uïïun  169, 

smyur 2961

  (Mai  2011)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

asoarrb d allal n usrvm n tnttit d urjan mgal i tmazivt

Français

Naissance de Marghighda

La volonté des peuples

Réflexions sur la traduction amazighe

L'islam et imazighen

Problèmes du schwa en tarifit

Stop au génocide en Libye

العربية

هل سيضع الدستور المنتظر حدا للجرائم المرتكبة في حق الأمازيغية؟

هل يكفي ترسيم الأمازيغية؟

الأمازيغية وامتحان الديموقراطية بالمغرب

ترسيم الأمازيغية واجب أخلاقي وضرورة تنموية

الأمازيغية وآفاق الدسترة

الأمازيغية نريدها لغة رسمية

الأمازيغية والتعديلات الدستورية

عن الوعي الحداثي لمفهوم الهوية الوطنية

إلى شاعر لا يعرف اليوم العالمي للشعر

الرايس سعيد أشتوك

كبرنا على اللعب بالشعارات

بيان الحركة الأمازيغي وسط المغرب

توصيات المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات

ورقة جمعية الهوية الأمازيغية حول الدستور

بيان تنسيقية تافسوت

وثيقة الجمعيات الأمازيغية حول دسترة الأمازيغية

بيان الجبهة الأمازيغية

بين تنديدي للمعتقلين الأمازيغيين

بيان المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات

 

 

 

ترسيم الأمازيغية واجب أخلاقي وضرورة تنموية

بقلم: عبد الرحمان بن المختار

 

مع الإعلان عن فتح ورش التعديلات الدستورية يكون المغرب مقبلا على منعطف جديد في مساره السياسي المعاصر، وستكون صيغة الدستور المنتظر مؤشرا موضوعيا لقياس درجة الإرادة والجدية المتوفرة عند الدولة لبناء مشروع «المجتمع الديمقراطي الحديث» الذي تدعيه منذ سنوات. على أن القرائن الموجودة حاليا تسير في اتجاه الحد من سقف التوقعات المنتظرة من هذا الورش، حيث يبدو أنها لن تكون في مستوى الرهان والطموح الذي سيلبي مطالب الشعب ومعه كافة القوى الديمقراطية والإصلاحية، وفي مقدمة ذلك إقرار ملكية برلمانية وجهوية متقدمة حقيقية وتعددية لغوية متكافئة ومتوازنة. فبالنظر إلى موقع وطبيعة الجهة المكلفة بصياغة مقترح الدستور المقبل نجد أنفسنا أمام لجنة فوقية لم تنبع من إرادة الشعب وبتشكيلة لم يتم التشاور بشأنها مع أهم التيارات السياسية والفكرية الفاعلة بالمجتمع بما يضمن لها؛ على الأقل؛ الحد الأدنى من الشرعية لتمثيل إرادة الشعب، ويخول لها صلاحية اقتراح مشروع الدستور الذي يريده، وبالتالي تكون لاقتراحاتها مصداقية مقبولة عنده. كما أن حرية هذه اللجنة في الاشتغال وإبداع الأفكار الجريئة مكبلة بسقف محدد لا يمكن معه الوصول إلى مطمح «دستور ديمقراطي شعبي». وعلى أي حال تبقى هذه المرحلة التي تفصلنا عن موعد الحسم مرحلة حساسة بامتياز، بالنظر إلى أهمية الحدث وحساسيته عند مختلف القوى داخل المجتمع، حيث تسعى كل جهة إلى وضع بصماتها على الدستور المقبل بما يكفل تثبيت مصالحها وسيادة إيديولوجيتها.

وفي هذا الإطار يعرف موضوع الهوية واللغات نقاشا سياسيا وفكريا ساخنا ينصب أساسا حول صيغ وكيفية إدراج الهوية الأمازيغية لأول مرة في دستور المغرب، لا سيما وأن الخطاب الملكي قد حسم مبدئيا لصالح هذا الموضوع، وترك مسؤولية التفصيل والتدقيق فيه للجنة المكلفة بناء على استشاراتها مع مختلف القوى السياسية والمدنية. وبما أن الهوية الأمازيغية هي من أكبر الثوابت الوطنية وأعرقها داخل المجتمع المغربي، وبما أنها قضية أخلاقية وحقوقية سامية لا يمكن قبول المساومة عليها وإخضاعها للمزايدات السياسية، فإنه يتعين على كل الديمقراطيين وأصحاب الضمائر الحية تعبئة طاقاتهم النضالية والفكرية والضغط من أجل إنصاف هذه الهوية بإبعادها الثلاث: الأرض والإنسان واللغة، وذلك عن طريق الإقرار بأمازيغية المغرب أرضا وشعبا، وجعل اللغة الأمازيغية، إلى جانب اللغة العربية، لغة رسمية في الدستور المقبل كحقها الطبيعي والمشروع، غصبته إيديولوجيا «العروبة والتعريب» الإقصائية طوال السنوات الماضية.

وهذا الحق الطبيعي يستمد قوته ومشروعيته من عدة أسس، منها:

أولا: إن اللغة الأمازيغية بقيت دائما هي اللغة الأصلية والتاريخية على هذه الأرض، يمتد وجودها هنا إلى أكثر من3000 سنة، بشهادة الباحثين والمؤرخين، حيث تعايشت مع العديد من اللغات الوافدة على شمال إفريقيا والتي كانت قوية بحمولتها الحضارية والثقافية آنذاك، ورغم ذلك لم تنجح في امتحان الاستمرارية والبقاء فأصبح جلها في عداد اللغات الميتة، بينما نجحت الأمازيغية في الصمود والحفاظ على نسقها اللساني ووجودها الطبيعي متحدية جميع عوامل التعرية الثقافية واللسانية، حيث إنها لغة متجذرة في أعماق الذاكرة الجماعية لسكان المغرب وشمال إفريقيا، وتزخر بكنوز نفيسة من قيم حضارية ومعطيات ثقافية وتاريخية مهمة بحكم تلاقحها مع الثقافات واللغات السابقة. فلا يعقل إذن أن ننظر إلى هذا الإرث التاريخي العظيم وهو يضيع بين أيدينا دون أن نقدر على فعل شيء لإنقاذه وتأهليه حتى يكون في مستوى رهاناتنا التنموية والحضارية، في حين أن العالم من حولنا يشهد صحوة ثقافية تتجه نحو تثمين التعدد الثقافي واللغوي للشعوب، والعمل على تطويره عن طريق إدراجه ضمن التراث الإنساني العالمي، واتخاذ التدابير الملائمة لحمايته من الاندثار كإقرار اليوم العالمي للغة الأم، وتأسيس المنتدى الأممي للشعوب الأصلية، وإصدار الإعلان العالمي للتنوع الثقافي، وتبني العديد من التوصيات التي تصب في هذا الاتجاه من طرف مختلف الهيئات الدولية المعنية.

ثانيا: إن اللغة الأمازيغية هي معطى سوسيولساني حاضر بقوة في واقع المجتمع، وهي اللغة الأم لأغلب شرائحه إلى جانب الدارجة التي تشتغل بدورها وفق النظام التركيبي والذهني للغة الأمازيغية (مثلا: جمع راسك /سمون إخف نك – جات معاك اللبسة / توشكاد ديك تملسيت). والأمازيغية لغة محكية متداولة بكثرة في القرى كما في المدن، أي أنها لغة حية بقوة الواقع، لصيقة بالشخصية الثقافية المغربية، مما يعني أن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من توفر إرادة سياسية صادقة واتخاذ قرارات جريئة لإنصاف هذه اللغة والنهوض بها، لاسيما وأن أمامنا تجربة لغوية رائدة نجحت فيما هو أعقد من وضع الأمازيغية، ويتعلق الأمر بإحياء اللغة العبرية الميتة – وأسطر هنا على ميتة – وتحويلها إلى لغة محكية متداولة خلال عقود قليلة من العمل الجاد، بعد أن كانت محصورة فقط في الأديرة والطقوس الدينية اليهودية فأصبحت اليوم لغة راقية للأدب والثقافة والإدارة والعلم في إسرائيل، وكل هذا بفضل وجود الإرادة السياسية لدى أصحاب القرار هناك. ومثل هذا الإنجاز يعتبر ظاهرة استثنائية في علم اللسانيات لأن ما هو معروف في التاريخ اللغوي هو أن تتحول لغة محكية ومتداولة أصلا (كالأمازيغية) إلى لغة معيارية ورسمية، كما هو الشأن بالنسبة للغات الأوربية الحديثة كالفرنسية والايطالية. وهذا القانون اللساني هو ذاته الذي يسري على الأمازيغية، فلماذا نعيق تطبيقه ونحرمها من أن تكون لغة رسمية، مع العلم أنها أصبحت جاهزة لتشتغل كلغة معيارية بفضل الجهود الأكاديمية التي قام بها الباحثون اللسانيون داخلIRCAM وغيره من المؤسسات الأمازيغية الدولية.

ثالثا: نعلم أن الحقوق اللغوية والثقافية هي جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، بحيث يحق لكل شخص تداول ثقافته ولغته والعمل على تطويرها وتوظيفها في مختلف جوانب حياته دون أن تفرض عليه لغة أو ثقافة أخرى. ومن هذا المنطلق يحق للمواطن الأمازيغي أن يستخدم لغته الأم استخداما رسميا، ومن واجب الدولة أن توفر له جميع الخدمات والخيرات المادية والرمزية بلغته الأمازيغية بدون شروط، أكثر من هذا يجب على الدولة تقديم الإمكانات المادية والتقنية التي ستضمن لهذه اللغة حقها في التطور والنماء باعتبارها اللغة الوطنية الأولى والأصلية. واستنادا إلى هذه المبادئ، فقد جاءت توصيات المنظمات الحقوقية الدولية حول الهوية الأمازيغية بالمغرب لتؤكد على حقوقها الطبيعية، منها مثلا توصية اللجنة الأممية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 2006 الداعية إلى ترسيم اللغة الأمازيغية، ونفس التوصية تبنتها اللجنة الأممية لمناهضة كافة أشكال التمييز العنصري سنة 2010، كما نستحضر في هذا الإطار الموقف ذاته الذي اتخذه أحد أعرق التنظيمات الحقوقية بالمغرب، وهو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي طالبت سنة 2007 بإقرار الأمازيغية لغة رسمية في الدستور إلى جانب العربية. وهناك أمثلة لعدد من الدول التي احترمت هذه المعايير الحقوقية في سياستها اللغوية، نذكر منها مثلا نيوزيلندا التي رسمت «الموارية»، اللغة الأم لسكانها الأصليين، وذلك في سنة 1987 بعد أن كانت الإنجليزية هي اللغة الرسمية الوحيدة، وأنشأت لإنجاح هذا القرار مؤسسة لغوية عملت على تطوير هذه اللغة وتقديم المشورة للحكومة في سياسة التدبير اللغوي. كما نشير في هذا السياق إلى إيرلندا التي رسمت، إلى جانب الإنجليزية، اللغة الأصلية الإيرلندية رغم أن عدد الذين يتداولونها ضئيل جدا بالمقارنة مع الإنجليزية.

وكما نلاحظ فكلتا الدولتين اتخذت الإنجليزية لغة رسمية، ونحن نعلم المكانة القوية لهذه اللغة العالمية ولم يمنعهما ذلك من الاعتراف بحقوق اللغات الأصلية، وإقرار المساواة القانونية والدستورية بينها وبين الإنجليزية.

رابعا: تؤكد الدراسات التنموية المعاصرة، بأن التنمية الحقيقية تقتضي تعبئة جميع الطاقات الكامنة في المجتمع، المادية والثقافية والنفسية، وهذا لن يتأتى إلا بتوظيف الخصوصيات الثقافية واللغوية السائدة بالمجتمع، باعتبارها أدوات فعالة لتجنيد الأفراد من أجل الانخراط الواعي والمسؤول في صلب المشاريع التنموية. ذلك أن العمل والإبداع في فضاء تسود فيه الثقافة الذاتية واللغة الأم، سيوفر لصاحبه توازنا نفسيا وانسجاما وجدانيا مع عمله مما سيساهم في الرفع من المرودية والإنتاج. كما أن اللغة الأم هي القناة الكفيلة والقادرة على نشر الوعي والمعرفة بين المواطنين وتعميم الفوائد المادية والثقافية للتنمية على جميع شرائح المجتمع. وعل هذا الأساس فإقصاء الأمازيغية من مؤسسات الدولة وأنظمة المجتمع هو إقصاء مباشر لفئات عريضة داخل المجتمع من حقها في التنمية وتشكيل الواقع الاقتصادي والسياسي والثقافي الذي يلائمها عوض التعامل معها بمنطق «المفعول بهم وعليهم» والعمل على تنميطها في قوالب إيديولوجية جامدة، وكأنها مجرد أشياء لا تمت إلى الكرامة والوعي الإنساني بصلة. ثم إن هذا الإقصاء هو كذلك تعطيل لطاقات عقلية ووجدانية هامة عن الإبداع والإنتاج، علما أ هذه الثقافة المقصية غنية بقيم التضحية والإخلاص والعمل، وهو ما يؤكده بالفعل سلوك الأفراد المتشبعين بها حيث يحرصون على الإتقان والتفاني في العمل أينما قادته الظروف إلى ذلك.

وهكذا فإن الاعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية ثانية، لا ينبغي أن يثير أي تحفظ أو تردد، فهو لن يجعل المغرب خارج كوكب الأرض، ولن يكون مغامرة سياسية قد تقود إلى مآلات غير محمودة كما يدعي دعاة التنميط اللغوي القسري، إذ أن أي قرار من هذا النوع سيكون مسنودا بتجارب عالمية ناجحة ومنسجما مع معطيات الواقع المغربي. ومع الأسف الشديد فبدل التفكير في إبداع الحلول المناسبة لإنجاح مثل هذا القرار بالمغرب والاطلاع على التجارب الناجحة في هذا الميدان، نجد النخبة السياسية والفكرية الكسولة غارقة في الدوغمائية والأحكام المسبقة، متمسكة بأصنامها الإيديولوجية بعيدا عن إفرازات الواقع وحقائق العلم، ومتفننة في تقديم التبريرات، بل التضليلات، في محاولة التوائية لشرعنة الإقصاء والتمييز. إن السبيل الوحيد لإنصاف الأمازيغية وجبر الضرر عنها هو الاعتراف بها كلغة رسمية وبأبجديتها التاريخية «تيفيناغ»، وهذا هو المعيار الوحيد لمعرفة مدى صدق الإرادة لدى أصحاب القرار والنخبة السياسية في النهوض بالهوية الأمازيغية للمغرب، أما غير ذلك من أصناف الحلول، فهو لن يخرج عن نطاق سياسة الاحتواء والالتفاف على الحقوق المشروعة للأمازيغية. ذلك أن فعل الترسيم هو المخرج الوحيد القادر على توفير الضمانات القانونية والمادية لمأسسة هذه اللغة والنهوض بها على أكمل وجه وبأسرع وتيرة في مختلف مجالات المجتمع من تعليم وإعلام وإدارة وفضاءات عامة، فتكون بذلك قادرة على أداء وظائفها في التنمية الشاملة. أما الاكتفاء بجعلها لغة وطنية فقط، فلن يساهم بشكل فعال في تغيير وضعيتها نحو الأفضل، وهذا ما تؤكده التجربة الجزائرية حيث بقيت الأمازيغية على حالها السابق ولم تسجل إلى حد الآن حضورا نوعيا ومثيرا داخل مؤسسات المجتمع وأنظمته رغم إدراجها في الدستور كلغة وطنية منذ سنة 2002.

وفي الأخير بقي أن نشير إلى أن ترسيم الأمازيغية وأجرأة هذا الفعل على أرض الواقع، سيجعل من المغرب نموذجا ديمقراطيا متكاملا وتجربة رائدة في سياسة التدبير اللغوي على مستوى شمال إفريقيا، مما سيحوله إلى مركز إشعاع للثقافة الأمازيغية تتجه إليه أنظار الشعوب بالمنطقة بحكم المشترك الأمازيغي العميق الذي نتقاسمه معها. ولا شك بأن النتائج المنتظرة من مثل هذا التحول على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي، ستعيد للمغرب مكانته التاريخية كمركز لصنع الأحداث بعد أن ظل طوال السنوات الماضية هامشا ملحقا بمركز الشرق.

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting