|
|
بلا عقد ثلاثة رؤوس.. غزة.. والقومية العربية.. بقلم: محمد بوزكَوتزامنت خلال الأيام الأخيرة ثلاث مناسبات تؤرخ لثلاثة أحداث تعد أساسا لتقويم الزمن... قلت ثلاث مناسبات فقط لكونها المعنية بالنسبة للمغرب، على الأقل... إنها ثلاثة رؤوس لعام واحد، رأس إسلامي ورأس مسيحي ورأس قديم أمازيغي.. والعام واحد.. في مغربنا الغريب نحتفل بالرأس الأول والرأس الثاني، بل وتعتبرهما الدولة يومي عطلة مؤدى عنهما.. كما يخصص لهما احتفالات وطقوس... أما الرأس الثالث (رأس العام الأمازيغي)، والذي أصابه شيب الزمن، فقد بتروه عن جسده وأضحى ضميرا مستترا... هذا الرأس الزمني أصيب، بفعل النسيان، بمرض باركينسون... إذ بدل أن يكون مرجعا لتقويم الزمن أصبح هو المحتاج للتقويم عسى أن يتذكره الزمن... 2959 سنة مضت على انتصار شاش نونك الأمازيغي على الفراعنة... 2959 سنة من حياة جنس بشري كُتب له أن يعيش بالصورة فقط كاتما للصوت في المدرسة، في التلفزة، في الإدارة، في المحكمة وفي الأوراق من تعريف وجواز سفر ورخصة سياقة وعقد نكاح... نعم، نحتفل برأس عامنا الأمازيغي في صمت... نحتفل إلى آخر الليل لنستيقظ أول الصباح للعمل... نشتغل في يوم كان من العدل أن يكون يوم عطلة.. وبما أن العدل في غيبوبة طويلة غاب العيد وغابت معه عطلة رأس العام الأمازيغي... ومع ذلك نحتفل ونشتغل.. وفي صمت.. نتبادل التهاني ونتبارك... نأكل فواكه جافة في يوم مبلل.. نستحضر الأيام الخوالي... أيام الكرموس اليابس و»ثيغواوين» واللبن... نفرح نحن أيضا ونبتهج لكوننا لنا رأس عام.. رأس عام لا دولة تتبناه ولا أحزاب تطالب به يوما للاحتفال ولا مدرسة قررته ولا تلفزة برمجته... رأس عام بلا رأس... وأنا أكتب تساءلت: ما علاقة الرؤوس الثلاثة مع غزة؟ والقومية العربية، ما ذنبها؟ لن أجيب على كل سؤال على حدة... سأحاول الجواب كُرْجَة، أي بالجملة لا بالتقسيط... تتبعوا معي.. مع طلوع رؤوس هذا العام الثلاثة طلع شيء ما في حماس وقذفت إسرائيل بالقسام... علها تحرر فلسطين.. بعد أن عجز عباس عن تحريرها بالكلام.. فأقسمت الدولة العبرية ألا تترك شيئا ما يتحرك في غزة دون أن تقذف فيه ما بداخلها من مكبوت... صواريخ على مقاس أعواد كبريت تخلع ولا تقتل كانت كافية لكي يشعل أبناء يعقوب محركات طائراتهم ومدافعهم ليمطروا أبناء عمومتهم أحفاد إسماعيل بوابل من الموت... اختلط علينا نحن الأمازيغ أمر احتفالنا برأسنا السنوي... وكأن إسرائيل تضامنت مع المد العروبي في محاولة لإلغاء مظاهر الاحتفال.. هناك من ألغى ذلك فعلا بوازع التضامن الإنساني... وهناك من قلص احتفالاته بوازع التضامن الإنساني أيضا.. الضمير الإنساني موجود والاحتفال يختلف... وهذا من شيم الإنسان الحر.. أطفال فلسطين وشيوخها طحنتهم القنابل، نساء ورجال فتتهم الرصاص... ومِن هناك إسرائيل تغني أنشودة الحياة... أما العرب فقد فرشوا بياناتهم وتنديداتهم أرضا وبدؤوا معركة الرقص... وفي الكوزينة كَاميلا تطيب على نار هادئة بداخلها خجلهم وحياؤهم وبعض من توابل العروبة، وفي انتظار المائدة ينغمس بنو يعرب في أداء النشيد القومي تاركين الفرصة لفلذة كبدهم المسماة قومية عربية ترقص على قبور الضحايا تضامنا وتوحدا... في جو صوفي تتوحد فيه الذات الإلهية مع الذات الإنسانية على رأي الحلاج... ألا تجمع العرب وحدة اللغة والدين والجنس.. والمصير المشترك؟. وحدة لغة البيانات الصفراء.. وحدة صلاة الجنازة على الغائب... وحدة الموت أو المصير المشترك وهو نفس مصير جميع بني البشر... احتفل العرب برأسي عام... هجري وميلادي... وبعد أن حيدوا الثمالة... نط فيهم ضميرهم العربي وصحا هو الآخر من السكر.. فتذكروا أن هناك غزة ما تُدمر بشيء ما... وبدؤوا التحرير... تحرير بيانات الأسف والمكر... عرب حركهم وازعهم القومي ومن تحت الطاولة توحدوا بحماس من أجل محو حماس... وهم في الأصل يمحون فلسطين بما حملت... إسرائيل كشفت بقنابلها أن الدم العربي رخيص رغم غلاء مصطلحات وبنود الفكر القومي العروبي... مئات الأطفال يُقتلون وآلاف الكلمات تُصاغ... أرواح شيوخ تُزهق وكلمات وإن شاخت ما زالت تُطنب... إسرائيل تُصَعد حربها.. والعرب تُصَعد لهجتها.. في أفق تحقيق المطلب الاستراتيجي: مع كل قنبلة قُبلة.. حال العرب لا يُحسد عليه... يبحثون عن جذور لهم في إفريقيا... وجذورهم تجتث في آسيا... يديرون ظهرهم لغزة ونابلس وعيونهم في تازة وطرابلس... ألم أقل لكم إن للسنة ثلاثة رؤوس؛ أمازيغي، ميلادي وهجري لكن العام واحد... وأن للقومية العربية ثلاثة عناصر: اللغة، الدين والمصير المشترك لكن غزة واحدة.. هكذا حال العرب، يختصرون كل شيء، وإن تعدد رغما عنهم يضربونه في واحد... والنتيجة دائما تقديرها واحد الدالة على العرب... وبدون عقد... مهما كان سبب العدوان، سنندد بقتل الأبرياء في غزة لأنهم أناس مثلنا... وسنتضامن معهم بقلبنا وبأمازيغيتنا... وسنحتفل برأسنا السنوي متى ساد العالم السلام... والسلام.. والنتيجة ليست دائما واحدا... (محمد بوزكَو، thawalin@hotmail.com) |
|