|
افتتاحية: ليركام أو "معهد العالم الأمازيغي" في دولة عربية بقلم: محمد بودهان ما موقع ـ وموقف ـ المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من الآلة الجهنمية لتعريب العقول والأرواح والمشاعر والوجدان والسلوك، والتي تشتغل بالمغرب أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين ساعة، وسبعة أيام على سبعة أيام؟ ما هو رد فعله إزاء استمرار إنشاء قنوات تلفزيونية عروبية جديدة بالمغرب؟ ماذا يقول عن قبول المغرب لتعامل دول المشرق معه كإقليم عربي تابع لها تخصص له قنوات عربية خاصة به (MBC وLCB الخاصتان بالمغرب العربي مثلا) وتفتح فروعا لتلفزاتها بعاصمته (قناة "الجزيرة" مثلا)؟ ما هو دور "ليركام" إن لم يكن هو المساهمة في استرداد الهوية الأمازيغية للمغرب وحمايتها من التعريب المتوحش، القاتل والمدمر؟ في الحقيقة، لقد أصبح "ليركام" يقوم بنفس الدور الذي يقوم به "معهد العالم العربي" بباريز في فرنسا. فهذا المعهد العربي يقوم بكل الأنشطة الثقافية المتعلقة باللغة العربية والشعر العربي والخط العربي وتاريخ العرب والتعريف بالعروبة والدفاع عن القضايا العربية، لكن في بلد فرنسي ذي هوية فرنسية وسلطة فرنسية. كذلك "ليركام" بالمغرب مسموح له أن يقوم بكل الأنشطة المتعلقة بالثقافة الأمازيغية واللغة الأمازيغية وتاريخ الأمازيغيين والتعريف بالهوية الأمازيغية والخط الأمازيغي والشعر الأمازيغي، وتنظيم مهرجانات الرقص الشعبي الأمازيغي ونشر كتب بالخط الأمازيغي ومنح الجوائز للمبدعين الأمازيغيين، ولكن داخل وطن يعتبر عربيا وبسلطة عربية وهوية سياسية عربية. وهذا ما يفسر أن مع تأسيس "معهد الأمازيغية" ارتفعت وتيرة التعريب بشكل لافت مع إنشاء خمس قنوات تلفزيونية جديدة ناطقة بالعربية، واستباحة أرض المغرب للمؤتمرات القومية العربية وللمغنين العرب والمحامين وللشعراء العرب وللأفلام العربية وللمفتين العرب (حالة القرضاوي مثلا وفتواه حول القروض البنكية) وللقنوات التلفزيزنية العربية. لم يُنشأ "ليركام" إذن لرد الاعتبار لهوية المغرب الأمازيغية وتحريره من التبعية المهينة للمشرق العربي كما اعتقد ذلك، بل لتستمر الهوية العربية المزعومة للمغرب، وتتواصل التبعية للمشرق. وأمام هذا الواقع الذي لا يزداد إلا عروبة وتعريبا، يبدو "ليركام" كهيئة ديبلوماسية أجنبية تمثل الأمازيغيين الأجانب في بلد عربي هو المغرب. وكما تقضي الأعراف الدبلوماسية، فليس من حق هذه الهيئة الأجنبية الممثلة للأمازيغيين الأجانب التدخل في الشؤون الداخلية للدولة العربية التي هي المغرب، خصوصا ما يمس الانتماء العربي لهذا البلد. إن التحرير الهوياتي للمغرب من الاستعمار العروبي يقتضي المرور بنفس المراحل الثلاث التي مر منها تعريب المغرب: أي إعادة تمزيغ السلطة السياسية بالمغرب أولا، ثم تمزيغ المدرسة والتعليم ثانيا، وأخيرا تمزيغ التلفزيون المغربي لغة ومضمونا وبرامج.
|
|