uïïun  109, 

smyur

  2006

(Mai  2006)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

ta^rumifubit niv udm nni^dn n tmazivufubit

Aghmis n ssvabah

Injan ur itiriden

Tamzgunt iddern

Twerghiwin

sms n wmsbrid

Syulut

Awar ameggaru

Ighriwen

Munatagh

Ar tzuzzrrm

Tazebyit n wussan

Français

Le complexe d'Augustin

La colonisation française et imazighen

L'amour dans la poésie amazighe

Najat Aatabou, une chanteuse arabe!!!

La langue de maère

Appel du CMA

Journées culturelles amazighes à l'univ. d'Agadir

 Tamawayt

Association Azemz

Félicitations

Communiqué de tilelli

العربية

النصرنوفوبيا أو الوجه الآخر للأمازيغوفوبيا

هروب الأمازيغ من التجريد كخلاص

لماذا لا ينتقدون من يتطاول على اللغة الأمازيغية؟

صراح مؤقت لمدينة أشّاون

الفيدرالية والحكم الذاتي للصحراء

توظيف التاريخ في رواية "جار أوجار

بعض الأشكال التعبيرية ذات الطابع الاحتفالي

رصد لمادة التراث الشعبي في كتب التراجم

الشعر الأمازيغي بالريف

هل تصبح الأمازيغية لغة رسمية بمليلية المحتلة؟

حوار مع الفنان حستي

هوية مزورة

مائدة مستديرة حول التمييز العنصري

كرنفال امعشار

لجنة نساء أزطّا

تهنئة بمناسبة السنة الكردية الجديدة

بيان تضامني لجمعية تانوكرا بتنغير

بيان للحركة التلاميذية ببومالن دادس

أنشطة ثقافية لجمعية اناروز

تعزية جمعية أمنزو

تعزية جمعية تانوكرا

 

الفدرالية، الملكية والحكم الذاتي للصحراء
بقلم: كريم مصلوح

أولا: من أجل فدرالية تخدم الأمازيغية:
تحتاج الفدرالية إلى توضيح واسع. إلا أن هذا ما لا نسعى إلى الخوض فيه هنا. إن الحركة الأمازيغية تطالب بالنظام الفدرالي، باعتباره وسيلة مهمة لفتح المجال أمام المواطن للمشاركة السياسية، كما أنها – أي الفدرالية- بوابة نحو تدبير الأمازيغية بشكل عملي، وأكثر من ذلك للانفتاح على مستوى تامازغا كأفق جيوسياسي وحضاري للحركة الأمازيغية.
بالنسبة لفرحات مهني، زعيم الحركة من أجل الاستقلال الذاتي للقبايل، يعتبر، ما دام الأوربيون والأمريكيون لن يسمحوا بإنشاء دول أمازيغية مستقلة بالمنطقة (أي تامازغا)، فإنه لا مجال من خيار الحكم الذاتي، في انتظار تحقيق فدرالية جزائرية. وبالنسبة لفرحات فتحقيق مشروع سياسي وثقافي مشترك بين إيمازيغن، لا يمكن أن يمر إلا بتميزهم أولا كشعوب، كل في منطقته، ومن شأن هذا أن يكون مشروعا مضادا لما يدعى «باتحاد المغرب العربي» الذي هو حسب فرحات، اتحاد ينتظم ويتضامن فيه العروبيون (فرحات مهني، L’Autonomie de la Kabylie، TZIRI، العدد41، أكتوبر- ديسمبر 2005، مجلة أمازيغية تصدر بالفرنسية من بروكسيل).
ومما سبق أعلاه يمكن أن نلاحظ أن الفدرالية بالنسبة للحركة الأمازيغية لا يمكن أن تنفصل عن خدمة الأمازيغية، وخدمة المصالح المشتركة لإيمازيغن في إطارهم المحلي والجيوسياسي.
من جهة أخرى فإنه، لتوضيح دور الفدرالية لا بأس من إلقاء نظرة وجيزة عن الفدرالية في العالم، والتي لم يبلغ عدد الدول المتبنية لها –أي الفدرالية- ثلاثين دولة، حيث يمكن أن نكتشف بسهولة أن الفدرالية لم تكن بذلك السحر الذي سيخرج بعض الدول المتخلفة التي تبنت هذا النظام من تخلفها، من قبيل نيجيريا والمكسيك، ولكن من جهة أخرى يمكن أن نلاحظ أن بلدا كماليزيا بفدرالية تميل نحو المركز، نلاحظ أنها ساهمت في سبيل السير قدما ببلاد ماليزيا، لتتحول إلى قوة اقتصادية من المرجح أن يكون لها دور فاعل في المستقبل، كما أن الفدرالية ساهمت هنا في تدبير الإشكالية الثقافية في ماليزيا، خاصة بالنسبة «للبورنيين»، من خلال منح أوضاع استثنائية لكل من الوحدتين الفدراليتين: صباح، وسارواك وهما منطقتا تواجد البورنيين، بينما جارتها بيرمانيا، التي انفكت من قيد الاستعمار البريطاني في نفس الظروف تقريبا، والتي ستتبنى بدورها نظاما فدراليا، سنجدها لم تنج من الديكتاتورية العسكرية، لتفشل فيها الفيدرالية كلية voir Paul Isoart : Les Etats de l’Asie du sud-est- Economica-) Paris 1978 ). من جهة أخرى ستثبت تجربة الهند، وهو بلد فسيفسائي ثقافيا، إثنيا ودينيا، ستثبت أن الفدرالية ساهمت في التخفيف من أزمة الانفصالية، التي كان من الممكن أن تكون أحد الأزمات المرشح أن يعيشها هذا البلد.
كما أن بعض البلدان ذات النظام الاشتراكي سابقا، من قبيل الاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا، سينهاران وستنهار معهما فدراليتهما مع بداية العقد الأخير من القرن الماضي، ليتبين أنها لم تكن أكثر من فدرالية شكلية، تتحكم فيها فئة بيروقراطية من إفراز الحزب الوحيد، بينما البلدان المصنفة ضمن العالم المتقدم بامتياز (الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، ألمانيا، أستراليا، بلجيكا، سويسرا، النمسا) نلاحظ أن الفدرالية فيها، رغم كل ما تطرحه من مصاعب في بعض هذه البلدان، تصنف ضمن الفدرالية الناجحة، والتي ساهمت في التدبير الديمقراطي للقضايا الثقافية، كما ساهمت من جهة أخرى في تعزيز وتقوية التطور الاقتصادي.
إن الفدرالية ليست محددا للتقدم كما تبين سلفا، فالبلدان المتخلفة، والتي تعرف غيابا للديمقراطية وسيطرة الفئوية الاقتصادية والثقافية؛ لم تخرج من تخلفها بتبنيها للفدرالية، ولم تصل إلى مستوى عقلاني وواقعي في تدبير تفاوتاتها الإقليمية وتنوعها الثقافي.
إن قصدنا من هذه النظرة على بعض النماذج، هي تبيان أن ليس أية فدرالية هي حل للمغرب ومدخل نحو الديمقراطية. إذ أن هذه الأخيرة هي التي ستحدد لنا مدى نجاح أية تجربة فدرالية من فشلها، إضافة إلي تبيان أن ليس أية فدرالية هي بمثابة حل صالح للأمازيغية وللجهة الأمازيغية. لذا يظهر لنا، أنه لابد من وضع الفدرالية في مسار يفيد الأمازيغية ويخدمها، ومن خلال الغياب الشبه التام لإنتاجات للحركة الأمازيغية مرتبطة بهذا المجال، فنحن نعتقد أنه لابد من الدخول إلى مرحلة وضع موضوع كهذا في صيغة النقاش مع ربطه بالأمازيغية في أبعادها المختلفة (اللغوية، الحضارية...).
إن الفدرالية لا يمكن أن نفصل نجاحها عن ترسيم الأمازيغية، فلا يعقل أن تنتظر البعض الآخر ليتحدثوا لنا عن جهوية موسعة في ظل هوية العروبة. وهذا الشرط –أي ترسيم الأمازيغية- سيساهم في تقوية الهوية والحضارة الأمازيغيين، كما أن هذا الأخير ينبني بالأساس على وضع الجهة الأمازيغية (Entités Fédérées Amazigh) قيد الواقع، بمعنى لا مجال لتجاهل وجود جهات أمازيغفونية مهددة في خصوصيتها، لذا نعتقد أن هذه الأخيرة يجب أن تأخذ مكانتها الاستثنائية، وذلك بمنح أنظمة استثنائية لهذه المناطق لتنظيم علاقتها مع المناطق الأخرى ومع السلطة الفدرالية.
وباعتبار هذه الجهات عانت تهميشا اقتصاديا حادا، فإنه لا بد من منحها امتيازات مالية واقتصادية، بمثابة تعويضات عما تحملته هذه المناطق من أعباء في الوقت الذي كانت فيه الفئات الحاكمة تخدم بعض المراكز الكبرى، ومنحها اختصاص التضريب الاستثنائي في بعض المجالات التي تعود بحكم العادة إلى العاصمة الفدرالية. وكذا امتيازات في مجال الاستثمارات.
كما أن تفعيل تأسيس أحزاب جهوية أمازيغية معبرة بوضوح عن الساكنة وثقافة الوحدة الفدرالية وانشغالاتها الاقتصادية والاجتماعية أمر مهم. فمثلا وجود بعض الأحزاب التي يقودها بعض الريفيين، والذين يعملون على استغلال هذا البعد الجهوي للحصول على مقاعد ومناصب، ليعيدوا فيما بعد إنتاج نفس المركزية ودفاعهم عن البعد العروبي للمخزن والدولة، ما كان ممكنا في إطار أحزاب جهوية. كما أن هذه الأحزاب المركزية تشتغل في ظل نسق قائم سلفا، أي هي أحزاب تتحكم في قادتها مصالح لا ترقى إلى مستوى مصالح الجهة الأساسية، بقدر ما هي مافيا، تبحث عن حماية لها من السلطة في المركز.
لذا، فلا يعقل أن يبقى الريف أو أية منطقة أمازيغفونية خاضعة للعبة أحزاب عروبية تسعى إلى عكس النموذج الوحدوي حتى في ظل دعوتها لما يدعى بالجهوية الموسعة حاليا.
إن الوحدات الفدرالية باعتبارها تقوم على حكومات وبرلمانات جهوية، تتطلب وجود نخب في مستوى فرض مصالح الوحدة الفدرالية. وهذه النخب لا يمكن أن تكون من الأحزاب العروبية القائمة والمستغلة لأصوات المواطنين، في الوقت الذي ستشكل فيه أحزاب جهوية أمازيغية كبديل يلتف حولها المواطن الأمازيغي، وربما ستكون بمثابة الحل الممكن لاستيعاب بعض النخب المالية الجهوية، عوض بقائها مشتتة بين أحزاب عروبية.
ثانيا: الفدرالية، الملكية والحكم الذاتي للصحراء
يظهر القرار السياسي حاليا في يد المؤسسة الملكية، وهي مؤسسة بالقدر الذي تظهر حديثة فهي موغلة في التقليدانية. وبالنسبة للحركة الأمازيغية، فإنه لابد لها أن تحدد منظورها للفدرالية دون فصله عن المؤسسة الملكية.
نلاحظ أن قرار منح حكم ذاتي للصحراء جاء قرارا انفراديا من داخل القصر، ثم بعده إعادة الصورة المعروفة باستشارة الأحزاب. وبالنسبة للحركة الأمازيغية فإن موقفها من جبهة البوليزاريو أمر واضح، ودفاع إيمازيغن عن مغربية الصحراء مسألة بديهية ترتبط بالمرجعية الحضارية للحركة الأمازيغية، فلا يمكن قبول إنشاء جمهورية عربية صحراوية في أرض أمازيغية، ومن جهة أخرى، فإن الإيديولوجية العروبية هي التي أفرزت مشكلة الصحراء.
إلا أنه بالإضافة إلى هذا كله، فإن الملكية وجزء من الحركة اللاوطنية يتحملان مسؤوليتهما فيما آل إليه الوضع في الصحراء، وما كلفته هذه الأخيرة من أعباء على المواطن الذي همش عن الملف مطلقا. وتتجلى هذه المسؤولية في التفاوض اولا في إيكس ليبان عن بعض المغرب دون غيره، وبالإضافة إلى إيكس ليبان فالحركة اللاوطنية والملكية سيتحالفان على تفكيك جيش التحرير واغتيال قادته الذي كان الطرف القادر على تحرير الصحراء بالسلاح في وقته، في الوقت الذي سيعتمد فيه القصر باسم الدبلوماسية طريق المحكمة الدولية وإثبات وجود البيعة للسلاطين العلويين، وهو طريق بين التاريخ أنه كان دون نتيجة إيجابية على مستقبل المغرب فيما يرتبط بتصفية الاستعمار. وإذا كانت هذه الأخطاء السياسية الكبرى في التاريخ الحديث للمغرب، مازالت نتائجها السلبية مستمرة، فإنه من جهة أخرى ستستمر الملكية في الانفراد بالملف (باستشارة الأحزاب العروبية) ولتستمر الأخطاء مع المركزية الشديدة للدولة في كل المجالات، واستمرار القصر في الحديث باسم الجميع لكن دونما شرعية أمام المنتظم الدولي ما يتعلق بهذا الملف، ملف الصحراء.
من جهة أخرى، وكأنما التاريخ يعيد نفسه، ليظهر كما لم أن قوة التغيير ستأتي من الصحراء، في الوقت الذي كان قد عاد هذا الدور إلى الشمال مع جمهورية الأمير الخطابي، إلا أن هذا الشمال سيخبو صوته، مع العلم أن ملف الصحراء يمكن أن يساهم بقوة في الضغط من أجل تطور المغرب نحو انفكاك مركزيته، إلا أنه من جهة أخرى قد يكون بابا –خاصة مع النزعة العروبية للصحراويين، وللبوليزاريو بالخصوص- لمواجهة الهوية الأمازيغية.
ومطالبة الحركة الأمازيغية بالفدرالية، لا تغيب الوضع في الصحراء، باعتبار أن النظام الفدرالي هو في أحد أسسه ينبني عن الحكم الذاتي، وباعتبار مسألة المركزية مسألة شمولية كانت سلبية عن كل الجهات خاصة منها الأمازيغوفونية، فإن الحل نراه في فدرالية تشمل كل المغرب، وإن كان من اللازم استحضار البعد الدولي الذي يتحرك فيه ملف الصحراء، وكذا بعض الأطراف الجهوية التي تحرك وتدعم البوليزاريو من أجل الاستقلال الكامل، وغياب الشرعية الدولية بالنسبة للمغرب في سيادته على الجنوب، هذه الشرعية التي أصبحت أمرا لا مناص منه.
وبالنسبة لإيمازيغن، فإن الحكم الذاتي سيبرز كمطلب قوي في القبايل دون أن يبرز بنفس القوة في المغرب وذلك في اعتقادنا يمكن ربطه بمبررين:
- تاريخ النضال الأمازيغي في القبايل الذي يظهر أكثر أقدمية وأقوى احتجاجية، مع عدم وصوله إلى تحقيق المطالب الجوهرية لوجود نظام عروبي.
- التمركز الديمغرافي للساكنة الأمازيغية في القبايل، حيث تشكل الأغلبية من الناطقين بالأمازيغية في الجزائر.
أما بالنسبة للحركة الأمازيغية في المغرب، فإن مطالبتها بالنظام الفدرالي دون الحكم الذاتي بمنطقة دون غيرها (مع العلم أن بعض المناطق الأمازيغفونية كان لها من المميزات ما يجعل المطالبة بالحكم الذاتي لها أكثر واقعية، لكن طبيعة نحب تلك المناطق ـ الريف نموذجا ـ انساقت مع المركزية، والأحزاب المركزية) فإنه يرتبط بكون النضال الأمازيغي في المغرب أخذ بعدا وطنيا، وذلك لانتشار الساكنة الأمازيغية في كل المغرب، مما يجعل من المطالبة بالنظام الفدرالي مسألة أقرب إلى هذا البعد الوطني.
وبناء على ما سلف فإن الفدرالية، ولو لم تأخذ ما يكفي من النقاش وبناء التصورات فإنها تشكل أحد الأسس المرجعية التي يقوم عليها النضال الأمازيغي.
أما حول قرار القصر في منح جهوية موسعة للصحراء (رغم كل ما يسود هذا من ضبابية) فهو قرار غير ديمقراطي من حيث المسطرة، تتحمل فيها الملكية المسؤولية لوحدها مع باقي الأحزاب العروبية. فالملكية تسعى للبحث عن حلول جديدة بنفس الأخطاء السياسية والدستورية الماضية، ومن جهة أخرى فإن حل الحكم الذاتي كان يجب أن يقوم على عدة أسس.
أ- على المستوى الوطني: غياب مشاركة المواطن، والمؤسسات التي من المفروض أنها تمثل المواطن، اقتصار الاستشارة بثقافة جد تقليدية لأحزاب عروبية ليس لها أي امتداد قوي على الرأي العام الوطني، خصوصا أنها تتكتم على تصوراتها لهذا الحكم الذاتي، كما كان الشأن مع أحزاب الكتلة التي رفعت مذكرة إلى الملك حول الحكم الذاتي في الصحراء في 24 مارس 2006، كطقس تقليدي وغير ديمقراطي لم يتم نشر هذه المذكرة، ولا التعليق عما فيها، بل كانت المسألة جد سرية، إذن فغياب الآليات الديمقراطية سيضعف من حل الحكم الذاتي المقترح.
ب- على المستوى المحلي: يمكن أن نقول إن حل الحكم الذاتي لم يكن حلا تم الوصول إليه بصفة مشتركة بين الصحراوين والسلطات المركزية، بل تم التقرير فيه من طرف واحد، مما يجعل الصحراويين دون الالتزامات التي تفرضها مشاركتهم في الوصول إلى هذا الحل، خاصة مع وجود جبهة البوليزاريو، التي تؤثر في المنطقة. فالمشاركة في الوصول إلى الحكم الذاتي، كان يمكن أن يشمل الصحراويين الموجودين بالداخل، ويمكن الوصول إلى مشاركة هؤلاء مع البوليزاريو في إمكانية التفاوض، وإن كانت مسألة كهذه تظهر صعبة، إلا أنها تحتاج لدبلوماسية طويلة النفس وواقعية.
من جهة أخرى، لا يخفى غياب نخب صحراوية مؤهلة ولها من المصداقية ما يضمن قدرتها على تمثيل الصحراويين، إذ نجد المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء، كما لو أنه جاء تسابقا مع الزمن، كما أن تأسيسه مرة أخرى جاء ليكون عن طريق ظهير وتنصيب أعضائه عن طريق التعيين، بينما تحتاج هيئات ومجالس مثل هذه حدا مهما من الديمقراطية.
هذا بالإضافة إلى غياب جبهة البوليزاريو، وتشبثها بالاستقلال الكامل ورفضها لخيار الحكم الذاتي، والتأييد الجزائري لجبهة البوريزاريو في نفس الوقت.
ج-المستوى الدولي: إن حضور ملف الصحراء على المستوى الدولي يحتكم بالأساس إلى قواعد غير تلك التي يحاول القصر أو الأحزاب العروبية فرضها. إن المقترح الذي سيرفعه القصر إلى الأمم المتحدة لا يمكن التكهن بنتائجه، كما أن ليس هناك على المستوى الدولي أية بوادر تسير في اتجاه حصول المغرب على مستوى الشرعية الدولية، حيث إن للبوليزاريو قوة في التأثير على المستوى الدولي، وما تقدمه له الجزائر من دعم، هذا بالإضافة إلى أن أعضاء مجلس الأمن ليس فيهم من يمكن له الضغط لصالح المغرب.
إن الملاحظ في هذا التدبير لملف الصحراء هو إقصاء المواطن، حيث لا يعرف هذا الأخير ما سيقدمه بلده من مقترح إلى الأمم المتحدة. ولا عن طبيعة هذا الحكم الذاتي، وخطوطه العريضة،... والسؤال الذي يطرح نفسه: أين هو دور الحركة الأمازيغية في كل هذا، خاصة وأن المسألة الفدرالية لم تلق نقاشا واسعا، وكيف يجب تحديد تصورنا للفيدرالية في علاقتها بالملكية؟
من خلال الندوة التي عقدها حزبا العدالة والتنمية والقوات المواطنة حول الحكم الذاتي للصحراء والجهوية الموسعة في 10و 11 مارس 2006، فإنه لم تكن هناك أية إشارة إلى ما يتعلق بالأمازيغية، ولا إلى ما عانته الجهة الأمازيغية من تهميش شمل كل المستويات، فكل ما هناك هو الحفاظ على «الوحدة الوطنية» تحت قيادة الملك، و تنمية ما يدعى «بالمغرب العربي» والإنهاء السريع لمسألة الصحراء، و الانتقال نحو الجهوية الموسعة.
من ثم يظهر من جديد أن ما تقبل عليه الأحزاب والقصر في تدبير لملف دون أدنى ديمقراطية، يطرح على الحركة الأمازيغية أن تعمل بشكل واضح ومن خلال وثائق رسمية لبناء تصورها بشكل دقيق لمسألة الفدرالية، خاصة وأن هذه الحركة تبنت الفدرالية في وثائق رسمية لها، مع أننا نؤكد على عدم فصل الفدرالية عن خدمة الأمازيغية من جهة وعن علاقة الفدرالية بالملكية. وبالنسبة لهذه الأخيرة فإننا نرى من اللازم أن لا يبقى لها الدور الرئيس في ملف كهذا، وهذا ما يحفزنا للدفاع عن برلمان فدرالي وحكومة فدرالية في مستوى من التمثيل للمواطن والمسؤولية أمامه. وكذا فصل الجهة الفدرالية عن وصاية القصر، فلا يعقل أن يقال إن الجهة الفدرالية خاضعة للملك برابطة البيعة، ليتم إفراغ قضية حداثية من محتواها.
ولا يخفى علينا التداخل القائم في مثل هذه القضايا: فإذا أخذنا القضية الأمازيغية، إلى من يعود التقرير في مطالبها؟ هل يمكن تصور وجود حزب أمازيغي بأغلبية في البرلمان يقود الحكومة ليعمل على ترسيم الأمازيغية في الدستور؟ فأمام الصلاحيات الفقيرة التي يتولاها الوزير الأول، وأمام ضيق مبادرة وقوة البرلمان، وغياب «التناوب»، وانفراد الملك بمرجعية سلطانية تقليدية في تعاقده مع نخب ومؤسسات لمصالح تجمعهما...؛ فان هذا كله يضع القضايا الحيوية للشعب في محيط القصر، ليظهر أن الملك وحده من يملك التقرير في مثل هذه القضايا. كما يثبت لنا أن هؤلاء لا يولون هما لانقراض الأمازيغية، بل إن همهم الوحيد هو بقاؤهم.
وإذا عدنا إلى الندوة السالفة الذكر، وتوقفنا إلى ما أسماه بعض قادة حزب العدالة والتنمية (وللإشارة فإن الحزب الأخير، أعلن على لسان أحد قيادييه على تزكيته لمبادرة الملك بمنح حكم ذاتي للصحراء مباشرة بعض خطاب المسيرة الخضراء 2005) بالإطار العام للجهوية التي تصورها الحزب، وبالتحديد عند فكرة «قرار تقسيم جهوي جديد يرتكز على معايير مدروسة مع دمج المعطيات الجغرافية الإثنية والثقافية والاجتماعية».... فبالنسبة لتقسيم جديد، فإن هذا يظهر أحد المبادئ التي يتفق عليها كل الحاضرين في الحقول المدنية، السياسية والرسمية. وبما أن لا هذه الندوة ولا «المشاريع» التي قدمت للملك (مع العلم أن هذه المشاريع تقتصر على الاستشارة فيما يخص الحكم الذاتي للصحراء فقط) تستحضر الجهة الأمازيغية ووضعيتها، ونفس الشيء بالنسبة لكل الأطراف المتحدثة عن تقسيم جهوي آخر. فإن الحركة الأمازيغية تبقى مطالبة بأن تتبنى تصورا دقيقا حول طبيعة التقطيع الممكن في ظل نظام فدرالي، بمعنى آخر: أي تقطيع سيتلاءم مع الجهة الفدرالية التي نطرحها في الحركة الأمازيغية؟ ولا يخفى أن هذه الأخيرة قامت في أحد مبادئها النضالية على كسر حدود ما يعرف بالمغرب النافع وغير النافع (المخزن والسيبة) حيث إن سياسة التباين الإقليمي كانت سياسة منتهجة، وعلى هذا الأساس فإن ملامح الدفاع عن الجهة والتوازن الجهوي كانت حاضرة لدى الحركة الأمازيغية منذ البداية.
إن التقطيع الذي يجب أن يسعى إليه إيمازيغن هو تقطيع يضع الجهة الأمازيغية في أحد الاعتبارات الأساسية، حيث لا يخفى ما عانته المناطق الأمازيغية من جراء تقسيم إداري عمل بالأساس على طمس مقومات هذه المناطق. فلا يمكن إعادة الكرة لمفهوم «دمج العوامل» من أجل «وحدة وطنية» على الشاكلة المستعملة به حاليا، فكلمة «الدمج» غير واضحة، وتؤدي معاني ضبابية، فبالقدر الذي يمكن أن تكون إيجابية إذا كان المعنى منها هو الإطار الواضح للعلاقات المختلفة بين المستويات المختلفة (الجهات الفدرالية، السلطة الفدرالية...) يمكن أيضا أن تكون فكرة هدامة إذا تم ربطها بتذويب المواطن والجهات في إيديولوجيا المركز.
إن الجهة الفدرالية التي يمكن أن يسعى إليها إيمازيغن يتداخل فيها المستويان الثقافي والاقتصادي، ومن ثمة لا يمكن فصلها عن الانسجام الذي تعرفه بعض المناطق ثقافيا، لغويا، ديمغرافيا ومجاليا، ولا داعي لاعتبار «الدمج» و»الاندماج» بوابة نحو تكريس ثقافة التعريب والطاعة، لتحويل الفدرالية إلى أسلوب جديد لتبرير الوحدة المركزية، فالفدرالية في الدول التي تبنتها ارتكزت بالأساس على حماية الثقافة وتجلياتها بشكل أفضل، وتقوية المستوى الاقتصادي للوحدات الفدرالية، وتحقيق التوازن الاقتصادي والمشاركة السياسية الفعالة...
لذا فإن مجال الانتقال نحو نظام فدرالي ليس هو مسألة رغبة طرف ما وفقط، بقدر ما هي عملية لها آليات تقوم عليها: سياسية ودستورية، من خلال مشاركة المواطن وكل الفاعلين بكل وضوح ووفق مساطر حداثية، فلا يعقل أن يبقى الظهير هو المحدد للقضايا الحيوية للمجتمع، وإلا سنجد أنفسنا في دفاع غير مبرر عن أساليب للتدبير جد عتيقة، وغير ديمقراطية. إن الظهير من المفروض أن ينتهي دوره بوجود مؤسسة برلمانية تمثل المواطن، والمناطق، برلمان فدرالي في مستوى التشريع لقضايا وحاجيات المجتمع.
فالظهير، حتى وإن كان كله ديمقراطية في مضمونه، فهو غير ديمقراطي من حيث مسطرته، لكون هذا الأخير يعود بشكل واضح إلى شخص واحد.
بالنسبة للحركة الأمازيغية لا يمكن تصور حل تحكيم ملكي، بإصدار ظهير للتقطيع الجهوي أو من أجل تنظيم الجهوية الموسعة، حيث إن رؤيتنا للفدرالية باعتبارها مسألة انتقال من نظام إلى نظام آخر، تتطلب بالتحديد مشاركة الجميع، وإلا ستفرغ القضايا من محتواها. فبلد فدرالي كنيجريا سيبقى خاضعا لحكم الطغمة العسكرية، وهي التي استفادت من موارد الناتج الوطني من النفط بالإضافة إلى الوزراء الفدراليين ومسؤولي الأقاليم الفدرالية، رغم أن القانون ينص على توزيع هذه الموارد بالتساوي على الوحدات الفدرالية المختلفة.
إن من بين العراقيل التي يعيشها المغرب، هو جعل الملكية من نفسها طرفا يتنافس مع الأطراف الأخرى، وهكذا سنلاحظ أن ما يدعى ب INDH (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية) ما هي إلا وجها لهذا الصراع، بتوجيه الملكية كل طاقاتها إلى الحقل الاجتماعي الذي كان يحتكره الإسلاميون، وبهذا الصراع نلاحظ أن الملكية تفرغ البرلمان والحكومة من دورهما، وتوهم المواطن بأن الحلول في يد الملكية لوحدها. إن تجريد الملكية من بعض صلاحياتها، من شأنه أن يفتح المجال أمام حركية المجتمع. وهكذا فإن الحركة الأمازيغية في طرحها للفدرالية لا نعتقد أنها ستنفصل عن هذا التوجه، وهو العكس الذي أخذنا نلاحظه عند الأحزاب التي يظهر أنها سائرة كلها وراء ملكية أفرغت كل المؤسسات من محتواها بدعوى ضمان الوحدة، هذه الأخيرة التي هي دوما موجهة ضد إيمازيغن.
إن فدرالية دون وجود مناخ ديمقراطي، أو دون أن تكون الفدرالية تحولا نحو علاقات جديدة، لا يمكن تصورها ناجحة، فإذا كنا سندافع عن برلمان جهوي وحكومة من إفراز هذا الأخير ورئيس حكومة بمثابة رئيس للوحدة الفدرالية، فإنه في نفس الوقت لا يمكن قبول أن تكون أية جهة فدرالية تناقش في برلمانها الوحدة العربية، وفي حكومتها مستوى التعريب وتصدر قوانين وتشريعات بهذا الشأن.
إن الجهات الفدرالية التي يمكن أن ندافع عنها، هي جهات أمازيغية، وإذا كانت هذه الأخيرة الناطقة بالأمازيغية مهددة بالتعريب الآن أكثر من أي وقت مضى فإن الفدرالية ستتيح لنا الدفاع عن أوضاع استثنائية لهذه الجهات، من قبيل تنظيم الهجرة إليها والإقامة المنظمة. وكثيرة هي النماذج المتوفرة في الصدد (أنظر على سبيل المثال الدستور الماليزي والأوضاع الاستثائية التي منحها لكل من ولايتي صباح وسارواك، وحتى القوانين الخاصة حول الباسك والكاطالون...)، إذ أن ما تعاملت به الدولة من سياسة التعريب التي منحت لها كافة الإمكانات يجب مقاومته بنفس السياسة، والفدرالية التي نريدها هي فدرالية من أجل مقاومة ما عانى منه المجتمع الأمازيغي.

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting