Numéro  53, 

  (Septembre  2001)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

Tadewsi n tmazight tlla di tuggut nnes

Igllin nnik

Anebdu

Asmughey

Tizelmin n ifesti

Imi new

Inzan imazighen

Roiz n wawaren

Sfarnen

Tizi uzu

Xnifra nnegh

Français

L'instabilité idéologique ou la politique du caméléon

Tmazight sur internet

Y-a-t-il des journalistes démocratiques au Maroc?

Le phonème "x" en tamazight

Mots et choses amazighs

L'uniformisation engendre la dégradation

العربية

قوة الحركة الأمازيغية في تعدديتها

الأحداث المغربية تسب الأمازيغيين

الجزائر تقتدي بالمغرب في منع الأسماء الأمازيغية

أساطير النزعة العروبية

الأمازيغ ضحايا مشاكل الآخرين

حوار مع الفنان إبراهيم فاضل

اكتشافات أمازيغية

الدولة المغربية والأمازيغية

بين الاستعراب والتعريب

لغتي

 

 

 

تأرج أمازيغية المغرب بين الاستعراب والتعريب

 بقلم: حساين عبود (مكناس) 

تمهيد: تبقى "عروبة" المغرب، على المستوى الرسمي ولدى قطاع كبير من النخبة، واحدا من الثوابت التي يتعين على كل مشروع ثقافي مراعاته والخضوع لآلياته ومعاييره. ولأنها تحظى بترديد وتداول مبالغين فيهما ودعاية إعلامية ضخمة، فإنها أضحت لدى العامة شبه مسلمة موثوق بها. وبات من الضروري إخضاع هذا الادعاء للتفكيك والتمحيص لكشف ما ينطوي عليه من أطياف خادعة. إن التسليم بالعروبة كمحدد وحيد وحاسم لهوية وثقافة وحضارة المغرب وشمال إفريقيا بوجه عام، لا يكون إلا عبر سيرورة مفترضة ومتخيلة للتاريخ وتزييف لحقائق الواقع السوسيوثقافي لإيجاد أوجه المطابقة بين واقعنا وواقع تفصلنا عنه فواصل سيكولوجية وجغرافية وتاريخية... لقد حافظ المغرب طيلة وجوده على أصالته واندماجه داخل محيطه الطبيعي المتوسطي والإفريقي. ولا ننسى أن الظاهرة الاستعمارية، وما صاحبها من تداعيات هي التي قوضت أسباب الاتصال بين الشمال وإفريقيا جنوب الصحراء، وطمست العلائق الثقافية والدينية بينهما، لفائدة ارتباط غير متوازن بالمشرق العربي يجعل من شمال إفريقيا مجرد ذيل تابع.

حيث نقول بأن للمغرب ذاتية مستقلة بأبعادها الهوياتية والثقافية والحضارية لها امتداد في التاريخ، فإنه يقتضي الغوص في الماضي لتقييم حجج من يدعي عروبة المغرب من خلال إظهار محدودية الصدى والمفعول الضعيف لمساري الاستعراب والتعريب اللذين عرفتهما بلاد تامازغا منذ ما يقارب 13 قرنا.

ومن الضروري إبداء ملاحظتين:

ـ إن الاستعراب التلقائي يقدم عليه الأمازيغ من تلقاء أنفسهم، ويمكن التصنيف داخله بين مرحلتين، مرحلة تغطي القرون الخمسة الأولى للهجرة وأخرى تمتد إلى القرن التاسع عشر. أما التعريب فهو مؤدلج ومخطط له ترصد له الميزانيات وتنشأ له مؤسسات خاصة.

ـ إن المغرب من حيث التحديد الجغرافي لم يكن فيما مضى على الدقة والتحديد الذي هو عليه اليوم. ولذلك تارة نتحدث عن المغرب، وتارة أخرى نستحضر المغرب الأوسط والأدنى.

وفي هذا الجزء نقف عند الاستعراب في مرحلته الأولى على أنه في أجزاء قادمة سنقوم برصد الاستعراب في مرحلته الثانية، والتعريب بأداوته الإيديولوجية ومؤسساته الضخمة.

1 ـ الاستعراب بالمغرب خلال القرون الخمسة الأولى للهجرة:

حتى الدراسات التاريخية التي تشير إلى الأصل "اليمني" لساكنة إفريقيا الشمالية تجعل مجيء الإسلام الواقعة التي تحقق بها أول احتكاك بين عرب الجزيرة وأمازيغ إفريقيا. ونجمت عنه ظاهرة الاستعراب. فما هي حدوده وتأثيره على أمازيغية شمال إفريقيا خلال القرون الأولى للتاريخ الهجري؟

كانت شبه الجزيرة العربية مهبط رسالة الإسلام وموطن اللغة العربية. وشكل العرب الطلائع الأولى التي حملت تعاليم هذه الرسالة إلى أقوام أخرى لها لغاتها الخاصة غير العربية. واعتبر العديد من الباحثين اتخاذ العربية لسانا ولغة والعروبة انتماء حضاريا وثقافيا وهوياتيا نتيجة حتمية لاعتناق الأقوام الأخرى للدين الجديد، وبصفة خاصة ساكنة إفريقيا الشمالية. من هنا يحق التساؤل عن وتيرة ومدى الاستعراب الذي كان الأمازيغ ـ سكان إفريقيا الشمالية ـ موضوعا له إبان الفتح الإسلامي. وخلال القرون الأولى التي تلته تهيأت شروط المثاقفة بين الذين تلقوا الدعوة الجديدة والواسطة التي حملتها إليهم. أمن المقبول تضخيم ظاهرة الاستعراب فيها؟

على الرغم من أن الإسلام أتاح للعربية التداول خارج جغرافيتها مستفيدة في ذلك من منظومة فقهية تجعل الأخذ بناصية اللغة العربية شرطا واقفا لفهم واستيعاب الأحكام التكليفية المتضمنة في خطاب الوحي، فإن الاستعراب بشمال إفريقيا كان مفعوله قليل الجدوى وبوتيرة شديدة البطء للاعتبارات التالية:

1 ـ إن الاستعراب كمسافة وسطى بين العجمة والعروبة ومظهر من مظاهر المثاقفة بين العرب الوافدين وامازيغيي إفريقيا الشمالية يستوجب علاقات وروابط أساسها التوادد والتساكن والثقة المتبادلة، واطمئنان كل واحد من هذين العنصرين إلى الآخر. والحال أن العلاقات بينهما كانت علاقات حذر وتوجس وارتياب لأن الجيوش العربية الحاملة لتعاليم الإسلام، محفزة بإغراءات الغنم وجمع الأنفال، جاءت غازية متأهبة للقتال، مظهرة الرغبة في السبي والنهب. فمن الطبيعي أن تكون نظرة الأمازيغ (1) إليهم نظرتهم إلى كل دخيل غير مسالم. فالفتح لم يتحقق إلا بعد مدة طويلة شهدت فصولا من الحروب والمعارك ذاق فيها كل طرف طعم الهزيمة. ويشير أحد الدارسين إلى ذلك مستثنيا شمال إفريقيا من المناطق التي عرفت الفتح بسهولة بقوله: »وجاءت المقاومة الضارية الوحيدة في النهاية من البربر الذين سبق لهم أن ثاروا في وجه قرطاج وفي وجه روما كما تمردوا فيما بعد ضد الأتراك والفرنسيين، والذين ظلوا بحالة تمرد ظاهر أو مقنع ضد الحكم الإسلامي«(2).

ولذلك من الصعب جدا الجزم باعتبار الفتح تمكينا للإسلام في النفوس ولا استحكاما للعربية على الألسن. وقد ذهب عبد الله العروي إلى أن »الفتح ما كان يعني اعتراف السكان بسيادة الخلافة، ولا يعني تفهما عميقا لمقاصد الدين الإسلامي ولا اتخاذ لغة الضاد وسيلة للتعامل اليومي«(3).

ومما زاد في تعميق علاقات الجفاء بين العرب والأمازيغ هو أن الخلافة الأموية نهجت سياسة قوامها المفاضلة بين العرب وغيرهم من الشعوب. وشكل العنصر العربي عصب وعماد النظام وأريستوقراطية استأثرت بالامتيازات، وتطاول ولاة وعمال الخلافة بلإقريقيا الشمالية كيزيد بن أبي مسلم وعبد الله بن الحباب وعبيد الله المرادي في إذلال وإهانة الأمازيغ وإهدار كبريائهم وإبائهم وسبي نسائهم وإرهاقهم بالمغارم والجبايات. واستغرق التمايز بين العرب والأمازيغ كل نواحي الحياة«. ومن مظاهره ».. تجنيد البربر كرجال "مشاة" في الحملات والجيوش التي كان الولاة يبعثونها لغزو الجزر البحرية في البحر المتوسط وفي المغرب الأقصى وبلاد السودان، وحرم عليهم العمل كفرسان، إذ حظي العرب وحدهم بتلك الميزة. أكثر من ذلك كان البربر يتقدمون الصفوف فيفنى منهم من يفنى لتلقيهم الضربات الأولى. وبعد المعارك كان العرب وحدهم يستأثرون بالمغانم دون البربر، وبعبارة أخرى اتخذ العرب البربر وقودا للحرب... التي لم يكن لها من هدف سوى السلب والنهب، وحسبنا موقف موسى بن نصير قائد طارق بن زياد وجيشه من البربر: فبعد الفتوحات الموفقة التي أحرزها طارق بن زياد في بلاد الأندلس حظي بجزاء "سنمار" فنكبه موسى ونسب إلى نفسه ما حققه طارق من انتصارات واستولى على ما جمعه من غنائم«(4).

هكذا ستتوالى الثورات ضد هذا الشطط والجور (كسيلة، ميسرة، الديهيا...) واتخذ بعضها من المذهب الخارجي غطاء شرعيا لإدانة الظلم الاجتماعي والبون الشاسع بين عدالة الإسلام والسياسة الجائرة للخلافة المشرقية.  وإذا كانت هذه الثورات تعبر عن النزوع الاستقلالي للأمازيغ، فإنها ستكون معززة بصمود ثقافي(5) وحفاظ على ما هو متأصل فيهم من طبائع ومميزات وتقاليد اجتماعية...

2 ـ كان العرب المستقرون بشمال إفريقيا بعد الفتح أقلية محدودة(6) لأن جانبا منهم عاد إلى المشرق من حيث أتى، وجانبا مهما استقر بالأندلس لخصوبة أراضيها التي بهرت القادمين من القفار وفيافي الصحراء. ومن دون شك فإن هذه الأقلية ستتلاشى كعنصر متميز(7) وستنصهر داخل بوتقة المجتمع الأمازيغي لاكتساب طباعه وخصائصه. ويختصر الأستاذ شفيق ذلك يقوله(8): »وأن العربي الأصل المنغمس منذ أجيال في لجة المجتمع الأمازيغي "يتمزغ" من حيث لا يشعر لا محالة، في مقومات كيانه المادية والمعنوية«.

وفي مرحلة موالية لم يتجاوز تواجد العنصر العربي العمال والولاة وذويهم وحاشيتهم. وفيما بعد استقل المغرب الأقصى عن الخلافة وتوافد بعض عرب الأندلس على فاس كما هو في مرحلة اندماج الأندلس تحت سلطة الدولة المرابطية، كما أن قوافل الحجاج المغاربة إلى المشرق، وكذا المغاربة الذين يرتادون مدارس العلم في المشرق يبقى تأثيرهم محدودا جدا لقصر المدة التي يقضيها الحجاج، ولأن أهل العلم ملزمون بالتواصل مع العامة حيث عودتهم بلسان ولغة هذه الأخيرة.

كل هذه المؤشرات تبين افتقاد عملية الاستعراب إلى سند ديموغرافي كافٍ يجعلها مجدية وذات مفعول. وبذلك بقيت الأمازيغية »... لغة التخاطب ابتداء من غربي وادي النيل وبرقة حتى الأطراف الغربية للمغرب، وحتى الساحل النيجيري في السودان الغربي من جهة أخرى. وكانت للعربية الأرجحية في المدن نظرا لأنها لغة الدين والحضارة العمراينة ولكنها لم تتقدم إلا ببطء في ظهير البلاد البربري«(9).

3 ـ لا يمكن أن نتصور عقليات وهويات الشعوب كأوعية جوفاء قابلة للحشو وبسرعة وجيزة، وإنما تتشكل عبر تراكمات تستغرق قرونا وقرونا. والانقلابات والتغيرات ذات الثقل والوقع الكبير لا تكون بدورها إلا بكيفية شديدة البطء. ولذلك ظل إسلام الأمازيغ لزمن طويل سطحيا واستعرابهم أكثر سطحية(10) لأن »دخول شعوب الأمصار الإسلام ما كان يعني تعريبها فوريا، واكتساب ملكة اللغة يستغرق من الوقت أكثر مما يستغرقه تبديل العقيدة«(11). حتى وإذا كان الإسلام قد أسقط التلازم بين الإثني واللغوي، فإن التحول في اللسان ما كان يعني التخلي عن اللسان الأم، كما أن هناك بونا شاسعا بين اكتساب ملكة اللغة العربية لذاتها وبين اكتسابها وظيفيا لفهم أحكام الدين. من جانب آخر فالإسلام »كرسالة للعالمين ينبغي أن يستوعب البشرية على اختلاف شعوبها وأجناسها ولغاتها دون محاباة أو مفاضة...«(12). وليست علاقته بالعروبة علاقة مطابقة وتداخل تام.

وتجدر الإشارة إلى أن الإسلام عزز اللغة العربية وبفضله أصبحت لها مكانة غير التي كانت لها من قبل. ولكن إشعاعها اقتصر في القرون الأولى من التاريخ الإسلامي على بعض الحواضر المشرقية كالبصرة والكوفة وبغداد(13).. والبعد الجغرافي لشمال إفريقيا قلل من صدى هذا الإشعاع.

خلاصة القول إن الاستعراب كانت له أصداء عيفة لأن السواد الأعظم من السكان بقي على أمازيغيته بمعناها اللغوي والثقافي والهوياتي، وأن الدعوة الإسلامية التي تعتمد العربية مضطرة إلى اعتماد اللغة الأمازيغية حتى يتأتى لها النفاذ إلى أعماق الأمازيغ.

الهوامش:

1 ـ الكتابات التاريخية عن تلك المرحلة تشير إلى أن الأمازيغ شعب قوي الشكيمة شديد المراس.

2 ـ موريس لومبارد: "الجغرافيا التاريخية للعالم الإسلامي خلال القرون الأربعة الأولى"، صفحة 17، ترجمة عبد الرحمان حميدة، دار الفكر، دمشق، دون تاريخ.

3 ـ عبد الله العروي، "مجمل تاريخ المغرب"، ج 1، صفحة 129، المركز الثقافي العربي، بيروت، الطبعة 6، سنة 2000.

4 ـ محمود إسماعيل، "محاضرات في تاريخ الغرب الإسلامي"، صفحة 21، مطبوع بكلية الآداب بفاس، 1976 ـ 1977.

5 ـ محمد شفيق، "لمحة عن ثلاث وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين"، صفحة 26، تيفاوت، عدد خاص (العدد 10).

6 ـ إبراهيم القادري بوتشيش، "مباحث في التاريخ الاجتماعي للمغرب والأندلس خلال عصر المرابطين"، صفحة 36، دار الطليعة، بيروت 1998.

7 ـ موريس لومبارد، مرجع سابق، صفحة 16.

8 ـ محمد شفيق، مرجع سابق، صفحة 29.

9 ـ موريس لومبارد، مرجع سابق صفحة 132.

10 ـ عبد الله العروي، مرجع سابق، صفحة 128.

11 ـ جورج طرابيشي، "إشكالية العقل العربي: نقد نقد العقل العربي"، جزء 2، صفحة 41.

12 ـ حساين عبود، "هل الإسلام أكثر تهميشا من الأمازيغية في المغرب؟"، جريدة "تاويزا"، عدد 26، يونيو 1999.

13 ـ لا ننسى هنا فاس والأندلس، إلا أن إشعاعهما كان أقل.

 

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting