|
|
بلا عقد أن نكون "نينيين" أو لا نكونبقلم: محمد بوزكَو
«اليوم في فرنسا هناك نقاش واسع حول الهوية الوطنية ... فعندما تختلط الدماء والأفكار والقيم والتقاليد والمعتقدات يصبح ضروريا أن يتساءل المرء عن هويته الحقيقية (...) ونحن في المغرب بدورنا ملزومون بطرح هذا السؤال الحارق: ما هي الهوية المغربية وكيف السبيل إلى تقويتها وحمايتها من الاختراقات (...) إن الأساس الصلب الذي تقوم عليه الهوية هو اللغة واللغة الرسمية للمغرب هي العربية. وهذا لا ينفي أن المغاربة يتحدثون ألسنا أمازيغية مختلفة وهذا أمر يجب التعامل معه كثراء ثقافي للمغرب وليس كإشكال ثقافي (...) التحدي المطروح علينا جميعا، اليوم، هو أن نكون مغاربة أو لا نكون. الباقي كله تفاصيل» الكلام السابق لرشيد نيني في عدد مسائه 976 بتاريخ العاشر من الشهر الحالي. السيد نيني، وكعادته، زربان جدا ويحب الاختصار جدا، لذا فسرعان ما يبيض مفردات ومفاهيم وسرعان يحضنها كي تفقس فلاليسا، من الفلوس وليس من الفلس، الفلس العملة وليس الفلس /الإفلاس، ليجمع سلته كي يتفرغ من جديد لعملية التبييض ليُعمِر زاويته في العدد الموالي من مسائه. فللبيض ثمن وطوبى لمن فقس أكثر. لذا سرعان ما طرح سؤالا مهما وثقيلا: ما هي الهوية المغربية؟ وسرعان ما فبرك لنا جوابا من وزن الريشة على شكل قالب جاهز للطلوع: الأساس الصلب الذي تقوم عليه الهوية هي اللغة واللغة الرسمية للمغرب هي العربية. اِوا اصبروا لحرقة القالب وهزوا المعروف وقولوا آمين. إن الهوية الحقيقية للمغرب ألسي نيني هي هوية هذه الأرض، تستمد أساسها من تراب هذا الوطن وتاريخه الأصلي وبعد ذلك تأتي اللغة، لغة أبناء هذه البسيطة... والذي لا يخفى على التاريخ وسيحفظه للأبد هو أن الأرض المراكشية التي تسمى المغرب هي أرضٌ أبناؤها أمازيغ ولغتها هي الأمازيغية، تاريخها صنعه ماسينيسا، يوغورطا وكسيلة وتيهيا إلى أن أتى العرب مستترين بين ثنايا صفحات قرآن مبجل، ظاهرهم دين متسامح وباطنهم سبي وقتل وغنائم ونساء بربريات للحرث فأوتوا حرثهم أنّا شاءوا... والآن يريدون إعادة عملية الحرث، حرث الأرض وتاريخها ولغتها بعد أن أثبت الزمن أن لهذا البلد أبناء حقيقيين، أصليين، دمهم لا ينضب... والسي نيني ليس سوى فلاح مسكين، مسكين معرفيا وليس ماديا، من بين فلاحين، صعب عليهم تقبل حقيقة هذا الوطن فشحذوا محراثهم الخشبي ليُأتوا حرثهم أنّى شاءوا هم أيضا، ظانين أن أرض تامزغا أرض خلاء ولجبنهم، وقلة حيائهم يُرَكِبون ويَرْكُبون تأويلات مضحكة ومخجلة لخطاب ملك البلاد... آلسي نيني إن الملك في خطابه كان واضحا وصارما، تحدث عن الانفصاليين وكل من يدور في فلكهم، أي الذين أرادوا أن ينفصلوا عن الوطن، أي اللاوطنيين... وأنت بزربتك المعتادة بانت لك القضية فيها اللغة العربية والهوية... وركبت نظارات المعلم كي تعطينا دروسا في الهوية والوطنية... إنك غاِلطٌ ألسي نيني... الهوية لها ملامح، والهوية لا تمزح ولا تقبل التهريج إنها ذلك العرق المتجذر في أعماق أرض هذا الوطن، كما عرق الأضراس ما أن تلمسه يلسعك تيار كهربائي وإن قتلته انهار الضرس... أما وأن تنحت المفاهيم لتقلم أظافر الحقيقة وتلبسها الألوان التي تريد أن تراها بها أنت لا كما هي فعلا في محاولة هجومية لِسروَلة القارئ كما اعتدت، فاعلم أنك أُورجو تاريخيا وشارد معرفيا... والوطنية لا بد أن تنبثق من روح الهوية، فبروح هاته الأخيرة تتركب الروح الوطنية... إذ لا وطنية لمن لا هوية له ولا هوية لمن لا وطن له... والهوية لا تقوم على اللغة الرسمية لأن هاته الأخيرة ليست سوى لغة مرسمة وليست لغة مؤصلة... واللغة الرسمية هي دائما لغة السلطة، هي لغة القوي الحاكم لا لغة القِوى المحكومة... والسلطة حين تعي هويتها الحقيقية ينسجم طرحها اللغوي وتتشكل ملامحها لأنها ستصبح سلطة ذات هوية، سلطة وطنية... لهذا نقول للسي نيني إن الهوية الحقيقية تنبعث من أعماق الأرض وتلقح باللغة الأصل فيكبران وتنموان سويا ومنسجمين... أما ما هو رسمي فغالبا ما يكون مفروضا وغالبا ما يكون المفروض مرفوضا... وعليه فالتحدي المطروح علينا جميعا، اليوم، هو أن نكون نحن أو لا نكون. والتفاصيل كلها باقية... ألسي نيني. والسؤال الذي يقض المضاجع هو: ما دام العرب يقرون أنهم غزوا شمال إفريقيا بالجيوش لنشر رسالة الإسلام، كيف استطاعوا بجيوشهم التوالد والتناسل حتى كثر سوادهم كي يتكلموا الآن على دولة عربية وشعب عربي...؟ أين وجدوا النساء اللواتي ضاجعناهن وحبلناهن؟؟؟ علما بأن الجنود العرب هم فقط من حط الرحال بيننا تاركين وراءهم نساءهم على سنة الله ورسوله... هل عقبة ابن نافع اصطحب معه زوجته للمغرب حين أتى غازيا فخلف منها أبناء هنا والآن ننكرهم؟؟؟ أم اصطحب معه أبناء prêt-à-porter وزرعهم على أرضنا كي يورثوا الجمل وما حمل؟؟؟وبلا عقد أبناء المغرب لهم جذر... وجذر المغرب أمازيغي الهوية... وأرضه أمازيغية التربة... لغته الأصل هي الأمازيغية... أما العربية فهي ثراء ثقافي للمغرب وليس إشكالا ثقافيا... لذا وجب تصحيح المفاهيم...
|
|