|
|
ما أبعدك أيها الخليج!! بقلم: محمد زروال (تونفيت)
دعت دول مجلس التعاون الخليجي الدولة المغربية للانضمام إليها، رغم أنها الأبعد جغرافيا ضمن ما يسمى بالعالم العربي. وهو قرار أثار الاستغراب بين الأوساط الثقافية والسياسية والاقتصادية بالمغرب، وبلدان الخليج، بل وفي الجارة الجزائر. ويمكن تفسير هذا الاستغراب بمجموعة من الاعتبارات يمكن إجمالها في النقط التالية: 1 – المغرب دولة تعتمد في اقتصادها على الثروة السمكية وعائدات الجالية المقيمة بالخارج ومداخيل القطاع السياحي، بالإضافة إلى الفلاحة، عكس بلدان الخليج التي تعتمد على الثروة البترولية في الدرجة الأولى. 2 – المغرب عضو ضمن ما يسمى باتحاد المغرب العربي ولو على الأوراق، وله التزامات مع هذه الدول وسيكون قرار الانضمام لا ديمقراطيا ، إذ أن المغرب لا يستطيع أن يعلن انسحابه من هذا الاتحاد خاصة و أن الدبلوماسية المغربية لا زالت تؤكد في كل الملتقيات الدولية على رغبتها في تفعيل هياكل هذا الاتحاد. 3 – السياق الذي جاءت فيه الدعوة لا يمكن فصله عن التطورات السياسية التي تعرفها بلدان شمال إفريقيا والمشرق العربي، بل وصل صداها إلى جنوب أوربا خاصة اسبانيا. إن هذه الدعوة في الحقيقة تشكل إعلانا لمرحلة جديدة في تاريخ العلاقة بين المغرب والمشرق العربي خاصة وأن الموقف الرسمي يبدو أكثر ليونة ويفتح الباب على احتمال قبول الانضمام. قبول المغرب الانضمام إلى هذا الاتحاد سيجعلنا نعود بطريقة غير مباشرة إلى زمن التبعية للمشرق العربي أيام الدولة الأموية. والكل يعلم المعارك التي خاضتها دول الخوارج والدولة المرابطية ضد المركزية الشرقانية التي قامت بمجموعة من الجرائم في المغرب والأندلس على رأسها قتل البطل الأمازيغي طارق بن زياد. يكفي أن نعود إلى الأهداف التي سطرتها دول الخليج عند تأسيسها لهذا الاتحاد سنة 1981 ومنها: ¬¬-»تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول الاتحاد في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها». إن الوقوف عند هذه الجملة الجامعة وتفكيك مضامينها يوضح أن هذه البلدان تسعى إلى تحقيق وحدة سياسية في المستقبل، والمغرب في حالة الانضمام معني بهذه الوحدة خاصة وأن دول المجلس يجمعها بالمغرب مقوم النظام السياسي الملكي. فأي دولة وأي أمير سيسمح بالتنازل عن حقه لدولة أخرى في إطار وحدة سياسية ونحن نتابع إلى أي درجة يتمسك رؤساء الدول العربية بكراسيهم أمام ثورات شعوبهم فما بالك بالملوك. لقد تأسس هذا الاتحاد على أسس عرقية محضة، والدليل أن ديباجة النظام الأساسي شددت على ما يربط بين الدول الستة من علاقات خاصة، وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، و الإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية. ومن هنا يحق لنا كأمازيغ في المغرب أن نتساءل عن موقعنا من الإعراب في ديباجة هذا الاتحاد؟ ما فائدة الخطابات الجوفاء التي يتحدث عنها الكل حول تنوع الهوية المغربية، وضرورة إعادة الاعتبار للمكون الامازيغي؟ ما جدوى دعوة الملك في خطاباته إلى إعادة الاعتبار للبعد الأمازيغي في الهوية المغربية ودول الخليج التي يريد المغرب أن ينضم إليها تعتبر أهداف الأمة العربية هدفها الأسمى؟ لنواصل التعمق أكثر في أهداف هذا الاتحاد، وذلك عندما نقف عند جملة مفادها أن قرار الاتحاد ليس وليد لحظة تاريخية، بل هو تجسيد مؤسساتي لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي قديم. حيث تتميز دول المجلس بعمق الروابط الدينية والثقافية والتمازج الأسري بين مواطنيها، ربما يقصدون في حالة انضمام المغرب هنا تلك الفئة من المغربيات اللواتي يغرر بهن للهجرة إلى الخليج بعقود عمل مزورة، وعندما يصلن يجدن أنفسهن عبارة عن جوارٍ في قصور وكباريهات الكبت المشرقي. إن هذه الروابط التي يتحدث عنها نجدها بالفعل حاضرة بين الدول الست المؤسسة لهذا الاتحاد، لكن حالة المغرب أو مصر أو الجزائر تبدو بعيدة كل البعد عن الواقع الاجتماعي والثقافي للبلدان غير الخليجية. هذه الدعوة لا تعنينا في شيء لأننا نختلف عنهم ثقافيا، والتطورات التاريخية التي عرفها المغرب لا تتشابه مع ما عرفته بلدان المشرق العربي، فالعرب واجهوا هجومات المغول والهيمنة العثمانية، في حين واجهنا نحن التوغل الفينيقي والروماني والعربي. في الأخير أقول للمتبجحين بالأهمية الاقتصادية لهذه الدول بالنسبة للمغرب إن حل المشاكل مع جارتنا الشرقية الجزائر والجارة الشمالية اسبانيا أحسن بالنسبة لنا من الانضمام إلى دول البترودولار التي لا يهمها في المغرب إلا شواطئه الممتدة ولياليه الحمراء وطيور الحبار وما شئت من الممنوعات في شبه الجزيرة العربية.
|
|