uïïun  130, 

sinyur 2958

  (Février  2008)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

is ad ilmd ugldun mulay lpasan tutlayt tamazivt?

Sghin imar nnegh

Tsul tudart

Tunga n imar nnegh

Nek d ixef inu

Jar tmewwa

Min trigh?

Français

Les nouveaux épisodes de la pacification

Lettre ouverte à l'élite amazighe

L'écriture amazighe au féminin

Le voyage de Loti

L'intraitable PI veut aller contre le courant

العربية

هل سيتعلم ولي العهد الأمير مولاي الحسن اللغة الأمازيغية؟

المهجرون الأمازيغيون في السياسة الثقافية للحكومة المغربية

تحرير فلسطين أم التحرر من فلسطين؟

مولاي محند والحركة الريفية

الخطة الأمازيغية البديلة

لغة الخشب

كلام في الهوية

الثقافة الأمازيغية والتنمية لبشرية

ريح الخيبة تجتاح قلاعيا

كتاب: تجاوزات جيش التحرير الجنوبي في سوس

قبيلة صنهاجة

بلاغ للمعهد الوطني لعلوم الأثار

حوار مع رئيس فرقة إيمنزا

بيان المنتدى الأمازيغي

وزارة الداخلية ترفض الاعتراف بالمنتدى الأمازيغي

أحداث بومالن ن دادس

بيان الحركة الأمازيغية بإمتغرن

بيان جمعيتي أنزروف وخير الدين

محضر الجمع العام الاستثنائي لتامينوت تاغجيجت

بيان اللجة الوطنية للإعلام الأمازيغي

بيان تنسيقية دعم معتقلي الحركة الأمازيغية

بيان العصبة الأمازيغية

طرد أعضاء من الشبيبة الأمازيغية

بيان المنتدى الأمازيغي

المجلس البلدي للدشيرة يحتفل

بيان جمعية أمزيان بمناسبة السنة الجديدة

بيان جمعية إلماس

بيان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب 

 

 

المهجرون الأمازيغيون في السياسة الثقافية للحكومة المغربية

(على هامش انشاء المجلس الاستشاري للمغاربة المقيمين في الخارج)

بقلم: ميمون أمسبريذ

 

كاتب هذه السطور واحد من ملايين المغاربة الذين طوح بهم في الآفاق، فأصبحوا لاجئين دون صفة لاجئين، مقطوعين عن بلادهم التي هي الوعاء الذي يحمل ذاكرتهم والبوصلة التي بها يتوجهون في مفازات المنفى وبحار التيه الجماعي...

هؤلاء المهجرون لم تعد تصلهم ببلدهم الأصلي الا زيارات قصيرة تزداد تباعدا كلما توسعت الأسر وتضاعفت تكاليف التنقل أو تراجت الصحة بالعجز أو المرض.

وقد كان من الفروض – في عصر ثورة تكنولوجيا الاعلام – أن تتولى الوسائط السمعية-البصرية الوطنية أمر صلة الوصل بين المهجرين المغاربة وبلادهم؛ وذلك بأن تكون لهم بمثابة المرآة المجلوة التي يستطيعون أن يروا فيها صورتهم كاملة، لا مبتورة ولا مشوهة ولا مزورة ومعوضة بصور غيرهم من الشعوب.

ذلك هو المفروض في وسائط إعلام جديرة بأن تحمل صفة «وطنية»؛ فماذا نجد في الواقع؟

الأمازيغيون في القنوات التلفزيونية المغربية

بدأت هذه الأسطر بالاشارة الى نفسي باعتباري واحدا من الهجرين، وذلك لأعتمد على تجربتي مع تلك الوسائط.

أعود من العمل مساء، أشعل التلفزيون فأقع على مسلسل مصري.

أستحم، أجلس لأشرب قهوتي، أشعل التلفزيون فأقع على مسلسل سوري.

أتحول الى قنوات أخرى لأستخبر عن أحوال العالم؛ أعود الى القناة المغربية الأولى فأقع على مسلسل لبناني.

أطفئ التلفزيون لأقرأ ما تيسر، وكلما تعبت من القراءة أطل على «الأولى»، فمرة أجد صورا متحركة مدبلجة بعربية لبنانية ركيكة في استوديوهات عمان، ومرة أقع على واحد من هذه الأفلام المصرية التي تلوك ذات السيناريوهات الرثة الغثة منذ قرن... وهكذا الى أن تحل «نشرة الأخبار» لندعى الى الطقس الهذياني اليومي لمصطفى العلوي في هذا الحفل الحافل بفجور لفظي لا حدود لقلة الحياء فيه. ثم تأتي نشرة أحوال الطقس (التي أحرص على مشاهدتها حرصي على المواعيد الإلزامية؛ وذلك لعلمي أن السياسة في المغرب هي المطر، على رآي اليوطي). لكن اذا كان الإخبار عن أحوال السماء هو المجال الذي من المفروض أن يسلم من الايديولوجيا لسبب بسيط هو أنه يتعلق بالطبيعة، فإن نشرة الأحوال الجوية في القنوات المغربية هي النشرة الأكثر شحنا بالخطاب الإيديولوجي العنصري. إذ لا تكاد جملة في كلام مقدمات هذه النشرة تخلو من إحالة على «المغرب العربي». هكذا يقذفنك بوابل من: «الضغط الجوي المرتفع الذي يهم المغرب العربي» و»الضغط الجوي المنخفض الذي سيشمل المغرب العربي» و»درجات الحرارة في عواصم دول المغرب العربي»، الخ. وفي كل مرة يكون عليك – أنت الأمازيغي المهجر – أن تترجم عبارة «المغرب العربي» الى: مغرب ليس لك، وليس لك منه شيئ، ما دام هو مغرب العرب. أحب أن أستطرد هنا لأقول إن المفارقة هي أنه لا شيء يفضح زيف الخطاب العروبي عن عروبة المغرب أكثر من نشرة أحوال الطقس تحديدا. فالثلوج تتساقط على «بويبلان» و»مشلفن» و»تيزي ن يسلي» و»افران» و»أزرو» و «تيزي ن تغات» ... والطرق تقطع بسبب فيضان وادي «ايناون» و «اغزار ن كرت» ووادي «أركاز» و «اغزار أماسين» ... والمدن والقرى التي تنقطع عنها الطرق تسمى «تمحضيت» و «ايمي ن تانوث» و «أزلال» و «ورزازات» و»بويفكران» و «أكوراي» وغيرها من الحواضر والقرى والجبال والوديان والأنهار الني «تتكلم أمازيغي» في نشرة جوية عن أحوال الطقس في «المغرب العربي» !

لكن لسان حال أهل الحال يقول: معزة ولو طارت ! (انتهى الاستطراد).

ولم أذكر ما تضج به نشرات الأخبار من مضامين عربية-عربية لا ناقة للأمازيغي فيها ولا جمل كما تقول العرب، من قبيل اجتماع المحامين العرب في طرابلس (تصوروا : المحاماة في ليبيا!)، وانعقاد مؤتمر للبرلمانيين العرب في دمشق (تخيلوا: الديمقراطية في سوريا !) والتئام نشطاء حقوق الانسان في الخرطوم (تأملوا: حقوق الانسان في السودان!)، الخ، الخ.

فما محلي – أنا الأمازيغي المغربي – من هذا «الاعراب» التلفزيوني؟! أين هي صورتي على هذه الشاشات أم أين صوتي؟ ولماذا يصادر حقي كأمازيغي قي وسائط إعلام وطنية تعكس هويتي: شعبا ولغة وثقافة وتاريخا وحضارة، بدل أن تعاكسها وتطمسها؟ وبأي حق تفرض علي صور شعوب أخرى وأجبر على القبول بأنها تعكس هويتي؟!

إنهم ينفوننا – نحن المهجرين الأمازيغيين – مرتين: مرة من بلادنا حين يسلكون في مناطقنا سياسة «المغرب غير النافع»، فلا يبقى لنا من خيار غير الهجرة الجماعية؛ ومرة من هويتنا بحرماننا من وسائط تنعكس عليها هذه الهوية في منافينا. إنهم لا يروننا الا من منظار عروبتهم؛ وكلما تعلق الأمر بالمهجرين الأمازيغيين لا يرون لهم من حل غير مزيد من التعريب: التعريب عن بعد هذه المرة!

الأمازيغيون المهجرون وتعليم العربية

في حلقة يوم السبت 5/1/2008 من برنامج «بلادي» الذي تبثه «الأولى»، سأل محمد الأبيض، صاحب البرنامج، السيد ادريس اليزمي، الرئيس المعين على رأس المجلس الاستشاري للمغاربة المقيمين في الخارج، الذي أنشئ حديثا – سأله عما ينوي المجلس عمله في شأن تعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين (فمشكلات المهجرين تتلخص عند «صحافيينا» في تعليم العربية، لذلك تجدهم لا يكادون يطرحون غيره كلما صادفوا مهجرا أو مسؤولا ذا صلة). أجاب السيد اليزمي، بعد أن أقر بفشل الجهود التي بذلت في هذا الباب، أن المجلس ينظر في زيادة الموارد المالية والبشرية المسخرة لهذه الغاية.

بينما كان المنتظر أن يأتي هذا الحقوقي القادم من مجلس استشاري آخر هو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتصور جديد يطرح الإشكالية الثقافية في شموليتها من منظور حقوقي يأخذ في الحسبان الحقوق الجماعية للأمازيغيين المهجرين في الحفاظ على هويتهم الحضارية، فقد فضل الحل السهل المتمثل في مواصلة السير في الطريق الذي عبدته السياسات الإقصائية السابقة.

إن المسئولين على القطاع – قدامى وجددا – لا يحملون أية رؤية حضارية للمغرب توجههم في رسم سياسات ملائمة مبنية على معطيات موضوعية. قصارى ما يبنون عليه برامجهم في مجال الهجرة – زيادة على النزعة الإيديولوجية العروبية - المطالبة المتكررة لفئة من المهجرين بتعليم العربية لأبنائهم. إنها العبارة الشعائرية التي ما إن يتلقفها ميكروفون «الأولى» حتى ينتقل المذيع إلى مهجر آخر، سعيدا بغنيمته التي سيسوقها دليلا على عروبة هؤلاء الأمازيغيين الذين يطالبون بإلحاح بتعليم أبنائهم العربية دون سواها. إنهم لا يكلفون أنفسهم عناء البحث في مضمون كلمة «عربية» على ألسنة مهجرين أمازيغيين أميين في الغالب، يخشون أن يتنكب أبناؤهم عن دين آبائهم بسبب ضعف ميكانيزمات التناقل والتوريث في مجتمعات الإقامة. إن هؤلاء الأمازيغيين الأقحاح، الذين لا يشكون لحظة في أمازيغيتهم ولا يبتغون عنها بديلا، ويكونون أريح ما يكونون وهم يتكلمون الأمازيغية فيما بينهم في مقاهيهم ومساجدهم وأسواقهم وحواريهم في أمستردام و بروكسيل و أميان و برشلونة... - أقول: إن هؤلاء الأمازيغيين لا يخطر ببالهم طرفة عين وهم يطالبون بالعربية لأبنائهم أنهم يطالبون بتعريبهم! إنهم يطالبون بالعربية لأنهم ببساطة يربطون هذه اللغة بالدين باعتبارها اللغة الحاملة لمصادره؛ فلو كانت هذه المصادر مكتوبة باللاتينية أو السنسكريتية أو الإغريقية أو أي لغة أخرى لطالبوا بتعليم أبنائهم واحدة من هذه اللغات. إنهم إذ يطالبون بتعليم العربية إنما يطالبون بتعليم الدين، لا أقل ولا أكثر.

فهل تحقق برامج تعليم العربية هذا المطلب الديني المحض؟ إن نظرة سريعة في مضامين مقررات هذا التعليم تجعلنا نجزم أن الاستراتيجية التي تحكم واضعيها أبعد ما تكون عن النوايا الدينية البسيطة للآباء الأمازيغيين المطالبين بتعليم العربية لأبنائهم. فبينما لا يفصل هؤلاء بين الدين والعربية، وهو ما يعني في أذهانهم أن يحصل أبناؤهم على مفتاح الولوج إلى الدين، أي العربية الباليوغرافية التي كتبت فيها النصوص الدينية المؤسسة (عربية قريش-أواخر القرن الخامس-بداية السادس الميلادي)، نجد أن الغاية عند واضعي مقررات تعليم العربية لأبناء الأمازيغيين المهجرين هي تعريب الإنسان الأمازيغي في المهجر، تحقيقا لمقولة «تعريب الإنسان والمحيط» (و بما أن محيط المهجرين لا يخضع لسلطتهم فإنهم يركزون جهودهم على الإنسان!). وإذ يسعى مهندسو هذه الاستراتيجية إلى تعريب أبناء الأمازيغيين عبر مضامين مقررات تدريس العربية متذرعين بمطالبة فئة من الآباء بهذا التدريس، يدرك هؤلاء الأمازيغيون إدراكا واضحا أن اللغة العربية هي بالنسبة لهم لغة الدين حصرا، وليست بأي حال من الأحوال لغة ثقافة وهوية.

والمؤكد أن ما يطالبون به حين يطالبون بتدريس «العربية» لأبنائهم ليست هي هذه «العربية الوسطى»التي نحتها المسيحيون العرب ابتداء مما سمي ب»النهضة العربية»، ولا هي هذه العربية التلفزيونية الآخذة في الانتشار على ألسنة مذيعينا أسوة بالمنشطات اللبنانيات المنتشرات في الفضائيات الخليجية (أصبحنا نسمع في القنوات المغربية تراكيب من قبيل: «إنجاز هكذا مشروع» و «اتخاذ هكذا إجراء»... والبقية ستأتي).

هكذا، فيما يريد الأمازيغيون الطيبون الحصول على مفتاح الولوج إلى الدين، يسلمهم دعاة التعريب – غشا – مفتاح الدخول إلى العروبة. إن هذه العربية الوسطى، بشكلها ومضامينها، لا يمكن إطلاقا أن تكون وسيلة الأمازيغيين إلى الدين. ولن تجلب لهم إلا مزيدا من الاستلاب الثقافي ومزيدا من القابلية للاختراق الإيديولوجي. وهو ما يسعى إليه منظرو عروبة الأمازيغيين.

أعود إلى التأكيد على أن ما تطالب به هذه الفئة من الأمازيغيين حين تطالب بتعليم العربية لأبنائها هو في الحقيقة نوع من فقه اللغة العربية القديمة (الفلولوجيا) الذي من شأنه أن يمكن هؤلاء من فك شفرة نصوص دينية صيغت في لغة تنتمي إلى زمان ومكان معينين تاريخيا وجغرافيا. وهم في مطلبهم يستحضرون نموذج المدارس العتيقة في سوس وبعض مناطق الريف، حيث يحفظ القران والمتون الدينية وتدرس لغة عربية كلاسيكية؛ ولغة التدريس هي الأمازيغية.

إن هذا التأكيد على الصبغة الدينية الصرفة لمطلب تدريس العربية (بعيدا عن مزاعم الدعاية العروبية عن تمسك الأمازيغيين المغاربة بهويتهم العربية...) - هذا التأكيد ليس وليد حماس للأمازيغية أو عداء ما للعربية من حيث هي لغة؛ وإنما هو تقرير لواقع خبره كاتب هذه السطور باعتباره واحدا من هؤلاء الأمازيغيين المهجرين كما ذكرت أول الكلام. فكم من مدرس من هؤلاء المدرسين الذين ترسلهم مؤسسة الحسن الثاني لتعليم العربية لأبناء الجالية المغربية وجد نفسه وجها لوجه أمام آباء منتفضين، يدلفون إلى قاعة الدرس صائحين: «لقد أرسلنا لك أبناءنا لتعلمهم الدين، لا لتعلمهم: بقرة، باب، قطة...!! وكم من مدرس للعربية طرده هؤلاء الآباء طردا لما لمسوا أن مدرس أبنائهم ليس متدينا بما فيه الكفاية!!

الخلاصة أن تعليم العربية يرادف عندهم تعليم الدين، باعتبار هذا الأخير مجالها التداولي الأوحد عندهم.

وإذا وسعنا دائرة المطالبين بتعليم العربية في أوساط الأمازيغيين المهجرين، نجد أنه عدا الفئة السابقة، ذات الانشغالات الدينية الصرفة، هناك فئة أخرى تخضع مطالبتها بتعليم هذه اللغة لدواع عملية خالصة. إنهم بكل بساطة لا يريدون أن يعيش أبناؤهم نفس التجربة المريرة التي يعيشونها هم مع المرافق العمومية لدولة عربية هي الدولة المغربية. هؤلاء الأمازيغيون الذين غالبا ما يكونون أحاديي اللغة لا يريدون أن يتعرض أبناؤهم للمواقف المهينة التي يتعرضون لها هم كلما كان عليهم أن يلجوا إدارة أو مصلحة عمومية؛ حيث يتحولون في طرفة عين إلى مغفلين لا يفقهون حديثا بعد أن كانوا أهل فصاحة وذكاء! ناهيك عن الذين يتحاشون التعامل مع هذه المرافق إلا بواسطة لعجزهم عن عرض قضاياهم بأنفسهم.

وبما أن الوعي السياسي بهويتهم يبقى ضعيفا لعوامل عدة ليس المقام صالحا لبسطها، فإنهم يسلكون الطريق الأقصر لتجنيب أبنائهم مواقف الذل التي يعيشونها مع سلطات بلادهم: أي طريق تعلم لغة دولتهم (كما تتعلم الإنجليزية أو الأسبانية أو أي لغة أخرى لغرض عملي صرف). ومرة أخرى نجد أنفسنا بعيدين عن خرافة ألأمازيغيين الذين يعضون بالنواجذ على هويتهم العربية، كما تروجها أبواق الدعاية العروبية من خلال برامج من قبيل «بلادي» و «قناة أطلس»...

في الاستجواب الذي أشرت إليه سابقا مع إدريس اليزمي، رئيس المجلس الاستشاري الموكول إليه أمر المهجرين، أقر هذا الأخير بضعف مردود برنامج تعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين رغم الميزانية الضخمة التي رصدت له. وفي سانحة تبصر عزا السيد اليزمي ذلك إلى عدم ملاءمة المضامين الثقافية لهذا التعليم. لقد وضع يده على صلب الإشكالية: اللغة العربية ليست لغة ثقافة «المستفيدين» من برامج تعليمها من أبناء الأمازيغيين؛ لذلك تظل عوالمها الدلالية وإحالاتها والمخيال الذي يبنينها... أجنبية عنهم، مما يجعل اكتسابها مستعصيا إلا على المتخصصين؛ وليس ذلك شأن تلاميذ يتلقون تعليما أوروبيا لا تمثل فيه حصص تعليم العربية شيئا ذا بال. ثم إن الوازع الديني هو الذي يحفز فئة من المسلمين غير الناطقين بالعربية إلى تعلمها. والوازع الديني في هذه السن المبكرة ليس من القوة بحيث يجعل الأطفال الأمازيغيين يقبلون على اكتساب هذه اللغة المرتبطة في أذهانهم بالدين حصرا.

إذا كان الهدف من تدريس لغة وطنية لأبناء المهجرين هو الحفاظ على الآصرة التي تربطهم ببلدهم الأصلي وليس سن سياسة للتعريب عن بعد، فإن تعليمهم الأمازيغية سيكون أنجع وسيلة لتحقيق هذا الهدف. وذلك لأن هذه اللغة، فضلا عن أن لهم بها إلماما لا بأس به باعتبارها لغة أمومتهم، حاضرة في معيشهم بوصفها وعاء لثقافة يحملون أجزاء كبيرة منها يتلقونها عبر الأسرتين الصغيرة والكبيرة، وعبر الوسط الاجتماعي للمهجرين.

في هذه الحالة سيرى الأطفال صورتهم منعكسة على مرآة اللغة التي يتعلمونها، مما سييسر عليهم عملية اكتسابها بجميع مستوياتها.

لقد سبق لي في عدد سابق من هذه الجريدة أن قدمت مقترحات في شأن منهجية العمل الثقافي الذي على الدولة المغربية أن تظطلع به إذا كانت فعلا لا تريد أن تخسر عشرة في المائة من مواطنيها، أو على الأقل ما يدرونه عليها من الأورو ...

لكن لا يبدو أن هذه هي الوجهة التي سيوليها المجلس الاستشاري الجديد. إذ أن رئيسه لم يلبث، في الاستجواب المذكور، بعد أن أقر يفشل السياسة الثقافية المتبعة، أن استشهد بفؤاد العروي، ذاكرا بعض مقترحات هذا الأخير لتجاوز المعضلة الثقافية للجالية المغربية في الخارج... وحين نعرف مدى الاحتقار الذي يكنه ويظهره فؤاد العروي للأمازيغية والأمازيغيين، ندرك أن المجلس الاستشاري سيواصل سياسة الهروب إلى الأمام.

(ميمون أمسبريذ)

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting