|
|
لوعة الغياب إحياء لذاكرة بوجمعة هباز بقلم: مبارك اباعزي
اختفى بوجمعة هباز منذ ثلاثين سنة، وسيظل يسكننا لندرة الرجال الذين يستحقون ملأ ذلك المكان الشاغر للذكرى. سيختفي الكثيرون من الذين يملؤون كراسي الذاكرة، ليتركوه فارغا لرجال لن يكونوا غير بوجمعة ومعتوب والخطابي والمساعدي... حتما القائمة لن تكون طويلة، لأن رجالات العمل الأمازيغي أقل بكثير من «رجالات العمل الأمازيغي». لا يوجد إكسير للغياب إلا فعل التذكر هذا الذي به نغتال النسيان، رغم حاجتنا إليه، إذ لولاه لتذكرنا تاريخا عظيما بالقتل. لا بد من خلخلة الذاكرة الأمازيغية، فحتى الآن، قليلون هؤلاء الذين يعرفون وجود شخص اسمه بوجمعة، أو بماضي وجوده. لا بد في إطار الذاكرة الأمازيغية، أن نطالب بإصلاح راديكالي، كما يحدث في المجالات الأخرى، لسلوك الذاكرة، فهي عقيمة، مراوغة، مزيفة، ماكرة... لقد حان الوقت لكي نحنط هذه الأجسام الميتة، ليس في حياة الذاكرة قطعا، بل في قبر النسيان. هكذا يجب أن يكون مصير كل الرموز التي تحييها الدولة، بما فيها رواد مبغى الحركة الوطنية. عن بوجمعة لا نعرف الكثير، يراودنا الشوق إليه بين الحين والآخر، لأننا أدركنا أخيرا، أن الرجل كان شهيد قضيتنا. لم نعرفه بالقدر الذي نعرف به معتوب لوناس، لأن اللوبيين الفرنسيين والمغاربة معا ، تعمدوا استئصاله من الذاكرة. ربما كان لمعتوب بعض الحظ لأن الفرنسيين استقبلوه بحفاوة، وروجوا له في الحين الذي قتله فيه مواطنوه. لقد كان هباز بوجمعة يتنفس الفكر، لكنه كان محروما من التنفس. كان بودنا أن نعرف عنه ما يلزم، لكي نخلده فكرا وثقافة في أذهان الأجيال الأمازيغية القادمة، لكننا لا نملك إلا أن نخلده اسما بعد مصادرة أفكاره. الأشياء الحقيقية، التاريخية، العظيمة والمميزة لا تختفي، وحده التزييف يطاله النسيان . بوجمعة ليس شيئا، الشيء فيه مات وأكله التراب، أما العمق، الفكر والإبداع فهو ما تبقى منه. لكنه ما زال محجوزا في غياهب الوأد، إنه غائب ومغيب في آن. من يقبرك يا بوجمعة، من يخفيك يا هباز، من يئدك يا بوجمعة هباز؟ أظن أن ما يهمنا من بوجمعة الآن، ليس أن نبحث عن المسؤولين عن الاختطاف- بالنسبة إلي على الأقل- أو ظروفه أو أسبابه، من الضروري أن نعرف قيمة ما كتبه بوجمعة بنشره، هكذا سنحييه بعد موته. (أكادير في 2011-05-20)
|
|