|
|
تناقضات حزب العدالة والتنمية الإسلاموي بقلم: مصطفى ملو
لا يختلف اثنان في كون حزب العدالة والتنمية الإسلاموي، هو الحزب الذي شغل الناس وملأ الدنيا بتناقضاته ومواقفه المتذبذبة وغير الواضحة إزاء مجموعة من الأمور، بدءا من موقفه من حركة 20 فبراير، مرورا بالتعديلات الدستورية، فالاستفتاء وصولا إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، يضاف إلى ذلك كله، أسلوبه القائم على التهديد والوعيد وتخوين وتكفير كل خصومه ومنتقديه. في هذا المقال سنحاول التعرض لبعض من تناقضات هذا الحزب، وإن كنا نعلم مسبقا بأننا سنصنف ضمن دائرة الخونة والعملاء والكفار والمغضوب عليهم من قبل الحزب الواحد، الأحد، القهار، الذي لا يريد من الناس إلا أن يسبحوا بحمده، إن هم أرادوا أن لا يدخلوا في خانة المغضوب عليهم، وأن يكونوا في قفص الكفار، أعداء الدين... -أول التناقضات الخطيرة لهذا الحزب هو تناقضه الصارخ مع قانون الأحزاب، وذلك لقيامه على استغلال الدين الإسلامي، الشيء الذي يعتبر خرقا لهذا القانون، الذي يمنع قيام أحزاب على أساس ديني أو لغوي أو عرقي، وهذا ما يمثل تهديدا حقيقيا للديمقراطية ولوحدة المغاربة، لأنه غدا أو بعد غد سترتفع أصوات لمسيحيين أو يهود مغاربة يطالبون بتشكيل أحزاب خاصة بهم، وسيكون ذلك من حقهم-طبعا-، ما دام هناك أحزاب إسلاموية في البرلمان المغربي، وما دام أولئك المسيحيون أو اليهود مغاربة، لهم كامل حقوق الترشح والتصويت وإنشاء الأحزاب والجمعيات، بل إن هذه الأصوات بدأت تعلو وتطفو إلى السطح، وآخرها كان رسالة المسيحي المغربي إلى الملك محمد السادس. -حزب المصباح، عوض المقارعة الفكرية ومقابلة الحجة بالحجة، يفضل اللجوء إلى أسهل الطرق لمواجهة الخصوم وتبخيس نضالاتهم، حيث يلجأ إلى أسلوب الاتهام بالتخوين والتكفير والعمالة، كما يفعل مع النشطاء الأمازيغ، الذين يفضحون أسلوبه العنصري القائم على استغلال الدين أبشع استغلال ويجعله سيفا مسلطا على رقاب خصومه، كما قد تكون التهمة مضحكة تنم عن غباء سياسي وتهريج عاطفي، وتتمثل هذه التهمة «الخطيرة» في صداقة الملك، كما يفعل هؤلاء الإسلامويون مع خصومهم «الباميين»، وهنا مربط الفرس ومطرح التساؤل؛ من يكون المرحوم عبد الكريم الخطيب مؤسس حزب العدالة والتنمية، ألم يكن من أقرب المقربين والأصدقاء للحسن الثاني؟ ومن يكون بنكيران، الذي صرح قبيل التعديل الدستوري بأنه مع ملكية مطلقة تحكم وتسود، فكان بذلك ملكيا أكثر من الملك نفسه، الذي أعلن نيته التنازل عن مجموعة من الصلاحيات؟ فهل بنكيران ورفاقه باتهامهم للباميين بصداقة الملك، يقصدون أنهم أعداء للملك أم ماذا؟ -في إحدى خرجاته الإعلامية، الشعبوية التي يطلق فيها بنكيران العنان للسانه دون احتياط ولا حذر من الوقوع في زلات لسان، كشف بعظمة لسانه عن تواطؤ حزبه مع الداخلية لتمرير الدستور، ضدا على إرادة الشعب المغربي، واليوم نجد هذا الحزب يرفض تدخل الداخلية في الانتخابات المقبلة، بل يرفض ويطعن في اللوائح التي قبلها بالأمس القريب أيام الاستفتاء، وهو أمر يعسر على الهضم ويثير علامات استفهام وتعجب كبيرة. -في ديمقراطية العدالة والتنمية، كل من ينتقده فهو مأجور وعميل وخائن وضد الإسلام، كأن حزب العدالة والتنمية هو عين الإسلام ولا إسلام غير إسلامه، فعصيد زنديق وملحد وعميل، ليس لأنه ضد الإسلام، بل لأنه يفضح استغلال البيجديين للإسلام أبشع استغلال، فهذا الحزب يعتبر نفسه الوصي الشرعي على الإسلام، وبالتالي لا يحق لأحد إعطاء رأيه أو موقفه حول الشأن الديني لأنه وقف خاص بحزب العدالة والتنمية. - تبادل الأدوار وغياب الديمقراطية الداخلية، بل وغياب الجرأة والشجاعة على نقد أو معارضة وزجر بنكيران، هي إحدى التناقضات الفاضحة التي تميز حزب العدالة والتنمية، فبنكيران بيده ملكوت كل شيء، يشرق ويغرب بأسلوب شعبوي بعيد عن أي أخلاق أو حنكة سياسية ودبلوماسية، ومع ذلك فلا أحد من رفاقه بقادر على نهره، أو على الأقل تنبيهه ونصحه، مادام تقديم النصح من أخلاق المسلم، وكمثال على ذلك أن الأستاذ المحترم سعد الدين العثماني-الذي نكن له كل الاحترام والتقدير-، والذي وقف مع ترسيم الأمازيغية لم يستطع هو ومن معه منع بنكيران من الإدلاء بتلك التصريحات العنصرية، التهديدية في حق الأمازيغية ومستقبلها، ولم يستطيعوا حتى شجب تلك التصريحات أو استنكارها بعد خروجها من فاه بنكيران، ليخرج العثماني بعد ذلك كاتبا مقالا بعنوان»حتى لا تظلم الأمازيغية»، متجاهلا أن حزبه وأمينه العام هم أول من ظلم الأمازيغية، عندما نصبوا أنفسهم مانحين للجنسية ولصفة الوطنية لهذه اللغة التي عمرت بهذه الأرض لآلاف السنين، وهذه كلها أمور تؤكد على أن العدالة والتنمية يفتقد إلى ديمقراطية داخلية تمكنه من محاسبة أعضائه عن كل خطأ يرتكبونه، أو زلات لسان متكررة وغير محسوبة العواقب لا على الحزب فقط، بل على الوطن والمواطنين، وهذا كله جعل بنكيران يتصرف ويتفوه ويحرم ويحل ما يشاء دون حسيب ولا رقيب، ليقينه بأن باقي إخوانه لا حول لهم ولا قوة، وإلا فكيف يسكتون عن عجرفته وغطرسته كأن الحزب له وحده ولا أحد برادعه؟-يعتقد بعض المنتمين لحزب العدالة والتنمية، أن حزبهم هو الوحيد الذي يتوفر على ما يسمونه أطرا ذات كفاءات ومستوى تعليم عالٍ، مصورين بذلك «لمريديهم» وللرأي العام بقية الأحزاب وكأنها أحزاب «سطولا» على حد تعبير المغاربة، أوكأنها لا تتوفر على أطباء ومهندسين ومحامين وأساتذة جامعيين، يتفوقون ربما في كفاءاتهم ومستواهم وتخصصاتهم الكثير من المنتمين إلى حزب المصباح. -كثير من المنتمين لهذا الحزب، يكتبون لمدح حزبهم والثناء على» إنجازاته»، دون أن يكشفوا عن صفتهم الحزبية وانتمائهم السياسي إلى هذا الحزب، متجاهلين أن مادح نفسه كذاب، وأن المثل الأمازيغي يقول «الأصبع لا يشير إلى صاحبه»، ومعناه أنه من الصعب وربما من المستحيل أن يعترف المرء بعيوبه، وأن الجمهور هو الذي يحكم على لاعب كرة قدم وليس هو نفسه، ومن الأمثلة على ذلك أن أحمد الشقيري الذي يضيف لاسمه <>الديني>>، ظل لمدة طويلة يكتب عشرات المقالات يدافع فيها عن حزب المصباح وعن توجهاته ويرد على كل منتقديه، حتى خيل لنا أنه كان يفعل ذلك <>في سبيل الله وابتغاء مرضاته>>، في حين أنه إنما كان يجاهد ويجتهد لأنه عضو في الأمانة العامة لهذا الحزب، وهو الأمر الذي لم يكتشف إلا بعد مقاله الأخير المعنون ب>>محاصرة حزب أم محاصرة خيار شعبي>>، حيث ظهر الشقيري بصفته الحقيقية، أما عنوان مقاله فقصة أخرى، فهو بعنوانه ذاك يكون قد حسم في إرادة الشعب المغربي وخياراته واختياراته، التي يمثلها حسب زعمه حزب العدالة والتنمية، فإذا كان خيار الشعب حسب أحمد الشقيري معروفا مسبقا ونتيجته هو العدالة والتنمية، فما الفائدة من إجراء الانتخابات إذن؟ -في سؤال للمساء في حوار مع لحسن الداودي، جاء كما يلي: هناك يقين لدى بعض قيادييكم بأن الحزب سيتصدر نتائج الانتخابات التشريعية، على أي أساس تبنون ذلك؟ «في سنة 2002 كنا أول حزب من حيث عدد الأصوات، لكن زولو لينا شي باركا حتى ولينا الثانيين... أخال أن شعبية الحزب زادت عن سنتي2007و2009، وهو ما نبني عليه توقعنا بخصوص تصدر المشهد الحزبي»1. ليسمح لنا السي الداودي أن نقول له بأن جوابه مضحك ولا يخرج عن إطار الخطب الشعبوية التي يلقيها أمينه العام على جموع المريدين الذين لا يتقنون سوى التصفيق، هذه الخطب التي لم تعد تقنع حتى <>الأميين>>، فإذا كان هذا الحزب هو الأول سنة2002 لماذا تنازل عن حقه وقبل بالانبطاح والمشاركة في اللعبة السياسية ورضي بالفتات، خاصة وأنه يعلم بأنه <>مظلوم>> وحرم من بعض الأصوات؟ ومتى كانت شعبية الأحزاب والأشخاص تبنى على التخيلات والخيال(أخال)؟هل قام حزب الداودي باستطلاع للرأي أو بإحصاء ليعرف قدره وشعبيته، أم أنه يكتفي بما يقال في المنتديات والمواقع الالكترونية التي لا تعكس بتاتا الواقع لاعتبارات عدة؟ هذه بعض التناقضات التي تعشش في حزب العدالة والتنمية، والتي عوض أن يتقبلها بصدر رحب ويعمل على تصحيحها وتفاديها في المستقبل، نجده يتمادى في ارتكابها، بل ويصر على نعت كل من يكشفها بأقبح الأوصاف من بلطجية وشبيحة2، التي يقابلها ب»اللغة المغربية «الشمكارة، وذلك في غياب أي وازع أخلاقي أو ديني أو تربوي، مما يدل دلالة واضحة على أن هذا الحزب مصاب بتضخم الأنا، ولا يهمه إلا مصلحته، ولا يعير أدنى اهتمام لحقيقته التي كتب ويكتب عنها الكثيرون ولاعتقاد أعضائه أنهم وحدهم من يمتلكون ناصية جميع الحقائق، وأنهم سيوف الإسلام الذي لا يحق لأحد غيرهم حتى التجرؤ على الحديث عنه، إذ لسان حالهم يقول»نحن ومن بعدنا الطوفان»، متجاهلين أن حزبهم أول من سيجرفه الطوفان، لكن عندما يعي المغاربة- كل المغاربة- أنهم مسلمون منذ أزيد من 14 قرنا بلا العدالة والتنمية ولا غيره، وأنه لا حاجة لنا بأحزاب دينية لأننا مسلمون بلا بها، وأن لا أحد من حقه أن يزايد عليهم بإسلامه أو يهددهم به، «يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم، بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين». 1-حوار لجريدة المساء مع لحسن الداودي، عدد1556 الصادر يوم الجمعة 23/09/2011. 2-مقال لمحمد يتيم بعنوان>>كتائب في وضعية صعبة»منشور بموقع هسبريس يوم24/09/2011.
|
|