uïïun  172, 

tamyur 2961

  (Août  2011)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

asmkn asfãaïi n tvawsa n tnttit di tmnäawt tamaynut

bu wmudju

Arrif di 122 n iseggusa

Matta zman ad?

Amettva n uyujir

Français

L'amazigh, de l'effacement à l'indétermination

De la guerre de Jugurtha

Polysémie des verbes prépositionnels en Tarifit

Les droits amazighs seront-ils protégés?

العربية

المعالجة "السفسطائية" لقضية الهوية في الدستور الجديد

الأمازيغيون أيضا مواطنون مغاربة

الأمازيغية أولا... الأمازيغية دائما

الهوية الدنيوية المدنية للتنظيم القضائي الأمازيغي

التشكيل الأمازيغي، الواقع والمتطلبات

نهاية الأكليد يوكرتن

نكريم الأستاذ محمد مستواوي

ديوان جديد للشاعر كريم كنوف

بيان استنكاري حول موضوع الظهير البربري

بلاغ الشبكة الأمازيغية

 

 

 

الأمازيغيون أيضا مواطنون مغاربة!

بقلم: ميمون أمسبريذ

 

«Seigneur, savez-vous que chez nous, en Navarre, on meurt d’humiliation?» - L’Infante, s’adressant au roi du Portugal dans La Reine Morte de Montherlant

 

استمعت بلهفة إلى الخطاب الملكي يوم التاسع عشر يونيو... عندما انتهى الملك من تلاوة خطابه تنفست الصعداء: شعرت بارتياح عميق شبيه بالذي يستشعره من أزيلت ضرس له كانت تؤلمه ألما مبرحا. خلدت بعدها إلى النوم. ولما كان الغد، تلقيت نص مشروع الدستور وجعلت أقرأه، فإذا الهوية هويات، وإذ الأمازيغيون ينتمون إلى الأمة العربية، وإذ الأمازيغية أيضا لغة رسمية، وإذا مذاق الفرحة بالأمس تخالطه حموضة. وكأنه كان لا بد من أن تنغص فرحة الأمازيغيين بانتصارهم!

نعم: انتصار الأمازيغيين! لأن الأمازيغيين انتصروا فعلا لما فرضوا ترسيم لغتهم في الدستور ضدا على دعوات أعدائها الذين ناضلوا إلى آخر لحظة من أجل تلهيجها لكي لا تحضر في الدستور، إن حضرت، إلا بصفتها تعبيرا ثقافيا من بين تعبيرات أخرى كثيرة (ثقافة شعبية): لنتذكر حملة أمحمد الخليفة عن حزب الاستقلال وعبد الإله بنكيران عن حزب العدالة والتنمية ساعات قبل الخطاب الملكي.

ومهما يكن، فإن مشروع الدستور هذا سيصبح يوم الفاتح من يوليوز دستورا. ذلك أمر واقع، ليس له من دافع. لأن «المخزن» إذا أراد شيئا قال له: كن ! فيكون. وآية ذلك تجنيد وسائل الإعلام «العمومية»، ليس لنقل مواقف الأحزاب والجمعيات والنقابات من المشروع: معه أو ضده، كما كان المنتظر منها، بل لتقوم بحملتها الخاصة من أجل التصويت ب»نعم» للدستور! آية ذلك أيضا، تكليف خطباء الجمعة، عن طريق توزيع خطبة موحدة، بحث المؤمنين على التصويت ب»نعم» للدستور باعتباره واجبا دينيا! وبما أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فإن الشيوخ والمقدمين تكفلوا بإقناع من لم تقنعه وسائل الإعلام وخطب الجمعة! وما أدراك ما نجاعة الشيوخ والمقدمين في القرى والأحياء الشعبية ومدن القصدير... وما على الذي يجد أن هذه الأساليب لا تتفق ونص الدستور المعروض على الاستفتاء ولا مع روحه إلا أن ينطح الحائط أو يركل السماء أو يحرق البحر!

إن الطريقة التي جرت بها الدعاية لمشروع الدستور تخبرنا مقدما عن الأسلوب الذي سيطبق به الدستور. إذ لا تتغير العقليات بين عشية وضحاها: فهؤلاء الذين ينسون مضمون الدستور وهم يدعون إليه، هم أنفسهم الذين سيعملون من خلال تأويله وتطبيقه – إذا طبق – على تحييد neutraliser ما يحتوي عليه نصا وروحا من إيجابيات.

لكن لنترك ذلك للغد؛ وإن غدا لناظره لقريب. ولنعد إلى الحملة الشرسة ضد الأمازيغية التي شهدتها الأيام السابقة على الإعلان عن مشروع الدستور.

لن ألتفت إلى «الأحزاب» الاسمية التي ظهرت فجأة وليس لها من مطلب تقدمه للجنة المنوني غير مطلب عدم ترسيم الأمازيغية. وسأقتصر على بعض زعامات الأحزاب التي تدعي وجودا ما باسم الشرعية التاريخية أو السوسيولوجية – وجودا كشفت الانتخابات التشريعية لسنة 2007 عن حدوده ومداه؛ ومع ذلك لا تزال تعتبر نفسها الممثل الشرعي والوحيد للشعب المغربي.

استضاف برنامج «حوار» على القناة الأولى، يومين قبل الإعلان عن مشروع الدستور، أمحمد الخليفة، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال. وقد كان الرجل، وهو يعرض وجهة نظر حزبه، هادئا، رزينا رغم عنجهيته الظاهرة. لكن ما أن جاء وقت الحديث عن اللغة الرسمية حتى خرج عن طوره، وجعل يرغي ويزبد ويتوعد بالويل والثبور أولئك الأمازيغيين الذين لا يشاطرون رواية حزبه عن تاريخ بلادهم وهويته، مرتجلا نفسه مؤرخا للمغرب وللحركة الأمازيغية. أما تاريخ الأول فيبدأ عنده مع الأدارسة، وأما الثانية فمؤسستها هي المستمزغة الفرنسيةPaulette GALAND التي ماتت أخيرا وخلفها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية! بل إن الرجل لا يكتفي بانتحال صفة المؤرخ، فيرتجل نفسه لسانيا متخصصا في اللسانيات الأمازيغية ليفتي باستحالة وجود لغة أمازيغية معيار؛ ومن ثمة استحالة ترسيم لغة لا وجود لها. ومع أن فتواه بعدم ترسيمها كان من شأنه أن يعفيه من الإفتاء في حرفها، ما دام هذا الحرف لن يكون له أي وجود عمومي، فان الخليفة لم يستطع أن يحرم نفسه من متعة الإجهاز على كل شيء تتجلى فيه الأمازيغية. هكذا يحكم الزعيم الاستقلالي بإعدام الحرف المميز لها، من أجل تعريب الأمازيغية ولو شكلا!

هذه التقريرات والفتاوى يتلفظ بها ذات الشخص الذي يقول في نفس الحوار إن حزبه «ملكي بدون حدود». ابحثوا عن الخطأ! إن إنشاء «معهد ملكي للثقافة الأمازيغية» بظهير ملكي يجعل منه هيئة استشارية للملك في الشأن الأمازيغي يقتضي أن الملك يسلم بوجود «شيء» اسمه الأمازيغية (وليس السوسية والريفية والأطلسية). ولو كان الأمر غير ذلك، لأنشأ الملك ثلاثة معاهد: واحد للثقافة السوسية وآخر للثقافة الريفية وثالث لثقافة الأطلس، حسب تصنيفات عالم اللسانيات الاستقلالي، الملكي بدون حدود!

هذا اللساني المرتجل يسمي الأمازيغية المعيار التي هي قيد التكوين بفضل الجهود المؤسسية والفردية للأمازيغيين لغة «مختبرية»، لأنها ليست لغة لا أهل سوس ولا أهل الريف ولا أهل الأطلس؛ ولا يعرفها إلا من تعلمها في المدرسة. فهل حقا تتفرد الأمازيغية المعيار بهذه الخاصية دون سواها من لغات العالم؟ ولكي لا نذهب بعيدا، ألا ينطبق ما يردده الخليفة بعد معلميه في «جمعية حماية اللغة العربية» من أن الأمازيغية المعيار لغة مختبرية على اللغة العربية الفصحى؟ فإذا كانت هذه الأخيرة لغة طبيعية يتكلمها الناس بالفطرة (متى وأين ؟!)، فلماذا تدرس في جميع مراحل التعليم وأسلاكه: إملاء ونحوا وصرفا وبلاغة وأسلوبا؟ ولماذا تنشأ لها المعاهد والأكاديميات؟ ولماذا، فوق هذا وذاك، تصرف الدول (ومنها الدولة المغربية) الميزانيات الضخمة على تعليمها وتوحيدها وتطويرها؟ - تلك الميزانيات التي ما أحوج الشعوب إلى استعمالها في بناء المستشفيات والطرق والمساكن (كما يقال لنا عن الأمازيغية). هل نحتاج إلى أن نذكر السيد الخليفة بأن اللغة «المختبرية» التي هي «العربية الفصحى» لا يقتصر عدم إتقانها على «الأميين» من المواطنين المغاربة الذين لم يلجوا المدارس المعربة أو غادروها قبل الأوان، بل يشمل مواطنين ينوءون تحت الشواهد العليا من كل نوع ويشغلون مناصب عليا في الإدارة والأعمال والبحث والتدريس؛ ومنهم أفراد شاركوا في صياغة الدستور الحالي. فهذه السيدة البرنوصي، عضو لجنة المنوني، تقول أثناء برنامج على القناة الثانية، إنها من الآن فصاعدا بفضل ترسيم الأمازيغية لن تشعر بالحرج وهي تتكلم الدارجة في الملتقيات والندوات كما كان الشأن من قبل، بحكم أنها لا تعرف العربية الفصحى. ثم استطردت قائلة: إنهم يتكلمون لغة لا يكتبونها ويكتبون لغة لا يتكلمونها!

لكن القضية ليست قضية لغات ولا لهجات، وإنما هي قضية تصور النخبة الاستقلالية من الجيل الأول والثاني لمكانتها في مغرب الاستقلال. إن الرعيل الأول من الاستقلاليين تهيأ له عندما تسلم نسخته من اتفاقيات اكس ليبان أنه حصل على الرسم العقاري (التيتر) الذي يخول له حق الملكية الحصرية للمغرب. وبناء عليه، فإن «المغرب لنا، لا لغيرنا»، على حد نظم زعيمهم. هذا التصور التملكي هو الذي يفسر كل مواقف هذا الحزب، من الاستقلال إلى الآن: بدء بحملة التصفيات الجسدية لخصومه السياسيين الذي نازعوه حق الملكية أوائل الاستقلال (في الريف والأطلس والجنوب)، مرورا بالمؤامرات والمكائد والوشايات التي كان يستهدف بها الإيقاع بين الزعامات الأمازيغية والقصر من أجل استبعادها من دائرة الحكم. وصولا إلى الحملة الحاليةٍ لفِيَلَتِه على الأمازيغية والمدافعين عنها.

ألا فليعلم السيد الخليفة ودينصورات حزب الاستقلال وِفيَلُته أن الأمازيغيين، سكان المغرب الأولين وأصحاب الأرض الأصليين، يطعنون الآن في صحة ملكية حزبهم للمغرب بمقتضى الرسم العقاري الذي أمضاه مع فرنسا، ويطالبون بالشفعة بصفتهم الورثة الشرعيينِ لأرض أجدادهم.

في الوقت الذي كان فيه أ محمد الخليفة يكافح من أجل عدم ترسيم الأمازيغية، مرددا بغباء المستنسخات العزيزة إلى نفوس أعداء الأمازيغية (الأصل الأجنبي للحركة الأمازيغية، عدم وجود لغة أمازيغية أصلا وأن كل ما هنالك لهجات لا علاقة بينها، وأن الحرف الأمازيغي ليس أمازيغيا، وأن الأمازيغيين أنفسهم لم يعد لهم وجود بعد أن ذابوا حبا في العرب الوافدين، إلى آخر هذه الترهات التي يلوكونها منذ عقود) – في هذا الوقت كان السياسي الاسلاموي الشعبوي، عبد الإله بنكيران، يضرب على طريقته (التهريج) على نفس الوتر: الحركة الأمازيغية خطر على البلاد والعباد، الحرف الأمازيغي يشبه الخط الصيني «شينوية» (يا للعار!)، اقتراح «أمازيغية» معربة معجما وخطا، الخ. وكنظيره الاستقلالي يعول بنكيران على القوانين التشريعية التي سيستصدرها حزبه مستقبلا لقص أجنحة الأمازيغية...

حري بالتسجيل أن بنكيران وجد نفسه مضطرا إلى الاعتذار للأمازيغيين على ما صدر عنه من تحقير في حقهم؛ وذلك بعد أن توالت ردود الفعل المستنكرة حتى من داخل حزبه والعاطفين عليه من الأمازيغيين. بطبيعة الحال، يتعلق الأمر باعتذار سياسوي مبني على حسابات انتخابوية وليس عن تغير في الرأي (تغيير الرأي لا يكون بين يوم وليلة!).

وهذا بالضبط ما أود الوقوف عنده: إن التعبئة الواسعة للأمازيغيين هي السبيل الوحيد إلى جعل السياسيين يحملون القضية الأمازيغية محمل الجد. لقد نجحت الحركة الأمازيغية، في ظروف صعبة، في فرض الأمازيغية على أجندة الدولة والأحزاب وصناع الرأي من المثقفين والصحفيين؛ واضطرتهم إلى التداول في شأنها واتخاذ المواقف إزاءها سلبا وإيجابا... حدث هذا وقد كانت الأمازيغية عيبا يتستر عليه، ومعرة يخشى أن تعرف، وطابو ثقافيا وسياسيا، بل لا مفكرا فيه. ولو لم يحقق الجيل الأول من الحركة الأمازيغية غير هذا لكفاه. لقد رأينا جميعا كيف أن الأمازيغية شكلت، خلال النقاش الدستوري، الموضوع الأكثر إثارة للمشاعر – السلبي منها والإيجابي - ؛ ولم يستطع أحد، حزبا كان أو فردا، تجاهلها وغض الطرف عنها باعتبارها ليست موضوعا جديرا بأن يتداول فيه. لقد كانت، على العكس، هي الموضوع. ولم يكن ذلك لصحوة ضمير مفاجئة انتابت القوم وجعلتهم يدركون أخيرا الظلم الذي لحق بالأمازيغية طوال عهد الاستقلال! بل كان ثمرة عقود من النضال الأمازيغي، الفردي منه والجمعوي.

لكن إذا كان النضال le militantisme قد نجح في إخراج الأمازيغية من العدم إلى الوجود السياسيين، فإنه لا يكفي لجعلها استثمارا مدرا للربح السياسي ومجالا تتنافس الأحزاب على الاستثمار فيه. ولا يجدن المناضل الأمازيغي هذا مني حطا من قدر الأمازيغية إذ نزل بها إلى حضيض الاستثمارات السياسوية! إن النضال الرومانسي جميل ويجب أن يبقى؛ لكن للواقع قوانينه التي هي أقل مثالية، والتي تخضع كل شيء لميزان الربح والخسارة. وعليه، فإن النضال يجب أن يقترن من الآن فصاعدا، وأكثر من ذي قبل، بالتعبئة la mobilisation: تعبئة الأمازيغيين باعتبارهم ناخبين ومنتخبين من أجل أن يجعلوا من الأمازيغية رهانا سياسيا عند كل استحقاق انتخابي وعلى مختلف مستويات التمثيلية. النضال فعل لازم؛ أما التعبئة ففعل متعدٍّ. ولقد جاءت الصيغة التي تم بها ترسيم الأمازيغية، سواء باعتبارها هوية أو لغة، في الدستور الحالي عاكسة لمستوى تعبئة الأمازيغيين في الوقت الراهن، ومن ثمة للثقل السياسي للحركة الأمازيغية حاضرا. والذي لا شك فيه هو أن الطريقة التي ستتعامل بها الحكومة المقبلة التي ستنبثق عن الانتخابات التشريعية القادمة من خلال القانون التنظيمي الذي ستتبناه لتنزيل الاعتراف الدستوري بالأمازيغية بالصيغة المعروفة، (الذي لا شك فيه) هو أن تلك الطريقة ستتوقف، سواء من حيث سرعة إخراج القانون أو من حيث مضمونه ومداه، على درجة تعبئة الأمازيغيين خلال الاستحقاقات التشريعية المقبلة. فإذا استطعنا أن نحول الشعور الأمازيغي الكامن إلى قوة انتخابية وازنة (قاعدة انتخابية عريضة بما فيه الكفاية) يحسب لها حسابها،، فإن تحيين الاعتراف الدستوري الملتبس بالأمازيغية من قبل الحكومة المقبلة سيصحح في الواقع والتطبيق أخطاء الصياغات والنصوص. إن التجربة تؤكد لنا أن العبرة في التطبيق لا في التنصيص (رغم الأهمية الرمزية والاعتبارية للنصوص): فكم من حقوق ومؤسسات تم التنصيص عليها في الدساتير السابقة ولم تحترم ولم تخرج إلى حيز الوجود أبدا! وكم من سياسات وممارسات للدولة تتنافى مع المنصوص عليه في تلك الدساتير!

رب قائل يقول – وهو محق -: إن المراهنة على الانتخابات تقتضي أننا نعيش في دولة ديموقراطية تحترم فيها قواعد اللعبة السياسية ؛ فلا ترسم الخريطة السياسية في مكاتب وزارة الداخلية، ولا تسخر أجهزة الدولة لترجيح كفة هذا المرشح المرضي عنه على كفة ذاك، ولا تشترى فيها أصوات الناخبين الفقراء بالمزاد، ولا تزور فيه نتائج الانتخابات... كل هذا صحيح؛ وتتأكد صحته عندما نتذكر الكيفية المخجلة التي جرت بها الحملة الدعائية للتصويت ب»نعم» على مشروع الدستور الحالي، كما ذكرت أول هذا المقال. الجواب على هذه المخاوف المشروعة هو – مرة أخرى – اليقظة المواطنة. بعبارة أخرى: التعبئة. فعندما لا يحترم أحد أطراف اللعبة – أي لعبة – لا يبقى ثمة لعب بالمرة. وعندئذ يبقى الملاذ الأخير هو الشارع. نعم الشارع! لأن المواطنين هم الحكم الذي عليه تقع مسؤولية جعل أطراف اللعبة السياسية تحترم قواعد تلك اللعبة.

علينا نحن الأمازيغيين أن لا نبقي في الشرفة، ناظرين باحتقار واستخفاف إلى العمليات الانتخابية وكأننا غير معنيين بها: إن عزوف أغلبية ساحقة من المغاربة عن التصويت في الانتخابات التشريعية السالفة وحصول حزب الاستقلال على نسبة أصوات لا علاقة لها بجنون العظمة المصاب بها زعماؤه، كل ذلك لم يمنع عباس الفاسي من الجثوم على صدر المغاربة خمس سنين عددا.

لقد استطاع النضال الأمازيغي أن يحدث ثغرات وشروخا داخل الأحزاب نفسها التي جعلت نخبها من معاداة الأمازيغية أصلها التجاري؛ فسمعنا أصواتا وازنة من داخل هذه الأحزاب والتيارات تراجع الموقف الدوغمائي التقليدي لأحزابها وتياراتها الإيديولوجية. ثم إنه يوجد داخل وخارج الأحزاب والتيارات المعترف بها وغير المعترف بها جيل من الشباب غير الؤدلج، لكنه– تحت تأثير الظاهرة المعروفة عالميا ب»عودة الديني» le retour du religieux - له حساسية دينية قوية؛ لكنها – خلافا لفكرة شائعة – حساسية لا تبعده عن انتمائه الأمازيغي، ولا تنفره من لغة هذا الانتماء. بل إن عنده تمسكا حقيقيا بهما. هذا الشباب المتدين لكن المعتز بانتمائه الأمازيغي، المحب للغته الأمازيغية هو القادر على أن يخرس الأصوات المغرضة التي طالما ربطت بين الأمازيغية والإلحاد أو معاداة الإسلام واللغة العربية وغير ذلك من التهم التافهة التي تكيلها العقول المتكلسة في بعض الأحزاب والجمعيات للمناضلين الأمازيغيين .

إن الأمازيغية لا يجب أن تتخندق مع هذا الاتجاه الإيديولوجي أو ذاك، أو تغلق على نفسها داخل حزب دون آخر: لأن الأمازيغية هوية؛ والهوية بطبيعتها عابرة للأحزاب والإيديولوجيات. والمعيار الوحيد الذي يحتكم إليه في العلاقة بالأحزاب والاتجاهات الإيديولوجية هو اعترافها بالهوية الأمازيغية للمغرب أو عدمه. أما ما سوى ذلك فيترك للمجتمع يحسم فيه وفق إيقاع تطوره ومبلغه من التقدم، وحسب التغيرات التي عليه أن يستدمجها والمتناقضات التي عليه حلها وتجاوزها لكي يتسنى له البقاء.

هذه، في تقديري، هي السبيل إلى أن نكون مواطنين، بدل مواطنين أيضاً؛ وإلى أن تكون لغتنا لغة رسمية، لا لغة رسمية أيضا.

 

 

 

 

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting