|
|
تأهيل العمران وإهمال الإنسان بالريف بقلم: فكري الأزراق لا أحد يجادل في كون منطقة الريف تعرف عدة مشاريع في الآونة الأخيرة، أي منذ أن بدأ الملك يزور الجهة ويدشن المشاريع بها. وهكذا رأت النور مشاريع عديدة كانت عالقة في نفق النسيان منذ وقت ليس بالقريب نذكر منها: ميلاد المدينة الجامعية بسلوان/ إقليم الناظور، ربط مدينة الناظور بخط السكة الحديدية، إنجاز الطريق الساحلية، مدينة بادس بإقليم الحسيمة، شق بعض الطرق... وغيرها من المشاريع التي يكون الهدف من ورائها تأهيل منطقة الريف وإلحاقها بقطار التنمية بعدما كانت مقصية بشكل نهائي من ركب التنمية. إلا أن الملاحظة المهمة البارزة في انفتاح الدولة على الريف هو أن هذا الانفتاح لا زال قاصرا يجسده العدول عن أولويات المنطقة لكماليات لا يستفيد منها إلا القليل من النخب المعروفة )...( . ففي جرد سريع للمنجزات نلاحظ أنها انصبت على مشاريع ليس بإمكانها النهوض بالريف نهوضا حقيقيا ما دامت ترتكز على العمران وتهمل الإنسان، فقد سمعنا السنة الماضية عن مشروع إقامة ملعب للغولف بالناظور وهو ما استدعى سخرية الناس، كيف؟ والريف ملعب غولف كبير والريفيون هم الكرة التي يقذفها المسؤولون ويرمي بهم الزمان في حفر مظلمة أكثر ضيقا من حفر الغولف نفسها... أليس لسكان الريف مطالب أهم من تزيين كورنيش الناظور والحسيمة، وإقامة الفنادق المصنفة ليستمتع بها السياح المحترمون جدا رفقة بناتنا اللواتي يدفعهن الفقر وتفاقم المشاكل الاجتماعية إلى بيع أجسادهم لمن يدفع أكثر، معتقدات أنهن وكالات سياحية يساهمن في رفع عدد السياح ليستقبل بلدنا 10 ملايين سائح في أفق 2010 ؟؟؟؟ أليس لسكان الجهة مطالب أهم من إقامة مهرجانات للعربدة من شأنها أن تذهب بحياء المنطقة إلى غير رجعة؟؟ لقد غزت الثقافة التغريبية الاستهلاكية كل مناطق الريف وظهر جيل جديد من الريفيين لا يقيمون وزنا للكرامة ولم يرثوا سجايا الأجداد في عزتهم وشموخ نفوسهم. إن هذه المشاريع التي تقام بمختلف مناطق الريف يرى العديد من المتتبعين أنها لا تنسجم مع انتظارات السكان، ونخشى أن تكون من صنف المخدرات التنموية والإنعاس الاقتصادي عوض الإنعاش. إن التنمية الحقيقية دائما تنطلق من تنمية الإنسان والنهوض بأوضاعه فهو القاعدة الأساسية والنواة الصلبة لأي إقلاع تنموي حقيقي كما جاء ذلك في خطاب العرش الأخير بمناسبة الذكرى التاسعة لاعتلاء محمد السادس العرش حين قال: "تحسين المعيش اليومي الملح للمواطن بالبرامج المحلية لمحاربة الفقر والهشاشة وهو ما نعمل على بلوغه بجعل تحرير المبادرات وتعبئة الطاقات قوام المشاريع المندمجة والملموسة، غايتنا المثلى وضع الإنسان في صلب عملية التنمية في مغرب نريد أن تكون موارده البشرية ثورته الأساسية" إن الإقلاع الاقتصادي الحقيقي وإيجاد حلول إستراتيجية على المدى البعيد لمختلف الإشكاليات المطروحة دائما تنطلق من تنمية الإنسان من خلال كشف القدرات الوطنية الصادقة ومحاولة معرفة الذات كطريق نحو تنمية حقيقية حيث لا تنمية بشرية دون تنمية الإنسان ومعرفة ذاته وجذوره التاريخية. فهي المنطلق نحو المستقبل وعليه تنبني كل المخططات التي تهدف إلى تقدم المواطن عبر إعادة الاعتبار لثقافة الريف والبعد الإفريقي للإنسان الريفي وكذلك إعادة الاعتبار للملاحم البطولية لأهل الريف والاهتمام بتاريخهم التليد وحاضرهم المجيد لبناء الصرح المشيد.... (فكري الأزراق، fikri-87@hotmail.comwww.fikrielazrak.tk)
|
|