uïïun  129, 

ynyur 2958

  (Janvier  2008)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

avlif n ugnsu ivts ad isslym tamazivt

Axxam n tirra

Muhammed Xayr Eddine

Français

Le voyage Loti

La justice doit être juste

Où sommes-nous?

Analyse du poème "ghennej izran inu" de R.Mayssa

Izmulen n Dda Azayku

L'engagement des poètes de la marge

Le 1er responsable de l'escroquerie "annajat" à la tête du gouvernement

 

العربية

وزارة الداخلية العربية تقرر حل الأمازيغية

مصطلح "المغرب العربي" وأسئلة الديموقراطية

قد نشاهدك لكن لا نراك

الحكومة الشريفة

ماذا قدم المسؤولون من أجل سبتة ومليلية؟

كتاب آيث ورياغر لدافيد هارت

مولاي محند والحركة الريفية

الملك يوبا لم يكن لوحده

قراءة في ديوان سعيد الفراد

جزاء من ناضل وأبدع بغير هويته

حوار مع الفنانة سعاد شكوتي

حوار مع رئيس جمعية احواش

حوار مع الناشط توفيق بوسكور

الطوبونوميا الأمازيغية بمنطقة ماست

بيان الحركة الأمازيغية بالجنوب

بيان النهج الديموقراطي بالحسيمة

العصبة الأمازيغية تكاتب وزير الداخلية

بيان الحركة الأمازيغية بالجنوب

بيان جمعية إيمازيغن بكاتالونيا

بيان المكتب السياسي للحزب الأمازيغي

بيان العصبة الأمازيغية

بيان الشبكة الأمازيغية

أمسية شعرية بقاسيطا

بيان جمعية اناروز

بيان جمعية أوسان

بيان جمعية تاويزا

بيان جمعية أمزيان

بيان تاماينوت لخصاص

البيان الختامي لمنظمة تاماينوت

بيان لجنة دعم معتقلي الحركة الأمازيغية  

 

 

افتتاحية:
وزارة الداخلية تقرر حل الأمازيغية
بقلم: محمد بودهان


لقد سبق أن كتبنا مقالا بالعدد 93 لشهر يناير 2005 بعنوان: "قانون لتنظيم الأحزاب السياسية أم لمحاربة الأمازيغية؟"، حللنا فيه الخلفيات الأمازيغوفوبية لمشروع القانون الجديد للأحزاب وانعكاسات تطبيقه فيما يخص القضية الأمازيغية، لنخلص إلى أن هذا القانون يستهدف محاصرة الأمازيغية ومنع الأمازيغيين من التعبير عن مطالبهم المشروعة بإعلان حرب رسمية و"قانونية" على قضيتهم. وقد كتبنا آنذاك تعليقا على هذا القانون الذي كان لا يزال مجرد مشروع: "إنها مؤشرات على أن هناك حربا رسمية، لكنها صامتة، على الأمازيغية يستعمل فيها أخطر سلاح وهو سلاح القانون والتشريع الذي يوجد في يد الحاكمين. كل هذا يطرح أكثر من سؤال وأكثر من تحدٍّ على الحركة الأمازيغية. إلا أن الإيجابي في مشروع قانون الأحزاب هو أنه يكشف لنا بأن الأمازيغية تشكل هاجسا حقيقيا يؤرق أصحاب القرار الذين يفكرون فيها ليل نهار، مستنجدين بقوانينهم لمواجهتها ومحاصرتها".
وها هي السلطة تقدّم، اليوم، الدليل على صحة تحليلنا واستنتاجاتنا برفعها دعوى قضائية إلى المحكمة الإدارية تطالب فيها بحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، استنادا إلى قانون الأحزاب الجديد الذي قلنا بأنه يرمي إلى محاصرة الأمازيغية ومحاربتها. وإذا كانت الأمازيغية هي الضحية الأولى لهذا القانون، فإن المستفيد الأول منه هو الأحزاب العروبية التي كفل لها كل الدعم المالي السخي الذي نالت منه النصيب الأوفر في الانتخابات الأخيرة (7 شتمبر 2007) دون أن يسألها أحد عن أوجه صرف تلك الأموال المقتطعة من أموال الشعب. فالنخبة العروبية ـ أقول العروبية وليس العربية ـ الحاكمة هي التي تضع مثل هذه القوانين التي تحمي بها مصالحها وأحزابها وتقصي بها الأمازيغية وتمنع المطالب الأمازيغية للسكان الأصليين، تماما مثل ما كان يجري به العمل في جنوب إفريقيا في عهد الأبارتايد.
ومن السهل أن نلاحظ، نظرا لتوقيته، أن طلب حل الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي، جاء تتويجا لمجموعة من الإجراءات والممارسات المعادية للأمازيغية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: اعتداءات "الجانجويد" على طلبة الحركة الأمازيغية بالجامعة، وما صاحب هذه الاعتداءات من اعتقالات ومحاكمات للنشطاء الأمازيغيين ضحية تلك الاعتداءات، تقديم الناشط الأمازيغي الأستاذ عبد العزيز الوزاني للمحاكمة، استمرار مسلسل مصادرة أراضي السكان في عدد من المناطق (بنصميم، ثيدّار ن زيان، إكزناين...)، إقصاء حزب الحركة الشعبية ـ المحسوب على الأمازيغية ـ من المشاركة في حكومة الفاسيين... وهكذا تكون مطالبة القضاء بحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي جزءا من حملة منظمة ومنسقة ضد الأمازيغية، وبالتالي فهذه المطالبة ترمي في الحقيقة ليس إلى حل هذا الحزب فقط كهدف أخير، بل إلى حل الأمازيغية ككل، وإسكات كل صوت أمازيغي حر خارج صوت "ليركام" الناعق باسم "السياسة البربرية الجديدة".
السلطة العروبية بالمغرب لا تريد حزبا يتبنى القضية الأمازيغية بمضمونها السياسي والاقتصادي، ويدافع، انطلاقا من هذا المضمون، على الأمازيغية والأمازيغيين، لأن "سياستها البربرية الجديدة" تقتضي إدماج الأمازيغيين في النظام العروبي المغربي الذي يصبح هو "المدافع" عن الحقوق الأمازيغية! التي يحدد هو طبيعتها وسقفها الذي لا ينبغي أن يتعدى مستوى الفلكلور والشعر التقليدي والمأثورات الشعبية وبعض "التنازلات" التي تخص اللغة والثقافة الأمازيغية في جوانبهما المحايدة، أي الغير السياسية. والنتيجة أن الأحزاب المؤهلة "للدفاع" عن "المطالب الأمازيغية" هي الأحزاب العروبية والبعثية والإسلاموية المكونة للنظام العروبي بالمغرب، مثل حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار وحزب العدالة والتنمية... وما على الأمازيغيين، إذا أردوا أن تتحقق مطالبهم، سوى الالتحاق بهذه الأحزاب ليناضلوا في صفوفها ووفق مبادئها العروبية من أجل الحقوق الثقافية الأمازيغية، كجزء تابع وملحق بالثقافة العربية الأم. ويترتب عن هذه التبعية وهذا الإلحاق أن لا حق للأمازيغيين في أن يعبروا عن مطالب سياسية، وفي إطار تنظيم سياسي أمازيغي مستقل، لأن مثل هذه المطالب ومثل هذا التنظيم مقصوران فقط على ذوي الانتماء العروبي. فكل ما يمكن للأمازيغي أن يطالب به هو حقوق ثقافية ولغوية، في مستواها الفلكلوري، أو اللغوي والثقافي المحايد، ومن داخل تنظيمات ومؤسسات عروبية باعتبار أن الأمازيغية تابعة وملحقة لما هو عروبي ولا تتمتع بأي استقلال كهوية قائمة بذاتها.
لقد استند طلب وزارة الداخلية لحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، بغض النظر عن العيوب المسطرية والشكلية كرفع الدعوى خارج الآجال القانونية، استند إلى كون الحزب ذا "نزعة لغوية وعرقية"، وهو ما يخالف المادة الرابعة من قانون الأحزاب، التي تنص فقرتها الثانية على ما يلي: "يعتبر أيضا باطلا وعديم المفعول كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، أو يقوم بكيفية عامة على أساس تمييزي أو مخالف لحقوق الإنسان".
بما أن الأمازيغية ظلت مقصاة، لحساب هيمنة النزعة اللغوية والعرقية العروبية، لما يزيد عن نصف قرن، بعد أن شيطنتها أسطورة "الظهير البربري" التي ربطتها بالاستعمار والخيانة والتفرقة والتقسيم ومعاداة الإسلام والعربية، فمن "الطبيعي" أن أية مطالبة لرد الاعتبار الحقيقي ـ وليس الفلكلوري ـ للأمازيغية، بعد كل هذه المدة من الإقصاء والعداء والشيطنة، ستعتبر "نزعة لغوية وعرقية" تهدد الوحدة الوطنية. مع أن صاحب "النزعة اللغوية والعرقية" الحقيقي، ليس من يدافع عن لغة وهوية مهددتين بالموت، بل من يعمل على إقصائهما ومحاربتها رغبة منه في فرض اللغة العربية والهوية العربية على المغاربة.
ثم لماذا لم يرفع وزير الداخلية دعوى قضائية، تطبيقا للمادة الرابعة من قانون الأحزاب المحتج بها ضد الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، يطالب فيها بإبطال وإلغاء سياسة التعريب التي هي نزعة لغوية وعرقية واضحة وصارخة؟ ولماذا لم يقاض الحكومات والأحزاب المغربية التي جعلت من المغرب بلدا عربيا، عرقيا وانتماء، وعضوا بمنظمة عرقية هي الجامعة العربية، مع دفاعها ـ هذه الحكومات والأحزاب ـ المستميت عن الهوية العربية للمغرب وتبنيها للقضايا العربية كقضايا وطنية، وهو ما يعبر عن نزعة لغوية وعرقية متطرفة؟
وأخيرا، إذا كان وزير الداخلية قد طالب بحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي بدعوى أن هذا الأخير ذو "نزعة لغوية وعرقية"، وهو ما يخالف، حسب تأويل الوزير، الفصل الرابع من قانون الأحزاب، فلماذا لا يطالب، تطبيقا لنفس الفصل، بحل الدولة العلوية الحاكمة التي قامت على أساس عرقي وهو خرافة "النسب الشريف" الذي استندت إليه في نشأتها واستمرارها؟
إذن إذا أراد وزير الداخلية أن يطبق الفصل الرابع الذي يستند إليه في دعواه، بإنصاف ومساواة وعدم تحيز، فعليه إذن أن يطالب بحل الحكومة والأسرة الملكية الحاكمة وكل الأحزاب العروبية، لأنها جميعا ذات نزعة لغوية وعرقية عروبية واضحة لا تخفيها، بل تجهر وتفتخر بها.
ومما استند إليه كذلك وزير الداخلية في مطالبته بحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، بعض التصريحات الإعلامية لأمينه العام، والتي يدافع فيها عن الأمازيغية والأمازيغيين. وإذا كان لا بد من اعتماد تصريحات الأمين العام للحزب، بغض النظر عن استقلال المواقف الشخصية للأمين العام للحزب عن المواقف الرسمية للحزب المثبتة في وثائقه وبياناته، كسبب للمطالبة بحل الحزب، فيجب إذن، تطبيقا، لنفس المبدأ، المطالبة بحل حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وكل المنظمات والنقابات التي لا يمل زعماؤها وأمناؤها العامون، في تصريحاتهم الصحفية والإعلامية، من تكرار دفاعهم عن اللغة العربية والهوية العربية للمغرب التي يعلنون انتماءهم لها، ومطالبتهم بتعريب المحيط والحياة العامة، وهو ما يبرز "نزعتهم اللغوية والعرقية" العروبية بشكل مكشوف وعلني.
وإذا كان وزير الداخلية يستند كذلك إلى برنامج الحزب الذي يعطي مكانة متميزة للأمازيغية، فينبغي عليه كذلك، حتى لا يكون متحيزا، المطالبة بحل الحكومة وكل أحزابها بالنظر إلى أن برامجها (الحكومة والأحزاب) ذات نزعة لغوية وعرقية عروبية لا تخفى على أحد إذ تدافع عن عروبة المغرب وعن اللغة العربية والثقافة العربية والقضايا العربية كأهم جزء من برامجها السياسية والثقافية واللغوية.
وإذا كان وزير الداخلية قد أول اسم الحزب (الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي) على أنه تعبير عن "نزعة لغوية وعرقية"، فينبغي إذن المطالبة بحل الدستور وإلغائه ـ مع ما يتربت عن ذلك من حل لكل المؤسسات التي ينشئها وينظمها هذا الدستور ـ لأنه ينص على أن المغرب "جزء من المغرب العربي الكبير" مستعملا تسمية ذات مضمون لغوي وعرقي بين وواضح، وهي تسمية "المغرب العربي"، كما يستتبع ذلك حل كل مؤسسات الدولة التي تستعمل عبارة "المغرب العربي"، ذات الشحنة اللغوية والعرقية، بشكل يومي ومستفز، معبرة بذلك عن نزعتها العرقية العروبية. نناقش هنا دعوى وزير الداخلية مسايرين تأويله لتسمية "الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي". أما هذه التسمية فهي لا تحمل أي مضمون لغوي أو عرقي لأنها لا تعني أكثر من الإحالة على بلاد تامازغا، أي شمال إفريقيا، الذي يسمى المنتمي إليها أمازيغيا.
نحن هنا نرد فقط على وزير الداخلية بنفس المبررات "العرقية" التي استند إليها للمطالبة بحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، لنبين له أن هذه المبررات حاضرة، وبشكل واضح ودون تأويل لها، لدى كل المؤسسات والحكومات والأحزاب العروبية الأخرى بشكل أكبر وأكثر مما هي حاضرة في برنامج الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي بعد تأويل الوزير لهذا البرنامج ليعطيه مضمونا لغويا وعرقيا.
أما "النزعة اللغوية والعرقية" حسب مدلول المادة الرابعة من قانون الأحزاب، فهي التي تتخذ شكلا عنصريا يتحدد من خلال فرض شروط لغوية وعرقية خاصة للانخراط في هذا الحزب أو ذاك. فلو أن الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي يشترط في من يريد الانخراط فيه استعمال اللغة الأمازيغية والانتماء للعرق الأمازيغي، لاعتبر ذلك حقا "نزعة لغوية وعرقية". وهذا ما يتنافى مع مبادئ الحزب ومواقف وتصريحات أمينه العام التي تعتبر المغرب بلدا أمازيغيا وسكانه أمازيغيين، أي أنهم متساوون في انتمائهم الهوياتي الأمازيغي، وبالتالي فسيكون أمرا متناقضا الحديث عن نزعة لغوية وعرقية تميز فئة من السكان عن الأخرى لأن الجميع ينتمون إلى هوية واحدة هي الهوية الأمازيغية.
إلا أن أخطر المبررات التي استند إليها طلب وزير الداخلية لحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، من حيث أبعادها ومراميها والكشف عن النوايا الحقيقية للمسؤولين الذين حركوا هذه الدعوى، هي تلك التي تسوّغ حل الحزب لأنه يدعو في برنامجه إلى "خلق مؤسسات للقضاء الشعبي، واعتبار الأعراف الأمازيغية مصدرا للتشريع ومجالا لاستلهام القضاء" (مقال الدعوى ينقل النص من برنامج الحزب). هذه الوسيلة (بمدلولها القانوني الذي يعني السبب المحتج به) هي، كما قلت ـ بغض النظر على أنه لا يوجد في قانون الأحزاب المحتج به ما ينص على وجوب منع وحل الحزب الذي يدعو إلى اعتماد الأعراف الأمازيغية كمصدر للتشريع ـ، أخطر كل الوسائل التي تذرع بها مقال وزير الداخلية لإبطال وحل الحرب الديموقراطي الأمازيغي المغربي. لماذا؟
ـ لأن هذه الوسيلة، المتعلقة بالأعراف الأمازيغية، والمحتج بها ضد الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، تعبر عن موقف عرقي حقيقي يتخذ شكلا عنصريا حقيقيا يتمثل في رفض الأعراف الأمازيغية، لا لشيء سوى لأنها أمازيغية. وهذه هي العنصرية بذاتها. هذا في الوقت الذي تقبل وتفرض فيه الأعراف ذات المصدر العربي المشرقي في القوانين المغربية دون أي نقاش أو جدال.. إذن الذي ينبغي حله، لأنه ذو نزعة عرقية معادية للأمازيغية، ليس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، بل المؤسسة (وزارة الداخلية والحكومة وغيرهما) التي حركت هذه الدعوى العنصرية.
ـ إن رفض الأعراف الأمازيغية هو رفض لروح الأمازيغية. وبالتالي رفض للاعتراف بها ورد لاعتبار لها، لأن الأمازيغية ليست مجرد لغة، رغم أهمية هذا العنصر، وأغانٍ وأشعار، بل هي تاريخ وتنظيم اجتماعي وذاكرة جماعية وفلسفة للحياة داخل الجماعة، تختزنها الأعراف المعبرة عن كل هذه الجوانب التاريخية والاجتماعية ولتنظيمية في الأمازيغية. ورد الاعتبار الحقيقي للأمازيغية يشمل رد الاعتبار لأعرافها التي لا تتعارض مع الحداثة وحقوق الإنسان بمفهومها الكوني. لا حاجة للفت الانتباه أن رائحة "الظهير البربري"، إذا كانت متفشية في كل مقال دعوى وزير الداخلية، فإنها تكاد تزكم أنوفنا في ما يتعلق بموضوع رفض الأعراف الأمازيغية.
جاء في مقال الدعوى: "لا شك أن الأمازيغية، كمكون أساسي للهوية المغربية، تبقى ملكا لجميع المغاربة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن توضع محل مزايدات سياسية قد تهدد الوحدة الوطنية". ثم يستشهد بخطاب أجدير الذي يقول: "على أنه لا يمكن اتخاذ الأمازيغية مطية لخدمة أغراض سياسية كيفما كانت طبيعتها". لكن هذه الدعوى التي تطالب بحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، هي تسييس للقضية الأمازيغية إلى أقصى حد. و"المزايدة السياسية" التي تحذر منها وزارة الداخلية، ومن ورائها السلطة، تمارسها هذه الوزارة وهذه السلطة، من خلال رفع دعوى حل الحزب، بشكل لا مثيل له إلا في أسطورة "الظهير البربري"، الذي قلنا بأن رائحته منتشرة في ثنايا الوسائل التي استند إليها طلب الحل، مثل التحذير بتهديد الوحدة الوطنية، كأن "الجمهورية العربية الصحراوية" تسمى "الجمهورية الأمازيغية الصحراوية". ويبدو، فيما يتعلق بتهديد الوحدة الوطنية، أن المقال نسي الدعوة إلى قراءة اللطيف بالمساجد!
إن مثل هذه الدعاوى السياسية جدا، والمتعلقة بموضوع حساس جدا مثل الأمازيغية، لا يمكن رفعها إلا بتعليمات وأوامر خاصة، تتجاوز حتى وزير الداخلية الذي رفعت الدعوى باسمه، احتراما لما تنص عليه المسطرة. فالسؤال إذن: من كان وراء تحريك هذه الدعوى الرامية إلى حل الأمازيغية كمطالب سياسية؟ وما الذي يخيف أصحاب الدعوى الحقيقيين، في الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي؟ وما هي الفائدة السياسية المتوخاة من وراء هذه العملية؟
لماذا لم تعترض السلطة على قيام الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي منذ تأسيسه الأول؟ لأنها توقعت أن تكسب منه ربحا سياسيا من خلال العناصر التالية:
ـ إضعاف الحركة الأمازيغية بظهور مزيد من الخلاف بين المؤيدين للحزب والمعارضين له داخل صفوفها، مع إمكانية ظهور أحزاب أخرى "أمازيغية" تزيد من إضعاف الموقف الموحد بشأن الدفاع عن الأمازيغية، تماما كما حصل مع المعارضة اليسارية السابقة التي ضعفت بسبب التقسيمات والشروخات التي حدثت داخلها، والتي كان المستفيد الأول منها هو السلطة المخزنية.
ـ مزيد من شيطنة الأمازيغية بتضخيم وتشويه وتأويل تصريحات الأستاذ أحمد الدغرني الأمين العام للحزب، من طرف الإعلام العروبي المهيمن وإبراز حزبه كتنظيم عرقي وعنصري يهدد الوحدة الوطنية ويوقظ الفتنة ويزرع التفرقة.
ـ إعطاء الانطباع، للخارج على الخصوص، أن المغرب ينعم بتعددية حقيقية، سياسية وثقافية ولغوية، مع اعتراف حقيقي بالأمازيغية التي أصبح لها أحزاب تدافع عنها.
ـ إعطاء الانطباع كذلك بأن هناك حرية حقيقية للتعبير والرأي بدليل وجود حزب "أمازيغي" يعبر عن المطالب الأمازيغية.
ـ انتظار الحل الذاتي (الموت "الطبيعي") للحزب بسبب حرمانه من التمويل الذي تستفيد منه الأحزاب العروبية الأخرى. وهو ما كان ستستعمله السلطة، في مواجهة النشطاء الأمازيغيين، كحجة على أن الأمازيغية ترفض التسييس الذي يريدونه لها، فالإضافة إلى ثني هؤلاء عن تكرار تجربة الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي "الفاشلة".
فما الذي غيّر رأي السلطة لتنتقل، فيما يتعلق بموقفها من الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، من القبول إلى الرفض، ومن الموافقة إلى المطالبة بالحل؟
لا شك أنها قارنت بين هذه المكاسب، أعلاه، وبين ما يقابلها من خسارة سياسية محتملة. فتوصلت إلى أن هذه المكاسب ظرفية وغير مضمونة على المدى البعيد، وأن الخسارة المرتبطة بها (الغنم بالغرم) قد تكبر ويزداد حجمها مع الأيام. وقد تأكد لها هذا "الحساب"بعد انتخابات 7 شتمبر التي كانت هي السبب المباشر في تغيير السلطة لموقفها من حزب الدغرني. لماذا انتخابات السابع من شتمبر؟
ـ لأن مع هذه الانتخابات برزت قوة حزب الدغرني وتأثيره الحقيقيان، رغم الحصار المالي والإعلامي المضروب على الحزب وما يتعرض له من تشويه مقصود وشيطنة متعمدة وتأويل مغرض. فدعوة الحزب إلى مقاطعة الانتخابات كانت مسموعة ومستجابة بشكل كبير كما تبين ذلك النسبة المخجلة للمشاركة في تلك الانتخابات، وخصوصا أنه لأول مرة في تاريخ الانتخابات بالمغرب، تقاطع البادية المغربية، ذات الساكنة الأمازيغية في غالبيتها، الانتخابات بشكل واسع فاجأ كل الملاحظين، رغم نداء رئيس الدولة للمشاركة بكثافة في تلك الانتخابات. وليست هذه المقاطعة إلا استجابة لدعوة الحزب الأمازيغي إلى المقاطعة، لأن كل الأحزاب العروبية الأخرى، بما فيها الحركة الشعبية المحسوبة على البادية الأمازيغية، دعت إلى المشاركة وليس إلى المقاطعة. إذن، بالنسبة للسلطة، أصبح الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي حزبا مضايقا، وقادرا على إزعاجها وإرباك حساباتها.
ـ التوسع المطرد للحزب بانخراط مزيد من المواطنين في صفوفه مع إنشاء مزيد من الفروع له في عدة مناطق، وهو ما يؤهله لأن يصبح قوة سياسية وشعبية وازنة. وعندما تكون هذه القوة ذات مضمون أمازيغي، فإن خوف السلطة منها يصبح مشروعا ومبررا، خصوصا أن مثل هذه القوة السياسية الأمازيغية يمكن أن تصبح هي المعارضة الحقيقية الوحيدة بعد أن تحولت كل المعارضات إلى قوى موالية وداعمة للسلطة المخزنية.
ـ بعد إقصاء الحركة الشعبية، المحسوبة على الأمازيغية، من المشاركة في حكومة عباس الفاسي، هناك تخوف مشروع لدى السلطة من إمكان قيام اتحاد أمازيغي معارض بين الحركة الشعبية والحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي.
ـ إثارة الحزب لقضايا حساسة ومزعجة لم يتطرق لها أي حزب قبله، مثل قضية الثروات العقارية للأمازيغيين (الأراضي، الغابات، المعادن، المياه، البحار...) التي كانت فرنسا قد صادرتها ثم سلمتها بعد رحيلها إلى خلفها في السلطة بالمغرب، مع اسمرار هذه السلطة في مسلسل مصادرة مزيد من هذه الثروات.
ثم لا ننسى أن قرار حل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي اتخذ في عهد الحكومة الاستقلالية التي يرأسها الاستقلالي عباس الفاسي. وليس مستبعدا أن تكون هناك أطراف تريد، لحسابات سياسية خاصة، ضرب عصفورين بحجر واحد عندما قررت حل الحزب في فترة حكومة عباس الفاسي لخلق "نجاة" (نسبة إلى فضيحة "النجاة" التي يعتبر عباس الفاسي المسؤول الأول عنها عندما كان وزيرا للشغل) ثانية له، أمازيغية هذه المرة، تلاحقه طوال حياته السياسية والاستقلالية والفاسية.
كما ليس من المستبعد كذلك أن يكون ـ كما حصل في محاكمة مجلة "نيشان" على ملف النكت ـ وراء دعوى الحل تدخل "الأشقاء" العرب، الذين طالبوا بحل الحزب الذي يعتبرونه نشازا في بلدهم "العربي".
لكن، كما حدث دائما مع الأمازيغية، كلما حاولت السلطة منعها وقمعها إلا وخرجت من ذلك المنع والقمع أقوى مما كانت عليه. لقد رأينا ذلك مع محاكمة المرحوم علي صدقي أزايكو، مع محاكمة نشطاء تيليلي، مع منع الجمعيات الأمازيغية، مع حظر الأسماء الأمازيغية... فإذا حل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، فإن ذلك سيفتح الحزب لكل الأمازيغيين ـ بدل المنخرطين فقط ـ الذين سيتبنون مبادئه ومواقفه ويدافعون عنها ويناضلون من أجلها، تماما كما حصل لأفكار المرحوم أزايكو التي سجن من أجلها، والتي أصبحت بعد محاكمته من أدبيات الحركة الأمازيغية، وكما حصل كذلك مع كل الأسماء الأمازيغية التي كانت تمنعها السلطة، إذ نادرا ما تجد اليوم أسرة يخلو أحد أبنائها من حمل واحد من تلك الأسماء التي كانت محظورة، مثل "ماسين"، "نوميديا"، "سيفاو"، "مسيليا"...
إن حل الحزب الديمقراطي الأمازيغي، إن نفذته السلطة، فسيكون خطأ قاتلا يكشف عن حسابات سياسية انفعالية وضيقة قد تتسبب لأصحاب هذا القرار، على المدى القريب والبعيد، في خسارة سياسية أكبر بكثير من الربح الآني والمزاجي الذي يعتقدون أنهم يسجنوه من هذا القرار الأخرق، الذي يبين أن المسؤولين، تحت تأثير الانفعال الذي تثيره لديهم حساسيتهم المفرطة تجاه الأمازيغية، ينسون الاستفادة من التجارب السابقة في التعامل مع موضوع الأمازيغية، هذه التجارب التي تبين أن كل منع وقمع يعطي قوة جديدة ومشروعية أكثر للمطالب الأمازيغية، ويضعف بالمقابل معسكر الأمازيغوفوبيين المسؤولين عن ذلك المنع وذلك القمع.
لقد أخطأت السلطة التقدير مرة أخرى عندما اعتقدت أن حبس الأمازيغية في سجن ذهبي مثل "ليركام" سيريحها من إزعاج الملف الأمازيغي. لكن هذه السلطة تنسى، أو تجهل، أن الأمازيغية تعني في مدلولها اللغوي الحرية، التي تتعارض مع السجن، سواء كان من ذهب أو من حرير. ولهذا سارعت إلى منع هذه الحرية المتجسدة في الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي ليبقى السجن الإيركامي هو الناعق الوحيد باسم الأمازيغية. فمن خطأ إلى خطأ أكبر، إلى أن نصل إلى اللعب بالنار التي قد تحرق أولا اللاعبين بها، الذين قرروا حل الحزب الديموقراطي الأمازيغي لوضع حد، في اعتقادهم الساذج، للإزعاج وللتهديد الذي يشكله الحرب على مصالحهم الاقتصادية والسياسية.




 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting