Uttvun 87, 

Sayur  2004

(Juillet  2004)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

oli ãidqi azayku

Talalit n umjun

Mazuz

A yayllid

Arrif jar tawaghit d tafuli

Tufkin gef isserrifgen 

Ulid s wul inu

Lallas n tidbirin

Asmuymen

Français

Térence et l'héritage amazigh

La question amazighe et la constitution

L'arabe, emblème d'un apartheid linguistique

"Les yeux secs" entre amateurisme et manipulation

Ainsi parlait Dadda!

Berbère télévision et imazighen

Militantisme amazigh

Pourquoi ne pas dire la vérité?

Non  la violation du sacro-saint pacte de timmuzgha

L'élite de Fès

Grand-mère courage

Festival nationale du théâtre

Awal

Le prix internationale du roman

Appel à communication

العربية

علي صدقي أزايكو

مصحة اللسان

هل عشنا غرباء؟

الهوية وطنية

من يريد تحويل المغرب إلى ولاية تابعة للمشرق

حول مقال العشّاوي حفيظ

يهود تنغير

الجنوب الشرقي

ميثاق المطالب الأمازيغية

نقطة نظام لا بد منها

قافلة تيفيناغ

الأمازيغية والجهة

شراكة بين المعهد الأمازيغي وديوان المظالم

رد على مقال تاماينوت وكردستان المغرب

من أجل تجمع ديموقراطي

جمعية تاكمات تندد

بيان تنديدي

بيان مجموعات العمل الأمازيغي

بيان تانوكرا

بيان إلى الرأي العام

تعاز

تهنئةٍ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يهود تنغير: الخصوصية والتعدد والتعايش

بقلم: لحسن والنيعام

تعتبر منطقة تنغير من أبرز المناطق الأمازيغية التي عرفت حضورا يهوديا متميزا، دام تاريخا عريقا وترك بصمات لا تمحى، لكنها تحتاج إلى دراسات معمقة رزينة واهتمام مؤسساتي كبير.

 كيف عاش اليهود في المنطقة؟ ماذا عن التعايش بين الديانتين؟ وما هي تجليات المساهمة اليهودية في النهوض الاقتصادي بالمنطقة؟. إنها أسئلة اعتمدنا، في مقاربتها، على ما احتفظت به الرواية الشفوية لأناس عاصروا اللحظات الأخيرة لهذا الحضور. 

الفلاحة والتجارة

مارس اليهود التجارة وكانت لهم علاقات تجارية واسعة بالمدن الكبرى كسوس ومراكش."وكانوا هم المتحكمون في دواليبها وذلك بفضل مهارتهم وتجربتهم العريقة في هذا الميدان". وكانوا يهيمنون، بشكل كبير، على التجارة في الأسواق الأسبوعية والمواسم. ولم تكن تجارتهم تقتصر على المنطقة في حدودها الضيقة فقط. ولا زالت ذاكرة بعض التجار الذين عاصروا الأجيال الأخيرة من اليهود، تحكي عن "هارون" التاجر الذي يشتري مادة الزيت بالمنطقة ثم يذهب بها إلى بومالن دادس حيث يكلف أحد أصدقائه من المسلمين ببيعها مقابل اقتسام الربح. وتؤكد الرواية الشفوية على أن اليهود كانوا يكتفون فقط بالتدبير والتسيير فيما يسندون مهمة البيع والشراء إلى أصدقائهم من المسلمين.

ويحكي الذين التقيناهم على أن اليهود هم من بنى ما يعرف بالقيصارية في تنغير. وما يزال هذا الفضاء يحتفظ بمكانته التجارية.

وإلى جانب التجارة بالتقسيط في الأسواق والمواسم والأمكنة المخصصة لذات الغرض، فإن فئة منهم مارست التجارة كباعة متجولين.  وكان هؤلاء الباعة يتنقلون عبر البغال والحمير ويمكن لخرجاتهم أن تدوم عدة أيام. كما كان الفقراء والتجار المبتدئون منهم يستعملون فقط الأكياس لحمل مبيعاتهم. والبيع لا يكون بالضرورة بالنقود، بل "يمكن أن يكون قمحا أو شعيرا أو فواكه يابسة أو زبدة مطبوخة مع قليل من النقود".

وهذا النوع من التجارة يدعى بـ"تعتارت". وقد عرف بها يهود دوار أسفالو بالخصوص. أما لغة التعامل فلم تكن سوى الأمازيغية. ومما تحتفظ به الذاكرة المحلية، تلك النداءات التي يطلقها اليهودي للإعلان عن قدومه:

Ad tsghim ha a Lalla

فتجيبه المرأة:

Mad ghurek a Yuday

ويرد عليها التاجر:

Kulci illa g uàdil

ومعني الحوار:

هل تريدين شراء سلعة ما سيدتي؟

وتجيب السيدة

وماذا عندك أيها اليهودي؟

فيرد التاجر

كل شيء موجود في الكيس سيدتي.

لكن التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة أدت إلى اختفاء العديد من الحرف والمهن التقليدية. وهكذا، فإن الباعة المتجولين لم يعد لهم تقريبا أي وجود بالمنطقة. وربما يعود هذا الاختفاء إلى توفر المواصلات وانتشار الدكاكين واختفاء تلك الفئة من التجار الصغار الذين مارسوا البيع بالتجوال.

وقد وقفت الرواية الشفوية عند صيغ التعاون والتضامن بين الشرائح الاجتماعية اليهودية. إن اليهود يتعاونون ويتضامنون فيما بينهم. "فالتجار الكبار يساعدون الصغار". كما أنهم عندما يودون جلب السلعة من المدن الكبرى، فإنهم يرسلون شاحنة واحدة لتزويد كل واحد منهم بما يحتاجه وكل منهم يؤدي نصيبه حسب ما استقدمه من مواد. وقد أشارت بعض الكتابات إلى هذا الموضوع. وفي هذا الصدد، يشير ارموند ليفي في كتابه (حدث ذات مرة: اليهود المغاربة) إلى أن التضامن بين الأغنياء والفقراء يتجلى في وجود العديد من المؤسسات ذات الطبيعة الاجتماعية والخيرية التي تتكلف بمساعدة الفقراء والمحتاجين.

ووقفت الرواية الشفوية كذلك على ما يعرف بـ"إمراطن" وهو نوع من التجارة، إن لم نقل بأنه ممارسة بنكية. وتعني أن اليهودي يقرض النقود للمسلم مقابل الحصول على غلة العام من شعير أو قمح أو غيرها من المواد الفلاحية، إذا حصل عدم توفر المسلم على النقد لتسديد الدين.

أما في مجال الفلاحة فقد أشار أندري شوراقي كما أورده حاييم الزعفراني في كتابه عن ألفي سنة من حياة اليهود بالمغرب، إلى أنه توجد في الجنوب المغربي، عدة جماعات صغيرة تتعاطى للفلاحة منذ أزمنة عريقة في القدم. وتؤكد شهادة يهودي أوردها حاييم الزعفراني بأن اليهود الأغنياء كانوا أصحاب أملاك عقارية وكانوا يملكون حقولا وكروما وعددا كبيرا من النخيل. وقد زكت شهادات السكان هذه الشهادة. وهو ما يفند أحكام بعض الدارسين الذين اعتبروا أن اليهود لم يمار سوا الفلاحة.

"فهارون التاجر بالقيصارية، كان يملك ما يقارب ستين بقرة. وقد كلف أحد أصدقائه من المسلمين بتربيتها مقابل النصف في الأرباح على أن اللبن للمسلم والسمن لليهودي. وإذا كانت البهيمة عجلا فهما يقتسمان الربح فقط. والمربي لن ينال أي مقابل إذا لم يتجاوز ثمن البيع ثمن الشراء. أما في حالة الخسارة فإن المسلم يعوض اليهودي نقدا".

وتذكر الرواية الشفوية كذلك أن الأغنياء اليهود كانوا يعطون الأضحيات للمحتاجين الذين لا يستطيعون ابتياعها، لظروف أو لأخرى، في الأعياد وغيرها من المناسبات، وذلك على شكل سلف إلى أن يتوفر المدين على النقد فيقوم بالتسديد.

و تشير بعض الشهادات إلى أن عجز المسلم عن أداء ما بذمته من ديون في الوقت المحدد يعني في الأعراف تمليك أحد حقوله لليهودي إلى أن يتم تسديد الدين. وهذا ما يعرف بالرهن. وتشير نفس الروايات التي استقيناها أن مالك الحقل الأصلي هو الذي يتولى العمل في الحقل بعد أن يصير في ملك اليهودي، ويجازيه هذا الأخير باعتباره خماسا.

هل يعود امتلاكهم للأراضي الفلاحية إلى القروض التي يمنحونها للمسلمين العاجزين عن التسديد أم  أن اليهود المحليين كانت لهم أراضيهم الفلاحية إلى جانب المسلمين المحليين؟

إن الجواب عن هذا السؤال سيزيل اللبس أكثر عن تاريخ اليهود بالمنطقة.

الحرف التقليدية

كانت الحرف التقليدية مرتبطة بعامة الناس من اليهود. ومن هذا الجمهور غير المحظوظ، (كما يشير إلى ذلك أبو بكر الصديق الشريف في مقال نشره بجريدة الزمن المغربية (بتاريخ52/7 إلى7/8 /94 )، من تخصص في صناعة الفخار أو الدباغة أو الجلود أو الخرازة وصنع الأحذية والخياطة. وذلك إما داخل بيوتهم أو في دكاكين صغيرة أو تحت الخيام في الأسواق الحضرية والقروية وأحيانا يمارسون تلك الحرف والمهن في الهواء الطلق.

وقد ارتبط تواجد اليهود بمنطقة "تودغا" بحرفة الدباغة والخرازة واللحامة والرباطة (تازلغا باللغة بالأمازيغية)وإسكسا (آلة يدوية تستعمل في عزل الجيد من الصوف لاستعماله في النسج). وكانت"رحفت نايت بنعيم" المقر الرئيسي لممارسة هذه الحرف.

وتعاطى اليهود كذلك لصناعة البرادع والوسائد والأحذية وإصلاحها. وتذكر الرواية الشفوية أن القيصارية التي كانت تجاور "رحفت نايت بنعيم"  كانت هي المركز الاقتصادي للمنطقة. كما تذكر أن يهود دوار أسفالو اضظروا إلى الإستقرار بالمركز، وذلك لتجاوز تلك المسافة التي تفصلهم عن نواة الحياة الاقتصادية بالمنطقة.

وكان عدد العائلات المسلمة التي تدفع أبنائها لتعلم هذه الحرف قليلا. "وهم بدورهم لا يعلمون الحرفة لأي كان". فشرط الثقة ضروري. وقليلا ما يعلمون تلك الحرف المرتبطة بصوغ الذهب والفضة وكل ما يرتبط بإعداد وتهييء المجوهرات."وهذه الحرف عادة ما يزاولونها داخل منازلهم" وذلك، ربما، نتيجة الخوف من ضياع المواد الثمينة التي تستخدم أو خوفا من السرقة التي يمكن أن يتعرض لها أي مزاول لمثل هذه الحرف.

ومن المعروف أنهم يعتمدون في مزاولة مثل هذه الحرف على تقنيات جمالية وفنية عالية كالنحت والنقش والقطع وغيرها. وقد تمكنوا من تنويع أشكال الخواتم والأحزمة سواء كانت من الذهب أو الفضة أو الأحجار الكريمة أو الزجاج الملون.

وعندما حل موعد الرحيل فتحوا المجال أمام أبناء بعض العائلات الصديقة لتعلم هذه الحرف التي ما يزال مزاولوها يحافظون على أسرارها. وتفيد الرواية الشفوية أن هذه الحرف كانت منتشرة في دواري أيت أور جدال وتنغير.

أما بالنسبة للصناعة الجلدية، فقد اشتغل اليهود في صناعة الدباغة. وتستعمل الجلود التي يتم إعدادها في صناعة الروابز التي تشتهر بها المنطقة والتي تصدر كذلك إلى المناطق المجاورة. وتفيد الرواية الشفوية أنهم اشتهروا بالدباغة إلى حد أن "المخزن كان يشتري منهم".

وكان السباق إلى صنعة النعل يهودي يدعى هارون ن إخلوين، ومنه أخذت بعض عائلات "أيت حطوش" هذه الحرفة. وقد استطاع هذا الحرفي لوحده أن يغطي المناطق المجاورة بمنتوجه. وإلى حدود الآن لا يزال يعرف هذا النوع من النعال بهارون نسبة إلى هارون ن إخلوان. وهو يشكل إحدى خصوصيات المنطقة.

كما مارس اليهود اللحامة واشتغلوا في صناعة أغمدة السيوف والدمالج. وما تزال البعض من الآلات المستعملة في هذه الحرف في رفوف ومخازن بعض العائلات. لكنه مهدد بالضياع إن لم يتم تجميعه في متاحف متخصصة.

الملاح في المناطق الأمازيغية

تكاد تتفق جل الدراسات التي أنجزت حول اليهودية المغربية، على أن الملاح كمفهوم و بنية لم يظهر إلا في عهد المرينيين. وأول ملاح يعود تاريخه بالتحديد إلى سنة 1438. وكانت فاس أول مدينة مغربية تحتضنه ثم بعدها مراكش التي بني فيها عام 1557 ثم مكناس سنة1679 والصويرة عام 1765 والرباط وسلا وتطوان سنة 1808 (مقالات حول التاريخ والحضارة اليهودية المغربية لسيمون ليفي). ويعتبر نفس الكاتب بأن أصل التسمية ربما تحيل إلى فضاء مدخل فاس، والذي خصص لوضع وتجميع الملح الذي يستخرج من المناجم المجاورة. ويظهر أن التسمية نفسها تعطي الكثير من المصداقية لهذا التفسير. ويذهب سيمون ليفي إلى أن المصطلح انتقل من العاصمة (آنذاك) وتم تعميمه على كل حي يسكنه اليهود. ويرى نفس الباحث بأن التسمية لم ترتبط فقط باليهود والدليل على ذلك وجود عبارة ملاح المسلمين وذلك إلى حدود القرن 17 وهي التسمية التي تقابل عبارة ملاح اليهود. وبعد ذلك اختفت التسمية الأولى وبقيت الثانية.

ومن المعروف أن للملاح مواصفات أهمها أنه عبارة عن حي كبير تحيط به جدار عالية ولا يسكنه سوي اليهود. وبعض الكتابات اليهودية تصف الملاح بكونه عبارة عن فضاء مغلق وتعزو ما تصفه بتقوقع اليهود المغاربة إلى هذا الوضع.

ومن جهة أخرى فمن الباحثين من يعتبر أن الملاح ساهم، بشكل أو بآخر، في الحفاظ على الخصوصية اليهودية. ويقارن ادموند ليفي في كتابه(حدث ذات مرة: اليهود المغاربة) بين وضعية اليهود في شمال أفريقيا ووضعيتهم في أوروبا في العصور الوسطى بحيث يلاحظ أن الملاح لم يكن أبدا منغلقا في المغرب، كما يعتقد البعض وكما هو الشأن في مراحل معينة في أوروبا.

وإذا حصل شبه اتفاق بين الباحثين على أن الملاح لم يظهر كفضاء خصص لليهود إلا في عهد المرينيين الذين حكموا المغرب بين 1269 و1465 وبالتحديد في مدينة فاس التي اتخذوها عاصمة لهم، فإن هذه الدراسات في حدود اطلاعنا لم تسجل وجود الملاح قبل هذا التاريخ. وهو ما يعني أن اليهود كانوا يختلطون في السكن مع المسلمين.

الملاح لا وجود له

ويفيد مصطلح الملاح أن أصل التسمية عربية. وقد بحثنا جهد الإمكان في اللغة الأمازيغية وخصوصا في المناطق التي سكنها اليهود فلم نجد أي تسمية يمكن أن تعتبر مرادفا لهذا المصطلح. وإلى أن يثبت العكس، سنقول بأنها غير موجودة.

فالملاح جاء من الملح ومن فعل ملح. وفي تونس كان المصطلح الذي يرادف  هذه التسمية هو الحارة، وهي كذلك تسمية عربية.

ويمكن أن نتجرأ قائلين إن الملاح لا وجود له عند الأمازيغ ولم يعرفه المغرب إلا مع ظهور دول أسسها فقهاء متشددون نتيجة فهم خاطئ للدين الإسلامي. وربما قد كانوا متأثرين بتلك الوثائق التي تكرس لفهم ضيق للدين والتي تحدد وضع الذمي في الإسلام مع العلم أن عزل اليهود لم تتطرق له الوثيقة الأصل التي وضعها عمر بن الخطاب، وإن تطرقت إلى ضرورة حمل علامات مميزة وعدم الدخول في جيش المسلمين وعدم إشهار القناعات الدينية وعدم بناء مؤسسات دينية ترتفع عن مساجد المسلمين وعدم بناء منازل تعلو على منازل المسلمين.

وإذا عدنا إلى تنغير، سنجد أن الملاح وإن كان يستعمل في الحديث عن التجمع السكني لليهود، إلا أن فضاء الانغلاق غير موجود على الإطلاق. فالدوار يجمع بين اليهود والمسلمين ويحيط به سور عال لحماية كل ساكني الدوار من أية اعتداءات محتملة. وعادة ما ينفتح ببابين واسعين: الأول يطل على الواحة والثاني ينفتح على الجهة العليا للدوار. وداخل الدوار نجد ما يمكن أن نطلق عليه بالتجمعين السكنيين: الأول للمسلمين والثاني لليهود. ولا يفرق بين التجمعين أي سور أو أي حائط. والمرور أو التجوال لا يخضع لأية شروط أو اعتبارات باستثناء تلك الاعتبارات الأمنية التي يتخذها أهل الدوار مجتمعين لحماية قبيلتهم من أي اعتداء محتمل.

ولا يضم تجمع اليهود وسط الدوار سوى سكناهم أما الأمكنة المخصصة للتجارة فلها فضاءاتها الخاصة.

وعادة ما يستفيد اليهود من حماية عائلة مسلمة. فلكل عائلة يهودية عائلة مسلمة تحميها وتحفظ لها حقوقها وتبعد عنها أي اعتداءات محتملة. كما أنها تكون ضامنة للمتعاملين معها، في الأمور التجارية. ولم تسجل الرواية الشفوية بأن هذه العائلات المسلمة تتقاضى المقابل  المادي المباشر عن هذه الحماية. و إذا حصل، فإنه سيكون رمزيا. ويمكن أن يتعلق بالاستفادة من القروض بتسهيلات أو الحصول على السلع التي تخصصت فيها العائلة اليهودية بأثمنة مناسبة.

وعندما يتحدث بعض الذين استجوبناهم عن اليهود بالمنطقة، فإنهم لا يستعملون كثيرا مصطلح الملاح. وهكذا فهم يقولون "يهود أسفا لو" ويهود تنغير وغيرها من الدواوير التي سكنوها دون أن يستعملوا كثيرا مصطلح الملاح. ويستعملون كذلك مصطلح "يهود العائلة الفلانية"، بمعنى اليهود الذين تحميهم عائلة من عائلات المسلمين.

وضع الذمي عند الأمازيغ

يطلق الذمي في الإسلام على اليهود والمسيحيين أي ما يعرف بأهل الكتاب من الذين يعيشون في أرض الإسلام. وتؤكد بعض الكتابات إلى أن وضع الذمي في المغرب لم يتغير إلا مع مجيء الاستعمار الفرنسي الذي أرسى التعامل الطبيعي مع اليهود باعتبارهم مواطنين. ومن هؤلاء الباحثين من يرجع عدم مقاومة اليهود للاستعمار إلى هذا التغير الإيجابي الذي كرسه لصالحهم.

وإذا كان هذا الوضع الجديد قد تعرض لنوع من الارتداد مع ما يعرف بالسياسة المعادية للسامية والتي اقرها صعود النازية في الأربعينات من القرن الماضي في أوروبا وبالتحديد خلال فترة حكم فيشي في فرنسا، فإن الكتابات التي تناولت الموضوع تشير إلى أن المغفور له محمد الخامس رفض تطبيق هذه السياسة. وهو الذي أقر مواطنة اليهود الكاملة مباشرة بعد الاستقلال.

وما حملته الرواية الشفوية من إفادات يؤكد أن وضع الذمي لم يكن سائدا في المنطقة بالشكل المتعارف عليه من قبل مكرسي الفهم المتشدد للدين الإسلامي. فشروط الذمي كما حددها عمر بن الخطاب تمنع من بناء المزيد من المؤسسات الدينية والاكتفاء بترميم الآيل للسقوط دون توسيعها أو إكبارها حتى لا تعلو أو تكبر عن بنايات المسلمين وهذا الشرط لم يكن سائدا في المنطقة، فاليهود كما تؤكد الرواية الشفوية كان بإمكانهم أن يشيدوا بيَعهم دون أي ضغط أو إكراه. كما أن وضع الذمي يجبرهم على عدم بناء دور عالية على تلك التي للمسلمين. وهذا ما لم يكن موجودا في المنطقة. فالبنايات في هيئتها الخارجية وعلوها كانت متماثلة مع تلك التي يمتلكها المسلمون.

ويفرض وضع الذمي على اليهود أن لا يرتدوا نفس الأزياء التي يلبسها المسلمون. إلا أن الرواية الشفوية لا تزال تحتفظ بأن اليهود يرتدون نفس الألبسة المحلية مع ارتداء طاقيات لم تفرض عليهم بل كانت اختيارا دينيا محضا.

المدرسة اليهودية

المدرسة اليهودية الوحيدة كان مقرها بتنغير المركز. أما البيع، فإن كل دوار كان يتوفر على بيعة تخصص للتعبد والاحتفال بالأعياد الدينية وعقد التجمعات وتدبير أمور الجماعة بالإضافة إلى إعداد الوثائق التي تحتاجها العائلات اليهودية لتسيير علاقاتها. ويشرف على البيعة رجل دين يدعى الحزان. وهو الذي يشرف على كل الأمور ذات الارتباط بالدين. كما يشرف على توثيق العهود والحفاظ عليها، و يفسر لليهود كل ما عسر عليهم فهمه في الدين. وهو في وضعه يشبه وضع الفقيه عند المسلمين.

وتفيد الرواية الشفوية أن مدرسا مسلما كان يعطي الدروس في هذه المدرسة كان يعلمهم الحساب والفرنسية إلى جانب مدرسين يهود متخصصين في أمور الدين ولم تكن تستقبل سوى الذكور نتيجة الثقافة المحافظة السائدة آنذاك. ولم تحسم ذاكرة المنطقة في من بنى المدرسة: هل هي السلطات الاستعمارية أم هي الرابطة الإسرائيلية. فقط، كل ما توصلنا إليه هو أن المدرسة بنيت في الخمسينات من القرن الماضي. وقد توقفت الدراسة بها مع رحيل اليهود. والآن هدمت عن أخرها وبني مكانها بنك. وفقدانها خسارة ألحقت بالموروث الثقافي التاريخي للمنطقة.

 

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting