|
|
النبض الغافي بقلم: لحسن حميدي (خنيفرة) إن اعتبار اللغة نتاج تواصل الذات الواعية بالمحيط، والتي ـ بالتالي ـ منها أداة تواصل لنقل هذا النتاج الذي ما هو في النهاية إلا رصيدها المعرفي، وسجلها الروحي وإرثها الحضاري، والذي يمكن من استقرائها كمؤشر على مدى تعاطي هذه الذات مع نفسها ومع المحيط. ومن هنا نعتقد أنه إذا ما تناولنا تسمية الشهور الحالية: (شتمبر، أكتوبر) من زاوية منطوق ومفهوم أمازيغيين متداولين إلى يومنا هذا، يتضح لنا أنها ليست مجرد كلمات مستقلة بذاتها تنتهي عند تحديدها الزمني للشهر فحسب، بل ارتسمت لنا طقوس مخاض كل تسمية واستقامت لنا جملة مركبة من كلمتين مستقلتين ومختلفتين شكلا ومضمونا، صيغت من محاور اهتمام شكلت علاقة الإنسان بالأرض على الدوام، فجاءت خلفية لمضمون تسمية كل شهر وفق اندراجه في التسلسل الطبيعي للتحول التدريجي للأرض راسمة دورة السنة الفلاحية شهرا شهرا في جمل اسمية وفعلية تبدأ بفعل ماضٍ تقريري محفز حينا، وبفعل أمر صريح.. والتزامن الدقيق مع متغير الطبيعة في إلمام بمستويات خطاب جعلها فضاء فوقيا لعمق معايشة أرضية لمجتمع زراعي مؤرخة لميلاد مفهوم جديد بتسمية جديدة بإيحاءات ومفاهيم تتجاوز الحصر الشهري للزمن إلى الأمر بالعمل الواجب القيام به: أشهر بصيغة الأما بالعمل: 9 ـ 10 ـ 2 ـ 6 ـ 8 أشهر بصيغة التبشير بالمنتوج: 11 ـ 4 ـ 7 أشهر بصيغة معايشة الطبيعة: 12 ـ 1 ـ 3 ـ 5 وهذا جدول للمقاربة اللغوية بداية من شهر شتمبر بداية موسم الحرث: التركيب الأمازيغي المقابل بالعربية المقصود محور التسمية صريح وضمني 9. شتي انبر تذكر حرث البور تذكر حرث البور الأمر بالحرث 10. شت إير أعطه للحقل وقت لحرث الحقل 11.أنو أنبر نضج البور تبشر بنضج المحصول معايشة برودة الطبيعة لسقوط الثلج 12.الدج أنبر الجوز يابور الجوز رمز لشدة البرودة 1. أين إير نام الحقل موت النبات بشدة البرودة 2. بر إير فتيت تربة الحقل لدبيب الحياة فيها 3.م أرس صاحبة اللباس اكتساء الطبيعة خضرة أجواء فصل الربيع 4.أبر إلا البرعم متوفر تبشير بالفاكهة لظهور البراعم 5.م أيور صاحبة القمر 6.ون يو لأمي وقت مساعدة الأم في موسم الحصاد حني وحراسة المنتوج 7.يولي أيلوز نضج المتبقى نضج المنتوج المتأخر 8.سغس ت احرقه حرق مخلفات الحصاد بحرق مخلفات الحصاد، تنتهي السنة الفلاحية لتبدأ أخرى، في دورة رسمت بوادر حياة أولى نحتتها الطبيعة على دماغ، مخيلة ولسان البشر، أصواتا رمزية تسمو فوقه وفوقها، لتصبح حكمة، قولة، اسم شهر يدخل الذاكرة الجماعية للجماعة، ويرقى إلى مستوى التسيير الذاتي لأفرادها، وتذوب ملكا لنفسها وللزمن معلمه وقاهره بلسان أمازيغي مفهومه ومنطوقه استدرجاني إليه وترددت كثيرا قبل الكتابة إلا أن سخاء الإيحاءات الكامنة خلف هذه التسميات يحتم مقالا يستحثني
|
|