|
|
أبْلَسَة* وشَيْطَنة المرأة في الفيلم الأمازيغي "إبليس دْتْفْقيرتْ"** نموذجا (الجزء الأول) بقلم: لحسن ملواني المتتبع لمختلف الأفلام الأمازيغية سيلاحظ، من بين ما سيلاحظه، النظرة الضيقة المجسدة لدونية المرأة الأمازيغية، مع استبعاد أدوارها الرائدة في التربية والتنشئة واتخاذ القرار. ففي كثير من هذه الأفلام نجد المرأة تمثل الدور الحقير والمسيء إلى الجانب العلائقي والتعايشي بين الناس. فهل المرأة لا تتقن غير ما تنسبها إليها الأفلام التي تُمَظْهِرُها في قالب ينال من كينونتها ووجودها كفرد يستحق التبجيل والتقدير؟ أم أن ما تقدمها الأفلام عن المرأة ليس سوى ما يجري لها وما يجري من حولها في الواقع المعيش؟ أم أن الإثارة بالإساءة إلى شخصها جاذبية للترويج التجاري؟... أسئلة كثيرة تفرض علينا البحث عن أجوبة لها من خلال ملاحظة الأدوار والمهمات التي تسند إلى المرأة كفرد لا بد من وجوده في كل المجتمعات الإنسانية. توصيف مختزل لأحداث الفيلم: الفيلم عبارة عن محطات يظهر فيها "إبليس" الذي دأب من أول الفيلم إلى آخره على زرع الفرقة والصراع بين أهل الدواوير التي يحل بها. -المحطة الأولى: تمهيد للأحداث بظهور "إبليس" العزم على إيقاد نار الفتنة والنزاع بين أهل قرية يسود الوئام والتعايش بين أهلها. -المحطة الثانية: استهداف إبليس لفقيه كُتَّاب لتحفيظ القرآن الكريم، ونزوله ضيفا عنده، حيث سيدفع به نحو الانتقام من تلامذته الصبيان بادعاء سرقتهم لساعته، الأمر الذي سيتطور إلى غاية انقطاع الفقيه عن مهمة التعليم وبذلك حقق لإبليس مراده.. وسرعان ما تعود المياه إلى مجاريها، حيث سيتصالح آباء وأولياء الصبيان. وبذلك يفشل مخطط إبليس لتتولاه امرأة تدعى "للاإيجة" التي ستفلح في الدفع بالفقيه ليقتل امرأته، الأمر الذي سيقود إلى عراك دموي لم يسلم منه فرد في الدوار. -المحطة الثالثة: تثير إبليس على صانع البرادع الأمر الذي جعله يتعثر إلى حد السقوط حين عزم على السير وهو يلعن الشيطان الرجيم. -المحطة الرابعة: تأثيره على فخار وزبونه إلى العراك بينهما كاد أن يؤدي إلى القتل. -المحطة الخامسة: بروز امرأة عجوز "للا إيجة" التي عاهدت على أن تقوم بما عزم عليه إبليس خير قيام مقابل أجر بسيط: دملجين ونعل. -المحطة الخامسة: نزول "للاإيجة" عند امرأة أرملة تعمل في طاحونة تقليدية... تحاورها بصدد الزواج لينتهي الحوار بحثها إياها باللجوء إلى الفقيه الذي سيحاول أن يسرع بزواجها عن طريق "تحريزاته وطلاسمه". -المحطة السادسة: استمرار إبليس في إذكاء نار البلبلة بين أطفال يلعبون في ود ووئام ليتنازعوا فيضرب بعضهم بعضا. تلك أهم المحطات التي تناولها الفيلم وكلها تتمحور حول الصراع بين إبليس وبين لسكان يغيظه الانسجام والتعاون بينهم. على أ ن المسكوت عنه في كل الأحداث التي قام بها إبليس عجزه عن تحقيق مناه لقوة إيمان أهل القرية بضرورة التعايش المبني على الأخذ والعطاء. وإنجاز ما لم يستطع إنجازه سيكون من نصيب "للاإيجة" لتكون بذلك أقوى من إبليس اللعين، فهي إذن الشخص غير مرغوب فيه، الشخص الذي لا هَمَّ له سوى إلحاق الأذى بغيره وذلك بإحداث الشرخ بين الناس، بل ودفعهم إلى التقاتل لأسباب تافهة. أبلسة المرأة وشيطنتها: الفيلم إذن يقدم "للاإيجة" نموذجا للمرأة التي لا سعي ولا مهمة لها سوى الوشاية والنميمة قصد الإيذاء، فرغم ظهور "إبليس" في كثير من المحطات حيث لم ينفذ سعيه إلى النهاية فإن هذه المرأة العجوز تمكنت في مقطع وحيد من مقاطع الفيلم من أن تدفع أهل القرية إلى التطاحن حتى سالت دماؤهم. وقد تم لها ذلك وفق الأحداث الجزئية الآتية: -حثها للأرملة العاملة في الطاحونة قصد الذهاب إلى الفقيه مساعدة لها على الزواج مقابل ديك وبيض... -وشايتها ضد الفقيه حين أعلمت زوجته العقيم بما يقوم به لصالح الأرملة لأنه عازم على الزواج منها. وكحل لمعضلتها أمرتها العجوز بنتف زُغَيْبات من لحية زوجها حين ينخرط في نوم عميق. -إعلامها الفقيه بنية زوجته على ذبحه حين يأوي إلى فراشه. لذلك أمرته بتشخيص وضعية النائم كي يتأكد من أمر الذبح. -قبض الفقيه على زوجته مصدقا ما قالته العجوز . -قتل الفقيه لزوجته البريئة. -لجوؤه إلى "للإإيجة" التي وعدته وعدا كاذبا على حل مشكلته. -إعلام "للا إيجة" أقارب المقتولة وأهل الدوار لأخذ الثأر من الفقيه. -نشوب قتال أسفر عن وفيات كثيرة بين أهل الدوار. -إحساس العجوز بالانتصار وإنجاز المهمة التي وعدت بها إبليس. -حضور إبليس الذي جاء بما وعدها إياها كدملجين من فضة ونعل. -طلب العجوز مرافقة إبليس لكنه رفض لأنه خائف من حبائلها وخطورة خططها الجهنمية. نستنتج من هذه الأحداث كلها أن المرأة ألحقت بها كل الصفات التي تُذَمُّ وتستنكر في شخص الإنسان وهي حسب ألأدوار التي أدتها في الفيلم: ـ المحتالة حتى على الفقيه الذي يعد على رأس أهل الدوار لكونه أعلمهم. ـ الواشية النمامة. ـ الكاذبة الخادعة. ـ المصممة على المكر والخديعة. ـ المهتمة بالهدم الكارهة للبناء (في الجانب العلائقي) ـ المساعدة على الشر والانتقام بلا سبب. ـ المنتصرة في سبيل الشر ونشر الحقد والتباغض بين الناس. بهذا الشكل يصور الفيلم المرأة ممثلة في هذه العجوز التي لم تكتسب من سنوات شبابها وكهولتها وشيخوختها سوى الخديعة والسعي نحو النيل من المتحابين المتوائمين المتعاونين. فهل هذه هي المرأة الأمازيغية؟ وهل هذه هي أهم أدوارها في الحياة أم أن الفيلم يصور نموذجا من نماذج المرأة.؟ أم أن المرأة عادة تحاول الانتقام ممن أساؤوا إليها حين تبلغ سن الشيخوخة؟أسئلة سنحاول الإجابة عنها حين سنتناول حضور المرأة في أفلام أمازيغية أخرى مستقبلا بحول الله تعالى. هوامش: *أبْلس إبلاسا: صيَّره إبليسا وشَيْطنه شيطنة: جعله شيطانا، على صيغة فرنسه: جعله فرنسيا. **"إبليس دفقيرت": قصة كيلو إحيحي- سيناريو: كريم عمر، إخراج: إبراهيم حنودي.
|
|