uïïun  143, 

krayur 2959

  (Mars  2009)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

ayt usoarrb nvd imssizrn imaynutn

Oebbu d wadvu

Nunja, d anecruft n izerfan

Anezgum

Icfar

Azvru n tmazirt

Ankraf Amazigh

Akuc

Ttalb n yizan

Fas!

Français

Montagnes meurtrières et abandon

Qui pleurera tes victimes?

Minucius Felix, l'africain voilé

L'image poétique dans l'œuvre de Lwalid Mimoun

Lettre du CMA aux élus locaux

Manifestation amazighe réprimée à Rabat

Communiqué de dénonciation du CMA

العربية

دعاة التعريب أو المشركون الجدد

عن الجالية الأمازيغية في المغرب

لماذا لم يبدأ تدريس الأمازيغية من الباكالوريا؟

الأمازيغية الآن

حديث من أعماق الأرض

الأمازيغية وغزة والعروبة

منسيوس فيلكس: الإفريقي المستلب

الإعلام الإلكتروني الأمازيغي

قراءة في فيلم أزبار

قراءة في قصيدة تمغرووشن

ديوان الشاعر لكبير الغازي

أسماء الطيور بالأمازيغية

حوار مع الفنان مراد سلام

رواية جديدة لسعيد بلغربي

ألبوم جديد للفنان ملال

بيان التنسيقية الوطنية للحركة الأمازيغية بالجامعة

بيان جمعية إزرفان

احتفال الحركة الأمازيغية بموقع طنجة

بيان حول عين أغبالو بابن صميم

تازة تخلد حلول السنة الأمازيغية الجديدة

نشاط ثقافي لجمعية ماسينيسا

جمعية تينامورين تخلد السنة الأمازيغية الجديدة

بلاغ الشبكة الأمازيغية لفرع أكادير

مكتب جديد لجمعية تامايورت

بيان الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف

الملتقى الجهوي لسكان جبال الريف

بيان استنكاري

الجمع العام لفرع الشبكة بأكادير

بلاغ جمعية أباراز

بلاغ جمعية أسيكل

بلاغ جمعيتي خير الدين وإيزرفان

البيان الختامي لمؤتمر تاماينوت

رسالة مفتوحة للشبكة الأمازيغية

بلاغ جمعية إزرفان

تعازِ للأستاذ أرحموش

تهنئة للأستاذة فاطمة الدوش

نشاط ثقافي لتاماينوت لخصاص

 

 

 

قراءة في قصيدة «تمغرووشن» لمولاي علي شوهاد

بقلم: عبد الرحمان اليعقوبي

مقدمة:

صدر خلال الأيام الماضية، أواخر 2008م، شريط جديد بعنوان «تمغراووشن»، للفنان المعروف فيلسوف الشعر الأمازيغي، ابن قبيلة ابركاك باسافن نايت هارون، إقليم طاطا، الشاعر الملتزم والملحن الأصيل المطرب الشجي، صاحب الأصوات الخاشعة، والنبرات القوية، والألحان العريقة والكلمات العفيفة، مولاي علي شوهاد. وكعادته وسم مولاي علي إبداعه الجديد بلمسته الأرشاشية المميزة، ووظف فيه إيقاعات جديدة، لم يستعملها من قبل، وهذا ليس غريبا عنه، إذا عرفنا أن مدرسة أرشاش هي صاحبة الريادة في هذا المجال، باعتبار الثراء الذي راكتمه على مستولى الإيقاعات بالمقارنة مع المدارس الفنية الأخرى، لدرجة أنك تجد في بعض الإبداعات أكثر من إيقاع في أداء قصيدة واحدة.

ويتضمن هذا الشريط الجديد ست قصائد موزعة بين مواضيع ثقافية،اجتماعية، سياسية، وجمالية، تناولها الشاعر برؤيته الفلسفية المعهودة، المتعالية عن المباشر والتقرير، والمائلة نحو استحضار الرمز، واعتماد الإيحاءات والإشارات اللطيفة، وهي قصائد بعناوين: تمغراووشن- تودر تودلرت-باب نتروا- اكادير نينفلاس- اكال نتوزونت- اكضاض نويهران.

وسنحاول تسليط الضوء على القصيدة الأولى «تمغراووشن» التي افتتح بها الشريط، وعنون له بها.

1- نص القصيدة:

1- يويانخ اغاراس لخلا ستمغرا ووشن

2- امارك اشدان اوناخ اكران نس

3- اغ ؤريكي يان افيس اشقا ادافغ اسلم

4- اوكان نكد اتران ن اموريك د لاجفورنس

5- اداك نزورسيدي حمو، باب ن اومارك

6- س اوالون انو نج ماد نان اقديمن نخ

7- توكا نو ار دار ربي س مطلخ نكز اكالن

8- اوال اغت ارنخ اور تنيخ نناتن

9- اسيف اسافن، د واكال ن شرك اضعا ياسن

10- اوال ن اموريك ار اتارو اهواوين

11- ار اتارو اوزكروز اوال افخن غ اوناين

12- يكي تيفنوت س واسيف ن سوس ادو اسيح

13- اغلي د اودرار ن تيزي س لحوز اكز ادادس

14- اوال احيان اكا تاسوتين ادر اسلم

15- اميل احيوك ربي الغشيم اكرو سرون

16- تنيتاس اوال نيك اتنان،ايهيانك

17- توسيت لحيانك س امبنك،فاق اوكايونك

18- اما امارك اد سيديك ؤكرن اقبيل نك

19- لحاق ادكان اورارن تبنوت س ازران نس

20- الاي دلالالاي ايرخان اورد امارك

21- اكاتين دا ايتمتات رايس ادر اومارك

22- اغيلاد دا اتمتات او مارك ادر رايس

23- اوالي اغي اوال امازيغ اسدوساسن

24- يوري اوملماد اك انمال ايغ مالن

25- سول ارانخ اتكا تينقاض ايكماين

26- إك لبريح كر تيسواك،اك ازوغار د افاتن

27- ايان انغان اوال املزيغ اسدلوتن

28- اغي سات سمغورين ار توجودن اتامت

29- ؤر اون نسامح كيغ ؤو اغي تامت دمراوت

30- دو واتايس د لقبرن ؤنشاد د ازران نس

31- نغ اك اخسان ن سيدي حمو باب نومارك

32- اولا البنسيرن اغ افسا والبنسيرن

33- امين اكن ارحم ربي ا ادي سيدي غ ؤورارن

34- تويم لا نوارس واكال،تفلمي غ تلاست

35- ؤورجون لاح كران ؤومياض اتكلا نخ

36- سنخ لعشورن زاويت اس اكوكن ارايس

37- اغ ؤريكي اتحونا طرف ارن سدوقورن

38- مراد افك ؤومزلوض ا وياض اغ راس افك

39- ايو فاخ لازن تاسوت اد نتالغ اوشان

40- ؤر ؤومنخ تمغرا ووشن راد ازري واسف

2- نظرة على الجوانب الفنية للقصيدة:

- نلاحظ أن القصيدة تتكون من أربعين بيتا شعريا، تتميز بوحدة الإيقاع والموضوع من بدايتها إلى نهايتها ويمكن أن نصنفها ضمن القصائد الاستطرادية، عند مولاي علي، على غرار قصائد: نملت- أركان- شباب،..... وهي قصائد تتميز نسبيا بالاستطراد والتوسع، مقارنة مع ما جرت به العادة في الشعر الأمازيغي، وذلك لأهمية وخطورة المواضيع التي تعالجها، وحتى يبدي الفكرة راسخة وواضحة.

وقد برع الشاعر في اختيار مطلع القصيدة ومخرجها وفي الربط بينهما، حيث افتتح قصيدته بصورة رمزية بليغة، استخدم فيها عبارة حكيمة متداولة في الثقافة الشعبية الأمازيغية، وهي «تمغراووشن» وهي من كلمات الجامعة التي تحمل دلالات عميقة، سنشير إليها فيما بعد. وكان الشاعر بهذا المطلع المعبر يريد أن يضع المستمع في شوق وتلهف شديد لمعرفة حمولة هذا المطلع من أخبار وأفكار. وفي المخرج نلاحظ أن الشاعر أعاد استخدام نفس العبارة، خصوصا في البيت الأخير، ولكن هذه المرة في شكل جواب على الأسئلة التي يمكن أن يطرحها المطلع في ذهن المتلقي والمستمع حول دلالة «تمغرا ووشن» في القصيدة، وهذا الجواب /الحكم جاء بعد استعراض مجموعة من الأحداث والظواهر التي تجسد وتوضح حقيقة «تمغرا ووشن» التي يقصدها الشاعر. إن هذه التقنية تبرز- حسب فنيتها – مستوى القريض والإبداع لدى الشاعر.

- أما على مستوى القاموس والمعجم، فنلاحظ ما يلي:

* القاموس اللغوي: نجد حضورا لمجموعة من الألفاظ العريقة، النادرة الاستعمال في التواصل اليومي، من قبيل: تاسوتين- توكا- املماد- انمال- تسمغورت- امزلوض-لاجفور- اتايس- ايكماين- وهذا مذهب جرت به العادة عند مولاي علي، لإيمانه بأن إحدى مهمات الفنان هي تجديد اللغة وحمايتها من الضياع. إلى جانب هذا وظف مولاي على في هذه القصيدة الكلمات الجامعة، وهي عبارات مقتضبة تعبر في ألفاظ قليلة عن معاني كبيرة، وتتميز ببنية لغوية صوتية تقرع الأذان وتلفت الانتباه، وهكذا نجد: «تمغراووشن»- لازن تاسوت- لعشورن زاويت- أوال احيان.

* القاموس الشعري: يبقى هذا القاموس قويا في القصيدة، ومهيمنا حيث تتكرر بعض ألفاظه، ونجدها موزعة على مختلف أبيات القصيدة، ويضم ألفاظا تنتمي إلى، ونجدها غالبا في المجال الشعري: اوال- امارك- ؤورارن- سيدي حمو- البنسير- انشاد- رايس- اهواوين.

* قاموس جغرافي: في القصيدة ذكر لمجموعة من المناطق والقبائل الأمازيغية، التي لها علاقة تاريخية بالممارسة الشعرية: اسافن- شرك- ازكروز- اوناين- تفنوت- اسيف نسوس- دادس.

وإذا انتقلنا إلى الجوانب البلاغية في القصيدة، نسجل على العموم- ميولا نحو تبني لغة تقريرية مباشرة، تقلل من الرمزية والتركيب، وتحيل المستمع على المعنى دون اجتهاد كبير، وهذه من الاستثناءات في الشعر الشوهادي، على اعتبار الاتجاه العام الذي يميل إليه، وهو اتجاه الرمزية والإيحاءات، وربما يرجع هذا الاستثناء إلى رغبته في إيصال الرسالة هذه المرة صريحة صارخة ولا تقبل التأويل. ولهذا إذا استثنينا الأبيات/ 1- 3 -36 -40، المبنية على الرمز والإيحاء، فإن باقي الأبيات تبدو معانيها واضحة جلية، أما الأساليب البلاغية الأخرى الموجودة، فيمكن أن نذكر ما يلي:

* التشخيص: ويتجلى بشكل واضح، في الأبيات: 10- 11- 12 -12 -13.

* المجاز: ومثاله في الأبيات: 2-3 -30 -31 -3

* الاقتباس: ويسمى في المناهج الحديثة بالتناص، ويعني حضور نص سابق في النص الجديد، على أساس أن يهيمن الجديد، ويتحكم في اتجاهات المعاني. وفي هذه القصيدة يتجلى التناص في توظيف عبارة «تمغراووشن» في سياق جديد، بعد أن كانت لها دلالات طبيعية-مناخية، في الثقافة الشعبية.

3- الإطار العام للقصيدة:

إن هذه القصيدة، نابعة من الواقع، وفي نفس الوقت متعالية عليه، وساعية للانفصال عنه، ذلك أنها لا تكتفي برصد ووصف مجموعة من الظواهر والسلوكات السلبية، وإنما إلى جانب ذلك تمارس النقد وتدعو إلى تغييرها، وتنبه المسؤولين عنها، وهذه الظواهر ترتبط أساسا بالشأن الثقافي ببلادنا، على مستوى التدبير وعلى مستوى الإبداع، خصوصا فيما يتعلق بالثقافة الأمازيغية، حيث تغيب الشفافية والموضوعية والاحترفية في التعاطي السياسي والإعلامي مع هذه الثقافة، حيث يتم التركيز على الجوانب الشكلية والإبداعات الركيكة، وهي سياسة تسيء في العمق إلى القضية الأمازيغية، وتشوه الثقافة، مسخرة في ذلك أناسا محسوبين على الفن- وحتى الفكر- يتبنون أساليب المداهنة والمجاملة، ولا يملكون الجرأة على النقد وقول الصراحة، وفي هذا السياق يتم استبعاد الصوت الحر المؤمن بالإبداع الذي يستهدف تحرير الإنسان الأمازيغي والحفاظ على هويته وأصالته. وهذا سيؤثر سلبا على الثقافة الأمازيغية التي تعيش مرحلة التأصيل والتجديد، وهي مرحلة حساسة ومصيرية، تتطلب المهنية والتركيز على الإبداعات المتأصلة المبنية على الصدق والإخلاص، والمتجردة من الربحية والانتهازية، وتبرز الكيان الأمازيغي في شخصية فاعلة، ومتجذرة في التاريخ.

4- مضامين القصيدة:

- استهل الشاعر قصيدته بصورة شعرية جميلة، استحضر فيها التراث الأمازيغي، عند توظيفه لعبارة «تمغراووشن» ويصور الشاعر نفسه وسط الخلاء، حيث انتهت به سبله إلى «تمغراووشن»، وهي عبارة متجدرة في الثقافة الأمازيغية، ويتحدث عنها الناس، عندما يقترن تساقط الأمطار بظهور الشمس، ويرتسم قوس قزح في أفق السماء، وقد ربطوا «تمغراووشن»، والتي تعني احتفال الذئب بالعرس- بهذا المظهر الطبيعي، لأن الطبيعة تبدو فيه بوجوه متناقضة – تزامن المطر مع الشمس- وتجسد فيه قيم الكذب والنفاق والخداع، وهي القيم التي تميز الذئب، فكأن الطبيعة تنوه به وتشيد بقيمه، فتخيله الناس مسرورا بذلك الموقف، وهكذا ظهرت عبارة «تمغراووشن». ومولاي علي هنا يريد أن يقول بان تجربته الفنية والشعرية، فتحت عينيه على الكثير من الممارسات اللاأخلاقية، التي تشوب الساحة الفنية والثقافية، شبيهة بتلك التي توحي بها «تمغراووشن» من كذب ونفاق ووجهيات....، فينبه المتلقي ضمنيا، إلى أنه بصدد ذكرها في القصيدة. إن هذا البيت الشعري وحده يبين مدى عبقرية الشاعر، وسعة الخيال لديه، وقدرته الباهرة على ابتكار صور شعرية جديدة يستوحيها من التراث ومن البيئة المحلية، وبهذا يقول بأن حقول أمارك/الشعر، الجميلة استهوته واستغرق فيها حياته، ومن لم يكن أسدا ضاريا، لن يخرج من هذه الحقول غانما وسليما، نظرا لوجود أسد أخرى تبارز كل من دخل هذه الحقول، يقول مولاي علي في هذين البيتين (2و3)، بان ميدان «امارك» يتطلب القوة في العطاء والإبداع والالتزام بقواعد وتقاليد الممارسة الشعرية، وأن الأقزام وأدعياء الشعر، لا ينبغي أن يكون لهم مكان في هذا الحقل، وقد وصف مجازا، الشاعر القوي ب «افيس» كرمز للقوة والتحرر والقدرة على التحمل، وقد سبق للشاعر أن تحدث في قصائد أخرى عن هذه الجوانب الممتنعة في «امارك» كقوله»ؤو الي ؤمارك س- اكيورأ-مات اس- اور الي بلاتيدي د – ؤنخيسام ن – ووال»1 .

ومولاي علي، بهذه النظرة إلى «امارك» إنما يعلي من شأنه، ويعلي معه من شأن اللغة الأمازيغية، التي يبنى بها «امارك» ويحرص على حفظه من التسيب والركاكة التي تحط من هيبته في قلوب الناس، وأشار بعد ذلك (ب 4و5) إلى نجوم «امارك» وقممه، وفي طليعتهم الشاعر المتصوف سيدي حمو، صاحب العديد من الأشعار الخالدة/ اواليون درنين، وسيدي حمو هذا عاش في القرن السابع عشر الميلادي 2، نشأ بازكروز- قبيلة تفنوت، وبعد هذا تحدث مولاي علي عن نفسه وأشعاره- كواحد من نجوم وقمم «امارك»- مشهدا الله على صدق شعره، وسلامته من التقليد والتزوير، وصريحا مع نفسه والمتلقي دون أن يظهر في ذلك تواضعا مصطنعا، ولا أن ينتظر اعترافا وثناء من أحد، لأنه يعرف نفسه جيدا، ويعرف قدراته الإبداعية. ويكفي شعره فخرا وشهادة أنه يحتل القلوب في المناطق والقبائل التي تبدع «امارك» وتتذوقه، ك «اسافن» و» شرك» (البيت 9)، وأود أن أشير هنا مثلا إلى الاستقبال الشعبي الحار الذي حظي به مولاي علي ومجموعته «ارشاش» مؤخرا ب «تمنارت» بإقليم طاطا، حيث يؤكد بالملموس ما قاله مولاي علي عن شعره. قد يعتقد البعض أن الشاعر يحب الإطراء وتمجيد نفسه، ولكنه في النهاية لم يحد عن الصواب، ولم يبالغ أن رفع رأسه بشعره، ما دام هذا الشعر مرفوعا، وفي الحديث «رحم الله من عرف قدره»، والشاعر كما قلنا يعرف قدر نفسه جيدا. وهذا السلوك الشوهادي يذكرنا بسلوك مشابه له في الشعر العربي، يتعلق بالشاعر المتنبي الذي كان بدوره يحتفي بنفسه وبشعره. ومما قاله في هذا الباب:

ومن يبغ ما أبغي من المجد والعلا تساوى المحايى عنده والمقاتل

وما زلت طودا لا تزول مناكبي إلى أن بدت للضيم في زلازل

ما نال أهل الجاهلية كلهم شعري ولا سمعت بسحري بابل

وفي الأبيات 10-11-12-13، اعتبر الشاعر «أمارك» الحقيقي، يصنع الشعراء، ويرصد رحلة شعر، ولد بازكروز فينتقل بين القبائل، ازكروز- اوناين- تفنوت – اسيف نسوس – ادرار نتيزي – لحوز – دادس- ويقصد هنا الشاعر سيدي حمو الذي نشأ بازكوروز، فتناقلها الناس من قبيلة إلى أخرى، وألهمت العديد من الشعراء، ووصلت إلى حدود دادس، وهو تجمع قبلي بالجنوب الشرقي، تابع إداريا لإقليم ورزازات، يعرف كذلك بالشعر الأصيل، ك « تاديازت» و» تماوايت». وبرز فيها شعراء كبار في فترات ما قبل الاستقلال، خلدتهم ذاكرة المنطقة، كالشاعر «ؤعمي»و «خاردو» وبعد ذلك، يقول الشاعر،بأن الشعر الخالد هو الذي خلدته الذاكرة والتاريخ، وما يفعله بعض الجبناء من محاولات تزويره وأنسابه لأنفسهم، دون استحياء، سينتهي بالفضح لأن الكلمات الخالدة هي أسمى وأكبر منهم، ولا يعرفون من أمارك غير «الاي دلالالاي»، أما جوهره فهم بعيدون عنه (الأبيات 14-15-16-17-18-19-20). من هنا يبدأ مولاي علي الحديث عن أحداث «تمغرا ووشن» التي يقصدها، وما تطرحه من سلوكات غير أخلاقية، حيث يشير في هذه الأبيات إلى الاعتداءات التي يتعرض لها التراث الأمازيغي كالقرصنة الأدبية، والتزوير التاريخي، وطمس المعالم والإعلام الأمازيغية – ثقافية كانت أو فكرية أو سياسية- بدل الاحتفاء والتعريف بهم وتوثيق إبداعاتهم وإسهامتهم، ليكونوا نبراسا ومفخرة للشعب الأمازيغي، الذي عملت جهات كثيرة وعبر العصور على محوه وإزالة كل ما يمت فيه بصلة إلى عراقة الحضارة الأمازيغية السمحاء. وقد نبه الشاعر في مناسبة سابقة إلى ضرورة إعادة كتابة التاريخ: «توريم س اوغانيم انسكار لقلوم ؤود اميك،نالس اتيرا نومزوري،نج تيرا قبرنين»3.

ثم يمضي مولاي على، قائلا (ب21و22)بأنه، فيما مضى، كان الشاعر يموت، فيخلد شعره وراءه، أما شويعراء اليوم فيقولون كلاما لا يلبث كثيرا حتى يندثر على مرمى ومسمع منهم. إن هذه المقابلة البليغة تكشف لنا عن الأزمة التي يتخبط فيها «أمارك»والفن عموما، في وقتنا الراهن، فبعد أن كانت له في الماضي قواعده وحرماته لا يستحلها إلا الشعراء القادرون على رفع شأنه وحفظ هيبته في قلوب الناس، وبعد أن كان يقوم بأدوار طلائعية في نشر الوعي وترسيخ القيم وتأطير المجتمع، أصبح اليوم يعاني من الضعف والاستلاب وينساق وراء الميوعة والتخدير، وكل هذا بسبب كثرة المتطفلين عليه، الباحثين عن الشهرة والمتعة، وهنا أستحضر قولا معبرا لمولاي علي في هذا السياق مفاده:

امارك اكا زوند ايدا ن تمزكيد،كولو مات يوفان ارت اكرز».

ويستغرب الشاعر الفيلسوف كيف تحول هؤلاء المتطفلون إلى أساتذة وشعراء، تطلب آراؤهم في الحديث عن

هذا الشعر «امارك» وتقييمه، كأن مولاي علي يقول على لسان أبي العلاء المعري:

«فواعجبا كم يظهر الفضل ناقص، ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل»،

إنه فعلا مظهر من مظاهر التناقض، وتجل من تجليات «تمغراوشن» في الواقع الإنساني.

وواصل كلامه عن الذين أساءوا إلى الأمازيغية، من حيث يزعمون الإحسان إليها، ورغم ذلك نالوا الحظوة والتغطية الإعلامية، وتصدروا قوائم الجوائز والتكريمات، ولتوضيح مدى فظاعة هذا السلوك، اقترح الشاعر- تعبيرا عن استهجانه وتذمره- نبش قبور الشعراء الأعلام، كبوبكر انشاد وسيدي حمو والبنسير، وأخذ عظامهم كأوسمة وجوائز لهؤلاء، على بلوغهم ما لم يصل إليه هؤلاء الأعلام، (الأبيات:27-28-29-30-31-32)، واستدرك بعد ذلك في كلامه، فترحم على هؤلاء الرواد في الشعر، واعترف بفضلهم وسيادتهم في «امارك»، وكان رحيلهم خسارة للشاعر، وخفوتا للنور، (الأبيات: 33-34) . إنه ثناء ووفاء لذكرى هؤلاء الأعلام الذين كان لهم السبق في الدفاع عن الهوية الأمازيغية، وقيمها الإنسانية النبيلة، إنما يستحقون فعلا الإجلال والانحناء عوض التهميش، والارتزاق على ظهورهم.

« لاه ارحم وليد افلن غ اموريك تاميمت... فلناغد اموريك ارات نيت لخاطر اميمن»

وفي البيت: 35 اشتكى الشاعر من المتسولين الذين يندسون بعنوة بينهم في موائد الطعام، كناية عن المتطفلين على مائدة الفن، دون أن يكونوا مؤهلين لحمل رسالته، ودون توفر الشروط اللازمة فيهم، وأهمها إتقان اللغة،

«امارك اوال اداس اكان لساس ابنو سرس»

والانخراط في الميدان بصبر وتحمل»،

وانا اوركات واضو توت تافوكت اوتنت اتران ن ضييض اوراسن امارك اولاسن ماني ستمديم ايواليون»

وبعد هذا يرصد الشاعر الوضعية الاجتماعية ل( الرايس/ الفنان) حيث لا حصة له في العطايا والهبات التي تمنح للزوايا إذا لم يستجد ويتزلف إلى المسؤولين، وهذا الخيار نفسه لا يتوقع الشاعر منه فائدة معتبرة للرايس لأن الذين يستعطفهم ويستجديهم هذا الرايس، لا يملكون شيئا ثمينا، يستدعي كل هذا الخضوع لهم، إن مولاي علي يريد أن يقول بأن الفنان الجاد الذي لا يستجدي أحدا، ولا يتقن فنون إطراء ومجاملة المسؤولين، يحرم من الجوائز ويستبعد من التكريمات والمنح، وهنا يقصد بصفة خاصة الفنان الأمازيغي الذي لا يساوم في مواقفه الفنية، والذي يتعرض للإقصاء من لدن المنابر الثقافية والإعلامية، وقد دعا الشاعر في مناسبة سابقة هؤلاء للرجوع إلى سبيل الرشد، واعتماد الموضوعية في التعاطي مع القضايا الأمازيغية، خاصة على المستوى الإعلامي، حيث قال:

«سكليد اسيكا لمنيد انو اكيس كاورخ، ماخ ادا بوطربوش ازكاغ اسف اتبعان اسف: ارن نزرا سات تيكال زوند لفرض ديوكين دار مولانا غيكنا سول سيحي د هاكاك....».

وقد فضل الشاعر شظف العيش على رغده، الذي يكون بالإطراء والثناء على الذئاب- البيت 39- في هذا البيت يعلن رفضه القاطع لحياة الخضوع والإملاءات، ولو كانت ستجلب له، وتجني عليه ما لذ وطاب من العيش ويفضل أن يكون حرا يعيش حياة القناعة والكفاف، دون أن يمن عليه أحد، ودون أن يجامل مسؤولا، يكرس حياته للفن البناء، ولا ينتظر من أحد اعترافا، والتاريخ وحده سينصفه، إن مولاي علي هذا يظهر بشخصية متمردة عصية على الإخضاع، لا يرضى بغير المروءة والعزة حياة، وشعره يعكس هذا في الكثير من مضامينه، على سبيل المثال لا الحصر:

« افوكان كيخ اوداد اكشمن اتالاتين دا دور نك زود اموكاي ارانخ اكرف افوس .... كيخ اوكني لفرغان نيك امو صاحان»

وفي الختام يقول بأن التناقضات والسلبيات التي يطرحها الواقع الفني والثقافي، والتي تحدث عنها في الأبيات السابقة، لا بد أنها ستتغير مع مرور الوقت، كما تتغير الأجواء الطبيعية المرتبطة ب «تمغراووشن»، وزوال التناقضات التي تطرحها. ويستشرف لهذا التغيير يوما مستقرا وواضحا، تتضح فيه الحقيقة، ويقول التاريخ فيه كلمته المنصفة. وأما الزبد فيذهب جفاء.

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting