uïïun  107, 

krayur

  2006

(Mars  2006)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

taktut tamzwarut n wuguv zi "lirkam"

tiktiwin x tanflit n tmazivt

Tamcput

Tudrt n umazigh

Tammurt

Tilmatv

Gujil n assnatv

Zayd u muha

Abrid

Awal n usussem

Aseggûs ighudan

Aderghal

Français

Le complexe d'Aaugustin

Le nouvel an amazigh

L'amazighophobie de certains journaux marocains

CMA: message de félicitation à Evo Morales

Réunion du CF à Nador

Aghrum n ihaqqaren

Conférence sur le MCA à Tilelli

Tifraz en noir et blanc

Communiqué de Tilelli

Halte à l'interdiction des prénoms amazighs

Témoignage

Arraw n Ghris s'organisent

Assemblée générale d'Anaruz

Ma tamazight

Réveillez-vous!

العربية

الذكرى الأولى للانسحاب من معهد اعتقال الأمازيغية

جريدة التجديد تستعين بالبوليساريو ضد الأمازيغية

رد على أصحاب التجديد

رسالة مفتوحة إلى مدير القناة الثانية

قد أطلب اللجوء السياسي لابني إيدير

بوكوس يتجاهل التقويم الأمازيغي

الزوايا السياسية بالمغرب والأمازيغية

قناة العربية تحيي اتهامات أصحاب اللطيف

الطرح الفيديرالي: قضايا وإشكالات

العمل السياسي عند الفاعل الأمازيغي

تنمية الأمازيغية خارج المظلة المخزنية

حركات الحركة الأمازيغية

تأهيل الحقل الديني بالمغرب

أنشطة لجمعية تانوكرا

نشاط ثقافي لجمعية أفرا

النادي النسوي لتنمية المرأة بالحسيمة

بيان جمعية أمزداي

بيان للفضاء الجمعوي للدشيرة

بيان تنديدي

جمعية تامازغا

بيان جمعية أسيكل

تعزية جميعه الريف

تعزية تاماينوت الدشيرة

عنوان جمعية أزمز

جمع عام لجمعية إيصوراف

تعزية جمعية أسيكل

 

افتتاحية:

الذكرى الأولى للانسحاب من معهد اعتقال الأمازيغية
بقلم: محمد بودهان

الصاعقة:
مساء يوم 21 فبراير 2005، أودع سبعة أعضاء في مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بيان انسحابهم من المجلس المذكور لدى عمادة المعهد.
لقد كان الحدث مفاجئا وصاعقا للجميع: فلأول مرة ينسحب (يتعلق الأمر إذن بانسحاب وليس باستقالة) أعضاء من مؤسسة ملكية عينهم بها الملك. لقد أثبت الانسحاب، مما لا يدع مجالا للشك، فشل "السياسة البربرية الجديدة" التي انطلقت مع إنشاء المعهد، إذ ظنت السلطة أنها، بتطبيق هذه "السياسة البربرية الجديدة"، تكون قد أغلقت ملف الأمازيغية وأبطلت مفعوله السياسي بصفة نهائية. وها هو الانسحاب يفتح من جديد الملف الأمازيغي من بابه السياسي الواسع، والذي بذلت السلطة كل الجهد والمال لإغلاقه بإحكام. لقد اعتقدت السلطة أن المال والمناصب ومختلف الإغراءات المادية، قياسا على ما ثبت نجاحه في قضايا وملفات أخرى، كفيلة بإحراق وإتلاف الأوراق السياسية لملف الأمازيغية. وها هو الانسحاب يقدم لها الدليل أن هناك، ضمن مناضلي القضية الأمازيغية، من لا يشترى ولا يباع مهما كانت الإغراءات قوية والمبالغ كبيرة.
كان الانسحاب، كما قلت، مفاجئا وصاعقا كذلك لمختلف الملاحظين والمحللين الذين لم يصدقوا ـ لأنه شيء لم يسبق أن وقع ـ أن يكون قرار الانسحاب صادرا عن المنسحبين أنفسهم نظرا لفرادة وضخامة القرار الذي لا مثيل له في تاريخ المؤسسات الملكية التي يعين أعضاءها الملك نفسه، ففسروا الأمر على أنه من تخطيط جهات نافذة، مقربة من مركز القرار، استعملت المنسحبين لحسابات وأهداف سياسية في غفلة منهم عن تلك الحسابات والأهداف، على غرار ما هو معروف فيما يتعلق بـ"الانقلابات" التي تحدث داخل المنظمات العروبية من أحزاب ونقابات وجمعيات، والتي (الانقلابات) تكون موجهة دائما من طرف السلطة ولخدمة هذه السلطة. إنه تفسير مؤامراتي سخيف وبئيس، إن كان يصدق على قرارات "عروبية"، فهو لا يصدق بالضرورة على قرارات "أمازيغية" نظرا للفرق، في الطبيعة وليس في الدرجة، بين ما هو أمازيغي وما عروبي.
لقد أربك الانسحاب مسؤولي السلطة المكلفين بتدبير ملف الأمازيغية بشكل يثير الشفقة عليهم والتعاطف معهم. وقد بذلوا كل ما في وسعهم ليتراجع المنسحبون عن قرارهم، عارضين عليهم، في حالة عودتهم، إنشاء "لجنة لليقظة" Comité de vigilance تشرف على مراقبة وتتبع تنفيذ قرارات المعهد، كما اتصلت بالمنسحبين شخصية أمازيغية معروفة تحظى باحترام الجميع، تطلب منهم العودة إلى ليركام بدعوى أن الانسحاب قد أعطى ثماره، التي لا زالوا في الحقيقة ننتظرونها إلى الآن. ولا شك أن تدخل تلك الشخصية الأمازيغية كان بالتماس من جهات عليا طلبت منها العون والمساعدة على إرجاع "المتمردين" إلى القفص الذهبي لليركام.
والذي كان يؤرق هؤلاء المسؤولين عن ملف الأمازيغية ويخشونه إلى حد الذعر، هو أن تسري عدوى الانسحاب إلى أعضاء آخرين، خصوصا أن بعض هؤلاء صرحوا للصحافة بأن "هناك أعضاء آخرين غاضبين في المجلس الإداري للمعهد الملكي ومن الوارد أن ينسحبوا" (أحمد عصيد ومحمد صلّو في تصريح "للتجديد" في 1مارس 2005). أضف إلى هذا "التهديد" بالانسحاب أن مجموعة من الأعضاء، من غير المنسحبين، سبق أن أعطوا موافقتهم المبدئية أو النهائية على الانسحاب، وهو ما لا شك قد بلغ إلى علم مدبري ملف الأمازيغية، الشيء الذي جعل تخوفاتهم من انسحابات أخرى ترتكز على أساس قائم ومبررات موجودة ومعقولة، مع الأخذ بعين الاعتبار ما قد تؤدي إليه تلك الانسحابات الأخرى المحتملة من شل كامل لعمل المعهد، وهو ما كان سيشكل ضربة قاضية "للسياسة البربرية الجديدة". لكن ما أن انعقد اجتماع مجلس الإدارة بعد أقل من شهر على الانسحاب، حتى تبددت مخاوف السلطة بعد أن اطمأنت إلى أنه لن يكون هناك منسحبون آخرون، وذلك بعد نجاح الاتصالات والمساعي "الحميدة" ومختلف المساومات والإغراءات التي قامت بها أطراف سلطوية لتطويق وإقناع باقي الأعضاء بعدم الانسحاب، والذين كانوا في الحقيقة "مقتنعين" بذلك ولا يحتاجون إلى "إقناع" كما سنبين ذلك ونشرحه. إذن بمرور اجتماع المجلس المنعقد بعد حدث الانسحاب بخير وسلام، اعتبرت السلطة أن ملف الانسحاب قد أغلق. لكن هل أغلق ملف الأمازيغية؟
قلت إن عددا من أعضاء مجلس الإدارة، من غير المنسحبين، كانوا قد أعطوا موافقتهم المبدئية أو النهائية على الانسحاب. وهذه نقطة لم يكشف عن كل ملابساتها رغم كل ما نشرته الصحافة حول الموضوع.
التخاذل:
لقد كانت فكرة الانسحاب رائجة ومعروفة داخل المعهد كمشروع دون تحديد للكيفية ولا لتاريخ تنفيذها. لقد طرحت ونوقشت، ستة أشهر قبل انسحاب الأعضاء السبعة، إمكانية الانسحاب كرد وحيد على تماطل السلطات في تنفيذ قرارات المعهد ومحتويات ظهير أجدير. وقد ظهرت، ضمن الأعضاء المنتمين إلى الحركة الأمازيغية، باستثناء قلة قليلة لم تفاتح في الأمر للعلم المسبق بموقفها الرافض للانسحاب، ظهرت مجموعتان: مجموعة تقول نعم للانسحاب لكن شريطة أن يشارك فيه الجميع ليكون له وقع وتأثير. وقد فهم منذ البداية أن أصحاب هذا الرأي يرفضون الانسحاب لهذا يربطونه بشرط يعرفون مسبقا أن تحققه مستحيل. أما المجموعة الثانية فأعطت موافقتها النهائية على الانسحاب، لكن تراجع عدد منهم في اليوم الذي نودي عليهم للتوقيع على وثيقة الانسحاب، معللين موقفهم بوجوب انتظار الاجتماع القادم للمجلس لإقناع أكبر عدد ممكن بالانسحاب. فما كان على الرجال السبعة إلا أن نفذوا قرار الانسحاب بعد أن اقتنعوا، بناء على المعطيات التي يتوفرون عليها، أن الآخرين سوف لن ينسحبوا ولو انتظروهم عشرات السنين.
لهذا كان الانسحاب صاعقا لهم، لأنه فضح موقفهم الحقيقي الرافض للانسحاب سرا وقناعة، لكن مع التظاهر ـ التظاهر فقط ـ بقبوله والاستعداد للمشاركة فيه اعتقادا منهم أن انسحاب أي أحد يتوقف على انسحاب الآخر. وبناء على هذه الحلقة المفرغة، كانوا مطمئنين أنه لن يكون هناك انسحاب لأي أحد قد يفاجئهم ويحرجهم، هم الذين ليس لهم استعداد حقيقي لمثل هذا الانسحاب رغم ما يعلنونه ظاهريا لأن ذلك لا يكلفهم شيئا.
وقد ظلوا يرددون، ولا زالوا، دفاعا عن تخاذلهم، بأن الانسحاب كان قرارا "متسرعا". وهو ما يحتاج إلى توضيح وبيان.
لم يكن التماطل في تنفيذ قرارات ليركام ومحتويات ظهير أجدير في ما يتعلق بتنمية الأمازيغية ورد الاعتبار لها، والذي (التماطل) كان وراء انسحاب الرجال السبعة، راجعا إلى أسباب لوجيستيكية أو تقنية أو مالية كنقص في الأطر أو عدم كفاية الميزانية أو أن ذلك يتطلب تقنيات غير متوفرة بعدُ. فلو كانت هذه هي أسباب التماطل في تنمية الأمازيغية لما انسحب الأعضاء السبعة بعد ثلاث سنوات من إنشاء المعهد، بل لانتظروا توفر هذه الشروط اللوجيستيكية، لأن انسحابهم في مثل هذه الحالة سيكون حقا متسرعا. وإنما ترجع أسباب التماطل الملاحظ إلى غياب الإرادة السياسية، هذا الغياب الذي لمسه جميع الأعضاء منذ العام الأول من التحاقهم بمجلس إدارة المعهد. وتوفر أو غياب الإرادة السياسية لا يحتاج إلى وقت طويل لاختبار ذلك، لأنها مسألة اختيار وقناعة تترجم إلى قرار سياسي، وهو ما لا يتطلب إلا وقتا قصيرا لتكون أو لا تكون تلك الإرادة. لقد لاحظ المنسحبون إذن منذ البداية انعدام إرادة سياسية جدية وصادقة لإدماج جدي وصادق للإمازيغية في مؤسسات الدولة، واقتنعوا منذ ذلك الوقت أن المعهد أنشئ ليس لرد الاعتبار للأمازيغية، بل لاعتقال القضية الأمازيغية وإقبارها نهائيا داخل بناية هذه المؤسسة. فبالنظر إذن إلى عنصر غياب الإرادة السياسية منذ البداية، يكون قرار الانسحاب ليس متسرعا، بل جاء متأخرا، إذ كان على الرجال السبعة أن ينسحبوا يوم اقتناعهم بغياب إرادة سياسية حقيقية، والتي هي الشرط الواقف لتنمية حقيقية للأمازيغية.
كما يبرر هؤلاء الأعضاء المتخاذلون عدم التزامهم بقرار الانسحاب بكون "سياسة الكرسي الفارغ" لا تخدم القضية الأمازيغية، وأنه من المفيد للأمازيغية الاستمرار في الدفاع عن مطالبها من داخل المعهد.
واضح أن هذا كلام من يريد تبرير بقائه بالمعهد، ليس للدفاع عن المطالب الأمازيغية، بل للدفاع عن مصالحه وما ينعم به من تعويضات وامتيازات. أما البقاء للدفاع عن الأمازيغية من داخل المعهد، فهو شيء ليس غر ممكن فحسب، بل سيكون عملا عبثيا. فمهام أعضاء مجلس الإدارة محددة في ظهير أجدير، وتتمثل أساسا في إعداد الخطط والبرامج والمشاريع لتنمية الأمازيغية وإدماجها في التعليم ولإعلام والفضاء الاجتماعي. ولقد قام المنسحبون بمثل هذه المهام وأنجزتها مراكز البحث وأصبحت جاهزة للتطبيق الذي يتوقف على جهات حكومية لا سلطة للمعهد عليها، مثل وزارة التربية الوطنية ووزارة الاتصال ووزارة العدل ووزارة الداخلية... فبقاؤهم بالمعهد بمبرر الاحتفاظ بالكرسي مشغولا، واستمرارهم في إعداد مشاريع وبرامج دون أن ترى النور في الواقع خارج ليركام، لن يكون ذلك نضالا، بل تزكية لتماطل الجهات التي تملك سلطة التنفيذ، وتواطؤا ضمنيا معها ضد مصلحة الأمازيغية والقضية الأمازيغية. فالكرسي المشغول، في هذه الحالة، هو كرسي فارغ بالنسبة للأمازيغية، ويخدم مصلحة الجالس عليه وليس مصلحة الأمازيغية.
فمجرد ما لا تنفذ قرارات المعهد، تكون مهمة أعضاء مجلسه الإداري قد انتهت في الحقيقة، إذا كانوا منطقيين مع أنفسهم، وما عليهم إلا أن ينسحبوا لأن المهمة التي كلفوا بها أصبحت غير ممكنة. وهذا ما قاله المنسحبون للمستشار مزيان بلفقيه عندما سألهم عن سبب انسحابهم. قالوا له بأنهم لم يعودوا قادرين على القيام بالمهمة الموكولة إليهم ما دامت قراراتهم لا تلقى آذانا صاغية لتطبيق تلك القرارات حتى تتقدم الأمازيغية إلى الأمام. فمثلا أنجز المعهد اليوم كتاب المستوى الثالث دون أن تكون هناك سنة ثالثة لتدريس الأمازيغية. فنتساءل: لمن ألف هذا الكتاب ما دام ليس هناك تلاميذ ولا فصل؟ فاستمرار أعضاء المجلس في القيام بمثل هذه الأعمال بالمعهد دون أن تستفيد الأمازيغية شيئا من ذلك خارج المعهد يكون عملا عبثيا و"استمنائيا"، لأنهم يحضرون كتابا مدرسيا بلا مدرسة ولا تلاميذ. إنه ضحك على ذقون الأمازيغية والأمازيغيين. فالمنطق والصواب يقضيان بانسحاب أعضاء مجلس الإدارة بمجرد ما تبين لهم أن المستوى الثالث غير موجود بعد أن ألغته الوزارة صاحبة القرار فيما يخص التعليم، لأن مهمتهم في هذه الحالة تكون قد انتهت لأنها أصبحت مستحيلة. أما البقاء بعد ذلك بالمعهد فلا يعني سوى التواطؤ مع تلك الجهات الممتنعة عن تنفيذ قرارات المعهد. ثم بغير الانسحاب سيبدو أن كل شيء، في ما يتعلق بتنمية الأمازيغية، يسير على ما يرام وليس هناك تماطل ولا تقصير. وهو ما يشجع الجهات المتماطلة على الاستمرار في تماطلها وعرقلتها لإدماج الأمازيغية في مؤسسات الدولة.
وإلى الآن كل شيء يؤكد صواب قرار الانسحاب، الذي أعتبره شخصيا أفضل قرار اتخذته في حياتي ولن أندم عنه أبدا.
رد فعل السلطة بعد الانسحاب:
لما أعلن الرجال السبعة عن انسحابهم في 21/02/2005، كانوا يتمنون، بل كانوا ينتظرون ذلك ويتوقعونه، أن تعمل السلطة على "تكذيب" أسباب انسحابهم كما سطروها في البيان الذي أصدروه آنذاك، وذلك بإعطاء تعليماتها لتسريع تطبيق قرارات المعهد، خصوصا في مجالي التعليم والإعلام، وتنفيذ مقتضيات ظهير أجدير الخاصة بتنمية الأمازيغية «وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلي» (الفقرة 2 من المادة 2)، وإدماجها بمراكز تكوين موظفي الدولة وفتح شعب لها بالجامعات (الفقرتان 5 و6 من المادة 3)، لتبين بذلك للرأي العام أن الأمر لا يتعلق بغياب للإرادة السياسية كما لمّح بيان الانسحاب إلى ذلك، بل فقط بنوع من التأخير في التطبيق لما يتطلبه ذلك من جهد وتخطيط ووقت أكثر مما كان متوقعا.
إذن، بدل أن "تكذب" السلطة، كما قلت، أسباب الانسحاب، قامت، على العكس من ذلك، بتزكية هذه الأسباب وإعطاء الدليل على صواب موقف المنسحبين ومصداقية مبررات انسحابهم، ليس لأنها لم تحاول تحسين التعامل مع الأمازيغية بعد الانسحاب فحسب، بل لأنها تراجعت حتى عما سبق الالتزام به وتم الحسم فيه كمكسب لا رجعة فيه للأمازيغية. واكتفي هنا بمثال التراجع الذي عرفه مشروع تدريس الأمازيغية كما حددت خطواته ومراحله الوثيقةُ التي سمتها وزارة التربية الوطنية "إدماج تدريس اللغة الأمازيغية في المسارات التعليمية" الصادرة في 24 يونيو 2003. فمما تنص عليه هذه الوثيقة أن إدماج الأمازيغية في التعليم الإعدادي والثانوي (الثانوي الإعدادي والتأهيلي) سيشرع فيه مع الدخول المدرسي 2005 ـ 2006. وها قد مر أكثر من خمسة أشهر على انطلاق الموسم الدراسي 2005 ـ 2006 ولا وجود للأمازيغية بالتعليم الإعدادي والثانوي طبقا لخطة الوزارة والتزاماتها السابقة بذلك. إلا أن الأخطر والأدهى هو إلغاء السنة الثالثة لتدريس الأمازيغية بالتعليم الابتدائي بالنسبة للتلاميذ الذين درسوها في السنتين الأولى والثانية من العامين الماضيين لينتقلوا إلى المستوى الثالث من تدريس الأمازيغية. فلا وجود كذلك، هذه السنة، لهذا المستوى الثالث من تدريس الأمازيغية في أية مدرسة بالمغرب، ضدا على ما سطرته الوثيقة المشار إليها، وما نصت عليه المذكرة 108، وما التزمت به الوزارة في اتفاقيتها مع المعهد. وهو ما يشكل استخفافا مستفزا بالتعهدات التي سبق الالتزام بها رسميا في هذا الشأن. ولكن إذا عرف السبب بطل العجب كما يقولون: فوقف تدريس الأمازيغية عند السنة الثانية هو تطبيق حرفي لما جاء في الكتاب الأبيض الذي صدر في عهد وزير التعليم السابق السيد ساعف، الشيء الذي يعني أن التعامل مع تدريس الأمازيغية، من حيث الأهداف والمراحل والمستويات، لا علاقة له بـ"ليركام"، بل يخضع لمقتضيات الكتاب الأبيض الذي حدد تدريس الأمازيغية في سنتين ومستويين لا أكثر.
وهكذا أكّد المسؤولون الساهرون على ملف الأمازيغية، بعدم قيامهم بأي إجراء جدي لتحسين التعامل مع الأمازيغية بعد الانسحاب كما ذكرت، أكدوا بذلك استمرار مبررات الانسحاب وأعطوا لذلك الانسحاب مزيدا من المصداقية والمشروعية، كما أسقطوا القناع عن باقي الأعضاء الذي تخاذلوا عن الانسحاب بمبرر أنه كان "متسرعا" في الوقت الذي كان ينبغي فيه الانتظار إلى حين اختبار حسن نية المسؤولين. وهاهم انتظروا سنة أخرى وقدم لهم المسؤولون بالفعل الدليل عن نيتهم الحقيقية تجاه الأمازيغية وذلك بالتخلي عن تدريسها بالمستوى الثالث نكثا لالتزاماتهم السابقة بذلك. وهو ما يجب أن يكون سببا كافيا ـ بما فيه زيادة عن اللازم ـ لانسحاب باقي أعضاء مجلس الإدارة، لأن استمرارهم بهذه المؤسسة، بعد كل هذا الاستخفاف بقرارات سابقة حسم فيها، والتراجع عن تعهدات سبق الالتزام بها، لا يكشف عن النية الحقيقية للسلطة تجاه الأمازيغية فحسب، بل يكشف أيضا عن النية الحقيقية لهؤلاء "المناضلين" الإركامويين، ويسقط القناع عن انتهازيتهم ووصوليتهم، ويفضح وقوفهم إلى جانب واضعي "السياسة البربرية الجديدة" ضدا على مصلحة الأمازيغية والمطالب الأمازيغية، مقابل دراهم مسمومة سيكويهم بها التاريخ الذي لا يرحم. فبدل أن ينسحبوا إنقاذا لما تبقى من ماء الوجه، يستمرون في تنمية، ليس الأمازيغية، بل "السياسة البربرية الجديدة" وممارسة "الاستمناء" على الأمازيغية بإعداد برامج ومشاريع وإصدار كتب ومؤلفات، موهمين ومتوهمين أن إنجاز تلك الأعمال يرد الاعتبار للأمازيغية ويرفع من مكانتها ويدمجها في مؤسسات الدولة، تماما كما يتوهم ممارس العادة السرية أنه، بفعله "السري" ذلك، يضاجع أجمل بنت في الدنيا.
اتجاهات "السياسة البربرية الجديدة" بعد الانسحاب:
بدل أن تسارع السلطة، كما سبق أن أشرت، إلى تغيير موقفها من الأمازيغية وتعطي تعليماتها إلى القطاعات الحكومية لتطبيق قرارات ليركام المتعلقة بتنمية الأمازيغية وإدماجها في مؤسسات الدولة، كرد على الانسحاب ودفع لتهمة غياب الإرادة السياسة فيما يخص تنمية الأمازيغية، بدل ذلك عملت على تعزيز "سياستها البربرية الجديدة" التي أوكلت مهمة تطبيقها إلى "ليركام"، والتي تقوم على ما يلي:
ـ تغليب الجانب الثقافوي القتنوي والأكاديمويي العلموي لإظهار أن القضية الأمازيغية هي مجرد مسألة تراث وثقافة وأغانٍ وأشعار تحتاج إلى جمع وتدوين، وليست قضية سياسية في عمقها وجوهرها ومضمونها. وهذا هو الاتجاه الذي يسير فيه المعهد كما سبق أن كتبنا في مقالات سابقة.
ـ العمل على استقطاب وإدماج الجمعيات الأمازيغية والمناضلين والنشطاء الأمازيغيين في اللعبة المؤسساتية المخزنية لاحتوائهم وتدجينهم بالمال والمناصب والتعويضات. وهو ما يشكل نوعا من الإرشاء مقابل التخلي عن المطالب الأمازيغية الحقيقية، أي ذات المضمون الهويايتي السياسي. فهذه "السياسة البربرية الجديدة" لا تهدف إذن إلى إدماج الأمازيغية في مؤسسات الدولة، وهو ما تطالب به الحركة الأمازيغية، بقدر ما ترمي إلى إدماج الأمازيغيين في هذه المؤسسات.
ـ العمل على إضعاف الحركة الأمازيغية بخلق مزيد من الصراع والشروخ والتقسيم داخلها بفضل مؤسسة ليركام. وهو ما يظهر ويمارس على عدة مستويات: فهناك أولا اختلاف داخل هذه الحركة الأمازيغية حول ليركام، بين مؤيد لهذه المؤسسة ومعارض رافض لها. وهو ما يمنع اتخاذ مواقف موحدة وقوية تجاه السلطة فيما يتعلق بالمطالب الأمازيغية، الشيء ما تخافه السلطة وتخحط للحيلولة دون حصوله. وهناك مصدر ثانٍ يغذي هذا الاختلاف والصراع داخل ليركام نفسه، من خلال سياسة التوظيف العائلية و"الأقاربية" والجهوية، وهو ما ينعكس في شكل اختلاف وتباين داخل الحركة حول موقفها من ليركام، قد يصل إلى حد الصراعات الإقليمية ذات الطبيعة العنصرية، وذلك هو الهدف النهائي للسلطة، أي إضعاف الحركة الأمازيغية بخلق حروب صغيرة بين تياراتها وفصائلها.
ـ تكليف ليركام بمهمة تنفيذ هذه "السياسة البربرية الجديدة". ووسيلته ومنهجيته لتحقيق ذلك هو تطبيقه لما سماه الأستاذ الدكتور إدريس بومنيش ـ في حوار له مع جريدة "أكراو" بالعدد 156 ـ وفي تسمية مطابقة تماما للمسمى، بـ"السياسات الصغرى"، أي السياسات العائلية، والأقاربية، والزوجاتية، والزبونية، والجهوية، واللهجاتية، والعلاواتية (من العلاوات = Primes)، والوشاياتية والدسائسية، والانتقامية... والتي تعطي صورة سيئة عن ليركام وعن مسؤوليه.
وهكذا يكون ليركام ينهج "السياسات الصغرى" لتنفيذ "السياسات الصغرى" كذلك للسلطة في تدبيرها لملف الأمازيغية.
والسؤال هو: كم سيدوم نجاح هذه "السياسات الصغرى"؟ فبما أنها "صغرى"، فعمرها لن يكون إلا صغيرا وقصيرا.

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting