن معركة وادي المخازن أو أنوال.. متى وأين ولمَ وكيف حدثت؟.. بين من ومن؟ وماذا حدث بالضبط؟.. لنسأل أي سؤال عن تاريخ المغرب، عن جغرافيته البشرية والطبيعية.. عن اقتصاده وثقافته.. عن مدنه وأعلامه ونجومه.. لن تجد إلا ما يسوِّد صفحات الحزب العتيد، قائد قاطرة ما يسمى بالحركة الوطنية الذي يكن عداء مستحكما لكل أصيل في هذا الوطن. أما أكبر جرائم حزب الاستقلال فهي ذلك الهلوكوست/ المحرقة الثقافية التي ارتكبها ولا يزال يوقد نارها، ضد هويتنا، لغتنا، ثقافتنا وحضارتنا الأمازيغية.. ضد حق الإنسان المواطن المغربي الأمازيغي الطبيعي في الوجود.. الحق الذي تكفله له كل الشرائع الإنسانية الكونية.. حق مواطني المغرب الأمازيغ في تعلم وتعليم لغتهم.. حقهم في التقاضي بها.. في التواصل والتعبير الإعلامي بواسطتها.. حقهم في التعامل الاداري بها.. حقهم في تسمية مواليدهم بأسماء أجدادهم ورموزهم التاريخية.. حقهم في التوفر على بطاقة تعريف وطنية مكتوبة بلغتهم.. حقهم في التنقيب عن تاريخهم وحمايته ونشره.. حقهم في المواطنة الكاملة وفق التشريعات والمعاهدات الدولية.. حزب الاستقلال يخاف من تدريس اللغة الأمازيغية، لأنها الحامل الحقيقي لثقافة وهوية هذا الوطن.. حزب الاستقلال يخاف من العَلم الأمازيغي، لأنه رمز للشعلة النضالية التي أنارت كهف أسرار ومزاعم الحركة الوطنية.. حزب الاستقلال يخاف تسمية المغاربة مواليدهم بأسماء أمازيغية، لأنها ستزعزع نسيج العنكبوت الذي حاول حزب علال الفاسي نسجه منذ 1956 بين جبال الريف والأطلس من جهة، وبين صحراء شبه الجزيرة العربية المحصورة بين البحر الأحمر والخليج الفارسي، كما أنه يعرف بأنها أسماء تحمل نفحات تاريخ مشرق ستوقظ في مواطنينا إباء وعزة نفس أجدادهم.. ماسينيسا، نوميديا، أكزيل، ديهيا، يوغورطن، بوخوس، يوبا، قسطنطين، كايا..وغيرهم. حزب الاستقلال يخاف من الإعلام الأمازيغي، لأنه سيعري سياسات حزب «مغربنا وطننا» ويسائله حقيقية.. من أين لك هذا؟.. حزب الاستقلال يخاف من إعادة توطين اللغة الأمازيغية في المدرسة والمحكمة المغربية... حزب الاستقلال يخاف من إعادة كتابة تاريخ المغرب، لأنها عملية دق آخر مسمار في نعشه.. حزب الاستقلال يخاف من إعادة رفاة الزعيم التاريخي عبد الكريم الخطابي «مولاي موحند» إلى الوطن الذي ضحى من أجل استقلاله وحرية أبنائه، لأن عودته ستشكل غصة دائمة في حنجرة وريث ما يسمى بالحركة الوطنية التي تعاهد صناديده مع الخطابي على القرآن على تحرير كل شبر من شمال افريقيا.. قبل أن يخون صناديد الحزب العهد الوطني والميثاق القرآني ويتفاوض على أوفاق إيكس ليبان التي أتحدى أي مغربي أن يكون قد اطلع على فحواها.. أو ليس في كل هذا مظهر من مظاهر الأمازيغوفوبيا التي تسكن جسد حزب الاستقلال الهرم.
|
|