uïïun  172, 

tamyur 2961

  (Août  2011)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

asmkn asfãaïi n tvawsa n tnttit di tmnäawt tamaynut

bu wmudju

Arrif di 122 n iseggusa

Matta zman ad?

Amettva n uyujir

Français

L'amazigh, de l'effacement à l'indétermination

De la guerre de Jugurtha

Polysémie des verbes prépositionnels en Tarifit

Les droits amazighs seront-ils protégés?

العربية

المعالجة "السفسطائية" لقضية الهوية في الدستور الجديد

الأمازيغيون أيضا مواطنون مغاربة

الأمازيغية أولا... الأمازيغية دائما

الهوية الدنيوية المدنية للتنظيم القضائي الأمازيغي

التشكيل الأمازيغي، الواقع والمتطلبات

نهاية الأكليد يوكرتن

نكريم الأستاذ محمد مستواوي

ديوان جديد للشاعر كريم كنوف

بيان استنكاري حول موضوع الظهير البربري

بلاغ الشبكة الأمازيغية

 

 

 

الأمازيغية أولا.. الأمازيغية دائما

بقلم: مبارك اباعزي

 

كثيرة هي تلك القضايا التي تحتاج منا، لكثرتها، وقفات كثيرة. نجد أنفسنا مضطرين إلى نقدها لأنها تعنينا. نتراجع عن ذلك نادرا، ونقدم عليه كلية لأننا بسببها عانينا.

نسمع بين الحين والآخر صيحات المسؤولين يصيحون لأننا نضايقهم بمطالبنا. يلفظون أقوالا، وأحيانا سبابا، علينا، لأننا كنا وما زلنا أمة بدون دولة، شعبا بدون حكومة. استقبلنا إمبراطوريات كثيرة، جاء الرومان والوندال والبزنطيون والعرب وفي الأخير قهرونا، سلبوا الأرض وسبوا نساءنا.. وما زال بمقدورهم أن يطلقوا العنان لأيديهم وألسنتهم وبطونهم. هل هم مسلمون فعلا؟

قلنا اللهم إن هذا منكر ولم يسمعونا، ولم يسمعوا آلامنا، وتجاهلوا أصواتنا وقالوا لنا اخرسوا أيها القوم، ألم يكفكم ديننا الذي أتينا به إليكم، إن ما أخذناه منكم من أموال ونساء كان شيئا بخسا لقاء ما أعطيناكموه.. فصمتنا، لعل الله يهديهم سواء السبيل.

ألم يكن من الجدير بهم أن يعودوا إلى أرضهم التي ورثوها عن أجدادهم عندما بلغوا الرسالة العظيمة، أم أن عينهم كانت على حكمنا والحكم علينا وليس كيف سيبلغوننا رسالة الرسول الكريم؟ رحمك الله يا علال الفاسي، فقد عبت على أسلافك تهافتهم على الأموال والثروات، فيما كان يجب عليهم أن ينشغلوا بتبليغ الرسالة وتعريب اللسان. ورحمك الله عندما قلت إن «جلاء الجيوش الفرنسية واقع بالضرورة بعد بضع سنوات (وهو ما حدث)، وكذلك جلاء الجيوش الإسبانية، والجيوش الأمريكية (وهو ما حدث أيضا). إنما مشكلنا المزمن هو مشكل البربر، فكيف جلاؤهم؟ (وهو ما لم يحدث)..»، رحمك الله من باب قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «واذكروا أمواتكم بخير».

استمتع بحسنات بناتك المتحررات مثل الأوربيات. ألم تقل: «يحكمونا اليهود وما يحكمونا الشلوح».

كان ذكر كلمة «أمازيغ»، أو مجرد كتابتها في مقال، أمرا قد يضعك بين القضبان، بكلمة واحدة، كانت الأمازيغية رجسا من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعل رحمة العرب تنزل عليكم.

غضب الأمازيغ المتقطع، لم يفد في استردادهم لحقوقهم، ولم يتبق لهم إلا أن يراهنوا على الغضب المتواصل، وإن لم يشفع في شيء، آنذاك يستحق الأمر بعض قطرات الدماء، وإن لم يتغير شيء، على الدماء أن تسيل أنهارا وبحورا.

إذا ذهبنا مع عباس الجراري الذي قال بفرض عقوبات على من لا يتكلم اللغة العربية، وذهبنا مع مبارك ربيع الذي أشار في مقال من مقالاته قبل سنوات إلى ضرورة معاقبة من يرتكب أخطاء في اللغة العربية فماذا سيبقى، أزيد من 79 في المائة من مسلمي العالم ليسوا عربا، فما هذه المفارقة، ألم يتخذ هؤلاء الذين يتبجحون بالعربية، ألم يتخذوها دينا. قال الشافعي رحمة الله عليه: «فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد به» أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله، ويتلوا بالذكر في ما افترض عليه من التكبير وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك». هذا هو كلام العقلاء وليس كلام المهووس بالعروبة.

يضع المرء العربية في موضع الوسيلة وليس الغاية. كانت العربية عند القوميين غاية، فبطلت وبطل ما يقولون. وهل إتقان اللغة كفيلة بأسلمة غير المسلم. حصيلة لبنان ومصر وسوريا لا تضع مجالا للشك، فئات غير قليلة اكتوت بنار العروبة، ولم يفلح ذلك في أسلمتها. اشتهر في صفوفهم كتاب ومفكرون، وفي واجهة خزانتي ما يزيد على عشرين رواية لحنامينة، أنظر إليها وأنا أكتب هذه السطور.

أن تكون مسلما، لا يلزمك أن تكون عربيا ولا أن تكون متضلعا في اللغة العربية. للإسلام أركان محددة، لم يذكر أن العربية كانت ضمنها.

تشدني اللحظة إلى استذكار ما قاله الحكيم « بطل الجزء الرابع من مطولة عبد الرحمن منيف الرائدة « مدن الملح» قال الحكيم: « من العرب ما جاءتنا إلا المصايب» (188). وأجابه المرزوقي ( شخصية أخرى في الرواية) عندما سأله عن رأيه في العرب الموجودين بسويسرا: « يرحم والديك أتركنا من العرب الخامجين»، ويسترسل مضيفا: « يا أخويا ما نعرفوش ايش كاين، لكن ما نشوفهمش إلا مع الطفلات والقحبات وما يفكوا السكر. وأنا نفسي شفتهم، ولا واحد منهم يمسك رمضان...( 197).

وقال برتراند راسل، ذلك الفيلسوف الذي يكتب دون توقف في كتابه « حكمة الغرب «: « لم يكن العرب في البدء يعتزمون القيام بفتوحات منظمة، إذ إنهم كانوا يشنون غارات على الحدود يحصلون منها على غنائم تعوضهم عن فقر أراضيهم وجدبها، ولكن ضعف المقاومة أحال المغيرين إلى فاتحين» ويستدرك موضحا:» وقد اتبعت هذه الأسرة (يقصد الأمويين) تعاليم النبي لأسباب سياسية أكثر منها دينية، وكانت تعارض التعصب. والواقع أن الدوافع الدينية عند العرب على وجه الإجمال لم تكن متطرفة، وظلت الدوافع المادية تلعب دورا مهما في توسعهم.» وهو ما حدا بالماركسي فؤاد زكريا إلى التدخل قائلا: « يختلف كثير من القراء مع المؤلف في هذا الرأي.» وقد يعاب هذا الكلام على شخص كفؤاد زكريا إذ كيف فاته تاريخ العرب الحافل بالدسائس والمؤامرات، كما قال جغايمي جامع.

أما محمد الرابع فقد قال في أواسط القرن التاسع عشر لمبعوث ملك انجلترا جون درمند هاي: « كنت أبادر لفعل ما تقول لو كنت أسوس رجالا عقلاء.» ومحمد الرابع لا يعني هنا أحدا غيرنا.

وقال المولى إسماعيل بدوره : « الملك لويس الرابع عشر يسوس البشر وأنا أسوس البهائم». لقد كان الإنسان الذي استقر منذ قرون عديدة في الأرض التي حكمها المولى إسماعيل بيد من حديد، كان بهيمة لا تصلح لشيء، كنا مجرد بهائم تسرح في بيادر يملكها هذا السفاح.

كنا شعبا بدون دولة، وأصبحنا شعبا بلا دولة. في الجزائر طالبنا بالحكم الذاتي، وفيما كان الناس يفرحون ويقدمون هدايا إلى عائلاتهم في رأس السنة، كنا نحن نحمل جراحنا إلى أمهاتنا لتضمدها بالماء والملح الساخن.

في المغرب ما زلنا نطالب بالحكم الذاتي للريف والجنوب، كما يحدث في الدول المتقدمة، لكن كريم مصلوح ما زال يتلقى التهديدات من أصحاب الخطابات الحديدية.

في ليبيا وتونس ومصر لا تسمع صوت السكان الأصليين، هم أصحاب الحق لكنهم مقهورون. هم أصحاب الأرض لكنهم مغلوبون.

الفنانون في مصر وضعوا يدا في يد ليقولوا عنا «همج»، «برابرة»، « من الذي أتى بالبرابرة إلى أم الدنيا «. وساعدهم الإعلام العروبي على ذلك، لأنهم هزموا أمام الجزائر في مباراة تؤهل إلى كأس عالم لن يحصلوا عليه.

الغريب في سلوكهم أن وعيهم الباطني يعرف أننا لسنا عربا بل برابرة كما عرفونا في غابر الأزمان. هذا هو الوقت الذي يمكن فيه لكرة القدم أن تصنع الحقائق التاريخية، أو أن تصحح الأخطاء التاريخية لكثير من المؤرخين الذين اضطلعوا بمهمة المكر والخداع.

لا يمكننا أن نؤمن بصداقة سلفي أو أصولي ذلك أنه سيقتلنا في أقرب فرصة لأننا أمازيغ. فعندما تبلغ الأمور مبلغا سيفزع الكل ولن تعرف الصداقة والأخوة طريقا إلينا تماما، كمشهد يوم القيامة.

قتلوا معتوب لوناس في الجزائر فلماذا لا يقتلوننا هنا.

لا أستطيع أن أتنفس، هل أختنق؟ أم أن الأمر يستدعي الكثير من العنف والهيجان.

الحركة الوطنية كانت حركة لا وطنية، والاتحاد الاشتراكي كان اتحادا ماكرا، والاستقلاليون كانوا عربا رحلوا من أرض ليست لهم، ووفدوا إلى أرض لم تكن لهم يوما.

المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في المغرب كان دوما مدافعا عن المغرب في مجالس الحسابات الدولية. « المغرب بخير وعلى خير، أفكان ايفجيج « وأحمد حزرني يقول إن ترسيم الأمازيغية ليس ضروريا.

التفاحة إذ نضجت جيدا يرغبون في ابتلاعها، أو في اشتهاء مزاياها، وإن تعفنت يسعى الكل إلى إلقائها في القمامة.

قالوا إننا انفصاليون. في هذا المصطلح الكثير من المغالطة. نحن انفصاليون عن العرب؟ نعم، لأننا لسنا عربا أصلا، فكيف يمكن الحديث عن الانفصال وهو موجود أصلا. نحن انفصاليون؟ أي أن نأخذ شبرا من أرض المغرب تحت خداع عبارة الحكم الذاتي؟ لا. إذا كان يحلو للعرب ومن يعتقد أنه من صلبهم أن يسمينا انفصاليين، فالأحرى أن يسمونا بالحركة « الافصالية» « الفصلية» . لأننا في آخر المطاف نريد أرضنا التي كانت لنا وليس شبرا منها. إذن، دعونا من كلمة « انفصالية» لكي لا نستبدلها بالإفصالية أو بغيرها.

ومع ذلك لا بد من الحكم الذاتي، لكي لا نتخيل مشهدا يتشرد فيه العرب والمستعربون الذين سيرحلون إلى دول الشرق الأوسط، المتعفنة إلى آخر شعرة من رأسها برائحة الدولار.

على العرب المغاربة إذن أن ينزلوا عن واجهات الحكم والقرار السياسي، وأن يحصلوا على الحكم الذاتي لهم. أما الحكم الذاتي للأمازيغ فهو دلالة على انكسارهم وانهزامهم.

لا يمكن أن أخطئ في حق هويتي، لا يمكن لأحد أن يخطئ في حق هويته.

لأن ما نملكه أقل من طموحاتنا، لأن لغتنا أقل من أن يهتم بها. لأننا تماسكنا رغم الضربات العظيمة. لأننا وقفنا سدا منيعا بين الأقوام الكثيرة التي تتذرع بذرائع كثيرة لكي تأخذ مالنا وثرواتنا. استجمعنا قوانا بعد أن طفح الكيل وازداد القهر.

إنشاء القناة الأمازيغية هو أكبر جريمة ترتكب في حق الأمازيغية. وأكبر خساسة على وجه البسيطة هو ما يعرض فيها من برامج.

كل شيء يشير إلى المؤامرات الخفية، إلى الجريمة الحقيقية..

تعبنا من القهر والإذلال والإهانة.

الدولة المغربية أنشأت مصانع في ربوع البلاد لصنع الأكاذيب، وتصدرها على شعبها. يعرفون ما يفعلون، وإنشاء القناة الأمازيغية هو من باب معرفة الفعل،

مصنع جديد لصنع العقول المناسبة والملائمة للوصفة السياسية الجديدة.

وزارة الثقافة في الآونة الأخيرة، يجلس على كرسيها رجل طالما احترمناه، وقرأنا ما كان يكتبه بلهفة، لأننا كنا نعتقد أنه مفكر ومثقف، يعرف كيف يجب أن تسير الأمور، ويدري دراية تامة معنى القهر والحرمان والاستعمار... وبعد أن يئسنا من وزارة الثقافة القديمة، وتملكتنا الحسرة لأن سيادة الوزير القديم، كان أمازيغيا، كانت رغبتنا شديدة في رؤية وجه مشرق جديد، وها هو بنسالم حميش يريد أن يعيدنا إلى درجة الصفر في التنمية، فكانت الحسرة أشد، والألم أعمق.

ما كان يحاك، وما يحاك حاليا من مؤامرات، في مصانع الدولة المغربية « العظيمة»، ينزلق كالأشياء الملساء، من يدي أرباب المصانع، ولو على صيغة زلة لسان.

فالمجلس الأعلى للتعليم الذي كان يترأسه الراحل مزيان بلفقيه، أراد أن ينظر إلى ما تحصل في السنوات الأخيرة في اكتساب اللغات بالمدرسة المغربية، ولاحظ ما يقف حجر عثرة أمام اكتساب التلميذ للغات؛ إنه شبح الأمازيغية. قد يتبادر إلى أذهاننا سؤال: ما الذي حال دون اكتساب التلميذ للغات في هذا الزمن العروبي الرديء.

عندما دعت الجمعيات الأمازيغية المغربية المناضلين الأمازيغ إلى الوقوف في وجه مخططات المجلس الأعلى للتعليم، كان رد هذا الأخير أن المجلس لم يتخذ القرار الذي يستدعي هذا الاستنفار.

هل ننتظر اتخاذ المجلس لقراره لكي ننهض؟

عندما أجرت جريدة المساء حوارا مع وزير الثقافة الجديد، قال إنه تعرض لانتقادات كثيرة جراء ما قاله عن الأمازيغية وحرفها في برنامج تلفزيوني، واستغرب الأمر لأن الأمازيغية ليست من المقدسات.

من قال يوما إن الأمازيغية مقدسة. لكننا سمعنا كثيرا أن العربية لغة شريفة/ مقدسة، فما هو المعيار المعتمد لتفضيل لغة على أخرى وتقديس بعضها وتدنيس البعض الآخر.

إن قامت قومة البعض وقال إن على العرب أن يتبنوا الحرف اللاتيني، حرف الاقتصاد والعلم، هل سيصمت بنسالم حميش، دون أن يدلي بدلوه في الموضوع، أم أن وزارة الثقافة ستحرض لوبياتها لمواجهة هذا الرأي الشيطاني؟

ما زال الرأي العام المغربي ينظر إلى موضوع الأمازيغية باعتباره موضوعا ثانويا، يمكن أن نقول فيه ما نشاء، بل يمكن أن تتغير آراؤنا فيه بين لحظة وأخرى. إنهم ما زالوا يجهلون أن وراء الأمازيغية قوة شعبية ترفض شتى أنواع التعامل من قبيل ما ذكرناه.

ندعوهم الآن إلى التوقف عن اعتبار الأمازيغية موضوعا ثانويا.

الأمازيغية أولا.. وتأتي البقية بعد ذلك.

تاريخنا عريق وتليد ومتجذر أيها الإخوة. لا تدعوا أحدا يقول إن تاريخكم بدأ مع حلول العرب في شمال إفريقيا، ولا تسمحوا لأحد بعد الآن أن يسميكم بغير الاسم الذي سميتموه أنفسكم. قولوا معي: « أنا أمازيغي، ولن أرضى أن يسميني أحد بغير الاسم الذي اخترته لنفسي، ولنذهب وإياكم إلى الجحيم».

لقد قدمنا الكثير للحضارة الفينيقية، وكتبنا كتبا كثيرة باليونانية، وأعطينا اليونان الكثير عندما كتبنا باليونانية، أعطينا اليونان وأعطانا ابن رشد، شكرا إذن لليونان. ساهمنا في رقي الحضارة الرومانية وجددنا للمسيحيين دينهم في القرون الوسطى وقدمنا لهم العلمانية في وصفة جاهزة، فأصبحوا بها يسيرون أمور حياتهم. أما العرب فقد وهبنا لهم كل شيء، إلا بناتنا، فسرقوهن. سحقا لهم. إنهم لم يقدموا لنا شيئا.

من هو تيكونيوس، من هو فرونطو، أريوس، تودوروس، إراطوستنس، فكتورينوس، بل من هو أبوليوس وأغسطين،. من هو ابن خلدون، من هو ابن رشد، كاتب ياسين، محمد شكري، أركون، والحبل على الجرار.

هل يتم تدريس اللغة الأمازيغية للأمير الحسن؟ هل سيتقن الملك الشاب اللغة الأمازيغية، أم أن المؤسسة الملكية أكبر من أن تهتم بهذه الأمور الصغيرة؟ هذا هو بيت القصيد.

كثير من الناس يتساءل إن كان ملك البلاد، الذي ألقى خطابا ليس له نظير سنة 2001، يعرف اللغة الأمازيغية، أو فقط لهجة من لهجاتها. بل يذهب الظن بالبعض الآخر إلى الاعتقاد بأن الأمير الحسن لا محالة يدرس الأمازيغية في قصره.

والحال أنه ليس هناك ما يؤكد هلوسات هؤلاء، ما دام الأمر غائبا ومغيبا عن ذهن السلطة الحاكمة. ليس هناك ما يؤكد أي شيء من هذا القبيل، بل إن معالم كثيرة تلوح لنا بعلامة النفي.

إن ولوج المجتمع الديمقراطي لا يعني أبدا أن تجثم علينا عقلية الديكتاتورية السياسية، إن المبدأ الأول للمجتمع الديمقراطي هو التناوب حول السلطة، ولا يوجد أي مبرر يسمح لأي كان بسرقة السلطة والبقاء فيها أمد الحياة، وإن جبت الدنيا من أقصاها على أقصاها بحثا وتنقيبا.

وليس مقبولا بالمرة، أن يتطفل مخلوق من مخلوقات الله، على شعب له خصوصيته، فيحكمه بقبضة إسماعيلية (المولى إسماعيل) حجاجية ( الحجاج بن يوسف الثقفي). إن في ذلك لإهانة لهذا الشعب الذي يرغب في حاكم من شيعته.

الدول الديمقراطية تحتفظ لنا بنماذج من هذا القبيل، ولا يجب أن نذهب بأذهاننا بعيدا؛ إن أمريكا، بلد أبيض يحكمه رجل أسود، لم يغير جلده بل غير عقليته وكيفية تفكيره. أما نحن فيحكمنا العرب منذ غزوهم لأرضنا.

أمريكا وأوربا تعيش زمن الديمقراطية ونحن نعيش زمن الذلقراطية. يعاني البلد من أزمات عظيمة الشأن، انغرس في وحل الانحلال بشتى أشكاله، في التعليم في الثقافة في الأخلاق والسلوك وكانت الدولة بأجهزتها السمعية البصرية هي التي تساعد على هذا. كان المفروض أن تسعى إلى زرع ماهية الإنسان النموذج، لكنها بذلت جهدها لترسيخ نموذج الإنسان التافه.

الدولة تجوع الإنسان لكي لا يتظاهر، لكي لا يعمل، لكي لا ينتج... فرغم أن الجوع يستلزم التظاهر ظاهريا إلا أنه في العمق يجعلك لا تفكر إلا في الحاجيات اليومية البسيطة.

الدولة لا تحب المفكرين لأنهم يتظاهرون، لا تحب الكتاب لأنهم مشاغبون، لا تحب الصحافيين لأنهم يتجسسون، لا تحب الإسلاميين لكثرة إسلامهم، لا تحب الماركسيين لقلة إسلامهم، لا تحب الأمازيغيين لأنهم تاريخيون... وقد يغمى عليها حبا وعشقا ولذة، في حضن بوليسي، لأنه رجلها الذي يحميها ويذود عنها في الصعاب من الأمور.

الإسلاميون علمانيون في ثورتهم، ودينيون في حكمهم، لقد كانوا يقولون دائما عن العلمانيين إنهم لا دينيون، فكيف أصبحوا لا دينيين فقط رغبة منهم في تغيير الحكم.

إن الملك الجديد يحكم باسم إمارة المؤمنين، باسم الدين، ولما رأى الإسلاميون ما يحدث في الواقع، بدؤوا يرفضون مؤامرة الحكم باسم الدين، يرفضونها لا لشيء إلا لكي يعملوا بها وهم يعتلون سدة الحكم.

هم سيحكمون أيضا باسم الإسلام، وسيضيفون العربية. سيرغبون في تعريب الإنسان المغربي في الجبال والقرى، وسيجرمون من لا يتقن العربية، وسيكفرون من يعاديها كذلك.

لو كان بمقدور العرب إزالة الأمازيغ لأزالوهم، لو كان بمقدورهم محق الأمازيغ لمحقوهم.

لقد اكتفينا من الاعتدال، فلنجعل خطابنا راديكاليا، لأن العروبة خنقتنا، لوت أعناقنا، لكن المشكل، كل المشكل، في أن ذلك تم باسم الإسلام.

العرب هم أكبر من أساء إلى الإسلام، وضعوه سلما يتسلقون به أشجار شمال إفريقيا، ويشربون من مائها ويأكلون ثرواتها.

علاوة على هذا كله، إنهم يجندون كل طاقاتهم السياسية والفكرية والثقافية للنيل من المطالب الأمازيغية لتشويه صورة الأمازيغ. فتارة هم أبالسة يتشيطنون مع الاستعمار، وتارة أخرى يطبعون علاقاتهم بإسرائيل، وكان الأمازيغ في آخر الأمر ضحية كل هذه المؤامرات العربية العروبية.

لقد تآمر العرب مع الاستعمار لإسكات الصوت الأمازيغي، ويطبعون مع إسرائيل علاقاتهم الاقتصادية.

كيف يتهم الأمازيغ بالتطبيع مع إسرائيل، رغم أنهم لا يملكون دولة تمثلهم. وإذا كان الأمر واقعا، فإن الأمازيغ شعب حر، منفصل عن العرب لأنه ليس شعبا عربيا، أما أن يتخذ الإسلام مطية فإن مسيحيي فلسطين يشكلون عددا لا يستهان به. أسطورة العروبة والإسلام، إذن، لا يمكنها أن تربط الأمازيغ بالقضية الفلسطينية، ويبقى الجانب الإنساني حاضرا وبقوة في هذه القضية.

إن الأمازيغ يقولون: لا للعنف، وتبقى المفاوضات هي السبيل الأوحد لإضفاء جذوة هذا الحريق، ما دام التاريخ قد حسم في أن لكل من الفئتين الحق في تلك الأرض.

مع ذلك فالعروبيون في المغرب وفي غيرها من البلدان يسعون لتدنيس الأمازيغ بأفعال هم من يمارسها حقا.

إن قراءة اللطيف في المساجد سنة 1930 كان وصمة عار حقيقية على جبين العروبيين في المغرب. إن ما كتبه أبو بكر القادري وعبد الكريم حجي في مذكراتهما جعل كل ما كان يشاع آنذاك أكذوبة سياسية صنعها الوعي العروبي الاستعماري. ونقل محمد منيب أنهم كانوا يرشون الفقهاء ويكذبون على أئمة المساجد.

إن الإشكال الكبير والعميق في كل هذا أنه لا يريدوننا أن نربط علاقات مع الاستعمار، ونحن كنا دائما نحارب الاستعمار. لا يريدونا أن نربط علاقاتنا مع إسرائيل ونحن لم نتصل اقتصاديا بإسرائيل، لأننا لا نمثل دولة. وفي المقابل هم من ربط علاقاتهم مع الاستعمار الفرنسي لقمع ثورة القبايل الأمازيغية ويطبعون مع إسرائيل وينظرون إلى أطفال فلسطين بطرف العين. يرتكبون الجرائم ويتهموننا بارتكابها. لقد أصبحنا كبش فداء لهم، والحقيقة أننا كنا دائما ضد الوصاية، لا نريد وصاية الاستعمار، ونرفض وصاية إسرائيل، والوصاية التي يمارسها علينا العرب باسم الدين والعروبة تخنقنا، لأننا لسنا عربا، لأننا علمانيون تاريخيا وحاضرا.

لقد استطاعوا قبل مدة أن يزرعوا فينا وباء النضال الثقافي وكان من بين المناضلين الأمازيغ من يحذر انخراط الحركة الثقافية الأمازيغة في النضالات السياسية.

نصوص كثيرة كتبت عن علاقة الثقافي بالسياسي، كان الهدف منها كلها هو إظهار انخراط النضال الثقافي في مطالب سياسية، أما النصوص التي كتبها كتاب غير محسوبين على الحركة الثقافية الأمازيغية فقد كانت غايتها الدفينة هي شجب هذا الانخراط السياسي وتنبيه المثقف الأمازيغي إلى أنه يتخذ الثقافية مطية للمطالب السياسية.

لا نعرف حقيقة، لم يرغبون في تحجيم النضال الأمازيغي وتقزيمه في حجم الثقافة، من الأكيد أن تسييس القضية الأمازيغية كان يذهب عنهم الكرى، ويجعلهم يفكرون في مناصبهم التي ستذهب أدراج الرياح.

يخافون من الدم، يخافون من الموت. نحن لا نخاف من الدم ولا نخشى الموت، لأن حياتنا نعيشها في جحيم. الموت إذن أفضل من الجحيم.

هؤلاء الذين يعتقدون بانتمائهم العربي لن يجدوا لهم مكانا في خريطة الوجود الإنساني، ذلك أنهم ليسوا عربا حقيقيين بل هم أمازيغ مزيفون. وليس من الغريب أن تثبت كرة القدم هذا، فالصراع الجزائري المصري جعل المصريين يصفون الجزائريين بالوحوش والبرابرة، ذلك أنهم يعرفون معرفة حقيقية أن الكيان المتواجد بشمال إفريقيا أو بالدول المغاربية كيان لا ينتمي إلى العروبة واقعا، بل ينتمي إليها في الخطاب الرسمي فحسب.

ومع ذلك، فالدماء لن تسيل مع غيرهم، لأنهم تافهون ومارقون. التفاهة ذهبت بهم إلى مستوى أبعد، يصل إلى السب والشتم والعدوانية والكراهية والاحتقار.

معظم الدراسات تشير إلى أن هذه العدوانية والكراهية كرسها العرب منذ العصر الوسيط نتيجة مقاومتهم للعرب أثناء الغزو، مدة تزيد على نصف قرن، وقتل عقبة بن نافع وهزيمة حسان بن النعمان أمام دهاء وبسالة سيف «تهيا « ( الكاهنة في المراجع العربية)، كما أن الأمازيغ كانوا رجال ثورة حقيقية في المغرب والأندلس معا، بل حكموا الأندلس، ولم يرق العرب ذلك، لأنهم كانوا وما زالوا يعتقدون أنهم الجنس البشري المتفوق على غيره.

كانوا، وما زالوا يطلقون علينا أسماء كلها تعبر عن النفور والاحتقار والازدراء.

لا أصعب أن تجد أن الاسم الذي يشير إلى انتمائك يعبر عن دلالة مستهجنة كالبربر مثلا، والكثيرون في سوس لا يعرفون معنى « شلح «، الذي أطلقه عليهم العرب الذين استوطنوا سوس. « شلح « يعني « قاطع الطريق»، أما الريف فللدلالة على الهامش وانتفاء الأهمية.

كثيرا ما حضرت مواقف خصام، يصل فيه الأمر بمن يعتقد أنه عربي، إلى سب الآخر الذي يعرف أصله العرقي عبر اللغة، باستعمال لفظ « الشلح «.

ينطق كلمة « الشلوح « وهو يعتقد أنه قال: « يا ابن العاهرة» أو « يلعن مك». لا فرق لديه بين هذا وذاك. كنت أفكر دائما من يكون هو يا ترى؟.

رأيت أنه علينا أن نستبدل كل هذه التسميات ونسمي أنفسنا ونفرض على الآخر أن يسمينا بالاسم الذي اخترناه لأنفسنا منذ قرون طويلة. أنا أمازيغي، ولن أقبل من أي كان أن يسميني باسم لم أختره لنفسي بعد الآن، ولنذهب وإياكم إلى الجحيم.

هناك من استطاع أن يتخلص من عقدة الأمازيغية لأنه يعاني منها في حياته اليومية، أصبح لا يتحدث إلا بالدارجة المغربية أحيانا ليبرز انخراطه في العقلية العربية، نتيجة عقد تعود إلى مرحلة الطفولة.

إنه لا يريد للألم أن يتكرر، هذا ما حدث لأديبنا العزيز على قلبنا محمد شكري رحمة الله عليه.

فقد قال غير ما مرة إنه جاهد أيما جهاد لكي يزيل لكنته الأمازيغية، واستطاع أن يمحوها نهائيا نتيجة عقدة من عقد الطفولة. فهو يروي في سيرته الذاتية أن الأطفال كانوا يسخرون من جهله بالدارجة المغربية، وينادون عليه «بالريفي « استهزاء وسخرية.

هذا الأديب الكبير يصرح في قصص كثيرة بشوقه العظيم إلى لغته، وتمنى لو كتب بها نصوصه الأدبية. حلق الشحرور الأبيض وترك الشحارير السود تقتات من الأزبال.

إن الاندماج أو عدمه سببه واحد هو الإحساس بالقهر. فثمة من الناس من هو ضعيف فيندمج بفعل هيمنة العروبة في محيطه، وهناك البعض الآخر الذي يحس بالأنفة، وهذه هي الآفة التي يعاني منها العروبيون في وجودهم وكينونتهم. إن قهره وطمس ثابته الهوياتي هو ما يجعله يقول بأعلى صوته إنه موجود، لأنه يتكلم.

لقد حدث هذا مع النخبة والانتلجنسيا الأمازيغية وليس بعيدا أن يحدث مع العامة.

لهذا كله، العقدة تبقى، تستمر، ما دام للعرب وجود سياسي وعروبي في شمال إفريقيا. فالدراسات البيداغوجية العلمنفسية واللساننفسية كلها تشير إلى أن التدريس بغير اللغة الأم يحدث لدى المتعلم فوضى وتشوشا ذهنيا وغرابة فكرية، فكيف بالله عليكم، تريدون لهذا البلد أن يتقدم، وأولى أولويات التدريس غير متوفرة.

في اليابان تدرس الرياضيات والعلوم باللغة اليابانية، وهم الذين يحتلون المراتب الأولى في هذه المواد في العالم.

أما نحن، فبدون شك، سنصبح في آخر الخريطة التنموية، نتيجة سيادة اللغة العربية الفصيحة سياسيا، والدارجة تواصليا. نظرا للعلاقة الحميمة التي يتبادلانها. حتى أن الدارجة المغربية تكون عاكسة لروح العروبة في غالب الأحيان.

اليابان دولة متقدمة إذن، ودول شمال إفريقيا دول متأخرة وتزداد تأخرا. هذا إذا افترضنا أن لفظ « دولة « ينطبق عليها إذ ليست دولا في شيء.

إن الدول هي التي تنقلب أحوالها من حال إلى حال في المعاجم العربية، هي التي يتغير حكامها وحكوماتها وعقليات شعوبها..، أما هذه البلدان فلا يتغير فيها أي شيء، فالرؤساء في الجمهوريات ملوك، والملوك في غيرها مقدسون، كل منهما يورث لابنه الحكم بحفاظاته كما قال أحد السياسيين.

فكرة تمزيغ الحكم في المغرب مطروحة في الخطاب السياسي وبشدة، ولا يستطيع أي سياسي أمازيغي، يحترم نفسه وشعبه وتاريخ نضاله، أن يتجاهلها. محمد بودهان أشار إليها غير ما مرة في مقالاته المنشورة في « ثاويزا «. أحمد عصيد، لم يستطع أن يتخلص من سؤال صحافي في هذا الإطار، وتجرأ معبرا عن موقفه دون خوف، رغم أنه ينتمي إلى مؤسسة الملك.

هذان الرجلان قالا إن الحكم عليه أن يكون أمازيغيا.ويبقى لنا من حتى شيء، حتى وإن حدث كل ذلك. وأعتقد أن انسحاب عصيد من المعهد الملكي لإهانة الأمازيغية سيجعل منه ملاكا.

العرب جعلوا الأمازيغ يحسون بأنهم لا شيء، ذلك اللاشيء الذي يجعلهم يبحثون عن مسالك لتحويل اللاشيء إلى شيء. في قراءاتهم عن ذواتهم في النصوص العربية ذات النزوع القومي العربي، أحسوا بالإهانة فقاموا، ثم أقعدوا فقاموا من جديد. هكذا فعلوا مع الحضارات الأخرى وسيقومون بالمثل مع الحضارة العربية الغارقة في وحل التاريخ المدنس.

الشعور بالإعاقة النفسية هو ما نحسه عندما يجبرنا واقع التواصل اليومي بالإفصاح بلغة لا نحس بجدواها في حياتنا. إن الربط الأسطوري والميتافيزيقي بين العربية والإسلام لن يجد له محلا في هذه المعادلة، إذ متى كانت العربية الفصحى لغة تواصل؟

لم يحد جامع الجغايمي عن الصواب عندما أشار إلى شعار الأصولية الأموية: «من يرغب في التواصل معنا فليتكلم العربية». وعندما حاول بعض الأمازيغ الاندماج في اللغة المنتشرة، اصطدموا بالذاكرة الخاذلة، أصبحوا يلحنون في اللغة الفصيحة والمحكية معا، وكانوا بذلك عرضة للسخرية، بعد تلقف آذانهم لعبارات الاحتقار والازدراء. «الأميون، الجهلة، الشلوح...»

لم يحد هذا الرجل عن الصواب، عندما دعا الأمازيغ إلى حمل شعار: « من يرغب في التواصل معنا ، فليتكلم باللغة الأمازيغية.».

أظن أن الأمازيغ إذا وعوا هذه المسألة، بالطريقة التي يجب، سيجد المغرب نفسه في مأزق اقتصادي خطير.

طالما رفض السياسيون الأمازيغ إطلاق المغرب العربي على البلدان المغاربية، وطلبوا استبدالها ب» المغرب الكبير» أو « المغارب». وقد تساءلت كثيرا، ألم يكن استعمال اللفظ العربي، أو هذا الدال بالعربية، واجهة للسيادة العروبية؟ أليس من الضروري أن يطلق عليه اسم أمازيغي يحتفظ بالتعددية العرقية واللغوية؟

لا أحد يشك أن ما ولد الأمازيغية في صفوف شبابنا هو بزوغ الوعي بالغبن والقهر الذي يتعرض له مع نعرته. فأينما ولى وجهه لا يجد لغته التي ربط معها علاقة الود والحميمة منذ طفولته. أينما سار يصطدم بصرح اللغة العربية الضخم.

نحن لم نكن نطرح على أنفسنا سؤال اللغة منذ السنوات الأولى في المدرسة. لماذا كل لغات العالم تدرس في المدارس، ونحن لا تدرس لغتنا؟ لم نكن نطرح ذلك السؤال، حتى ترسخت فينا بديهية أن اللغة الأمازيغية متخلفة، ونرى في معرفة العربية تألقا وتقدما.

قد لا يستطيع البعض رفض هذه الأفكار إذ كنا جميعا نفكر بهذه الطريقة، ولم يشفع لنا معرفة العربية نفسها في معرفة ذواتنا، فبها تمكننا من قراءة ابن خلدون وابن عذارى وابن الحكم...

لا أحد يشك في الوقت الحاضر، في قيمة الخطابات الملكية في إضفاء المشروعية القانونية والسياسية على الأمازيغية، خطاب 1994 الذي دعا فيه الحسن الثاني إلى تدريس اللهجات الأمازيغية وإحداث معهد الدراسات الأمازيغية مرورا بخطاب 2001 الذي أشار فيه محمد السادس إلى أن الأمازيغية مسؤولية وطنية، وصولا إلى الخطابات الأخرى، أصبح الحديث عن الأمازيغية أمرا عاديا لا يثير استفزاز أحد.

إلا أن ذلك كله لا يدع مجالا للشك في أن ما تكتسبه الأمازيغية، ليس إلا من قبيل إسكات الأفواه التي يتقاطر منها الهتاف والصياح دون توقف. إذ لم يتحقق أي شيء في الواقع المادي الملموس يستحق أن يذكر.

أتخيل فعلا لو أن محمدا السادس ألقى خطابا بالأمازيغية ماذا سيحدث؟

وصل المغرب وكافة دول شمال إفريقيا، إلى مرحلة حاسمة، مرحلة يطرد فيها الحكام أو يهربون خوفا من المقصلة، لم تشهدها هذه الدول من قبل. أصبح الآن الحديث عن الإرادة الشعبية أمرا عاديا، لأنه أثبت ذلك أخيرا.

قد تسمع الآن من يقول إن التونسيين واعون بقضاياهم، لكن، قبل هذا الوقت كنا نقول إن أبلد الشعوب هو الشعب التونسي.

حظ الأمازيغ من هذا كله أن لا حظ لهم. الخطاب الملكي الذي ألقاه في سنة 2011، لم يحد قيد أنملة عما كان ينادي به في الخطابات السابقة. ومع ذلك، فالأمازيغ استبشروا خيرا، وهم الآن ينتظرون الدستور الجديد.

إن الخطاب السياسي الأمازيغي ما يزال يكرر نفسه. والنشطاء الأمازيغ يحملون الخطاب نفسه، ولم يسلم مجال الأدب من هذا الاطراد.

الآن، جسد الكثيرين أصبح عاريا. فمن هذه الأجساد، ما كان يسعى إلى النفوذ فحصل عليه، وراء السلطة فحصل عليها، وراء الجاه والمال فحصل عليهما.

من اللازم علينا أن نراجع أوراقا كثيرة. لا بد أن نختصر المسافات ونحاسب أنفسنا على ما فعلناه وما لم نفعله. على ما لم نفعله وما فعلناه. هناك من النشطاء، من يستحق محاسبة حقيقية..

الذين يتاجرون بالقضية الأمازيغية لهم صيت وعلاقات سياسية. وهم الذين يستحقون أن تكمم أفواههم.

m.abazzi@hotmail.com

 

 

 

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting