|
|
أئمة
الظلام والأمازيغية
بقلم:
الحسين بوردة
قبل أيام شن أحد خطباء المساجد هجوما عنيفا على الأمازيغية، من خلال اتهام انتصار الحركة الأمازيغية بالموالاة للصهاينة، أعداء العرب التاريخيين إلى يوم القيامة. ومثل هذه الخطابات البغيضة ليست جديدة على أعداء الحياة المتخلفين، الذين يعتقدون أنهم الأمة الناجية، هؤلاء المرتزقة خدام ثقافة البدو في المغرب يشهرون سيوفهم في أماكن مقدسة لممارسة السياسة بطريقة خسيسة، ومن أجل الاغتيال الجماهيري للحركة الأمازيغية العلمانية، التي تسعى إلى وقف الاستبداد تحت الغطاء الديني ومحاربة الاستلاب الوهابي العروبي، الذي حول البلاد إلى مستنقع لأمراض الشرق الأوساط المتخلف. من هذا المنطلق ينطلق الصراع الإيديولوجي، بين من يناضل من أجل مغرب حداثي ديمقراطي ينبني على قيم المواطنة بشرائع وضعية هي نتاج أرقى ما وصلت اليه البشرية، وبين من يكرس حياته لإلحاق المغرب بالأنظمة الوهابية بالمشرق، التي لا تعترف بحقوق الإنسان، والتي ساهمت في تخريب مجموعة من الشعوب بفكرها الوهابي الذي أصبح يشكل خطرا على العالم. إن هذا الإرهاب والشتم على المنابر يبين ضحالة أفكار فقهاء الظلام، الذين يمتهنون الحفظ وتبقى عقولهم في راحة دائمة، هؤلاء هم السبب المباشر في تخلف المسلمين، لأنهم لا يتقنون سوى فنون التكفير. ولعل رفض النظام الوهابي تدريس الحقيقة العلمية لكروية الشكل للأرض إلى غاية منتصف التسعينات، ومنعها للنساء إلى اليوم من قيادة السيارة باعتبارهن ناقصات عقل ودين، يؤكد صدقا أن هؤلاء لا يزالون يعيشون في العصر الحجري، وأن رياح الثورة الرقمية لم تزحزح عقولهم المتحجرة والغارقة في عصور الظلام والتخلف البدوي. فبدلا من أن يجعلوا المساجد أماكن للتعبد وتنوير العقول، حولوها إلى مرتع لتجييش البسطاء والمريدين، ونشر البغضاء والكره وتسفيه المخالفين، وهذا ليس جديدا على من وقفوا ندا للند مع أي تغيير في البلدان الإسلامية، ولنا في التاريخ عبرة. إذا كان فكر ابن رشد يدرس في أرقى الجامعات الغربية، فأجداد هؤلاء كفروه واحرقوا كتبه، ولا غرابة إن سمعتهم يدعون الله لتيتيم أبناء الكفار وتجميد الدماء في عروقهم، وجعل نسائهم غنائم للمسلمين، هذه الأدعية تبين أن هؤلاء سفاكو الدماء ومكبوتون، يحلمون بالغزوات الإرهابية الاموية لسبي النساء، وهو حلم يبقى بعيد المنال، لأنهم لا يتوفرون إلا على الأصفار فوق جماجمهم، ولا يدركون بعد أن أغلبية شعوبهم تعيش على المساعدات الغربية، وأن أغلبية ما يستعملونه من أدوات تكنولوجية من إبداع الغرب الكافر، من مكبرات الصوت إلى سراويلهم القصيرة. إن عدم تدخل الدولة لتثني هؤلاء على إرهابهم، يبين أن المصالح المخزنية تلتقي مرة أخرى مع المصالح الوهابية، التي تتجلى في الوقوف ضد بروز أي فكر أمازيغي يرفض الأساطير العربية، ويبني خطابه على أسس علمية بعيدا عن التزمت الوهابي والخطابات المخزنية القديمة. لن يكف وكلاء الله في الأرض على إرغام الأمازيغ على تعلم لغة الجنة، التي هي في حقيقة الأمر لسان قريش، من أجل نجاتهم من عذاب جهنم، لأن هؤلاء يفرقون صكوك الغفران على أتباعهم، بمنطق حلال علينا حرام عليكم, فمن حق العرب فتح سفارة إسرائيل في عواصمهم، ولقاء زعماء الصهاينة لكن ويل للأمازيغ إن فكروا فقط في زيارة إسرائيل ولو من أجل السياحة، ويل لمن اختلف مع الإرهابين في فلسطين، سيخوّن في جرائد الغوغاء وتشهر في وجهه سيوف أيتام صدام حسين، وأتباع الأصولية العالمية. يجب أن يعي هؤلاء "الفقهاء" أن الأمازيغ ليسوا هم من يبني جدارا بينهم وبين غزة، الأمازيغ ليسوا هم من وقعوا معاهدة سيس بيكو ولا يعرفون وعد بلفور، وليس لهم دولة ترفرف أعلام إسرائيل وسط عاصمتها. حين هاجمت إسرائيل قافلة الحرية سأل العرب وزيرة خارجية تركيا: هل سيعلن الحرب على إسرائيل؟ أجاب: يجب أن يعرف العرب أننا أتراك!! وهكذا نقول يجب أن يعلم العرب أننا أمازيغ، نرفض الوصية ومن حقنا كشعب أو كأفراد نسج علاقات مع من يعترفون بنا، لا من يصفنا بأقدح النعوت في قنواته ويحملوننا مسؤولية انهيار أمته التي لم يسبق لها أن بنيت. أظن أن خالق الكون ليس بحاجة إلى أحزاب، ولا إلى محامين فاشلين للجهاد في أعدائه، ولا يجوز لهم محاسبة غيرهم، ولا ممارسة الوصاية على شعوب تركتهم في مؤخرة التاريخ، كما أن حق الحياة والحرية لا يقبلان المجادلة، يجب على العروبيين مواجهة أنفسهم بشجاعة، لأنهم سبب نفور العالم منهم وليس تحليل كل شيء بالمؤامرة.
|
|