uïïun  127, 

ymrayur 2957

  (Novembre  2007)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

oad suln "isggus n uldun" i tmazivt

Dpar n ubarran

Djigh d necc

Ufugh n tiggest n wur

Français

Les élections 2007

Quoi de neuf au Maroc aujourd'hui?

Un amazighophobe à la tête du gouvernement

Ayt Lâabbas y sont

Déclaration sur les droits des peuples autochtones

Protestation contre de Ali n Production

Liberté aux détenus duMCA

L'intolérance du "concert de la tolérance"

Nouveau album de Mallal

العربية

سنوات الرصاص لم تنته بالنسبة للأمازيغية

لماذا أقصي الريفيون من حكومة عباس الفاسي؟

الفعل السياسي الأمازيغي

لماذا لم تحقق الحركة الأمازيغية مطالبها

في محل نصب سارق

مفهوم النخبة الأمازيغية

مولاي محند والحركة الريفية

المغرب لهم وليس لنا

حوار مع الفنان لحسن بيزنكاض

ضرورة التدخل لحماية الطوبونوميا

لجنة دعم المعتقلين السياسيين الأمازيغيين

الأمازيغية في ليبيا: من الإقصاء باسم القومية إلى الإقصاء باسم آل البيت

سيف القذافي: لم أسمع أبدا الأمازيغية

مطالبة المجتمع الدولي بحماية حقوق الأمازيغ

انتخابات 2007 بعيون مهاجر

اتحاد المدونين الأمازيغ

مرحبا بجريدة أمنوس

لقاء حول المسرح الأمازيغي الريفي

أنشطة جمعية آيث عبد الله

مسرحية أوطوب د أوزرو

صدور سند للفنانة ثاميري

تاماينوت تكاتب النائب الإقليمي

بلاغ للحزب المغربي الأمازيغي

محاكمة مناضلي تيفاوت

نشطاء الحزب الأمازيغي يفاجئون ضيوف ندوة المساء

نداء تامونت ن يفوس

تأسيس جمعية تيكزيرت

لقاء حول تدخل المجتمع المدني في التنمية

بعيدا عن بوقانا

العصبة الأمازيغية تدين اعتقال إدريس الغزالي

بيان المكتب الوطني لمنظمة تاماينوت

العصبة الأمازيغية تكاتب والي كلميم

تجديد مكتب تانوكرا بتنغير

التجمع الأمازيغي بكاطالونيا يعقد جمعه العام

 

مولاي محند والحركة الريفية

 (الجزء

14)

بقلم: القجيري محمد

لاشك أن تعامل المخزن كان بهذا الشكل مع المقاومين الأمازيغ حينما كانوا يعلنون الثورة على الاستعمار ويحاربون تواجد هذا الاستعمار في المنطقة الأمازيغية، فعوض ان يدافع المخزن عن هؤلاء المقاومين ويقف إلى جانب ثوراتهم ويتحالف معهم، كان المخزن كما العادة ينحاز إلى الاستعمار ويتحرك حسب أوامر وتواجهات هذا الاستعمار، كما حدث مع ثورة الشريف محمد أمزيان (1912-1909) بالناظور ضد الاستعمار الإسباني، حيث كان المخزن يترقب نهاية المعارك وفي الوقت نفسه ينتظر أوامر المستعمر الإسباني، فإذا انتصر هذا المعتدي الأخير فإن المخزن يوقع معه مزيدا من الاتفاقيات والتنازلات لاحتلال مزيد من أراضي الريف، يقول جرمان عياش »هاهو ذا السلطان (عبد الحفيظ) بدوره، بعد أن تركهم وحدهم (الريفيون) يقارعون الإسبان، لا يتدخل في نهاية المعارك إلا لقبول الهزيمة بالتوقيع على اتفاقيات 1910، ثم بعد سنتين، كان هو الذي وقع أيضا معاهدة الحماية التي سلمت البلاد كله. « (165). كان هذا ما يتعلق بعهد السلطان مولاي عبد الحفيظ الذي سلم البلاد إلى فرنسا بتوقيعه على وثيقة الحماية في يوم 30 مارس 1912 على الساعة الحادية عشر صباحا بفاس وكذلك بالرباط في شهر يونيو من نفس السنة ثم بعد مدة قصيرة غادر المغرب بتنازله عن العرش والملك بسبب المشاكل والضغوطات الداخلية لفائدة نجل الحسن الأول، السلطان الجديد مولاي يوسف الذي تولى مكانه وصار في منصبه سلطانا على المخزن في سنة 1912، طبعا لم يكن سلطانا بما تحمله هذه الكلمة من معنى بقدر ماهو سلطان صوري يعمل تحت أوامر وتوجهات فرنسا الاستعمارية ويصدر الظهائر المخزنية وفق الآليات التي تمليها عليه فرنسا، ووثائق المخزن بنفسه تؤكد ذلك وخير دليل على ذلك وثيقة الحماية والاتفاقيات المخزنية الأخرى مع الاستعمار، أضف إلى ذلك أن المخزن في تلك الفترة كان قد ارتمى في أحضان الحماية الفرنسية الاستعمارية، وقد ظل الدمية يوسف وفيا لهذه السياسة الفرنسية الاستعمارية ولا يختلف في شيء عن أسلافه السلاطين من حيث الانحياز والتعاون مع الاستعمار ولا من حيث العداء والحقد للريف على وجه الخصوص.

وفي إطار استعراضنا للأعمال اللاوطنية والإرهابية التي كان ينتهجها النظام المخزني في بلاد الريف، لابد لنا أن نذكر هنا أيضا بعضا من أعمال اللاوطنية والإجرامية التي وقعت في عهد يوسف بن الحسن الذي عاصر ثورة الريف بقيادة بطل حرب الريف مولاي محند التي اندلعت في سنة 1921، ليس ضد الاستعمار الإسباني والفرنسي فحسب بل ضد المخزن كذلك، لكون هذا الأخير هو الذي أدخل الاستعمار الإسباني إلى بلاد الريف وكذلك الفرنسي إلى بلاد مراكش، بمقتضى الاتفاقيات التي أبرمها المخزن مع إسبانيا وفرنسا، وأيضا لكون جيش يوسف كان يحارب إلى جانب الاستعمار الفرنسي والإسباني ضد ثورة الريف، والأدهى من هذا، كان مولاي يوسف يستعمل كل الأساليب والوسائل الدينية والسياسية التي كان يتمتع بها ضد مولاي محند وثورة الريف، طبعا هذا دون أن ننسى المساعدة التي كان يتلقاها من نجله الأكبر المدعو مولاي إدريس، حيث كان يقوم إلى جانبه بالدعاية وترويج الأكاذيب في عدة مناطق لتشويه صورة ثورة الريف الأمازيغية في مقابل تلميع صورة المخزن، وفي الوقت ذاته ينددون بزعيم الريف مولاي محند كمتمرد وفتان وخارج عن الطاعة وأن نسبه غير شريف ومن ثمة لا يمكن له أن يحكم بلاد الريف انطلاقا من هذه الخرافة الشريفية، ومن جهة أخرى كان يؤكد مولاي يوسف بنسبه الشريف ومن ثمة اكتمال سلطته الدينية الخرافية التي تخول له حكم البلاد. وفي إطار المحاولات اليوسفية المتكررة لإجهاض ثورة الريف وقطع الطريق على المساعدات والإمدادات التي كانت تأتي إلى القيادة الريفية من طرف بعض القبائل المحاذية لتازة وفاس، أسس خادم فرنسا المطيع مولاي يوسف محلتين مخزنيين لعقاب قبائل إكزناين بقيادة كل من أخ السلطان، والبغدادي الذي كان يحظى هذا الأخير في تلك الفترة بمنصب باشا فاس، وعلى صعيد آخر عمل المخزن بجانب فرنسا على تجهيز جيش مخزني كبير بتطعيمه بالجنود الأفارقة، وبهذا الجيش حارب المخزن إلى جانب الجيش الفرنسي خلال الحرب الريفية الفرنسية، وأيضا خلال الزحف الدولي الإرهابي على جمهورية الريف الأمازيغية، التي استعمل فيها جميع الأسلحة الفتاكة المتطورة آنذاك، وخاصة القنابل الحارقة والغازات السامة الممنوعة دوليا استعمالها في الحروب، وقد سبق لنا أن تطرقنا إلى هذا الموضوع وأيضا موضوع دعم يوسف الفعلي للعمليات العسكرية الاستعمارية ضد الريف في العددين الثاني والثالث، وحتى لا نعيد تكرار ما سبق نحيل القارئ إلى تلك الأعداد، كما عمل المخزن أيضا بجانب رجال الحركة اللاوطنية بعد نهاية حرب الريف بتدجين عشرات الآلاف من أهالي الريف للمشاركة في الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) مع جيوش الديكتاتور فرانكو، التي خلفت عدة قتلى وعاهات جسيمة و مستديمة في صفوف الريفيين، المعروفة في الذاكرة الريفية ب »أسكاس ن أوبلس« أي سنوات التجنيد، وحسب ما جاء في عرض حسين البوجدادي في إحدى الندوات التي نظمتها جمعية ذاكرة الريف فإن عدد »المغاربة الذين شاركوا في الحرب الأهلية الإسبانية بلغ 270 ألف، قتل منهم حوالي 170 ألف و300، أما عدد الجرحى فبلغ 43625 وعدد المفقودين 1700« (166). إن كل هذه الأحداث السالفة الذكر التي لم يرد المخزن أن تنتهي حتى في عهد محمد الخامس (1927-1961) أدت إلى زعزعة الثقة كليا بين بلاد الريف وبلاد المخزن، وجعلت اهالي الريف يرفضون الاندماج في دولة المخزن، ويعود السبب في ذلك إلى كون دولة محمد الخامس منذ أن اعتلى هذا الأخير العرش وجلس عليه في يوم 18 نوفمبر 1927 لم تتغير أو تغير من سياستها الظالمة اتجاه منطقة الريف الحساسة جدا، وأيضا لكون الأحداث القديمة الجديدة ستجدد مرة أخرى في عهد محمد الخامس، والبداية ستكون بتدجين عدد كبير من أمازيغ الريف وخاصة المنتمين إلى منطقة النفوذ الفرنسي بإكزناين للمشاركة في حرب فرنسا الاستعمارية خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) ولاسيما بعد انهزام فرنسا أمام ألمانيا النازية سنة 1940، حيث سيضطر الاستعمار الفرنسي على إثر ذلك وبمساعدة المخزن بالاستعانة بالجنود الأمازيغ وتجنيدهم في الجيش الفرنسي ليقتلوا في معركة كاسينو بإيطاليا وكذلك في معركة كاريكليانو بنفس البلاد خلال شتاء 1943 و 1944، علاوة على معارك فرنسية أخرى بعدة دول أوربية والهند الصينية والفيتنام وغيرها.

بيد أن مشاركة هؤلاء الأمازيغ في حرب فرنسا الاستعمارية وخيانتهم للقضية الوطنية المتمثلة في تحرير البلاد كانت خارجة عن إرادتهم ونتيجة للتجنيد القسري في الجيش الاستعماري الفرنسي، طبعا بمساعدة المخزن إضافة إلى موجة القحط والفقر والوباء والجفاف والمجاعة التي اجتاحت منطقتي النفوذ الإسباني والفرنسي بشطريه »الخليفي« و»السلطاني«، والمعروفة في الذاكرة الجماعية عند أهالي الريف ب »عام ن ستين« نسبة إلى العام الهجري 1360 هـ الموافق للسنة الميلادية 1941، وكذلك تعرف ب »عام ن بوهيوف« أو »عام ن جوع« علاوة على »عام ن إيارني« أو »عام ن أرقانوش« نسبة إلى أكل نباتات سامة، بينما اشتهرت في جنوب المغرب ب »عام البون« أو »عام يرني«.

وعلى صعيد آخر، مع بداية الخمسينات وخلال مفاوضات إيكس ليبان وبعده، سيجدد المخزن أعماله السابقة الإرهابية بشكل مكثف ورهيب جدا في بلاد الريف، حيث سيقوم هذا المخزن بجانب طغاة حزب الاستقلال بترهيب وتقتيل أهالي الريف وتنفيذ عمليات واسعة القتل إضافة إلى الاختطافات والاغتيالات في صفوف أعضاء جيش التحرير وكل معارض لدولة »المغرب لنا لا لغيرنا«.

بهذا الشكل عاش الريف سنواته الأولى من مفاوضات إيكس ليبان التي تمخض عنه هذا الذي سمي استقلالا، فعوض ان يراعي الحكم الجديد برئاسة محمد الخامس خصوصية منطقة الريف الأمازيغية، ويغير من سياسته اتجاه المنطقة، ويعتذر للشعب الريفي الأمازيغي على ما اقترفه نظامه وأسلافه السلاطين من جرائم إرهابية لا تغتفر في حق سكان الريف، راح المخزن الجديد بعد "الاحتقلال" يفرض مزيدا من الإرهاب والطغيان ومزيدا من جرائم اقتصادية و ثقافية على جميع المستويات.

ومما لاشك فيه، أن الريف لم يستفد قط من مكاسيب إيكس ليبان المنقوصة أصلا، بعد أن ضحى أبناءه بالغالي والنفيس في سبيل طرد المستعمر من البلاد كله، لقد وجد الريفيون إذن أنفسهم مرة أخرى بعد إيكس ليبان مهمشين ومقصين من مؤسسات الدولة ومن ومؤسسات الريف على وجه الخصوص، وأمام استعمار جديد ممثل في حزب الاستقلال والمخزن وهما في نفس الوقت يمثلان الاستعمار الفرنسي في بلاد الريف، وفي علاقة بهذا الموضوع تقريبا نقلت قصاصة الإكسبريس في عدد فاتح يناير سنة 1959 عن مصدر الصحافي الأمريكي »ستانلي كارنوف« الذي قضى عشرة ايام مع الثوار في جبال الريف، تقول ما يلي:»لقد كان موظفوا الإدارة المغربية، القضاة، المعلمون، وأفراد الجيش، يظهرون بالنسبة للبرابرة الذين هم على وشك الدخول في التمرد المفتوح، ممثلين لقوى أجنبية حسب الصحافي الأمريكي«، هذا والجدير بالذكر هنا أن السياسة المخزنية في المنطقة الريفية هي نفس السياسة تقريبا في المناطق الأمازيغوفونية الأخرى المعروفة في القاموس المخزني ب »بلاد السيبة« أو »بلاد البربر«.

إن كل ما أشرنا إليه في السابق من أحداث دموية عاشها الريف عن قرب منذ القرن التاسع عشر، ويضاف إليه كذلك الحصار الاقتصادي المضروب على المنطقة منذ تلك الفترة، قد خلقت لدى أهالي الريف بعد إدماجهم القسري في دولة محمد الخامس سنة 1956 إحساس بالدونية وبأنهم مواطنون من الدرجة الأخيرة بحيث لا يعاملون بنفس المعاملة التي يعامل بها أهالي محور فاس-الرباط- الدار البيضاء، وقد تركت لدى أهالي الريف إحساس وشعور باليأس من إمكان حصول منطقتهم على أي خير قد يأتي من دولة المخزن.

لاشك أن عدم استفادة الريف من اتفاقيات إيكس ليبان ومدريد وشعور أبنائه بالحكرة والتهميش التاريخي من هذا التاريخ الدموي الأسود للمخزن الذي كان حاضرا وقت ذاك في أذهان الريفيين لكون العديد منهم عاشوا الأحداث الدموية الإرهابية لبوشتى البغدادي وكذلك فضاعات حرب الريف (1921-1927) التي شارك فيها المخزن بقيادة يوسف بجانب الاستعماريين الفرنسي والإسباني، كان هذا وغيرها سببا كافيا في تنامي أصوات من داخل الريف تطالب بالاستقلال عن دولة المخزن وأخرى تراعي ظروف المرحلة وتطالب بالحكم الذاتي، طبعا الطرفان يلتقيان ويتفقان في مطلب حكم الريف من طرف الريفيين، وقد وضع زعماء الريف أمام خيارين إما مواصلة الثورة حتى تحقيق مطالب شعب الريف أو الاستسلام وقبول أمر الواقع والعيش تحت الحكم المخزني الحزبي، وطبعا أدرك الريفيون النوايا الحقيقة العدوانية والانتقامية التي كانت تنتظرهم من العساكر المخزنية والميلشيات الحزبية في حالة الاستسلام والنزول من الجبال، سيما وأن التاريخ القريب وخاصة تاريخ حربهم مع المخزن علمهم وجوب الحذر والحيطة من المخزن وعدم الثقة فيه، لما عاشوه من مكائد وخدع حيكت ضدهم من طرف هذا المخزن الماكر، ولاسيما خديعة السفاح بوشتى البغدادي التي ذهب ضحيتها العديد من الريفيين كما أسلفنا الذكر.

كان من الطبيعي إذن أن يرفض أهالي الريف النزول من الجبل حماية لأنفسهم من بطش المخزن وحزب الاستقلال، وهو الشيء الذي جعل ثورة الريف تتجه نحو تأسيس كيان مستقل عن بلاد المخزن امتدادا لأفكار مولاي محند، وهو اتجاه صائب كما يبدو خصوصا وأن مصلحة الريف آنذاك تقتضي حصول الريفيين على هذا الاستقلال لحماية الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية واللغوية التي يستحيل أن يحصل عليها أهالي الريف في ظل حكم المخزن ذي التوجه العروبي المناهض للريف كما هو الشأن اليوم. ومما لاشك فيه أن ثورة الريف الأمازيغية التي اندلعت ضد إرهاب المخزن وحزب الاستقلال على وجهي الخصوص كانت لها أهداف ودوافع كثيرة. فإذا استثنينا هنا ماهو ناتج عن إرهاب المستعمرين الجدد، نجد هناك أسبابا سياسية وثقافية واقتصادية، وطبيعي أن تكون كل هذه الأسباب مجتمعة ومتفقة على مطلب حكم الريف من طرف الريفيين وتجعل من هذه الثورة الريفية الأمازيغية تتخذ وتأخذ موقفا رديكاليا مناهضا لدولة »المغرب لنا لا لغيرنا« وتتجه شيئا فشيئا في أواخر سنة 1958 نحو الاستقلال عن دولة المخزن العروبية، وفي علاقة بهذا الموضوع كتب كلود بالازولي يقول »إن ثورة الريف التي اندلعت في ظل حكومة بلافريج في أكتوبر 1958 والتي كانت موجهة ضد حزب الاستقلال، أخذت شيئا فشيئا اتجاها انفصاليا« (167).

ومهما يكن من أمر، المهم أن هذا الاتجاه الاستقلالي الذي ظهر في أوج صحوة الريفيين وصحوة القومية الريفية الأمازيغية المنبعثة مرة أخرى في »عام ن جبل« سيعود معها شبح الجمهورية الريف الأمازيغية التي اسسها مولاي محند في سنة 1921، ويحن إليه المواطن الريفي مثل حنين العصفور إلى عشه، حيث كان الأهالي بتحدثون بها بشكل علني في جبال الريف المنتفضة وأكثر من هذا كانوا يطالبون بإحياء تلك الجمهورية الأمازيغية، لما ذاقوة من إرهاب وطغيان وظلم على يد دولة المخزن العروبية.

إلا أن ما يثير الاهتمام في هذا الصدد، هو عدم إدراج الحركة الريفية الأمازيغية لمطلب إحياء الجمهورية الأمازيغية في ميثاق الجماهير الريفية المقدمة إلى محمد الخامس، وفي اعتقادنا المتواضع يعود السبب في ذلك إلى ضعف القوة العسكرية للريف آنذاك التي لم تكن تسمح لثوار الريف بأن يعلنوا بشكل رسمي عن مطلب قيام الجمهورية الريفية نظرا كذلك للظروف الدولية السائدة آنذاك التي لم تكن تسمح هي أيضا بقيام دولة أمازيغية على ضفة البحر الأبيض المتوسط، رغم الدعم الضعيف من طرف بعض القوى الشيوعية، والدعم الإسباني في بعض الأحيان من جهة بضبابيته ودوافعه من جهة أخرى، هذا دون أن ننسى السبب الآخر المتمثل في تواجد القوات العسكرية الأجنبية في بلاد الريف وبلاد الأمازيغ بشكل عام لحماية كيان المخزن وحماية عملاء الاستعمار في المنطقة الأمازيغية، طبعا كان هذا في غير صالح الريف وفي غير صالح الإعلان بأمر قيام الجمهورية الأمازيغية الثانية من نوعها في بلاد الريف، كما يشهد على ذلك زعيم ثورة الريف ميس ن رحاج سلام في جلسات آخر العمر في حوار له مع الصحافي مصطفى أعراب، رغم ضبابية كلامه في بعض الأحيان، يقول »ماهي مطالبي؟ في الحقيقة لم أذكر كلمة جمهورية بل كنت أطالب بالجلاء لأن التواجد الاستعماري في المنطقة كان لا يزال مستمرا، ثم طالبت بانسحاب القواعد العسكرية الأجنبية ... كانت هناك خمسة قواعد تضم من الطائرات ما »يواجه« الاتحاد السوفياتي... في الوقت الذي كان فيه الثوار يستعدون للسيطرة على الإذاعة« (168) وضمن نفس السياق يقول أيضا »وضعت لائحة مطلبية تضم 14 مطلبا، لكني لم أدرج مطلب إقامة النظام الجمهوري في القائمة، غضب بن بركة واعتقد أنني كنت أنوي إقامة حكومة مستقلة في الريف مع أنني لم أذكر كلمة »جمهورية« ...لم اذكرها أبدا. وما حدث بخصوص هذه النقطة هو أن أحد أعضاء الوفد الذي كان يتفاوض مع السلطان ذكرها سهوا؛ قال ذلك في سياق الإلحاح على عدالة مطالبنا« (169) طبعا نستخلص من شهادة ميس ن رحاج سلام أن مطلب إقامة النظام الجمهوري في بلاد الريف لم يدرج في اللائحة المطلبية المقدمة إلى محمد الخامس خلال مفاوضات التي جمعت بين الوفد الريفي والقصر المخزني في ربيع 1958، وإنما أدرج في مكانه مطلب إقامة الحكم الذاتي الذي كان يحتل الصدارة في مطالب الحركة الريفية كما هو معلوم، ومن جهة اخرى نستشف من كلام ميس ن رحاج سلام أيضا بخصوص إشارته السريعة والخاطفة حول إقامة النظام الجمهوري في الريف، أن عدم إدراج هذا المطلب في الملف المطلبي المقدم إلى القصر كان نتيجة للظروف السياسية التي كان يعيشها الريف في عام 1958م، وهي ظروف كما تبدو غير صالحة بشأن الإعلان عن هذه الجمهورية الأمازيغية كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

وتبعا لما سبق، يمكننا أن نستنتج بعد ذلك، بخصوص عدم إعلان الريفيين عن إحياء الجمهورية في بداية الثورة أن ذلك كان عملا برغماتيا وتكتيكيا سياسيا جاء في سياق التطورات ومستجدات الساحة والظروف السياسية التي كانت تشهدها المنطقة وقت ذاك، ونظرا كذلك لكون الريفيين كانوا في حالة ضعف ولا يحظون بدعم خارجي ودولي بشكل مادي ومعنوي.

لكن رغم ذلك، ورغم الظروف التاريخية الصعبة التي لم تكن في صالح الريف، كان هناك العديد من رجال الثورة في بداية حركة ثورة يطالبون بشكل رسمي بقيام الجمهورية الريفية، بل هناك من أعلن عنها بشكل علني في عدة مرات في جبال الريف المنيعة، وهو ما أدى إلى خلق نوع من عدم الانسجام في بعض الأحيان بين العناصر الأكثر رديكالية والأخرى، علاوة على بعض التصريحات المتناقضة أحينا بين بعضهم البعض من جهة أخرى، وربما هذا ما جعل المعطي منجب يكتب ويقول »كان المتمردون يفتقرون إلى استراتيجية سياسية وأهدافهم كانت غامضة و غير محددة بوضوح. لم تكن لديهم أية شخصية سياسية معروفة«(170)، طبعا لا نشاطر هنا المعطي منجب في تحليله القائل بأن ثورة الريف ليس لديها شخصية سياسية او ناطقة بها، أو أن أهداف هذه الثورة الريفية الديمقراطية غير واضحة، بل العكس من ذلك، فأهداف ثورة الريف للعدالة والديمقراطية واضحة ومعروفة في ميثاق مطالب الجماهير الريفية، باستثناء طبعا مطلب احياء الجمهورية الريفية الذي لم يكن يتسنى لثوار حركة الريف بأن يعلنوا عنه بشكل رسمي، ومن ثمة يستطعون أن يدرجوه في الملف المطلبي الذي يضم 14 نقطة، نظرا للظروف الصعبة التي كان يعيشها الريف وتمر به حركة الريف الناشئة، علاوة لعدم توفرها على السلاح الكافي ليواجه به المخزن وميليشيات حزب الاستقلال، لعل هذه الأسباب وغيرها هي التي جعلت حركة التحرير و الاصلاح الريفية تؤجل ملف الإعلان بأمر قيام جمهورية الريف الأمازيغية. صحيح أن كوادر حركة الريف كانوا يدركون جيدا استحالة تحقيق مطلب قيام جمهورية الريف في ظل الظروف التاريخية السائدة آنذاك، وربما تلك الظروف هي التي جعلت بعض قادة حركة الريف، خاصة العناصر الأقل رديكالية في ربيع 1958 يختارون أسلوب الحوار و يتفاوضون مع المخزن حول مطالب الجماهير الريفية، طبعا كانوا يتخذون الحيطة والحذر خلال المفاوضات بحيث كانوا لا يفاوضون المخزن حول مطلب الجمهورية، اعتقادا منهم أن ذلك سيؤدي إلى تحقيق بعض مطالب الريف على الأقل بعض المطالب الجزئية والثانوية الواردة في ميثاق الجماهير الريفية التي أصدرته حركة التحرير والاصلاح الريفية، ولاسيما في مفاوضات الرباط التي باءت بالفشل بين محمد الخامس ومندبوي الحركة الريفية الذي كان ضمنهم عبد الله تهامي من آيت حذيفة، وأيضا في المفاوضات التي سبقته في بلاد الريف، الأولى حين حلت اللجنة الملكية برئاسة أحمد اليزيدي، الضابط السابق في الجيش الفرنسي، والثانية حين حلت نفس اللجنة لكن هذه المرة برئاسة عبد الرحمن أنكاي، مدير الديوان الملكي آنذاك. وبطبيعة الحال فإن كل هذه المفاوضات بين القيادة الريفية والقيادة المخزنية خرجت بالفشل ولم تسفر عن أية نتيجة تذكر، رغم أن المفاوضين الريفيين لم يدرجوا مطلب الجمهورية الريفية خلال المفاوضات، وإنما فاوضوا المخزن حول مطلب الحكم الذاتي وشروطه في الريف، وبالطبع كانت حركة التحرير والاصلاح الريفية التي يتزعمها »أمغار ن أريف« ميس ن رحاج سلام تنتظر الفرصة السانحة والوقت المناسب للاعلان عن مشروعها السياسي الكبير المتمثل في اعادة تأسيس دولة الريف الأمازيغية على ضفة البحر الأبيض المتوسط، بغض النظر عن ما ستسفر عنه نتائج المفاوضات أو ما كانت تطالب به الحركة خلال المفاوضات، أو ما سيكون رد وموقف النظام المخزني اذا ما قامت دولة أمازيغية مجاورة له، لكن بما أن ظروف المرحلة غير مواتية وسانحة لذلك فضلت حركة التحرير والإصلاح الريفية العدول وعدم الاعلان والإفصاح عن مشروعها الكبير لعوامل وأسباب خارجة عن إرادته. ولاسيما عدم حصول حركة الريف الثورية على الدعم و التأييد الدولي، علاوة على ضعفها السياسي والعسكري القادر على مواجهة دولة المخزن ومن ثمة الدفاع عن مطلبها ومشروعها التاريخي، هذا بالإضافة إلى عدم توفر ثوار الريف على ما يكفي من السلاح لتسليح جيش ريفي كبير قوي، قادر على أن يواجه القوات النظامية المخزنية و ميليشيات حزب الاستقلال فضلا عن القوات الفرنسية التي كانت لاتزال متواجدة بالبلاد الأمازيغية. لهذه الأسباب وغيرها جعلت أمغار الريف وأنصاره في الثورة يؤجلان الإعلان الرسمي والعلني عن مشروع الريف الكبير والعادل، الذي هو في حقيقة الأمر مطلب وحلم شعبي وقت ذاك، وهو تأسيس دولة ريفية أمازيغية ومن ثمة تدويل القضية الريفية في المنتظم الدولي. ج-جرائم آيث بوقبارن بالريف الأمازيغي.

(يتبع في العدد القادم)

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting