uïïun  162, 

mrayur 2960

  (Octobre  2010)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

tiçupäa n uwank d ntta d amntil n tkmmawt n waorabn i wlallu n imrrukiyn

Raxart n raxart

Français

L'amazighité est-elle en danger?

L'art de l'emprunt dans le poème amazigh

Hassan Banjari, une figure tazenzartienne

Le combat amazigh au niveau des nations unies

Le Maroc sommé de cesser ses discriminations anti-amazighes

Création d'un groupe Ahidous

Création de la section de l'APMM à Ifrane

Condoléances

العربية

الشذوذ الجنسي للدولة هو المسؤول عن تطاول العربان على كرامة المغرب

أزمة الهوية عند العروبيين المغاربة

الاستلاب العروبي والمجتمع المدني المغربي

المشرق العربي يحطم كرامة المرأة المغربية

البيان التأسيسي للشبكة المصرية من أجل الأمازيغ

القضية الأمازيغية من منظور القوميين والإسلاميين

جريدة الاتحاد الاشتراكي ىتهاجم الأمازيغية

الحركة الإبداعية النسوية بالريف

التشريع السياسي الأميريكي والأمازيغي

نماذج من المظاهر الفنية الأمازيغية

السلطات تمنع تسجيل الاسم الأمازيغي سيمان

نشاط لجمعية تامازغا

تأسيس جمعية أمازيغية بأوطاط الحاج

 

 

 

مناقشة أولية لمضمون البيان التأسيسي للشبكة المصرية من أجل الأمازيغ

بقلم: أهريشي محمد – المغرب.     

 

نحيي بحرارة كبيرة  مبادرة إخوتنا المصريين الذين أسسوا والذين دعموا الشبكة المصرية من أجل الأمازيغ. ENFA ليست بعيدة نطقا من الكلمة الأمازيغية ANFA، الاسم الأمازيغي لمدينة الدار البيضاء، أو لجزء منها في واقع المدينة الحالي، والذي يعني لغة المرتفع الصغير، ويعني كذلك - وهو معنى مشتق لا محالة من خاصية الارتفاع تلك- التفقد، لأن التفقد عملية قد تتم بتبوّئ مرتفع ما قصد الحصول على رؤية في جميع الاتجاهات وعلى أطول مسافة ممكنة، بما يتيح إمكانية مسح كل المساحة التي نريد، بحثا عن المفقود، لذلك يقال مثلا في اللغة الأمازيغية:

 iwta anfa g ixf nes!  ما ترجمناه حرفيا إلى دارجتنا التي صنعناها صنعا هكذا: ضرب لفكد ف راسو! أي: تفقد نفسه!

فمن لم يخرج من واقعه الضيق ويبتغي الوسيلة لإدراكه من موقع آخر، فلن يتمكن من رؤية ما حوله ومن الفهم الجيد لواقعه، وستظل لذلك معرفته محدودة، تعرض كل فعل صادر عنها للخطأ في معظم تفاصيله.

إخوتنا المصريون اعتلوا إذن ENFA ليتفقدوا إخوة لهم هنا في شمال إفريقيا، وذلك ما قمنا به نحن كذلك من قبل في محاولتنا تفقد إخوتنا في وادي النيل الذين يحملون مثلنا نفس الهم الهوياتي، ويواجهون نفس الإيديولوجيات التخريبية... ومن تفاعل مع صديق مصري (انظر?ttp://egyoffline.blogspot.com/2010/05/blog-post_1639.html) انطلقت منذ شهر مايو الماضي مبادرة الحوار الأمازيغي المصري (انظر ?ttp://egyamazigh.blogspot.com) أردنا منها أن تكون خطوة على درب تقارب وتعارف جديد قديم بين شعبينا، لعلمنا أن الإنسان عدو ما يجهل وأن لإنسان في جهله تضيع من بين يديه فرص عديدة، ولتكامل المبادرتين فإننا نعتبرهما مبادرة واحدة.

         وفي إطار التفاعل الإيجابي مع مبادرة تأسيس الشبكة المصرية من أجل الأمازيغ نبدي هنا ما لنا من ملاحظات حول بعض ما ورد في بيانها التأسيسي، وذلك حتى نتقاسم مع مؤسسي الشبكة رؤيتنا للقضية الأمازيغية.

         يوطئ البيان التأسيسي لنفسه (انظر ?ttp://www.facebook.com/group.php?gid=120120171332739)  بعدد من المقدمات التي تحدد الإطار الجغرافي والبشري والتاريخي والسياسي... للقضية التي تود الشبكة الاشتغال عليها، لتعلن بعد ذلك عن نفسها وعن أهدافها وعن الإجراءات التي ستتخذها بغية الوصول إلى تلك الأهداف.

  إن بعض مضمون البيان التأسيسي قد يترك لدى كل قارئ ليس لديه إلمام كاف بالقضية الأمازيغية تصورا قد يكون بعيدا شيئا ما عن الحقيقة، وسنقف هنا عند نقطتين فقط، وقد نعود للباقي فيما سيأتي: الأمازيغية ومنظور الأقلية، الأمازيغية والمناطق المهمشة.

  الأمازيغية ومنظور الأقلية:

إن القضية الأمازيغية كما تطرحها الحركة الأمازيغية ليست قضية أقلية تعاني من اضطهاد أغلبية ما، وليست قضية عرق أمازيغي خالص نقي ضد أي عرق آخر... لكنها في حقيقتها قضية أرض بأكملها ومن عليها من شعب/شعوب تقتل هويتها الحقيقية وتزرع أخرى اليوم مكانها بشكل اصطناعي... لن نطيل الحديث هنا، فالتاريخ الأمازيغي منذ أقدم العصور (أريباص...) يجيب عن أسئلة: لماذا وكيف؟ ويكفي أن نشير هنا إلى أن ظهور الحركة الأمازيغية اليوم مرتبط بشكل عميق بالرغبة الملحة في الإجابة عن سؤال واحد: إلى متى هذا التخريب للأرض وللذات؟!!

من هذه الزاوية لا يبدو سليما الاعتماد على الإحصائيات، لأنه وبغض النظر عن حقيقة أرقام  الإحصاءات الرسمية أو غيرها من التقديرات، فإن أي رقم لا يعكس حجم القضية الحقيقي، بل أكثر من ذلك، يحرفها، فليس الأمازيغي اليوم هو ذاك الذي أجاب، مثلا، بنعم عن سؤال في استمارة الإحصاء الذي قامت به الدولة المغربية (هل تتحدث الأمازيغية؟) أيام كانت هذه  الدولة في حاجة لإثراء قاعدة بياناتها بالأرقام لتضبط بها سياستها الأمازيغية الجديدة التي انطلقت بعد خطاب 20 غشت 1994. (ومع ذلك لم تنشر الدولة المغربية المعطيات اللغوية للإحصاء الذي قامت به، ربما لأن النتائج كانت مخزية لمن كان ينتظر نتائج أخرى بعد مسلسلات طويلة ومكثفة من التعريب والتخريب...)

فمن اعتمد على الأرقام فعليه أولا أن يحدد على أي أساس يميز بين من يعتبرهم أمازيغ ومن يعتبرهم ليسوا كذلك؟!!

لنذكر نحن كذلك، وعلى غرار البيان التأسيسي، شيئا عن ابن خلدون، لكن ليس من قبيل ما انتهى إلى أذنيه ونقله من روايات لا تستقيم والمرجعية العلمية للحركة الأمازيغية، بل سنذكره بما شاهد بأم عينه كابن حر نبيل لهذه الأرض، ففي كل الذي كتبه عن الأمازيغ في تاريخه يشير إلا شيء مهم، وهو أنهم لا يعدون ولا يحصون، ملأت قبائلهم الساحل والسهل والجبل والصحراء، وهذا أمر يمكن التأكد منه إلى اليوم، فالثقافة الأمازيغية واحدة من أقدم الثقافات الإفريقية  الحية إلى اليوم، وأكبرها مساحة جغرافية وكثافة ديموغرافية كذلك... وإذا أحالت اليوم عدة عوامل اللغة واللغة الأمازيغية فقط إلى قطع من الأرض وجزر متفاوتة الأحجام، متناثرة في كل الشمال الإفريقي كما تناثرت الجزر بعد غرق قارة أطلنتس في محيط ينسب إلى أطلس، فإن تلك الجزر أو القطع  والبحر الثقافي الشعبي الذي تسبح فيه، ويسبح هو حولها، وفي فلكها، تشكل كلا واحدا تعمى عنه كل نظرة سطحية تجزيئية.

لخصائص الأمازيغية هذه الجغرافية والديموغرافية وغيرها  لم يكن بمقدور الذين وفدوا على شمال إفريقيا فارين نازحين أو غزاة مخربين أن يقلبوا بشكل جدري البنية الإثنية والثقافية لهذه البلاد، لأنهم يذوبون فيها ويصبحون أبناء الأرض الأمازيغية، يساهم كل منهم بعد ذلك بقسطه في إثراء موروثنا  اللغوي والثقافي المتعدد المتحصل لدينا اليوم، وأي من هؤلاء لا يملك إلا النزر القليل من الأدلة  أو ينعدم لديه حتى ذلك النزر ليثبت به فينيقيته أو رومانيته أو ونداليته أو بيزنطيته أو كناويته أو عروبيته... وكل مهووس بالإثبات، بعيدا عن الأرض التي جاء منها  وبعد أجيال، لن يثبت سوى نعرته العرقية المتجذرة والمريضة بالأنساب والشجرات، وما كان لشجرة أن تحجب الغابة.

في مقابل هذا الواقع الشعبي كان هناك ومنذ القديم واقع آخر يصنعه "القرار السياسي"، ففي كل عصر كان هذا القرار يصنع لنفسه عالمه الخاص ويسعى - لعقدة قديمة في الوعي السياسي الأمازيغي- لفرضه شعبيا بدرجة يرهن نجاحها المتاح له من وسائل وإمكانيات، ولنقارن في هذا الباب بين كتابة جوبا الثاني باللاتينية وكتابة الحسن الثاني بالعربية وبالفرنسية كذلك ليتبدى لنا دور السياسي في الدفع بالتغيرات في هذا الاتجاه أو ذاك.

إن التاريخ يشهد لقبائل كثيرة بكونها أمازيغية وإن كانت لا تتحدث اليوم الأمازيغية، والتي لم يشهد لها التاريخ تشهد لها اللسانيات من خلال الدارجة، ببنيتها وأنظمتها، بأن لها علاقات وطيدة بالإرث الأمازيغي، فالعربية كما قال اللسني المغربي الراحل قاضي قدور، لم تكن يوما ما اللغة الأم لأي فرد في شمال إفريقيا، وقبل وبعد هاتين الشهادتين فكل معطياتنا الثقافية (بمعناها الأنتربولوجي الواسع) تؤكد أننا في شمال إفريقيا معنيون جميعا بكل الإرث اللغوي والثقافي المتنوع لهذه الأرض.

فعلى هذا الأساس - إلى جانب أسس أخرى: سياسية...- تعتبر الحركة الأمازيغية مسؤولية وطنية، بما قد تعنيه صفة الوطنية من معاني المثالية والقداسة، وبما تعنيه كذلك من كون المسؤولية التي تصفها مسؤولية الجميع، شعبا وأفرادا، جمعيات وأحزابا، مؤسسات دولة ونظام ككل، ولا يتصور وجود شخص غير معنى بها إلا - وكما قال أحد المناضلين- من أراد أن يعتبر نفسه أجنبيا عن هذه الأرض، فليقلها إذن بصراحة وليلزم وضع الأجنبي ولا يحشر أنفه في الشأن العام للوطن والمواطنين.

فالتمييز ضد الأمازيغ ليس تمييزا عرقيا بمعنى الكلمة، وإنما هو تمييز تمارسه مؤسسات الدولة بخلفيتها الإيديولوجية المعروفة ضد الثقافة واللغة الأمازيغيتين، أولا وأساسا وحصرا، وإنما يطال الميز بعد ذلك الأفراد والمجموعات باعتبارهم فقط حاملي هذه الثقافة وهذه اللغة.

وكمثال للتوضيح، فعندما تتقدم إلى مكتب الحالة المدنية قصد تسجيل اسم مولودتك الجديدة، فالمكتب لا يتعامل معك بتمييز لأن لون بشرتك كذا، أو  لأن ملامحك كذا، أو لأن دينك كذا، أو لأنك من منطقة كذا ... ولكن وفقط لأن الاسم الذي اخترته يحيل على الثقافة الأمازيغية، ما عدا هذا فأي كانت منطقتك أو لونك أو ... أو ... فإنك ستتلقى بشكل عادل نصيبك من معاملة الإدارة.

 ونسوق مثالا توضيحيا آخر في شكل سؤال: أي ميز عنصري دفع المفكر الراحل محمد عابد الجابري للمطالبة جهرا بإماتة الأمازيغية ؟!! وهو الأمازيغي ابن واحة فيكيك (Figuig)، ألا يبدو شاذا أن يفكر مفكر في اقتراف جريمة ضد نفسه وأهله أولا، ثم ضد الإنسانية ثانيا باعتبار كل لغة هي تراث إنساني، وضد آية اختلاف الألسن ثالثا؟!! فعلى سلوك رجل، أمثاله كثر في عصرنا، قس سلوك من سبقه من رجالات الفكر  والدين (القديس أغسطين) بل وأسرا ملكية كالمرينيين وغيرهم.

فالتمييز العرقي ضد الأمازيغ ليس تمييزا كما قد يصادف في مناطق أخرى من العالم، حيث يسهل التمييز بين طرفي المأساة، عرق يرى نفسه ساميا مختارا... في مقابل آخر يراه وحشيا بربريا ... ففي الحالة الأمازيغية يأخذ العرق مضمونا ثقافيا إيديولوجيا أكثر منه مضمونا جينيتيكيا، فتجد الأمازيغ المعربين يمارسون الميز "العرقي" وبعنف ضد إخوتهم الأمازيغ غير المعربين!!

إن مقاومة التمييز ضد الأمازيغية، وليس ضد الأمازيغ، هكذا أفضل التمييز بين الأمرين، يجب أن تبدأ بمساءلة ومقاومة ومحاكمة الإيديولوجيا التي تغسل الأدمغة بالأكاذيب وتفعل فيها فعل الشيطان في صدور الناس، دافعة إياهم إلى احتقار الذات وتدميرها والانسلاخ عنها لمعانقة الوهم على طريقة الجابري وألف طريقة أخرى راضين بالتبعية ووضعية الأقنان في الضيعة "الحضارية" للثقافات الأخرى، وفوق وتحت المعنى السياسي لهذه المساءلة والمقاومة والمحاكمة هناك معنى آخر أوسع وأعمق، منه يستمد المعنى السياسي قوته ومداه،   يتمثل في كون هذه المساءلة هي بداية مساءلة لأنفسنا كل في موقعه، وقد قال صاحب إزلي:

Wenna ywtan ixf-nes ur inni hed ad asyini texdît.

Ur dattuyagg imeâzzan xes i wenna d-iwt ufus n ca.

ما معناه:

 من كان مصابه من حصاد يديه فلن يقال له أخطأت.

لا يتلقى التعازي سوى من بيد الأغيار قد أصيب.

 الأمازيغية والجهات المهمشة:

إن وجود الأمازيغية في منطقة لا يجعل منها لوحدها منطقة أمازيغية في مقابل منطقة أخرى غير أمازيغية، ونحيل مرة أخرى على التاريخ من أراد فهم كيف تطورت وتغيرت الأوضاع في نظرة الناس أكثر مما تغيرت في عمق الواقع.

فشمال إفريقيا في حدوده أرض أمازيغية طولا وعرضا بكل الدلائل والبراهين، ومن يدعي غير هذا فادعاؤه لا يختلف في شيء عن ادعاءات كل المستعمرين، فما الفرق مثلا بين ادعائه وادعاء اسبانيا أن سبتة ومليلية أراض اسبانية؟! إن العقلية التي تدعي اليوم أن المغرب الكبير (أو شمال إفريقيا) مغرب عربي هي نفسها العقلية الاستعمارية - مع وجود فروق هامة - التي تدعي مثلا لاتينية أمريكا الجنوبية نفيا لثقافة البلاد الأصلية.

ومعلوم اليوم أن الذي يهدد وحدة المملكة المغربية هي الايدولوجيا العربية وليس غيرها، تهددها من الخارج في شخص الأنظمة العروبية وغيرها الداعمة لانفصالي الجنوب ولجمهوريتهم العربية المزعومة، كما تهددها من الداخل في شخص مسؤوليها وما ينفثونه من سموم الرؤى اللاوطنية فيما يتصل بالأمازيغية، فمن مشروع الجهوية الذي نترقب خروجه متم هذه السنة بحذر شديد، إلى النوايا السيئة للمجلس الأعلى للتعليم تتعدد نماذج السياسات اللاوطنية، ونتساءل باستغراب، هل من الحس الوطني السليم التعامل مع الأمازيغية بمنظور جهوي ركيك؟!! (نستبق الأحداث هنا بناء على التجارب الجهوية السابقة، نتمنى ألا يكون الحال هو الحال عند انتهاء أشغال لجنة الجهوية ...). وهل من بعد النظر الوطني التراجع عن مبادئ التوحيد والتعميم والإجبارية (وحرف تيفيناغ كذلك) في تعليم الأمازيغية؟! إن هذه السياسات وغيرها لا تقل خطورة عن أي خطر آخر قد يتهدد المغرب في وحدته وأمنه واستقراره.

هذه رؤيتنا للشمولية  المكانية للأمازيغية ومنها وبها نفهم واقع التهميش الذي يطال المناطق المعتبرة اليوم أمازيغية!

فواقع التهميش الذي تعاني منه كل مناطق الهامش الواسع المحيط بالمركز سواء أكانت ناطقة بالأمازيغية أو ناطقة فيها الأمازيغية بمختلف المعطيات اللغوية (الدارجة) والثقافية هو واقع صنعه المستعمر في القرن الماضي، ولم يكن الحال كذلك قبله، إذ كانت المناطق تتمتع - حسب قوة السلطة المركزية (ما يسمى عندنا: المخزن) وحسب معطيات أخرى...- باستقلال كبير وحكم ذاتي أكثر تقدما سياسيا مما يود المغرب اليوم العودة إليه بشكل مقلوب في إطار ما يسميه: مشروع الجهوية الموسعة، ونستبعد أن تأتي اللجنة الملكية للجهوية بالتصور المغربي المغربي الذي طلب منها إذا لم تنطلق من غنى الإرث التنظيمي الديمقراطي الأمازيغي، وإذا لم تتوفق في فهم ثم في جمع ومعالجة مستويين جهويين: الجهات كما صنعها التاريخ الطويل للمغرب والجهات في واقعها الحالي بعد الذي خربشته دولة المغرب الحديث في مختلف بنيات هذه الجهات، وهذا ما يقول عنه المثل المغربي: "فكها يا من وحلتيها! "

إن المستعمر قد دمر بنمطه الاقتصادي الجديد التوازنات الاقتصادية القديمة بين المناطق، فجعل من مناطق دون غيرها مناطق جذب حينما ركز أنشطته الاستغلالية فيها (مثلث: قنيطرة – الرباط – البيضاء مثلا عندنا في المغرب) لاعتبارات عسكرية أمنية سياسية (ما سماه التهدئة وسميناه المقاومة المسلحة) ولاعتبارات جغرافية اقتصادية (الساحل، السهل، الفلاحة ...) ولاعتبارات لوجيستية فيما بعد (تتمثل في ما أقامة بنى تحتية: الطرق، الموانئ، المطارات...).

وسيستمر من استخلف بعد الخروج الشكلي للمستعمر في نهج نفس السياسة وحمل نفس الخوف تجاه الهامش وثقافته دافعا إلى أقصى مدى، ولا يزال، التدمير المادي والمعنوي للغة والثقافة الأمازيغيتين ولكل البنيات التي كانت عماد بقائها عبر قرون وقرون ...

فالتهميش لم يكن نتيجة تطور داخلي طبيعي لمجتمعاتنا وإنما نتيجة عوامل خارجية صنعت وفرضت واقعا مكان آخر، لو بحثنا في نصوصها المؤسسة (المعاهدات مثلا) لوقفنا على ما بيتت من نوايا سيئة على التدمير...

لذلك كان التهميش قطعا تهجيرا قسريا نحو المدينة وفيلاتها وقصديرها أو نحو البحر وفيزاته وقواربه، مما أدى إلى إفراغ مناطق من ساكنتها وإلى تقتيل ذاكرتها بفصل ما بين أجيالها من عرى ألفية، فغذى غناها المادي والمعنوي فقرا مدقعا متعدد الوجوه، تكفلت بعده المدينة، حيث عششت الايديولوجيا اللقيطة، بابتلاع الوافدين عليها وتحويلهم إلى مؤسسات (أسرا وأفرادا) لإعادة إنتاج التعريب، عن طريق الانقسام الخلوي - بالمعنى البيولوجي والاجتماعي- وما يتيحه من توارث (وزرع) الخصائص الإيديولوجية و"تحسينها" جيلا بعد جيل، فكان كل جيل من المعربين (بفتح الراء) يمضي تخلفه أجيال من المعربين (بكسر الراء) لا يجدون غضاضة في ازدراء الثقافة الأمازيغية بل وفي المناداة بالقضاء عليها والعمل من أجل ذلك، وستعرفونهم بانفعاليتهم كلما ذكرت وكلما ذكروا بالأمازيغية،  وستعرفونهم كذلك بأكاذيبهم التي لا تصمد أمام أي تمحيص علمي... وكثير من الشمال إفريقيين أمثلة ساطعة على ذلك!

إن التعريب الذي بدأ صغيرا تافها لم يأبه له أحد ولا استشعر "سوء نية" فيه، لأنه بداية لم يكن يضمرها أو لم يكن بمقدوره الإفصاح عنها، سيبدأ في التقدم ببطء شديد لكن في ثبات، وستبدأ معه (التقدم) "سوء النية" في التكون سياسيا إلى أن أعلن عنها صراحة وبدون حياء في عصرنا هذا، بعد أن اكتسب بمساعدات خارجية الثقة في قدرة مختلف مؤسساته التي اكتسحت، ولأول مرة، كل الامتداد الجغرافي والبشري والسياسي والثقافي للأمازيغية... فما دام التعريب قد غير نيته مستهدفا أمازيغية هذه الأرض فمن حقنا اليوم مراجعة موقف الأجداد، ولن يلومنا على ذلك كل نزيه، لأن الاستمرار عليه خطأ وغباء لا يصدران عن عقل أو قلب سليم (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ...) الآية.

من هذا الفهم للتهميش وأبعاده، ومن أجل المحافظة على مرتكزات الوجود الحي للأمازيغية، ومن باب حق الجميع في التنمية، ومن باب التوزيع العادل للثروات مجاليا وبشريا، نطالب برفع التهميش عن المناطق التي تعاني منه دون أن يغيب عن فهمنا، ومن داخل الشمولية المكانية للأمازيغية، أن مطلب رفع التهميش يحيط به مطلب أوسع وهو حق الأمازيغية في كل مجالها الجغرافي والبشري الشمال إفريقي، تصحيحا لكل فكرة تربط الأمازيغية بالعالم القروي  وبالفيافي والقفار، وتصحيحا لفكرة أخرى تنحدر من هذه، لا ترى الأمازيغية إلا في تمظهراتها التراثية التقليدية، فللأمازيغية حق في القرية وفي المدينة، أو بعبارة أخرى أكثر وضوحا، للأمازيغية الحق في كل مؤسسات الدولة أينما وجدت، كما لها حق في امتلاك موروثها وحق كذلك في الحداثة...

هذا باختصار عن التهميش والمناطق المهمشة والأمازيغية، بقي أن نشير إلى فكرة أخرى وردت في البيان التأسيسي للشبكة والتي قد تخلف وراءها فهما خاطئا لواقع الأمازيغية، إن مناطقنا المهمشة ليست في حاجة إلى مساعدات  غذائية كالتي تحتاجها منطقة منكوبة أو كالتي قد يحتاجها محتجزو مخيمات تيندوف، وقد أبانت هذه المناطق عن عبقريتها في تجاوز واقع التهميش دون انتظار مؤسسات الدولة، إذ عملت على تحقيق عدد من المشاريع التنموية اعتمادا على  قدراتها الذاتية، أو في إطار علاقات تعاون وشراكة مع منظمات غير حكومية وطنية وأجنبية في تماش وقيم ومؤسسات أمازيغية قديمة مرتبطة بالعمل ك: Adwal وTiwizi وHedssaym، فعلى سلوك كهذا يجب أن يربى المواطن لا على الاتكال وانتظار مساعدات المؤسسات التي ترّسم الفقر.

ولا يفوتنا  هنا أن نشير إلى الوضع الاستثنائي الذي تعيشه مناطق الآير والأزواد في ظل المواجهات المسلحة لإخوتنا ئموهاغ (الطوارق) مع الأنظمة القائمة هناك أمام صمت إقليمي ودولي مشبوه.

وتبقى الحاجة الأكبر لكل هذه المناطق هي دعم القضية التي تمثلها، والأولى أظن بتلقي المعونة، وبالتحديد الفكرية والنفسية، هم إخوتنا المواطنون في مختلف دول شمال إفريقيا وفي مصر كذلك، الذين أنكروا  هويتهم الحقيقية وتنافسوا بغباء في ما لا يمت بصلة، يعقلها عقل أو يسندها نقل، مع استعمال اللغة العربية بعيدا عن كل نزعة عرقية بغيضة سبق النهي عنها (القومية العربية)، فهؤلاء المواطنون الذين نتشارك وإياهم في الانتماء إلى هذه الأرض  التي أنهكها انفصال وانفصالية أبنائها عنها، والتائهين بعيدا عن حيث أرجلهم  أي خير يرجوه من التحقوا به كموالٍ، إن كانوا لأمهم الأرض عاقين؟!  فكدأب الذين تاهوا قبلهم، كانت الوحدة محرمة عليهم...

نكتفي بهذا القدر، ونحيي مرة أخرى تأسيس الشبكة المصرية من أجل الأمازيغ لننبه مؤسسيها وأعضاءها - إن كانوا في حاجة إلى ذلك- إلى أهمية الحوار كمدخل أساسي قبل الدفع في أي تحرك منفرد أو مشترك. نرجو إذن أن تكون هذه ساحة أخرى لتفاعل إيجابي بين الحركة الأمازيغية والحركة القومية المصرية.

والسلام.

 

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting