إشكالية التوحيد والمعيرة
بقلم: باجي سعيد باجي سعيد (خنيفرة)
تحت عنوان "تعدد
اللهجات الأمازيغية وسؤال المعيرة" عقّب الأستاذ بوغانم خالد في العدد
54 من "تاويزا" على مقال سابق يرد فيه الأستاذ عبد النجيم المرابط على
مقالات بوغانم خالد وعلي حميدي. وإغناء لهذا النقاش الجاد والمتميز
الذي دعا إليه الأستاذ بوغانم، ارتأيت المشاركة في الموضوع بالملاحظات
التالية:
بين الراء المرققة
والراء الفخمة:
في البداية أتفق مع
الأستاذ بوغانم حينما قال في رده على الأستاذ المرابط: »الراء غير
الأصلية ليست غير الراء المكررة أو الراء المرققة، وإنما على العكس من
ذلك، فالراء المفخمة هي التي تعوض باللام في اللهجات الأخرى«. وسأثبت
ذلك بإعطاء أمثلة لتحول الراء إلى لام عند قبائل زيان، ولكن اللام هنا
مفخمة. (Lv
اعتمادا على الكتابة
التي تستعملها تاويزا) كقولنا:
Urv
يتحول إلى
Ulv (القلب)
Tarvat
يتحول إلى
Talvat (الخروفة)
فهناك في قبائل زيان
من ينطق الراء المفخمة وأخرى تقلبها لاما (كأيت سگوگو مثلا = نواحي
مدينة مريرت).
أما إذا رجعنا إلى
الأمثلة التي أشار إليها الأستاذ: فاللام هنا مفخمة وليست مرققة بحيث
تصبح الكلمات:
Amarvu
تتحول إلى
Amalvu
Amezvrvudv
تتحول إلى
Amezvlvudv
Turvi
تتحول إلى
Tulvi
وقس على هذا كثيرا،
وبالتالي فإن الراء المفخمة عند آيت زيان هي التي تتحول إلى لام مفخمة.
أما الراء المرققة فهي أصلية في الكلمة ولا تحويل لها.
كلمة خوش:
Xuc
وليس Xuca
تعني "نم بهدوء"، كما
نطلق ذلك على الأطفال الصغار رغبة منا في نومهم الهادئ. ويوجد بمنطقة "تاخولانت"
(انظر Xnifra nnegh)
التي
تقطنها قبيلة آيت عيسى (آيت يوب)، المتواجدة على بعد 15 كلم يمين
خنيفرة. هذا التل يسمى
Taxccant،
وهو تل مخيف شبيه
بالمقبرة يقصده رجال "السيبة" (كما يقولون) كمكان آمن وهادئ يصلح
للاستراحة والنوم حيث يضرب المثل عند السكان عندما يرغب أحد ما في شتم
الآخر فيقول له: »Ad kkin
issiwedv rebbi i texuccant«.
والمكان يشبه المقبرة
حيث ينام الناس هادئين. وقد أطلق اليوم هذا الاسم على عائلة تسكن
المنطقة بعد أن أصبحت آمنة وبعد أن أصبح الإنسان يبحث عن الهدوء ليطلق
على أفراد هذه العائلة
Ixuccan،
جمع
Axuccan.
ويتسم أفراد هذه
العائلة بهدوئهم ولامبالاتهم بأية مضايقة، ليتضح جليا أن
Xuc في
الأطلس المتوسط تعني النوم المصحوب بالهدوء التام وليس "ادخل" كما في
المصرية.
قلت سابقا بأن
Taxuccant
توجد على مقربة من
منطقة Taxulvant
حيث انقلبت هنا
الشين المكررة cc
إلى
Lv بحيث
تصبح:
Taxuccant
تتحول إلى
Taxulvant.
وكلمة
Taxulvant
تعني المنطقة الهادئة
والخالية من القوم رغم أنها مليئة بالسكان في هذه الفترة.
فـTuxlva
تعني
"خالية من القوم"، أو بعبارة أخرى "هادئة" وغير مسكونة، وهو اسم قديم
لأن مركز Taxulvant
يوجد بها الآن:
Ighrem n ayt Yub،
وآيت يوب فخذ من قبيلة
آيت عمو عيسى (انظر Xnifra
nnegh
لباحي سعيد).
كلمة ”تيفرت“ و”تيفارت“:
هذه الكلمة التي أشار إليها الأستاذ،
Affar،
لا فرق بينها وبين Afer
التي
يطلقها أهل زيان على الجناح، وتصغيرها
Tafert،
أما جمعها
Tafriwin/Afriwen
لينطبق مخرجها الصوتي
مع تلك المتداولة في الريف (كما قال الأستاذ)، ولكن الكلمة التي تعني
في الأطلس الورقة (ورقة الشجرة) هي
Afelv
بغض النظر عن المخرج الصوتي
E أو
A، فهنا
انقلبت الراء المفخمة لاما وليس الراء المرققة كما كتبها الأستاذ
بوغانم، وهي أيضا ليست جمعا ومفردا في آن واحد، بل جمعها هو:
Aflviwen
لتتمييز إذن عن
Afriwen،
جمع
Afer (جناح)
بحرف اللام.
أما الكلمة
Tifrit،
فأعتقد أنها ليست كلمة
مؤنثة، بل كلمة مصغرة والراء مفخمة
Tifrvit
لأنها تعرف في الأطلس
بأوراق الدوم، التي تشبه أوراق التين لأن المنطقة لا تتوفر على التين
بل على الدوم، فورقة الدوم مثلا
Tiflvit
مصغرة أو
Tiflviyt
ونعني بها تلك الوحدة
الصغيرة
رغم
طولها الأكبر، وسميكة جدا، لهذا تعتبر صغيرة العرض على عكس أوراق
الأشجار الأخرى، وكلمة
Tiflviyt
نسبة إلى
Tiflviy
أي "قطع"، والقطع هنا
يتم طولا باليد فقط للحصول على هذه القطعة المسماة
Tiflviyt
أي المقطوعة التي هي
عبارة عن صفيحة سميكة العرض، ومجموعة هذه الوحدات متواجدة فيما يسمى
Iiflviy،
وقد حملت الورقة
الخشبية خاصة من الأرز المقطوعة طولا بنفس الطريقة السابقة اسم
Tiflvuyt (Tiflvut)
كتصغير لتلك الصفيحة
الكبيرة العرض Iflvu
ليطلق
بعد ذلك على الصفيحة القصديرية المعاصرة العهد لكونها تشبه تلك الخشبة.
أما الكلمة التي أشار
إليها الأستاذ والتي قال إن أصلها مؤنث، فهذا مستبعد في نظري لكونها
Tifrit
براء مرققة كلمة مصغرة لـIfri
(الكهف)،
والذي يعطي للكلمة طبيعة حقيقية أنها تنطق عند آيت سگوگو (نواحي مريرت)
Tafidjut.
وأنا أتفق مع الأستاذ
المرابط ـ بشكل ضمني ـ الذي قال بأنه للخروج من مشكل التصغير يجب
اللجوء إلى اللهجات الأخرى. وهذا ما نسعى إليه جميعا حتى نتمكن ليس فقط
من إثبات الحروف الأصلية في الكلمات فحسب، بل الذهاب بعيدا للظفر بلغة
موحدة.
وربما بعد هذا الوضوح
للكلمات السالفة الذكر في لهجة الأطلس سيزول الخلط بين كلمتين قريبتي
النطق.
أما الأستاذ المرابط
فقد تطرق في العدد 51، تحت عنوان "من أسرار لغتنا الجميلة(3)"، إلى
مترادفات غير متداولة في الأطلس كما تبنى ذلك:
كلمة
Amaru:
أي الظل التي قال عنها بأنها متداولة في الأطلس المتوسط فهذا غير صحيح،
علما بأن الراء هنا ليست مرققة وإنما مفخمة فنطقت في منطقة الأطلس
المتوسط باللام المفخمة:
Amalvu
وليس Amaru
كما ذهب الأستاذ
المرابط كقول الشاعر الأطلسي:
Ayewla s amalvu uxlidj ingha k
irifi
كملة
Udem:
يقول الأستاذ المرابط بأن
Udem
مرادف لـ Aqmu.
فـ
Udem
تعني الوجه أما Aqmu
فيعني
الفم في الأطلس المتوسط. فلا مجال للخلط بين الكلمتين.
كلمة
Tafrut:
هذه الكلمة التي قال
عنها الأستاذ المرابط بأنها تعني في الأطلس المتوسط "السيف"، وهذا غير
صحيح، لأن Tafalva،
جمع
Tifalviwin
هي التي تعني السيف.
أما Tafrut
فلها نفس المعنى "من
مكونات المحراث" براء مرققة أصلية، ولأن الراء المفخمة هي التي أصلها
لام
وليس العكس.
كلمة
Tighallin:
مفردها
Taymart
و
Taghilt
غير متداولة في الأطلس
المتوسط ولا يمكن لي أن أؤكد وجودها أو عدم وجودها في مناطق أخرى من
المغرب.
كلمة
Talvat:
اللام هنا مفخمة وغير
مرققة، التي تعني الفج في الأطلس المتوسط وليس عين الماء
Aghbalvu (Source).
وهنا اللام كذلك مفخمة.
عودة إلى نفس الرد
الذي خصصه بوغانم خالد للأستاذ المرابط في كلمة أثارت انتباهي مؤخرا
بعد ان أغلقت هذه الورقة.
اعتمد الأستاذ بوغانم
على القاعدة التي اعتمد عليها الأستاذ محمد شفيق في كتابه "الدارجة
المغربية مجال توارد بين الأمازيغية والعربية". ولكن هذه القاعدة لم
تقص كل الكلمات التي هي على وزن
Tameggayt
من المعجم الأمازيغي.
والدليل على ذلك المثال الذي بين أيدينا:
Tacefnajt.
فالقاعدة ستجعل من
الكلمة عربية الأصل علما بأن الكلمة اشتقت من
Cefna
الأمازيغية الأصل، التي يتم فيها طبخ الكعك (العربي الأصل)، فكلمة:
Cfenj
ذات الأصل الأمازيغي تسقط القاعدة على هذا التقسيم.
وفي الختام، أنوه
بالمجهودات الكبيرة التي يبذلها الأستاذان في هذا المجال، وأطال الله
عمرهما لخدمة اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
سعيد باجي في
15/10/2001.