|
|
حـوار مع الفـنان " محمد الشامـخ
العضو البارز في مجموعة "إزنزارن"
أجرى الحوار: بلعيد رامي أزواو من منا نحن المغاربة، خصوصا جيل السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، لا يعرف أو يتذكر الأغاني الخالدة التي أبدعتها مجموعة "إزنزارن- الشامخ" من قبيل: "عاوداس أتاسانو"، "دونيت تزري"، "أكون سقساغ الفاهيم" "أكادير بولبروج" وغيرها من التحف الفنية الرائعة. مجموعة "إزنزارن-الشامخ" ترعرعت في مدينة الدشيرة بالقرب من أكادير، وكانت من بين أولى المجموعات الغنائية العصرية التي تأسست بمنطقة سوس جنوب الوسط المغربي، وأخذت على عاتقها هم تطوير وتحديث الأغنية الأمازيغية، وكذا أيضا هاجس إحياء الترات الموسيقي والغنائي الأمازيغي، خصوصا نمط "الروايس"، وكان لاختيارها الموفق للتعامل مع كبار الشعراء الغنائيين بسوس، من خلال قصائـد شعرية متميزة وهادفة دور كبير في تعاطف الجمهور معها، كما زاد الصوت الشجي للفنان "عبد العزيز الشامخ" نكهة خاصة لأغاني المجموعة وزادها جمالية وتألقا. تناولت المجموعة في أغانيها الكثير من المواضيع والتيمات والقضايا المتنوعة المرتبطة بالإنسان والأرض والقيم والحياة، وتطرقت إلى العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية، وغنت عـن الحب والطبيعة والأخلاق النبيلة وغيرها من الجوانب الإنسانية الأساسية. مجموعة "إزنزارن-الشامخ" لا زالت حاضرة في الساحة الفنية الوطنية، وتعكف حاليا على التحضير لشريط غنائي جديد. بالدار البيضاء كان لقاؤنا بأحد أبرز عناصرها، الفنان محمد الشامخ، وكان لنا معه الحوار التالي: سؤال: الفنان محمد الشامخ، نرحب بك في هذا اللقاء، ونريد منك بداية لو تفضلت وسردت للقراء الكرام بإيجاز، كيف تولدت الإرهاصات الأولى الممهدة لميلاد مجموعة إزنزارن وكيف كانت البدايات الأولى؟ جواب: بعد مرحلة الهواية الطبيعية لكل فرد من أفراد المجموعة، كانت هناك تجربتان فنيتان هامتان تستحقان الإشارة إليهما، بل لا بد من استحضارهما هنا، وهما المحطتان الإبداعيتان اللتان مر منهما أحد مؤسسي ورواد المجموعة، الفنان"عزيز الشامخ"، الأولى كانت مع مجموعة "تابغاينوست" (العنكبوت)، وكانت أول مجموعة غنائية عصرية ظهرت بشكل لافت بمنطقة سوس أواخر الستينات من القرن الماضي، وكان أفرادها ينحدرون من مدينة الدشيرة، بعدها انتقل في مرحلة فنية ثانية إلى مجموعة "لاقدام" (الخطوات) التي تأسست بمدينة انزكان بداية السبعينات، وكانت مجموعة غنائية ناجحة، تعتبر بحق المدرسة الأم لمجموعة إزنزارن، حيث إن بعض الأغاني الشهيرة التي أدتها المجموعة (إزنزارن) بعد تأسيسها كانت ولادتها في كنف مجموعة "لاقدام"، وللتذكير فقط فهذه الأخيرة قد سجلت في تلك الفترة بعض أغانيها للإذاعة الوطنية ولا زالت تذاع إلى اليوم، قبل أن تتوقف هذه الظاهرة الفنية الفريدة بعد عمر قصير مع الأسف. بعد هاتين المحطتين الإبداعيتين، بادر الفنان "عزيز الشامخ" إلى تأسيس مجموعة "إزنزارن" بمعية: ءيكوت عبد الهادي، مولاي إبراهيم الطالبي، لحسن بوفرتل، حسن بايري، محمد الحنفي وعبد الرحيم جعايدي، وكان ذلك سنة 1973، وهي التجربة التي استمرت إلى غاية شهر مارس 1975، حيث إن آخر سهرة غنائية قدمتها المجموعة كانت بمدينة أيت ملول في إطار الاحتفالات بعيد العرش، وكانت قبل ذلك قد قامت بتسجيل بعض أغانيها للإذاعة الجهوية باكادير وشاركت في العديد من الحفلات والسهرات الفنية. فيما يتعلق بمجموعة "إزنزارن الشامخ" التي أنتمي إليها شخصيا، فقد كانت ولادتها أواخر سنة 1975، وكان أعضاؤها المؤسسون بالإضافة إلى عـبـد ربـه وعـزيـز الشامخ، كل من: عبد الرحيم جعايدي، عبد الله بودهير، عـبد الـرزاق مؤيد و عبد الله الشامخ. س: ما هو الرصيد الفني والغنائي للمجموعة وما هي أهم انجازاتها الإبداعية؟ ج: لقد كان أول ظهور بارز للمجموعة أمام الجمهور المغربي على خشبة المسرح البلدي (البائد) بالدار البيضاء سنة 1977، وكانت سهرة ناجحة جدا احتضننا فيها الجمهور بكل حب وتشجيع وإعجاب، وبنفس المشاعر والنجاح والأجواء مرت أمسيتنا الفنية بمسرح محمد الخامس بالرباط سنة 1978، وهاتان السهرتان وغيرهما جاءتا طبعا بعد صدور أول شريط غنائي للمجموعة والتي تعاملت فيه مع شعراء مرموقين ك: محمد مستاوي ومحمد الحنفي، وكان ضمن ما احتواه ذلك الشريط أغاني: "عاوداس أتاسانو"، "أمطا أوهوي"، "دونيت تزري"، "أوهوي أوهوي أتاسانو"، وهي أغانٍ سرمدية أحبها الجمهور المغربي الحبيب حتى النخاع. س: وماذا عن مرحلة "الحاج بلعيد "، إن جاز التعبير؟ ج: (يضحك) نعم يجوز تسميتها كذلك، فعلاوة على مواصلة المجموعة إصدار إنتاجاتها وإبداعاتها الذاتية التي بلغت إلى حدود اليوم 12 شريطا غنائيا، آخرها أنتج عام 1993، تحت عنوان "أفلا ن أوغوليد"، فقد أولينا عناية بالغة لتخليد وإحياء الترات الغنائي التقليدي، خصوصا نمط "الروايس" في قالب عصري وحداثي يلائم العصر، لذا عمدنا إلى إعادة أداء أغاني الرايس الشهير "الحاج بلعيد" دون أن ندخل أي تغيير أو تحريف على الألحان والكلمات الأصلية وعلى طريقة الأداء، وهو ما لقي استحسانا وتجاوبا عظيما من طرف الجمهور، وبذلك ساهمنا قدر الإمكان في تعريف جيل جديد بهذا الهرم الفني الذائع الصيت بشكل وحلة متجددتين، وللتاريخ فقط، فمجموعتنا هي أول فرقة غنائية بادرت إلى إعادة أداء أغاني الحاج بلعيد، حيث أصدرنا منها 5 أشرطة، إضافة إلى إعادة أداء أغاني رواد آخرين كالرايس بوبكر أنشاد. س: يلاحظ المهتمون والمتتبعون لتجربة "إزنزارن-الشامخ"، أنها تتكون زيادة على أعضاء آخرين، من أربعة إخوة من أسرة واحدة، وهذا شيء لافت وجميل ونادر، ما تعليقك؟ ج: صحيح قولك،فنحن ننحدر جذوريا من إحدى القرى القريبة من مدينة تارودانت، وهذا الإقليم أنجب العديد من الفنانين والشعراء، كـ: عموري مبارك، محمد مستاوي، أحمد بوزيد وغيرهم كثير لا يتسع المقام لذكرهم، وأيضا نقطن بمدينة الدشيرة، وهي مدينة يعشق أهلها تلقائيا وفطريا كل ما هو فني وجميل، بل تعج بالممارسين الفنيين الهواة، وأيضا قلما تدخل بيتا من بيوتها وتجده خاليا من الآلات الموسيقية خصوصا التقليدية منها، كما أنها معروفة بكونها مدينة حاضنة لمجموعة من الفنانين الكبار كـ: مجموعة ايكيدار، الرايس مبارك ايسار، مجموعة ماسينيسا واللائحة طويلة. فبالإضافة إلى هذا الفضاء الذي عشنا فيه، فقد نشأنا وترعرعنا في كنف أسرة فنية، وأقول لك بكل صدق إن أول وأكبر من كان له الفضل في حبنا وتعلقنا وممارستنا للفن هو والدنا رحمة الله عليه "الحسين الشامخ" وهو شخصية غنية عن التعريف بأطراف شاسعة من منطقة سوس، فقد كان متيما وعاشقا للفن وكان مشجعا ومحتضنا له أيضا، فقد كان بيتنا دائما مفتوحا للعديد من رواد موسيقى الروايس التي كانت حاملة لمشعل الحداثة آنذاك، فقد كان صديقا محبا لثلة من الفنانين كالعميد الحاج محمد الدمسيري، وعمر واهروش رحمهما الله، والرايس المهدي بن مبارك أطال الله في عمره وآخرون. لقد تقبل الوالد هوايتنا للفن وشجعنا معنويا وماديا، حيث إنه هو من قام بشراء كل الآلات الموسيقية التي احتجنا إليها لممارسة نشاطنا الفني. س: كما يعرف الجميع، فالفنان عزيز الشامخ بالإضافة إلى إجادته للعزف على آلة البانجو، يتميز بصوته العذب وحنجرته الذهبية، ما ميزة كل واحد من بقية الإخوان الشامخ؟ ج: محمد " عبد ربه " عازف على آلة البانجو، فيما يخص عبد الله الشامخ فهو أيضا يمتاز بصوت جميل وقوي، علاوة على إتقانه هو وعبد الكبير الشامخ للإيقاع في تجلياته المختلفة. س: كما سبق وأن ذكرت في السابق، فآخر ألبوم أنتجته المجموعة يعود إلى ما قبل 15 سنة أي سنة 1993، ما سر هذا الغياب الطويل؟ ج: هو ليس غيابا بالمعنى الدقيق للكلمة، فالمجموعة طيلة هذه السنين رغم استمرارها في الإبداع، فضلت عدم إصدار أو تسجيل الجديد في غياب عنصر جوهري وأساسي في المجموعة وهو "عزيز الشامخ" الذي انتظرنا طويلا عودته من هجرته بالديار الفرنسية، إنه إكراه حقيقي ينضاف إلى إكراهات أخرى كثيرة يعرفها وعاشها ويعيشها العديد من الممارسين في الحقل الفني، ولكن نحاول دوما التغلب عليها قدر المستطاع، فرغم غياب الأخ عزيز، فنحن نواصل المشوار ونتشوق للظهور ومعانقة الجمهور كلما أتيحت لنا الفرصة، والدليل على ذلك مشاركتنا في مجموعة من السهرات والحفلات والمهرجانات الفنية الكبرى كمهرجان تيميتار بأكادير (دورة 2006)، مهرجان تيفاوين بتافراوت 2007، مهرجان إيموزار إداوتانان 2008، وفي الكثير من السهرات بمسرح الهواء الطلق بأكادير. س: هل من أخبار عن عزيز الشامخ الذي تفتقده الساحة الفنية المغربية بالداخل؟ ج: إنه بخير ودائم التواصل مع أفراد المجموعة ومستمر في إبداعاته الفنية ودائم الحضور في الأنشطة الفنية والثقافية للجالية المغربية بفرنسا، خاصة منها أنشطة الجمعيات الأمازيغية. س: لو فهمت جيدا فإصدار شريط جديد للمجموعة رهين بعودة عزيز إلى أرض الوطن؟ ج: نحن نفضل مشاركته وحضوره معنا أثناء التسجيل ونتوقع فعلا عودته قريبا، لكن أفراد المجموعة قرروا، في جميع الأحوال، إصدار شريط جديد في غضون الشهور القليلة المقبلة وهو الآن في طور التحضير. س: ماذا بالإمكان أن تضيفه للقراء بشأن هذا الشريط المرتقب؟ ج: إنه شريط غنائي صوتي يتضمن عدة قصائد من كلمات الشاعرين محمد الحنفي وعبد الله اليعقوبي، ومن ألحان المجموعة طبعا، وبنكهة تازنزارت الأصيلة كما عهدها الجمهور. س: الظاهر أنه في السنوات الأخيرة طرأت تغييرات في المجموعة فيما يتصل بأعضائها، بحيث انضم إليها أفراد جدد، أليس كذلك؟ ج: أكيد، لقد تم تطعيم المجموعة ببعض العناصر الفنية المحترفة وذات تجربـة محتـرمــة وأخــص بالذكـــر هنا الأخوين: الحسين بوريجات وعـبـد الرحمان باردا اللذين اشتغلا فترة من الزمن رفقة مجموعــة إزنزارن - عبد الهادي، والمجموعة حاليا تضم بالإضافة إلى الإخـــوان الشامــخ (عزيز– محمد–عبد الكبير) والأخوين السالفي الذكر، كل من: إبراهيم أوبليد، رشيد شوغال، حسن مطيع وإبراهيم مبتسم. س: قبل أن أعطيك المجال لتقول كلمة أخيرة للقراء الكرام ولمحبي مجموعة إزنزارن الشامخ، سأسرد عليك بعض الأسماء، وأريد منك أن تقول في حقها كلمة مختصرة وفي جملة واحدة: ·الحاج بلعيد: رائد وأب موسيقى الروايس، شاعر الوصف بامتياز. ·عبد اللطيف عاطيف: صديق المجموعة، ممثل كوميدي من العيار الثقيل، يتقن لعب أدواره بشكل بارع. ·الحسين بـــرداوز: صديق حميم لمجموعتنا، مؤلف مقتدر وممثل جيد. ·عبد الله اليعقوبي: شاعر متميز، أغنى خزانة المجموعة بالعديد من القصائد، نذكر من بينها: «أوركيغ أيور»، أرسرم نتاناي أتيط لاعدو» «تامازيغت دو مازيغ». ·محمد الحنفي: من كبار كتاب الشعر الغنائي المعاصرين بسوس، أبدع مجموعة من القصائد الذهبية، نحات أيضا ومصمم ديكور متألق. ·نور الدين النيبت: (يضحك) تصيب دائما، إنه من أصدقاء ومحبي المجموعة، لاعب كبير خلد اسمه في سجل تاريخ كرة القدم المغربية. كـلمـة أخـيـرة، شكرا جزيلا على إتاحتكم لي هذه الفرصة للتواصل مع القراء ومحبي وعشاق المجموعة الذين أجدد لهم التحية ومشاعر الحب والتقدير وكلي أمل أن يجمعنا اللقاء بهم في مناسبات قريبة قادمة بحول الله.
|
|