uïïun  166, 

sinyur 2961

  (Février  2011)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

tamukrist n tnttit di lmrruk

Timitar n tinit

Mbarek

Teddit a Nba

Français

Le plurilinguisme déséquilibrant pout tamazight

Etrange "recherche"!!!

Nature humaine et amazighophobie

Interview de Larbi Moumouch

Condoléances du CMA

Activité de l'association amghar de khnifra

Communiqué de l'observatoire amazigh

العربية

إشكالية الهوية بالمغرب

لماذا نطالب الأمازيغية بما لا يطالب به غيرها من اللغات؟

تحديات التدبيثر المؤسساتي للشأن الأمازيفي

الفنان مبارك أولعربي في ذمة الله

اللغة الواحدة والدين الواحد أم التعدد والاختلاف؟

أسماء أمازيغية ولكن مكتوبة بالفرنسية

هل سيحرر عبد الحق المريني الأسماء الأمازيغية؟

الميزات العقلانية للتشريع الأمازيغي

العرف الأمازيغي ودوره في حماية البئة

الفنان العملاق عموري مبارك

ذاكرة معتقل

فلسفة الحرمان في التواصل اليومي

إشكالية الساحة الجامعية

الموت للجانجويد العروبي

رفض تسجيل اسم يوبا الأمازيغي

منع العلم الأمازيغي

إصدار جديد لمحمد أرجدال

جائزة تيرا للإبداع الأمازيغي

بيان المعتقلين السياسيين الأمازيغيين

تقرير حول ملتقى تيرا

نشاط ثقافي لجمعية أيت سعيد

مصطلحات الكشفية الأمازيغية

بيان تنسيقسة تنمل

بيان الحركة الأمازيغعية بالناظور

بيان استنكاري

 

 

 

تحديات التدبير المؤسساتي للشأن الأمازيغي: حالة تعليم اللغة الأمازيغية

بقلم: عبد السلام خلفي

تقديم:

من الثابت أن الاعتراف الرسمي باللغة والثقافة الأمازيغيتين قد جاء في سياق عالمي ووطني تميز بحركية ضاغطة على من بيدهم القرار السياسي بالمغرب. فإلى حدود 20 غشت 1994 كانت الدولة المغربية تنكر أي انتماء هوياتي أمازيغي بالأرض المغربية، وتعتبر المغرب جزءاً من الأمة العربية، لغتها العربية ودينها الإسلام. إلا أنه نتيجة للتحولات التي أصبح يعيشها العالم، من حيث بروز الحركات الوطنية ومحاولة تسوية الصراعات الثقافية واللسانية، وإقرار الإعلان العالمي للحقوق الثقافية ببرشلونة سنة 1996، وإعلان اليونسكو حول التنوع الثقافي سنة 2001، بالإضافة إلى تشكل تيار عالمي يدعو إلى احترام الحقوق اللغوية والثقافية للشعوب والجماعات استناداً إلى مبادئ إعلان سنة 1948 والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 وإعلان حقوق الأقليات لسنة 1998، واتفاقية مجلس أوروبا واتفاقية منظمة العمل الدولية لسنة 1989 واتفاقية حقوق الطفل للجمعية العامة للأمم المتحدة لنفس السنة، واتفاقية مناهضة التمييز في مجال التعليم المعتمدة بتاريخ 14 دجنبر 1960 إلخ، فإن المغرب الرسمي وجد نفسه ملزماً للاستجابة لهذه المبادئ، أو على الأقل، لاتخاذ بعض المبادرات التي تذهب في هذا الاتجاه.

وقد كانت لهذه التحولات التي عرفها العالم صدى عميق داخل الوطن، إذ تنامى الوعي الوطني أكثر فأكثر بأهمية اللغات الوطنية ورموزها الثقافية، وبدأ المثقف المغربي يستوعب شيئاً فشيئاً مفاهيم التعدد وحرية التعبير خارج الكليشهات التقليدية التي كانت تحصرها عادة في أنماط الانتخاب والتعبير عن الرأي دون أي اعتبار للغات المجتمع ولا لواقعه الثقافي المتعدد أو للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية والنفسية المرتبطة بهذا الواقع، كما أن هذا المواطن بدأ يطرح إشكاليات عميقة حول التنمية بأبعادها المختلفة. وبدلاً من أن يطرح إشكالية اللغة من زاوية التكلفة كما دأبت على فعله النخب العروبية والمحافظة الرافضة لمبدأ مأسسة اللغة الأمازيغية، فإنه طرحها من زاوية العدالة الثقافية. فقد اعتبر هذا المثقف (بالجمع) أن إدراج هذه اللغة وثقافتها في المنظومة التربوية والإعلامية والإدارية وداخل الدورة الرمزية للهوية المغربية إنما هو حق من الحقوق الأساسية للمواطن المغربي، تماماً مثل الحقوق الأخرى: الاقتصادية والسياسية والاجتماعية إلخ. إذ كما أن لهذه الحقوق تكلفة مادية على الدولة أن تتحملها، فإن للحق في اللغة والثقافة تكلفتها المادية التي على الدولة أن تتحملها أيضاً. وهكذا سيعرف المغرب منذ ستينيات القرن الماضي وعياً متنامياً بهويته الأمازيغية، تم التعبير عنها في شكل جمعيات ثقافية وتنسيقيات وتنظيمات وطنية ودولية تستلهم المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وتدعو إلى الاعتراف بالتعدد اللغوي والثقافي المغربي بطرق سلمية، بله وتصرح أجنحة منها بالدعوة إلى اعتماد اللائكية كخيار فلسفي واتخاذ التعدد مدخلاً نحو التنمية بعيداً عن كل أشكال الانصهار القسري أو التقديس الخرافي للغات على حساب أخرى.

وللحقيقة فإن هذا الوعي الذي عمقته الأبحاث الأكاديمية لأمازيغ ومستمزغين جامعيين، والذي عملت الحركة الثقافية الأمازيغية على استثماره في محاججتها واحتجاجها قد أمكن من خلخلة الكثير من المفاهيم عن الهوية والانتماء، كما أنه مكن من طرح قضايا جديدة لم تكن مطروقة من قبل، تلك القضايا التي عبر عنها بشكل واضح «بيان الاعتراف بأمازيغية المغرب». والذي أبرز فيه المثقف الأمازيغي اختياراته الاستراتيجية الكبرى. ونظراً للنقاش الرزين الذي عبرت عنه مختلف الاتجاهات الأمازيغية منذ ستينيات القرن الماضي إلى حدود سنة 2000، بله ونتيجة للحركية التي كشف عنها البيان السالف الذكر، فإن الدولة المغربية وجدت نفسها محرجة أن لا تستجيب لمطالب الأمازيغ، مما جعلها تعترف، لأول مرة، بأمازيغية المغرب، وبإنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

إلا أن التحديات الكبرى لم تكن لتُختزل فقط في تلك التي لها علاقة بالاعتراف الرمزي بلغة وثقافة، أو تلك التي تم التعبير عنها بإنشاء مؤسسة ملكية لها طابع استشاري. إن التحديات الكبرى تجلت – في نظرنا - في طرق التدبير المؤسساتي لهذا الاعتراف في علاقته بالتدابير المطلبية التي عبرت عنها التيارات الثقافية والسياسية الأمازيغية. ففي الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن تتقوى الحركة الثقافية الأمازيغية تنظيمياً، وأن تعمل من أجل بناء استراتيجية وطنية تتحدد فيها المشاريع الكبرى لدولة التعدد، دخلت هذه الحركة في متاهات التنابذ والتصارع حول المواقع، وتحولت إلى مجموعات صغيرة لا يجمع بينها سوى البيانات والبلاغات التي تنشر بين الفينة والأخرى. كما ظهرت، لأول مرة، دعوات التنابذ البيـن ـ إثني أمازيغي، مما عمق التنابذ والتصارع وأصبح الهدف ليس الدفاع عن أمازيغية المغرب كما ظلت تفعل الحركة قبل إنشاء المعهد الملكي، بله أصبح الهدف هو تعميق الشرخ بين مختلف التحينات اللهجية الأمازيغية، وعبرها بين مختلف الجماعات الأمازيغية، وحتى تلك المشاريع ذات الطابع السياسي والتي أطلقت من طرف تيارات محددة ( الحكم الذاتي بالريف وسوس، الحزب إلخ..) سواء في الشمال أو في سوس فإنها لحد الآن لم تقدم أي مشروع مقنع قادر على تعبئة الرأي الوطني حوله، إذ ما تزال الفكرة لم تتجاوز مرحلة رفع الشعارات التي قد تسيء أحياناً (في المرحلة الراهنة) إلى القضية الأمازيغية أكثر مما تفيدها.

وإذا كنا في هذه المداخلة سنحاول فقط إبراز بعض التحديات المؤسساتية التي أصبحت تواجهها اللغة والثقافة الأمازيغيتان داخل دواليب الدولة بعد الاعتراف بأمازيغية المغرب وإنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فإننا نعتقد أن الوقوف عند التحديات التنظيمية والفكرية للحركة الأمازيغية، والوقوف عند الإكراهات التي جعلتها لا تنتج، لحد الآن، أي مشروع فلسفي - مجتمعي وطني متقاسم يعتبر- في نظرنا- إحدى المواضيع الأساسية التي على النخب الأمازيغية الانكباب عليها لتحديد الأسباب، والبحث عن الطرق الكفيلة لتحقيق ذلك. وهذا موضوع آخر يستحق مداخلة خاصة.

تحديات التدبير المؤسساتي للشأن الأمازيغي

من الثابت أن أدبيات الحركة الثقافية الأمازيغية لما قبل سنة 2000 قد شكلت المرجعية الأساسية التي اعتمدها ملك البلاد للاعتراف بأمازيغية المغرب. فقد استلهمت الخطبُ الملكية وتوجيهاتُه المبادئَ الجوهرية التي ظلت هذه الحركة تدافع عنها، وتطالب الدولة المغربية للاعتراف بها واتخاذها مدخلاً لبناء مجتمع مغربي ديموقراطي يؤمن بالتنوع في الوحدة ويعترف بجميع مكونات هويته الوطنية. وهكذا فإنه بعودتنا إلى مختلف النصوص الرسمية التي صدرت عن أعلى سلطة في البلاد سنلاحظ أنها استعادت في مجملها نفس القيم ونفس المبادئ التي كانت تدعو إليها النخب الأمازيغية، والتي يمكن تلخيص بعض عناصرها الأساسية فيما يلي:

1ـ التأكيد على الخاصية التعددية لهويتنا الثقافية الوطنية (خطاب العرش 30 يوليوز 2001)، وعلى كون الأمازيغية «مكون أساسي للثقافة الوطنية» (خطاب أجدير 17 أكتوبر)،

2ـ التأكيد على تاريخية هذه اللغة وهذه الثقافة من حيث كونها تشكل تراثاً ثقافياً زاخراً وشاهداً «على حضورها في كافة معالم التاريخ والحضارة المغربية» (خطاب أجدير 17 أكتوبر)،

3ـ التأكيد على مبدأ انتماء هذه اللغة وهذه الثقافة إلى جميع المغاربة، فهي، كما هو وارد في خطاب أجدير، «ملك لجميع المغاربة بدون استثناء»،

5ـ التأكيد على مبدأ «المسؤولية الوطنية»، على اعتبار أن النهوض بهذه اللغة وبهذه الثقافة «مسؤولية وطنية لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية» (خطاب أجدير 17 أكتوبر)،

6 ـ التأكيد على مبدأ إدراجها في المؤسسات التربوية والأكاديمية والإعلامية والإدارية، فقد نص الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على «ضرورة إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلي».

وإذا كنا نعتبر أن هذا الاستلهام الإيجابي للمبادئ التي دافعت عنها الحركة الثقافية قد شكل التحدي الأساسي الذي انتصرت فيه هذه الحركة على الكثير من الفرقاء السياسيين والثقافيين والاجتماعيين والاقتصاديين، والذين لم يكونوا يتخيلون إلى حدود سنة 2000 أن الدولة ستمنح كل هذا الزخم للغة وثقافة ظلت لقرون طويلة على الهامش، ومحرومة من أي سند مؤسساتي، فإن الذي تجدر الإشارة إليه هو أن ملك البلاد ذهب إلى أبعد من ذلك عندما استشعر ذلك التناقض الصريح بين التوجهات الجديدة المعبر عنها في الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وبين الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فأكد لذلك على ضرورة تعميق هذا الميثاق الذي لم يتجاوز مبدأ «الاستئناس» المختزل في إمكانية استعمال الأمازيغية أو أي لهجة أخرى لتسهيل عملية تعليم اللغة العربية (اللغة الرسمية للبلاد)، بله إنه سيستبق الأحداث سنة 1999 عند افتتاحه لإحدى دورات البرلمان، ليؤكد على ضرورة الإبقاء على لجنة الميثاق كي تعمق بنوده ولتكيفه للمستجدات والتي شكل فيها، بطبيعة الحال، إدراج اللغة والثقافة الأمازيغيتين في المنظومة التربوية والإعلامية إحدى أهم هذه المستجدات.

وعموماً، فإنه استناداً إلى هذه المرجعيات السياسية التي عبرت عنها أعلى سلطة في البلاد والتي اعتمدتها كل من وزارة التربية الوطنية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في صياغتهما لاستراتيجية الإدراج، سوف يتم استخلاص المبادئ الموجهة لإدماج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية، تلك المبادئ التي عبر عنها بشكل صريح منهاج اللغة الأمازيغية المنشور في الكتاب الأبيض، وكشفت عن تفاصيلها التنظيمية مجموعُ المذكرات الصادرة عن وزارة التربية الوطنية. فقد تضمن كل من المنهاج وهذه المذكرات التنظيمية مبادئ عامة يمكن إجمالها فيما يلي:

ـ تدريس اللغة الأمازيغية لكافة المغاربة بدون استثناء: فلكون هذه اللغة، كما عبر عن ذلك خطاب أجدير، تشكل مكوناً أساسياً للثقافة الوطنية، وملكاً لجميع المغاربة بدون استثناء، فإن لكل الأطفال المغاربة، بجميع المناطق، الحق في تعلمها وإتقانها نطقاً وكتابة،

ـ تعميم اللغة الأمازيغية على جميع أسلاك التعليم: إذ لضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلّي، كما هو وارد في خطاب أجدير وفي الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي، فإنه ينبغي تعميمها أفقياً وعمودياً على كافة الأسلاك والمستويات من التعليم الأولي إلى الباكالوريا،

ـ تدريس اللغة الأمازيغية في الجامعات المغربية وفي مراكز التكوين: إذ انطلاقاً من الإمكانيات التنظيمية والقانونية التي يتمتع بها المعهد، واستناداً إلى ما هو وارد في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإنه يمكن له مساعدة الجامعات والمعاهد العليا ومدارس التكوين لفتح مسالك وشعب خاصة بالتكوين والبحث العلمي في مجال اللغة والثقافة الأمازيغيتين،

ـ معيرة اللغة الأمازيغية: وذلك حتى يتمّ الانتقال بهذه اللغة تدريجياً من وضعها اللهجي غير الممعير إلى وضعية اللغة المقعدة، مما يستوجب، بطبيعة الحال، تنميط حرف كتابتها ومعيرة قواعد صرفها ونحوها ومعجمها استناداً إلى المبادئ الواردة في منهاج اللغة الأمازيغية المشار إليه، وكذا إلى المبادئ الواردة في الاستراتيجية التي وضعها مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

وقد شكل حدث توقيع اتفاقية الإطار بين المعهد والوزارة الوصية منطلقاً لوضع هذه المبادئ على محك التطبيق، بحيث تم توزيع المهام بين المؤسستين على أساس أن تضطلع الوزارة بكل ما هو تنظيمي، أي بكل ما يتعلق بوضع الخريطة المدرسية، وجدولة الإدراج التدريجي للغة الأمازيغية أفقياً وعمودياً، وتوفير الشروط اللوجيستيكية لدورات التكوين، وإصدار المذكرات الإدارية الخاصة بتعليم اللغة الأمازيغية، وطبع وتوزيع الكتاب المدرسي على كافة التراب الوطني. في حين اضطلع المعهد بكل ما له علاقة بوضع التصورات والبرامج التكوينية للمدرسين والمكونين، وإعداد الأدوات الديداكتيكية، من كتب مدرسية وحوامل بيداغوجية ومصوغات وكراسات إدماجية، ومعاجم، وكتب في النحو إلخ. بالإضافة إلى تكوين الأساتذة والمفتشين والمؤطرين في مراكز التكوين ومختلف الأطر التربوية، سواء في الجامعات أو في كليات علوم التربية أو في معاهد التكوين إلخ.

وإذا كانت هذه الشراكة قد عُدت بمثابة خارطة الطريق التي اعتُمدت لبرمجة سياقات الإدراج، فإن تحديات الإنزال على أرض الواقع قد واجهتها مشاكل وإكراهات تم تجاوز الشق الأكبر المتعلق منها بالجانب البيداغوجي والديداكتيكي، لكن ظلت، للأسف، المشاكل المتعلقة بمعضلة التكوين وبالجانب التنظيمي عالقة، بله وتزداد أحياناً سوءاً سنة بعد أخرى.

تحديات الإنزال على أرض الواقع

1ـ تحديات الإنزال في مجال تهييء اللغة الأمازيغية

من المعلوم أن الجماعة الأولى من الباحثين الذين التحقوا بالمعهد الملكي سنة 2002، كانوا في الأغلب الأعم مناضلين في صفوف الحركة الثقافية الأمازيغية، وكانوا يشتغلون، إلى جانب كونهم مدرسين ومحاضرين، في مجال البحث الأكاديمي الأمازيغي. ونظراً إلى غياب شروط البحث في هذا المجال داخل الجامعات المغربية عموماً وكذا في المؤسسات والمعاهد العليا التي كانوا يعملون بها، ثم نظراً أيضاً إلى غلبة المجهودات الفردية في تلك المرحلة على المجهودات الجماعية والممأسسة، فإنهم آثروا الانتقال إلى مؤسسة المعهد التي مكنتهم، ولأول مرة في تاريخ المغرب، من أن يشتغلوا كفريق في تعالق وثيق مع موضوعات المعيرة اللسانية والتي لم تكن قبل ذلك التاريخ سوى حلم يراود بعض الباحثين منهم، بله والذي عادة ما كانوا يقدمون عنه أعمالاً فردية دون استحضار فعلي للامتداد السوسيو- جغرافي للتحينات اللسانية الأمازيغية سواء داخل المغرب أو خارجه. ولقد استغلت إدارة المعهد الملكي الحماس الذي جاء به هؤلاء الباحثون لكي تضع نصب أعينها تحقيق هذا المشروع، فانخرطوا بكل ما أوتوا من قوة في مبادئه ومراحله، إلى الدرجة التي جعلت الكثير منهم يستغني عن عطله ويشتغل حتى في العطل الصيفية، ناهيك عن العمل المتواصل بالليل. ورغم الظروف السيئة وغير الملائمة التي كانت مهيمنة في البداية نتيجة لتعثرات التأسيس، ولغياب مقر ملائم للمؤسسة، وعدم وجود مكتبة أمازيغية خاصة، وعدم استقرار الباحثين، وعدم استكمال توظيف الإداريين، وغياب رؤيا جامعة تحدد الاستراتيجية العامة للمراكز إلخ. فإن الإرادة الصلبة التي حملها معهم هؤلاء الباحثون قد مكنتهم من أن يرفعوا التحدي خاصة فيما يتعلق بقضايا الحسم في إشكالية الحرف وتنميطه، وإشكالية المعيرة اللسانية وإنتاج الحوامل الديداكتيكية وتكوين الآلاف من المكونين وأساتذة التعليم الابتدائي. وللحقيقة فإن الأوراش كانت كبيرة وتحتاج إلى الكثير من الجهد، في حين أن العدد من الباحثين المفروض فيهم القيام بهذا العمل كان قليلاً. فقد كانوا لا يتجاوزون، إذا أحصينا كلاً من مركز التهيئة اللغوية ومركز البحث الديداكتيكي والبرامج التربوية، ستة عشر (16) باحثاً. وهو عدد بالإضافة إلى قلته لم يكن يمثل جميع الجهات وجميع التحينات اللهجية المحلية للأمازيغية.

فما هي، إذن، القضايا التي كان على المعهد رفع التحدي من أجل إنجازها؟

2ـ الحسم في الحرف: لقد كان أول تحدٍّ على المعهد رفعه هو التحدي السياسي للحرف، ففي الوقت الذي شرع فيه مجلس الإدارة يضع الأسس القانونية والتنظيمية ويسطر المبادئ الأولى لمشروع استراتيجيته في مجال تدريس اللغة الأمازيغية انبرت تنظيمات حزبية ودينية ذات توجهات عروبية ومحافظة تنادي بضرورة اعتماد الحرف العربي، وتندد بأي محاولة لفرض الحرف اللاتيني، بله وتهدد بالنزول إلى الشارع العام في حالة ما إذا تم تبني هذا الحرف. وقد وصل الأمر ببعض الشخصيات المعروفة والمحسوبة على حزب العدالة والتنمية إلى كتابة رسالة إلى مجلس إدارة المعهد يدعوه فيها ويحذر من مغبة التخلي عن الحرف العربي وتبني حرف آخر. وفي المقابل كانت الحركة الثقافية الأمازيغية، أو جزء منها على الأقل، قد اجتمعت بمدينة مكناس وخرجت ببيان تؤكد فيه على ضرورة تبني الحرف اللاتيني، والذي قدمته بوصفه الحرف القادر على تمثل التكنولوجيا والانفتاح على العالم، كما ذهب جزء آخر من هذه الحركة، وخاصة الطلابية منها، إلى تبني الحرف الأصيل تيفيناغ الذي يرمز إلى الهوية الأمازيغية.

وللحقيقة فقد شكل يوم 30 يناير 2003 يوما تاريخياً، ذلك لأن المجلس الإداري، وبعد مدارسته للموضوع من جميع جوانبه: الأكاديمية (الدراسات التي قامت بها مراكز المعهد على الحروف الثلاث) والسياسية والهوياتية (الأخذ بعين الاعتبار مواقف المجتمع المدني والسياسي)، قرر وبالإجماع اعتماد حرف تيفيناغ حرفاً رسمياً. وإذا كنا نعتبر أن القرار جاء ليشكل مخرجاً سياسياً لوضعية التنابذ الحاد بين الداعين إلى تبني الحرف العربي والداعين إلى تبني الحرف اللاتيني، مما كان يهدد بالانفجار نتيجة للمواقف المتشددة للفرقاء، فإن موافقة جلالة الملك على هذا الحرف يوم 10 فبراير من نفس السنة، واجتماع الأحزاب السياسية في الديوان الملكي وما تلا ذلك من تأكيد لهذه الموافقة، قد أوقف السجال عند هذا الحد وأعطى المعهدَ فسحة للعمل، مع تسجيلنا، بطبيعة الحال، لموقفي كل من حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية المتحفظين، واللذين لم يتنازلا قيد أنملة عن موقفهما الداعي إلى تبني الحرف العربي.

3ـ تنميط حرف تيفيناغ: بعد تحدي الحسم السياسي للحرف الذي تم رفعه، عمل المعهد منذ سنة 2003، على رفع تحد آخر، وهو تحدي تنميط هذا الحرف. وهكذا ستشرع مراكز البحث في الاشتغال من أجل تقنينه وتوحيده وجعله يصدر عن نفس القواعد الخطية والإملائية، مع تكييفه ليشمل مختلف الخصوصيات الصوتية للغة الأمازيغية الممعيرة (pan-amazighe) والتي وضع لها مجلس الإدارة استراتيجية أيضاً. وقد أثمر الجهدُ الذي قام به الباحثون خطاً رسميا يحتوي 33 حرفاً بالإضافة إلى 25 موقع آخر جاهز لأي تعديل مستقبلي. ونتيجة لهذا العمل الجبار والقياسي أمكن الانطلاق في تدريس اللغة الأمازيغية منذ نفس السنة (2003)، بله وسيتم الاعتراف به على المستوى الدولي من قبل المنظمة العالمية للمعيرة سنة 2004 ( ISO Unicode)، كما سيتم إدراجه، أيضاً، في تكنولوجيات الإعلام والتواصل، واعتماده من طرف اتصالات المغرب في الهاتف المحمول، وكذا إدماجه من طرف شركة ميكروسوفت في برامجها المعلوماتية. ونتيجة للخاصية المنفصلة التي يتميز به هذا الحرف، فإن المعهد اشتغل ويشتغل حالياً ليرفع تحدي إنجاز مشروع الكتابة المسترسلة (Cursive) وإعداد ملمس (clavier) على الحاسوب، وهو الأمر الذي قطع فيه مراحل مهمة.

4ـ معيرة اللغة الأمازيغية: بعد أن خرج المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية باستراتيجية للتعليم (2003) والتي أكد فيها على ضرورة معيرة اللغة الأمازيغية تدريجياً في غضون الخمس السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، انخرط الباحثون في هذه العملية، مما أدى، ولأول مرة في تاريخ المغرب، إلى إنتاج مراجع متخصصة في النحو والمعجم نحَتْ كلها نحو بناء لغة أمازيغية موحدة1، مع العمل على احترام الخيار التدرجي الذي عبرت عنه الوثائق الرسمية الصادرة عن الوزارة أو عن مجلس إدارة المعهد. وهكذا أصدر المعهد مؤلفات عدة في مجالات الخط والإملائية الأمازيغية الممعيرة، كما أصدر مؤلفات أخرى في مجال النحو المرجعي والمعاجم سواء ما تعلق منها بالإعلام أو بالمصطلح النحوي أو بالمعجم المدرسي إلى جانب أبحاث نظرية وتطبيقية في مجالات الفونولوجيا والتهيئة اللسانية وغيرها. وإذا استعرنا مقولة سالم شاكر قلنا إنه بإنشاء المعهد (وبجانبه مؤسسات أخرى خارج المغرب) قد تم الانتقال من المرحلة ما قبل التاريخ الأمازيغي إلى المرحلة التاريخية، وذلك بالمعنى الذي جعل الباحثين يتجاوزون مرحلة الأبحاث الفردية القائمة على الدراسات المغرقة في الخصوصيات المحلية إلى مرحلة الدراسات القائمة على دراسة المشترك والبحث عن الصيغ الكفيلة لتهيئة لغة أمازيغية قادرة على مباشرة وظيفتيْها التحديثية والوسائطية.

5ـ تعليم اللغة الأمازيغية: من الضروري التذكير بأن المعهد قد انطلق من الصفر تقريباً في مجال التعليم، ذلك لأن تجارب تدريس اللغة الأمازيغية لم تكن إلى حدود سنة 2003 سوى تجارب فردية أو جمعوية يقوم بها مناضلون بشكل متقطع وموجهة، في أغلب الأحيان، إلى الكبار وداخل إحدى الفروع الكبرى للأمازيغية. ورغم أهمية هذه التجارب التحسيسية إلا أنها لم تكن ذات عمق مؤسساتي بالشكل الذي يمكن لها أن تستلهم الأطر المعرفية والفلسفية واللسانية والبيداغوجية التي عادة ما تصدر عنها المؤسسات التعليمية. وقد كان التحدي الأساسي الذي واجهه باحثو المعهد هو تحدي اللغة الممعيرة في علاقتها باللغة الأم؛ فقد كان من المفروض الاشتغال على واجهتين: أما الأولى فهي تلك التي لها علاقة باللغة الممعيرة، والأسس المنهجية والمعرفية والبيداغوجية التي يجب الصدور عنها لبناء استراتيجية تعليمية تأخذ بعين الاعتبار التعدد دون الإغراق في الخصوصيات المحلية أو في بناء لغة مختبرية لا علاقة لها بواقعها السوسيو-لساني. وأما الواجهة الثانية فهي تلك التي لها علاقة بالسلوكات المهنية وبالمقاربات الديداكتيكية التي سوف يعتمدها الأساتذة في تدريسهم لهذه اللغة. فمن المعلوم أن المغرب لم يعش أبداً طيلة تاريخه الطويل تجربة تدريس لغة أم، فهو دائماً ما كان يمأسس لتعليم لغة ثانية ويعتبر المتعلم دوماً صفحة بيضاء تنقصه المعرفة اللسانية، سواء تعلق الأمر باللغة العربية أو باللغة الفرنسية، مما رسخ لديه سلوكات وتقاليد ديداكتيكية ترتكز، بالدرجة الأولى، على اعتبار الأستاذ المصدر الأساسي للمعرفة اللسانية، وترتكز من الزاوية الثانية على الحفظ واستعادة الأشكال اللسانية النموذجية التي تلقن للمتعلم كي يبني على منوالها دون اعتبار لوظيفيتها الاجتماعية ولا لسياقات استعمالها. وفي حالة الأمازيغية، فإن الأستاذ سيجد نفسه في مواجهة تلاميذ يتقنون أحد فروع هذه اللغة، أو لا يتقنونها على الإطلاق، مما لزم، بطبيعة الحال، البحث عن آليات للتعامل البيداغوجي والديداكتيكي مع مختلف الحالات، سواء عن طريق استلهام البيداغوجيا الفارقية أو باستلهام المقاربات التواصلية أو أيضاً عن طريق الانخراط في بيداغوجية الإدماج مع الاحتفاظ دائماً بخصوصية اللغة الأمازيغية من حيث الانطلاق من الفروع (السنة الأولى والثانية من التعليم الابتدائي)، والانفتاح على التحينات المشتركة للفرعين الآخرين (السنة الثالثة والسنة الرابعة) ثم اعتماد أخيراً اللغة المعيارية (السنة الخامسة والسنة السادسة).

وعموماً فإن المعهد أمكن له في غضون الست السنوات الأولى من وجوده من رفع أكثر من تحد، فهو، من جهة، تمكن من وضع تصور للمعيرة اللسانية على المستويين: اللساني والبيداغوجي، وهو من جهة ثانية، تمكن من وضع هذا التصور على محك التنفيذ من خلال: إعداد دفاتر التحملات الخاصة بالكتب المدرسية، وتأليف الكتب المدرسية للتلميذ إلى جانب دلائل الأستاذ (من السنة الأولى ابتدائي إلى السنة السادسة)، وتأليف مصوغات التكوين لمراكز تكوين أساتذة التعليم الابتدائي، وتأليف كراسات الوضعيات الإدماجية للمستويات الست، إلى جانب دلائل الإدماج، وتأليف العدة البيداغوجية لتكوين الأساتذة في مراكز تكوين أساتذة التعليم الثانوي، هذا بالإضافة إلى تأليفه للعشرات من الحوامل الداعمة التي لم يكن لها أي وجود قبل سنة 2001، فظهرت إلى الوجود العديد من الحكايات والأشرطة والمعاجم المصورة، بالإضافة إلى حوامل لتعلم حروف تيفيناغ، وكتب لتعليم الأمازيغية للكبار، وأقراص مدمجة، وبرامج معلوماتية تفاعلية، وموارد بيداغوجية رقمية.

تنظيم التكوينات:

وأما فيما يخص مجال التكوين، فإن المعهد رفع تحدي تكوين أساتذة اللغة الأمازيغية والهيئة التأطيرية وأساتذة مراكز التكوين بالإضافة إلى طلبة الجامعات في مسالك اللغة الأمازيغية وثقافتها. وللإشارة فقط فإن المغرب إلى حدود سنة 2003 لم يكن يتوفر على أي أستاذ مؤهل لتدريس اللغة الأمازيغية، كما كان هناك غياب مطلق لكل الأدبيات التربوية ذات الصلة بالتكوين في المجال الأمازيغي. وهو ما فرض عليه العمل، من جهة، لإنتاج الوثائق النظرية والتطبيقية القمينة بتحيين التكوين، ومن جهة ثانية، وضع مخططات وبرامج للانخراط العملي في أوراش التكوين على الصعيد الوطني. ولهذا الغرض عمد إلى وضع المجزوءات الخاصة بتكوين المفتشين، وأخرى خاصة بتكوين الأساتذة والمكونين، كما وضع العديد من برامج التكوين لهذه الفئات، وانخرط في دورات التكوين سواء على الصعيد المركزي أو على صعيد الأكاديميات. وعموماً فإنه يمكن التمييز، في هذا المجال، بين مستويين:

ـ مستوى التكوين المستمر

إذ انخرط المعهد في هذا المستوى منذ السنة الأولى من انطلاق تدريس اللغة الأمازيغية، حيث اعتبر التكوين المستمر، خاصة في المرحلة الانتقالية التي تعيشها اللغة والثقافة الأمازيغيتين، إحدى مرتكزات توفير الموارد البشرية. وهكذا سيلعب المعهد، بتنسيق مع الوزارة، دوراً مهماً وأساسياً في تكوين، منذ 2003- 2004 إلى 2008-2009، أكثر من 13.100 أستاذة وأستاذ للتعليم الابتدائي، وأكثر من 300 مفتشة ومفتش، وحوالي 1200 مديرة ومدير بالإضافة إلى 75 مكونة ومكون في مراكز التكوين على الصعيد الوطني.

وبهذا سيكون المعهد قد ساهم بشكل أساسي في توفير جزء كبير من الموارد البشرية التي لم يكن لها أي وجود سنة 2002، وهو الأمر الذي جعل المؤسسة التعليمية المغربية اليوم تحتضن حوالي 400.000 تلميذ مغربي يدرسون اللغة الأمازيغية، ويتعرفون على حروفها تيفيناغ. وإذا كنا نسجل أن الكثير من هذه الموارد البشرية المكوَّنة لم تُستَغل كلها في التدريس والتأطير نتيجة لأسباب سنشير إليها فيما سيأتي، إلا أن العملية في نظرنا قد أتت أُكْلَها خاصة فيما يتعلق بإيجاد نخبة من الأطر على الصعيد الوطني والتي أصبحنا نرى جهودها تثمر على أكثر من صعيد: تأليف الكتب المدرسية، تكوين وتأطير على صعيد الأكاديميات ومراكز التكوين، الانخراط في المشاريع التربوية التي تباشرها الوزارة من نمط تأليف كراسات الإدماج، وضع عدة التكوين إلخ.

ـ مستوى التكوين الأساس

من المعلوم أن انخراط الجامعة المغربية، ابتداء من سنة 2006، في إحداث مسالك وماستر «الدراسات الأمازيغية» قد عزز التكوين الأساس القائم في مراكز تكوين أساتذة التعليم الابتدائي. وقد ساهم المعهد في هذا المستوى بعقد اتفاقيات شراكة مع الجامعات المعنية، وبمشاركته في تكوين الطلبة إما عن طريق وضع باحثي المعهد رهن إشارة هذه الجامعات أو عن طريق تزويد مكتباتها بالكتب التي يصدرها، أو أيضاً عن طريق عقد ندوات ولقاءات مشتركة، واستقبال الطلبة لاستكمال أبحاثهم وتداريبهم.

وتجدر الإشارة إلى أن مجموع عدد الطلبة المسجلين في المسالك والماسترات يقدرون بحوالي 1049 (ألف وتسعة وأربعون طالباً): 149 في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، و400 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، و500 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير.

وبطبيعة الحال فإن لهذه الأطر الجامعية أهميتها في مواكبة إدراج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية على مستوى التعليم الابتدائي والثانوي العمومي ومراكز تكوين الأطر. كما أن أهميتها أيضاً تأتي من كونها تشكل النواة الأولى لتطوير البحث العلمي الأكاديمي الجامعي ولتلبية النقص الحاصل في المجالات الوظيفية الأخرى خاصة في مجال الإعلام والإنتاج السمعي البصري والسياحة والإدارة إلخ.

لكن هل يعني هذا أن كل التحديات قد تم رفعها في مجال التعليم؟ أم أن التجربة شُلّت نتيجة لظروف موضوعية منتظرة وغير منتظرة؟ إن الحقيقة هي أن التجربة التعليمية المغربية للأمازيغية تعيش مأزقاً حقيقياً، وهذا ليس فقط بسبب النقص المهول في الموارد البشرية والمالية، وبسبب غياب النصوص التشريعية والقانونية والمراسيم الوزارية، ولكن أيضاً نتيجة لسيادة الذهنية الإقصائية في دواليب مؤسسات الدولة، ولغياب أي وعي استراتيجي لدى الحركة الثقافية الأمازيغية، والتي لم تمارس لحد اليوم أي ضغط جدي على الدولة المغربية لكي تعيد الاعتبار إلى هذه اللغة المهددة بالاختفاء في غضون الخمسين سنة المقبلة.

فما هي يا ترى عناصر هذا المأزق الذي تعيشه هذه اللغة داخل المنظومة التربوية المغربية؟

مأزق تجربة تعليم اللغة الأمازيغية (2003-2010)

عموماً يمكن حصر عناصر هذا المأزق في أنواع ثلاثة، منها ما له علاقة بالنصوص المرجعية والتنظيمية، ومنها ما له علاقة بالاستراتيجية المعتمدة من طرف الوزارة، ومنها ما له علاقة بملابسات التنفيذ.

أـ مأزق النصوص المرجعية والتنظيمية

لقد أشرنا فيما سبق إلى ذلك التناقض القائم بين التوجهات الجديدة التي تم التعبير عنها في خطاب أجدير وفي الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وبين ما هو وارد في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. فقد نص هذا الأخير، كما رأينا، على استعمال اللغة الأمازيغية لـ»لاستئناس» ولمساعدة المتعلمين الأمازيغ على تعلم اللغة العربية، كما نص أيضاً على أن لا يتجاوز هذا «الاستئناسُ» المستويين: الأول والثاني من التعليم الابتدائي. وهو ما حدا بالملك إلى الدعوة، في أكثر من مرة، لتعميق هذا الميثاق كي يواكب المستجدات. وإذا كانت مذكرات وزارة التربية الوطنية قد تجاوزت منطوق الميثاق وانخرطت في روح التوجيهات الملكية الجديدة، فإن واقع الحال، والتجربة اليومية، يؤكدان أن الكثير من المسؤولين على صعيد الأكاديميات والنيابات والمؤسسات التعليمية ما زالوا يشتغلون بذهنية الميثاق التي لم تتفضل لجنتها، إلى حدود اليوم، للاجتماع ولمراجعة ما يمكن مراجعته استناداً إلى ما دعا إليه الملك. ونتيجة للالتباس الحاصل أو المراد حصوله فإن هؤلاء المسؤولين عادة ما ينزعون إلى:

أولاً: إغفالهم للنصوص المرجعية المؤسسة والمتمثلة في الخطب الملكية وفي الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،

ثانياً: إغفالهم لكل المذكرات التنظيمية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية، والعمل قدر الإمكان على عدم نشرها وتوزيعها بين الأساتذة والمؤطرين إلخ

ثالثاً: اعتمادهم على روح الميثاق الذي يلخص تدريس اللغة الأمازيغية في كلمة «استئناس»، وهو ما نلمسه على أرض الواقع، ذلك لأن أكثر المؤسسات التي تدرس اللغة الأمازيغية تتوقف عند السنتين: الأولى والثانية، كما أنها لا تلتزم بالساعات الثلاث (03) المنصوص عليها في المذكرات الوزارية.

وإذا أضفنا إلى هذا أن الأمازيغية ما تزال، إلى حد الآن، غير محمية سواء على مستوى الدستور أو على مستوى القوانين أو على مستوى المراسيم، فإن واقع الحال يؤكد أن هذه اللغة لن تجد لها مكانها الطبيعي داخل المؤسسات، وهو ما يتجلى فيما يلي:

1ـ عدم تعميم تدريس اللغة الأمازيغية على المستويين الأفقي، (لا يشمل جميع الأقسام لنفس المستوى) والعمودي (لا تدرس الأمازيغية بشكل منتظم من مستوى إلى آخر)،

2ـ غياب مادة اللغة الأمازيغية من الإطارات المرجعية للامتحانات الإشهادية (امتحان نهاية سلك التعليم الابتدائي)، رغم اتفاق اللجنة المشتركة على إدراج الأمازيغية في الامتحان الإشهادي للتعليم الابتدائي بتاريخ يونيو 2007، وتبرير ذلك بمعايير خاصة كعدم تعميم مادة تدريس اللغة الأمازيغية في الابتدائي (اجتماع اللجنة المشتركة في 28 أبريل 2010)

3ـ ضعف تطبيق المذكرات الوزارية المنظمة لتدريس اللغة الأمازيغية،

4ـ ضعف انخراط كل الأكاديميات في الدورات التكوينية المنصوص عليها في المذكرات الوزارية،

5ـ غياب مراقبة المؤطرين التربويين واستثناء أساتذة اللغة الأمازيغية من التفتيش، مما ينعكس سلباً على حقوقهم الإدارية والمهنية والمادية،

6ـ توقف إدراج تدريس اللغة الأمازيغية في التعليم الثانوي الإعدادي،

7ـ غياب التكوين في مراكز التكوين الجهوية بالنسبة لأساتذة التعليم الثانوي الإعدادي،

8ـ غياب شمولية إحداث خلايا التدبير والتتبع الواردة في المذكرة 130 من جهة وعدم تفعيل الخلايا المحدثة من جهة أخرى والتي من المفروض أن تجتمع في نهاية كل أسدوس برئاسة مديرات ومدراء الأكاديميات،

9ـ عدم إدراج اللغة الأمازيغية في التعليم الخصوصي،

10ـ عدم القيام بأي تشخيص لوضعية اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية.

ب ـ مأزق غياب التصور الاستراتيجي

وأما على المستوى الاستراتيجي فإن وزارة التربية الوطنية التي التزمت أمام مجلس إدارة المعهد بتعميم اللغة الأمازيغية في حدود سنة 2011 على كل الأطفال المغاربة، فإنها لم تقدم أي تصور استراتيجي ولا أي مخطط عمل من حيث رصد الإمكانيات البشرية المؤهلة والإمكانيات المادية الكفيلة بإنجاح عملية الإدراج. وهو ما جعلنا اليوم نعيش وضعية الطريق المسدود، لا من حيث التكوين الذي بقي إلى حدود الساعة تكوينا مستمراً، ويعتمد على أساتذة ومؤطرين كُوِّنوا أصلاً لتدريس وتأطير اللغة العربية أو اللغة الفرنسية أو مواد أخرى، ولا من حيث توسيع قاعدة المتعلمين من خلال وضع برنامج مرحلي يتم الالتزام به، وتُحدّد إمكانياته البشرية والمادية. إن المتتبع لعملية إدراج اللغة الأمازيغية، سيحس، للأسف، أنه أمام سيناريوهات عبثية تحكمها، في الغالب الأعم، مواقف لحظية وردود أفعال كثيراً ما تنتهي إلى ترك الأمور على ما هي عليه. وها نحن اليوم، وبعد ثمان سنوات من تعليم اللغة الأمازيغية، تقدم لنا الوزارة أرقاماً تقول عنها بأنها تعكس واقع التقدم الذي حصل في تعليم هذه اللغة؛ فبعد كل المجهودات التي بُذلت في هذا المجال لا يتجاوز عدد المتعلمين الذين يدرسون الأمازيغية (والعهدة على الوزارة) 400.000 متعلم من ضمن حوالي ثلاثة ملايين ونصف متعلم في المراحل الابتدائية، وصفر (00) متعلم في الإعدادي والثانوي. وهذا يعني، بطبيعة الحال، أن وتيرة التعميم في الابتدائي لا تتجاوز 1.5 في السنة، وهي النسبة التي لن تحقق التعميمين الأفقي والعمودي إلا بعد أكثر من سبعين سنة (70 سنة)، أي بعد أن تكون اللغة الأمازيغية قد انقرضت قبل أكثر من 20 سنة كما تؤكد ذلك أغلب الدراسات في هذا المجال.

وأما فيما يتعلق بمراكز التكوين فإنه رغم الشروع في تقديم مصوغتين حول اللغة الأمازيغية وديداكتيكها، فإن الامتحان في مواد المصوغتين يظل اختيارياً، مما أفرغ العملية- للأسف- من أي مردودية. ونتيجة لغياب هذا التصور الاستراتيجي المشار إليه فُتحت أيضاً مسالك وماسترات للغة والثقافة الأمازيغيين على المستوى الجامعي، غير أن هذه المسالك ما تزال، إلى اليوم، عالة على غيرها من الشعب الأخرى، فكل الأساتذة الذين يدرسون في هذه الوحدات هم أساتذة معارون من شعب اللغة الفرنسية أو العربية أو الإنجليزية إلخ. أو هم باحثون بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مما يجعل هذه المسالك وهذه الماسترات مهددة بالإغلاق في أية لحظة، خاصة وأن الجامعات لم تخصص أي ميزانية لتعويض الأساتذة المتطوعين الذين أصبحوا يقومون بعمل إضافي إلى جانب عملهم الأصلي في الشعب التي وُظّفوا داخلها. بله إن الأدهى من كل هذا هو أن أول فوج سيتخرج من هذه الجامعات سيجد نفسه منضافاً إلى فلول العاطلين رغم الحاجة الماسة إليهم في ميادين التعليم والإعلام والإدارة. وهكذا ففي الوقت الذي تشتكي فيه الوزارة من قلة الكفاءات في مجال اللغة الأمازيغية وثقافتها نجد هدراً لهذه الكفاءات وإصراراً على اعتماد سياسة التكوين المستمر دون التكوين الأساس الذي يقدم أطراً ذات جودة عالية في الميدان.

ج- ملابسات التنفيذ

بالإضافة إلى كل ما أشرنا إليه، بله وبسبب المأزقين السالفي الذكر، فإن الكثير من المسؤولين على الأصعدة المحلية كثيراً ما يشككون في إرادة الدولة لمأسسة اللغة الأمازيغية وجعلها لغة للتعليم، ولذلك فإنهم يتعاملون مع هذه المأسسة بنوع من الاستهتار في الغالب، بله وتجتهد الفئة المناوئة منهم لعرقلة إدراجها في المنظومة التربوية من خلال:

ـ التوقف عند تدريسها، في الغالب الأعم، في السنتين الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، أي دون الاستمرار في تدريسها في المستويات الموالية،

ـ عدم احترام الحصص المخصصة لها من طرف الوزارة (ثلاث ساعات (03) )، إذ غالباً ما يتم الإنقاص من هذه الحصص واختزالها في ساعة أو ساعتين،

ـ عدم الاستمرار في دراستها أثناء انتقال المتعلمين من مستوى إلى آخر (إما نتيجة لتوقف تدريس ل.أ في السنة الثانية، أو نتيجة لإعادة انتشار وتوزيع التلاميذ على أقسام أخرى، أو نتيجة لانتقال الأستاذ إلخ)،

ـ عدم تكليف الأساتذة المكوَّنين في اللغة الأمازيغية بتدريسها، والاستعاضة أحياناً بأساتذة لم يتكونوا أصلاً، وفي حالات أخرى بأساتذة غير ناطقين بأي فرع من فروع الأمازيغية،

ـ رفع ثمن الكتاب المدرسي الأمازيغي إلى مستويات قياسية (نموذج كتاب السنة الأولى) وعدم توفيره في جميع نقاط البيع بمختلف مناطق المغرب،

ـ حل المشاكل التنظيمية (انتقال، إعادة انتشار الأساتذة إلخ.) على حساب تدريس اللغة الأمازيغية،

ـ عدم احترام المذكرات الوزارية التي تؤكد على ضرورة إرسال أساتذة ناطقين بالأمازيغية للاستفادة من التكوين، مما يؤدي أحياناً إلى إفشال الدورات التكوينية برمتها أو على الأقل إلى ضعف تمكن المستفيدين من المواكبة نتيجة عدم إتقانهم للأمازيغية،

ـ تهميش الكفاءات الأمازيغية في مجال التكوين والتدريس، وعدم أو ضعف استثمارها من خلال إشراكها في المشاريع التربوية والديداكتيكية التي تباشرها الوزارة على الصعيدين الوطني والمحلي.

هل يمكن الحديث بعد هذا الجرد للمآزق التي أصبحت تتردى فيها تجربة تدريس اللغة الأمازيغية عن فشل نهائي لها، أم أننا نعتبر أنها مرحلة منتظرة، وأن هذه التجربة ستعرف عنفوانها عندما ستختفي كل المعوقات المشار إليها؟ إن الحقيقة هي أن المنخرطين في هذه التجربة كانوا واعين، بشكل أو بآخر، بالمقاومات التي سيواجهونها داخل دواليب الدولة، خاصة وأن الجسد التعليمي الذي بنته الحركة الوطنية قد تشكلت لبناته من ركائز ترفض التعدد والتجديد وتحيل على الماضي والتقليد أكثر مما تحيل على الحاضر والمستقبل. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الذي لم يكن في الحسبان هو أن يتراجع دور المجتمع المدني الأمازيغي في التأثير على مجريات الأحداث الثقافية بالمغرب. فهذا المجتمع، الذي وجد نفسه أمام مؤسسة رسمية تمارس بها الدولة سياستها الثقافية في ظل الشروط المعروفة، لم يتجرأ لكي يعيد النظر في آليات اشتغاله، ولا في المفاهيم التي تؤطر أشكاله التنظيمية، ولا في الخطاب الذي يبرر بها مشروعه. لقد اكتفى في جزء منه باعتماد خطاب الرفض المطلق دون طرح أي بديل، أو باعتماد، في الجزء الآخر منه، لسياسة التنشيط الثقافي المناسباتي دون أي انخراط فعلي في إعادة هيكلة النسيج الجمعوي الأمازيغي، وبناء الأداة (الأدوات) التنظيمية القمينة بتحريك الوعي الهوياتي الجماعي للمغاربة والضغط في اتجاه الخروج من المأزق.

وإذا كنا اليوم نعيش مفصلاً حاسماً في حياتنا الثقافية واللسانية، نتيجة لما أوردناه وللوضعية الصعبة التي تمر بها الأمازيغية، فإن المطلوب مرحلياً، على الأقل، القيام بما يلي:

ـ على مستوى الوزارة الوصية والمؤسسات التابعة لها

1ـ الحفاظ على المكتسبات التي حققتها الأمازيغية منذ خطاب أجدير التاريخي والمتمثلة في الاعتراف الرسمي بخط تيفيناغ، وتبني النهج المعياري المتدرج للغة، واعتبار اللغة الأمازيغية وثقافتها مسؤولية وطنية وملك لجميع المغاربة بدون استثناء،

2ـ إعادة تحيين اتفاقية الشراكة بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية، ووفاء هذه الأخيرة بكل تعهداتها فيما يتعلق بالتعميم على المستويين العمودي والأفقي،

3ـ متابعة تنفيذ مقتضيات المذكرات التي صدرت عن الوزارة والحرص على تطبيقها لضمان التنسيق الداخلي بين الوزارة والأكاديميات وبين هذه الأخيرة وبين النيابات والإدارات المدرسية،

4ـ احترام مبدأ إلزامية اللغة الأمازيغية بالنسبة لكل الأطفال المغاربة، وتوسيع الغلاف الزمني من ثلاث (03) ساعات في الأسبوع إلى ست (06) ساعات مرحلياً،

5ـ إصدار ترسانة تشريعية من مراسيم وقوانين وقرارات لتنظيم تدريس اللغة الأمازيغية في كل الأسلاك التعليمية، وبمختلف مراكز التكوين،

6ـ تبني استراتيجية ملائمة لحل إشكالية الموارد البشرية الخاصة بالأمازيغي من خلال:

7ـ الإدماج المباشر لحاملي دبلوم الدراسات الجامعية العامة (DEUG)، وكذا لحاملي اللسيانس في الدراسات الأمازيغية على غرار ما تقوم به الوزارة بالنسبة للمواد الأخرى،

8- دعم التكوين الأساس بانخراط الجامعة المغربية في إحداث مسالك وماستر «الدراسات الأمازيغية» في كل الكليات على المستوى الوطني، وتعميمه في كل مراكز التكوين، والعمل على اتخاذه مرتكزاً أساسياً في تكوين مختلف الأطر التربوية الأمازيغية،

9- تفعيل التكوين المستمر بانخراط كافة الأكاديميات فيه مع تشجيع الأطر العاملة في الميدان وتحسين أدائها وتطوير كفاءاتها التربوية والديداكتيكية،

10ـ إخضاع اللغة الأمازيغية للامتحانات الإشهادية، وخاصة شهادة الدروس الابتدائية في نهاية التعليم الابتدائي، في انتظار أن يتم إدراجها في الثانوي (الإعدادي-التأهيلي) لتشمل الامتحانات الإشهادية لهذين السلكين،

11ـ تفعيل خلايا التدبير والتتبع التي يتعين أن تجتمع كل أسدوس لتقديم تقارير تقويمية حول وضعية تدريس الأمازيغية مع استكمال تأسيس هذه الخلايا في كافة الأكاديميات والنيابات التي لم تحدث فيها بعد،

12ـ إدراج الأمازيغية في التعليم الأولي الخصوصي والعمومي بصفة عامة وفي التعليم الخصوصي إسوة بالتعليم العمومي،

13ـ تدريس اللغة الأمازيغية لأبناء المغاربة في بلدان الإقامة،

14ـ إدراج الأمازيغية في مؤسسات التكوين المهني وفي مؤسسات تكوين الأطر،

15ـ إدراج الأمازيغية في برامج محو الأمية والتربية غير النظامية،

16ـ إدراج اللغة الأمازيغية وديداكتيكها وثقافتها في برامج مراكز التكوين،

17ـ القيام بعملية تشخيص وتقويم للوضعية الراهنة.

ـ على مستوى المجتمع المدنى

خلق جامعة وطنية تكون مهمتها الأساسية هي:

1ـ فتح حوار وطني من خلال تنظيم ملتقيات حول أهم التحديات التي تواجه المشاريع الثقافية الوطنية، والعمل من خلالها من أجل استقطاب الرموز المؤثرة داخل الدولة وفي المجتمع السياسي والحقوقي والاجتماعي والفكري إلخ،

2ـ فتح حوار أمازيغي – أمازيغي من أجل الانتقال من حالة الشتات التي تسم المبادرات الأمازيغية إلى حالة العمل المهيكل المبني على استراتيجيات محددة ومشتركة،

3ـ تنظيم حملات تحسيسية لدى الآباء والأمهات من أجل إقناعهم بأهمية تدريس اللغة الأمازيغية، وتحويل هذا الإقناع لديهم إلى حاجة مطلبية ماسة،

4ـ تتبع عملية إدراج اللغة الأمازيغية في مؤسسات الدولة والعمل للضغط من أجل تجاوز المقاومات التي تواجهها العملية بتوسل جميع الأشكال النضالية المشروعة،

5ـ إطلاق جامعات صيفية وربيعية وشتائية حول قضايا تهم اللغة الأمازيغية وثقافتها، وتكون مفتوحة للعموم بجميع مناطق المغرب،

6ـ اتخاذ خطوات إجرائية وعملية للاعتراف بدستورية اللغة الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية،

7ـ اتخاذ خطوات إجرائية وعملية لاستصدار نصوص قانونية ومراسيم لحماية اللغة الأمازيغية في جميع المجالات (الإدارية والإعلامية والتعليمية).

على سبيل الختم

إن الأمازيغية ما تزال في نظرنا محتاجة إلى نفس نضالي قوي مسنود بمشاريع مجتمعية وفكرية واضحة، كما أنها محتاجة إلى أدوات تنظيمية قادرة على لم الشتات في إطار يمكن من العمل المشترك والمنظم. فرغم الانفتاح النسبي الذي نشاهده اليوم فإن المنع ما زال يطالها، وهذا ليس فقط في مجال التعليم كما رأينا، أو في مجال الإعلام الذي يجد له منافذ عسيرة لمنافسة القنوات الوطنية والعالمية، ولكن أيضاً في الحياة الخاصة للناس كما هو حال أمر منع تسمية المواليد الجدد بالأسماء الأمازيغية، أو كحال تغيير أسماء الأماكن من خلال تعريبها أو تشويهها. ويتجلى هذا المنع بشكل أكبر في الغياب التام لحرف تيفيناغ من جميع المؤسسات العمومية، ومن جميع الملصقات والإعلانات العامة، وهذا بالرغم من اعتماده حرفاً رسمياً منذ أكثر من ست سنوات. ولأن هذه اللغة وهذه الثقافة أصبحت تعيش أوضاعاً حرجة بشهادة اليونسكو والمختصين في المجال، فإن أهمية تدخل الدولة لن تكون له الفعالية الحاسمة، في نظرنا، إلا بتعميق الشعور بأهميتها لدى المغاربة، والتزام المتكلمين بها باستعمالها في تواصلهم اليومي، واستمرارهم في الإنتاج الإبداعي بها، وتعبئتهم المنظمة من أجل الدفاع عنها. وأما في حالة تخليهم عنها لصالح لغات أخرى، وعدم اهتمامهم وتتبعهم لمسار مأسستها، وغيابهم عن مواقع القرار وعدم تنظيم أنفسهم في هياكل وتنظيمات وطنية ودولية قوية، وضعفهم في إنتاج المشاريع المجتمعية الكبرى المسندة فكرياً وفلسفياً، فإن كل المجهود الذي قد يبذل على الصعيد المؤسسي سيكون مآله الفشل. وعليه، فإن دور المجتمع المدني سيظل حاسماً في الحفاظ على هذه اللغة وهذه الثقافة من خلال تعميق الوعي بأهميتها كلغة أم، ومن خلال القيام بحملات تحسيسية لدى الآباء والأمهات، والمشاركة الفعلية في تعليمها، والقيام بأنشطة ذات بعد وطني ودولي، واقتراح آليات للضغط على من بيدهم القرار السياسي لتجويد إدماجها، وإيجاد الصيغ القانونية لحمايتها.

1ـ لقد شكل موضوع معيرة اللغة الأمازيغية ومعيرتها مطلباً ملحاً للحركة الثقافية الأمازيغية، وقد اعتمد مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على أدبيات هذه الحركة لاتخاذ قرار المعيرة المتدرجة.

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting