إيملشيل ليس سوقا لعرض النساء
بقلم: عثمان أسعيد زوهري (أغبالة)
في حديث من أحاديثه،
أشار الكاتب المغربي الراحل محمد زفزاف إلى أن الممثلين في المغرب لا
يقرأون. ومن جهتي أقول إن الغالبية العظمى منهم لا تقرأ. ومن لا يقرأ
يصاب عمله ـ فنا كان أم سياسة أم أدبا ـ بالصدأ، بحيث يزيغ هذا العمل
عن الأهداف النبيلة ليغدو موطنا لأحكام جاهزة كأحكام قيمة غالبا ما
تتحول إلى أحكام قارة تصعب محاربتها وتحييدها.
ولكي أكون واضحا مع
أولئك الذين لا يقرأون وغيرهم من الأمازيغوفوبيين، سأركز على نقطتين:
أ ـ النقطة الأولى:
الحديث عن "إيملشيل" أو الكتابة عنه أو الترويج له يتطلب عملا واسعا،
دقيقا، متأنيا ومتخصصا لأن الأمر يتعلق ببعد ثقافي من أبعاد الثقافة
الأمازيغية الغنية والمتنوعة على امتداد تامازغا الحية والمتفتحة.
هاته النقطة، بكل
وضوح، تضعنا حيال جملة من الشروط الإبستمولوجية العامة، إذا لم نستجب
لها ونتفهمها، سنسقط في النظرة التقزيمية للمعطى الثقافي، مما يجعل هذا
الأخير، كأساس من أساسات الهوية المقعِّدة للشخصية، خاضعا تارة
للإيديولوجي وتارة أخرى للتصور الضيق غير العارف بمسألة الخصوصية
الثقافية في أبعادها وتنوعاتها. وفي الحالتين معا يظل التصوران خارج
التاريخ، لكونهما يفتقران للحس العلمي المتفاعل مع التصور الثقافي
الديموقراطي.
ب ـ النقطة الثانية:
في مقال لي (جريدة "التكتل الوطني" 1994 ـ 93)، أوضحت ضمن جملة من
الإشكاليات بأن "إيملشيل" ليس مناسبة للفرجة والاستغراب والغرائبية، بل
هو ثقافة وحضارة تضاهيان الثقافات والحضارات الإنسانية: فإيملشيل، في
أسواقه وفولكلوراته وزي رجاله ونسائه وزواجه وطلاقه و…، ثقافة أمازيغية
قوية تجسد التفاعل الثقافي الاجتماعي الذي تعبر عنه الهوية الأمازيغية
المتينة عبر التاريخ، وإلا فبماذا نفسر استمرارية الثقافة والحضارة
الأمازيغيتين رغم الاجتياحات الثقافية والمثاقفات؟
سأترك هذا السؤال
مفتوحا لمن يقلقه ويضيره النضال الثقافي الأمازيغي، وأتمنى أن يكون هذا
السؤال/الإشكالية منطلقا علميا جادا.
"إيميلشيل"
أو غيره تمظهر من تمظهرات الثقافة الأمازيغية التي تطالبنا الآن،
وبإلحاح شديد أكثر من أي وقت مضى، بالبحث والحفر في أعماقها بهدف تصحيح
الأخطاء التي تقترف في حقها عن وعي أو غير وعي حتى نقصي المغالطات
الثقافية والسياسية.