|
|
المدارس الخاصة ترفض تدريس الأمازيغية بقلم: محمد الكراني تمهيد: أنت أمازيغي أبا عن جد، تزوجت ورزقت بطفل أو طفلة، هذا جيد، وللسير على درب السلف، فإنك تتواصل داخل منزلك بلغتك ألام، أي تامازيغت، وتدور الأيام ويكبر الطفل الجميل، وتكبر معها المأساة القادمة، وتتناسل الأسئلة في دماغك: ماذا سيكون رد فعل المدرسة إذا علموا أن طفلي أمازيغي لا يتقن الا تامازيغت؟ طبعا، فإنك لا تسلم كذلك من محيطك الذي ما فتئ يحذرك من مبغة استعمال الأمازيغية مع الأطفال في البيت؟ 1-ماذا؟ هذا مستحيل؟ حوار مفترض و لكنه واقعي 100 % : أنا: السلام عليكم، أريد أن أسجل ابني في مدرستكم الخاصة المدرسة: طبعا تفضل، كيف تعرفت على مدرستنا؟ أنا: صديق أخبرني بها المدرسة: لن تجد أحسن منا، كم عمر ابنك؟ أنا: ثلاث سنوات (بداية التوتر الداخلي) المدرسة: جيد إنه العمر الملائم للدراسة والتحصيل أنا: أية مواد تدرسون للأطفال؟ المدرسة: اللغة العربية والفرنسية. أنا: طبعا (اشتعال برميل البارود) المدرسة: بالطبع فابنك يجلس جيدا، ويستمع ولا يتعلق كثيرا بوالديه أليس كذلك؟ أنا: في الحقيقة، إنه متعلق بنا كثيرا، فهو لا يخالط الأطفال الآخرين إلا لماما. المدرسة: هذا ليس مشكلا، المهم أن يكون الطفل نشطا ونحن طبعا نتكفل بذلك أنا: شكرا المدرسة: لا داعي لذلك فهذا من صميم عملنا أنا: أريد أن أخبركم بشيء ربما قد يساعدكم على تسهيل عملية التواصل مع ابني المدرسة: ما هو؟ يهمنا الاستماع إلى أولياء أمور التلاميذ أنا: هل تدرسون الأمازيغية؟ المدرسة: ماذا قلت؟ لا لا لا ليس هنا أنا: و لماذا أنت منفعلة؟ هل تجرأت وقلت شيئا غير لائق؟ المدرسة: لا ولكنك قلت شيئا غير ممكن أنا: (في غضب شديد ولكن متحامل على نفسي) أليس في علمك أنهم يدرسون الأمازيغية الآن في المدارس؟ المدرسة: لا علم لي بذلك، وليكن فنحن ليست لدينا الرغبة في ذلك، أتريد أن تقول إن طفلك لا يجيد إلا الأمازيغية؟ أنا: هذا هو المدرسة: سيجد مشاكل في التعلم فنحن ندرس بالعربية و الفرنسية أنا: وما العمل إذن؟ المدرسة: أرى أنك متمسك بتسجيل ابنك عندنا ونحن نقدر لك ذلك، الحل بالنسبة إلينا هو أن تساعدنا على التواصل مع ابنك أنا: كيف؟ المدرسة: أن لا تستعمل معه الأمازيغية بل تتحدث معه بالدارجة العربية فقط، هكذا فإنك قد تنقد ابنك من تضييع سنوات عمره. أنا: غير ممكن، ألم تسمعي عن علم اللسانيات وأهمية اللغة الأم في تنشئة الطفل ومخاطر انتزاعها منه المدرسة: هذا موضوع آخر، وعلى كل فالعلوم شيء والواقع شيء آخر. أنا: بالنسبة لي وانطلاقا من قناعاتي الشخصية فإن طفلي لن أتحدث معه إلا بلغته الأم، أما اللغات الأخرى فإننا سنتعاون على تعليمها له. وإلا فمن الأحسن لي أن أتركه في البيت وأعتقد أنه سيتعلم أكثر من المدرسة. المدرسة: حسن، لا تنفعل في آخر المطاف أنت لست الوحيد الذي يعاني من هذا بل التقيت بالعشرات مثلك وتمكنت من إقناعهم أنا: أما أنا فلا المدرسة: لا تغضب قد تكون محقا لكن الواقع يفرض علينا بعض الأمور، لكن لا تخف، تواصل باللغة الأم في المنزل ونحن نتكفل بالباقي أنا. هذا جيد المدرسة: أستدفع الآن؟ 2-أن نكون أو لا نكون؟ يقول رولان بارت: "أن تقتل لغة باسم اللغة، تلك بداية الجرائم المشروعة". أوافق الرأي أن المدارس الخاصة ليست كلها بهذا التعامل مع اللغة الأم، فهناك مدارس خاصة تستعمل الأمازيغية للتواصل مع الأطفال الأمازيغ، وذلك بتوفير أساتذة يتقنون هذه اللغة. كما أن إدارة المدرسة تكون مسؤولة وواعية بهذا الشأن . كيف نريد من طفل أن ينسى لغة بين عشية وضحاها؟ هل هذا منطقي؟ هل هذا معقول؟ هل هذا شرعي؟ أين حقوق الإنسان من هذا؟ أين حقوق الأفراد والجماعات؟ اين إعلان مكسيكو بشان الثقافات؟ أي الضمير؟ بالسبة لي فهذه جريمة كبرى؟ 3-مخطط جهنمي للتعريب قبل أن يولد الطفل يتعرض للمضايقات والعنصرية. فالاسم الذي جاهد الأبوان في اختياره يبقى قاب قوس أو ادني من أن يسجله ضابط الحالة المدنية، وعندما يكبر الطفل ويكون مستعدا لدخول المدرسة فذلك يواكبه استعداد آخر نفسي لنسيان لغته الأم. نحن الأمازيغ نعاني في وطننا، نربي أولادنا كما ألفنا آباءنا أجدادنا لنستفيق على العبث، كأننا لم نفعل شيئا، أيها الأمازيغي، تواصل مع طفلك كما شئت، غنّ له بما شئت فالتعريب في انتظارك لا يزيغ عنه إلا هالك؟ هذه هي رسالتهم، فهل علينا أن نجيب؟ 4-لا للتعريب أعرف الكثير من الأمازيغ يتحدثون مع أطفالهم بالدارجة مخافة حدوث مشاكل مع المدرسة، تقبلوا الوضع واستجابوا لرغبة المدارس وساهموا بذلك في تضييع أبنائهم وأجيال بأكملها، ومن هؤلاء بعض المناضلين الأمازيغ للأسف. يجب أن يعرف هؤلاء المنهزمون أن أصحاب المدارس يتحدثون بالفرنسية مع أولادهم في البيت ويرسلونهم للدراسة في المدارس الفرنسية، بينما الأمازيغ لا يصلح لهم إلا التعريب الذي والحمد لله أثبت فشله. فلننتفض ضد هذا الإرهاب الممنهج ضد اللغة الأمازيغية ولنكن بالفعل أحرارا، ولا نقبل بسياسة الأمر الواقع أو لي الذراع، فلنفترض مثلا أنك قبلت بشروط الواقع وعربت طفلك ثم بعد سنوات كثيرة من التعليم والتخرج يصبح ابنك عاطلا عن العمل أو معطلا، أليست هذه أكثر من ندامة؟ علمه لغته الأم، علمه تمديازت وإزلان والأحاجي والقصص الأمازيغية وتيفيناغ والتاريخ الحقيقي للأمازيغ وجغرافية تامازغا ومكائد التعريب ثم بعد ذلك الطوفان.
|
|