|
|
لعبة الجرح الأمازيغي، من يلعبها؟ بقلم: ذ. مبارك اباعزي
قبل مدة سمعت أن كاتبا كبيرا، كان قد أسهم في زرع بذرة النضال الأمازيغي، أصبح الآن في عداد الأثرياء الذين يضرب لهم ألف حساب وحساب، بمعنى ما إن الأمازيغية هي الحصان الذي يعتليه من يريد أن يصبح مترفا، هي السلعة التي نتاجر بها، فنخسر عندما نجد أنفسنا وراء القضبان( أزايكو، بوكفو، اليديب...)، ونربح حينما نجد أنفسنا محتارين في اختيار الفنادق الخمس نجوم. كثيرون الآن، من أصبح الحديث عنهم لا ينتهي، فقد اغتنوا ماديا ومعنويا، تستقبلهم وسائل الإعلام بحفاوة، كما أن جمهور العامة استساغوا وضعهم النضالي، بعد التمويه الذي حصل في مصدر ثرواتهم. نلعب لعبة الألم الأمازيغي، كما نلعب لعبة كرة القدم أو رياضة من الرياضات، دون أن يحز في نفوسنا الواقع المتردي لبني جنسنا ماديا وثقافيا ولغويا. تعاني الأمازيغية من ويلات ثقافة العروبة ولغة العرب وحكمهم. فيتزلف البعض منا ويتباوس مع أناس غارقين في ارتكاب جرائم كبيرة في حق الأمازيغ، بل إنه لا يجد أي حرج في الجلوس معهم في الكراسي نفسها، والحديث من الميكروفون نفسه، بذريعة حقوق الإنسان وقضايا أخرى. الشباب الأمازيغي الذي عرفناه بلهجته العنيفة، في ساحات الجامعة، أصبح وديعا كالكلاب المروضة. بعضهم كان يهتف: «المعهد سياسة مخزنية»، وهاهم الآن يتطاحنون، ويهاتفون من يعرفون، لقاء ولوج المعبد المخزني. بعضهم استطاع بعد جهد جهيد أن يلج بعض هذه المؤسسات، كالقناة الأمازيغية مثلا، وقد عرف عنه رفضه لقناة أمازيغية برعاية مخزنية، والبعض الآخر كان يرتقي درجات مخزنية صغيرة لا توصل، ولكنه ما زال يرتقيها، والسلطة هي التي تيسر وترعى له هذا الارتقاء.إننا نلعب بالألم الأمازيغي، ونحن مدركون أننا نفعل ذلك، ويتم ذلك بمباركة السلطة والمخزن. تموت المبادئ، ويموت الإنسان.. كلما كان المال والجاه هدفا. تموت الأخوة، وتموت الصداقة في حضور الرغبة. قد لا نستطيع تعميم هذا الحكم، إذ هناك من المناضلين من ما زال يرفض غواية جسد السلطة المثالي، يكبت رغبة افتراسها، لأن أمازيغيته الحقة هي التي تحكم فعله وتصرفه. أما الذين قلنا عنهم إنهم زرعوا بذرة النضال الأمازيغي، فقد تحولوا فور ظهور المعهد، إلى متصوفة معتكفين في ذات المعبد، وخشوعهم تضرب به الأمثال والحكم، والطرائف أحيانا. إنها مشيئة السلطة، مشيئة المخزن، أما مشيئة الله، فلا أعتقد أن هناك من يؤمن بها إيمانا حقيقيا. من بني جنسنا، هناك من يلعب بالأمازيغية، ويحسب له إتقانه للعبة؛ يمرر الكرة بدون جروح ولا كدمات، ذلك هو ديدن جرائد المغرب العروبية. ما زلت أستغرب وأتساءل، لماذا يريد البعض إذلال لغته، إن لم يستطع إنصافها؟. أو لماذا لا يعمل هؤلاء المسلمون بقول الرسول الكريم: «قل خيرا أو أصمت»؟ جريدة العلم والمساء والصحراء الأسبوعية والأسبوع.. تحتل المراتب الأولى في مقت الأمازيغية. قدمنا للعرب والعربية كل شيء، ولم يقدموا لنا إلا الخزي والعار، فتبا للعوربيين، وسحقا للعربية، ما دام تعميرهم في أرضنا، وتعميرها على ألسنتنا مستمرا، ولا أشك أبدا في أنني أتيح لهم فرصة تكفيري، فالكفر بالعربية كفر بالإسلام كما يقولون، والله ورسوله منهم براء. المناضل الأمازيغي هو الذي يحبو الآن في القناة الأمازيغية، كطفل رضيع يحتاج إلى الرعاية. هو معذور في ذلك في ظل القهر المادي الذي يعاني منه، لأنه في حاجة إلى عمل، «جوع كلبك يتبعك». لقد قيل إن الشهرة والمال هما الحقيقة العظمى، وكثير مما كان يكتبه راسل وسارتر كان بدافع الحصول على مزيد من الأموال ومزيد من الشهرة، وتبا للفلسفة. تبا للأمازيغية، هذا ما يقوله شبابنا، الذين أصبح ملمس أيديهم لينا عندما تصافحهم، وبطون بعضهم انتفخت كأنهم دخلوا وزارة من الوزارات. عندما حضرنا فعاليات جمعية الجامعة الصيفية هذه السنة، انكشفت لي أمور كثيرة، كل المحاضرات كانت باللغتين العربية والفرنسية، ما عدا واحدة. فيا ترى من هذا الذي يحاضر بالأمازيغية، وجعلها ترقى إلى مستوى التعبير عن الأفكار؟ لا تفرحوا كثيرا، فالحديث بالأمازيغية ما زال يحسس حتى المثقفين الأمازيغ بالدونية والضعف، لهذا فالرجل الذي.. أو بالأحرى المرأة التي.. هي باحثة أمريكية كتبت كتابا قيما عن الأمازيغية ولا تتوفر إلا على نسخة واحدة منه، سلمت لعميد كلية الآداب بأكادير لكي يستفيد منها الطلبة، وربما ستبقى في رفوف كتب العميد... أول كتاب قرأته للجمعية، هو الذي جمعت فيه محاضرات لقائها الأول سنة 1991، وقرأت فيه دعوة أحدهم إلى الرقي بالأمازيغية إلى مستوى التعبير عن الأفكار والمواقف والانشغالات الفلسفية، وليس العواطف فحسب. وأول لقاء حضرته هو هذا اللقاء، وقد وعدت نفسي ألا أحضر أيا من لقاءاتهم حتى يتم إلقاء كل المحاضرات بالأمازيغية. هم، بدون شك، يلعبون بالجرح الأمازيغي الغائر، يدنسون الأمازيغية الآن، أكثر مما يدنسها العروبيون، الذين برعوا في تدنيس كل شيء. لقد كانوا يهمسون لبعضهم، ويضحكون إعجابا بالأخطاء التي كانت تقع فيها المحاضرة الأمريكية، ولا أعرف كيف سيتصرفون إزاء الخطأ في اللغات الأخرى. (أكادير)
|
|