رد على مقال السعيد الحسن في أسبوعية "العصر"
بقلم: أناروز سعداني (خنيفرة)
أصبح المجال المخصص
للحديث عن الأمازيغية في الصحف الوطنية يتسع شيئا فشيئا. إنه انشغال
بقدر ما هو تعاطف مع القضية الأمازيغية حيث إن هذه الصحف تؤطرها، في
الغالب عقلية مشرقية. فمثلا، خصصت جريدة "العصر" في عددها 178 الصادر
يوم 5 أكتوبر، حيزا هاما للنقاش، وأطلقت
العنان
لأقلامها للتعبير عن مواقفها المتميزة بالتردد والتخوف من "أخطبوط"
وهمي يهدد وجودها.
وأكد السعيد الحسن في
الصفحة 4 على "أن الضجة التي تثار حول الأمازيغية فيها كثير من الغلو
والبالغة والانزلاقات". هكذا تكلم صاحب المقال بصورة فضفاضة ولم يوضح
أين تتجلى هذه المبالغة وهذه الانزلاقات. ولذلك يكون هدفه إصدار أحكام
سلبية ومجانية تفتقر كثيرا إلى الأسس الموضوعية، فجاء مقاله عبارة عن
أفكار سطحية أردت بدوري طرحها على محك النظر.
يحاول صاحب المقال أن
يدافع عن أطروحة مؤداها أن القضية الأمازيغية مصطنعة وليست لها جذور في
الواقع، حيث يقول "إن الدول الأمازيغية التي حكمت المغرب منذ المرابطين
والموحدين وغيرهم لم تسع أبدا لإحياء النعرات العنصرية". نستنتج من هذا
الكلام أن المطالبة بالأمازيغية ما هو إلا إحياء للنعرات وخلقا للشقاق
بين العنصرين العربي والأمازيغي. غير أن الأمر أكثر عمقا مما يتصوره
صاحب المقال الذي يرى الواقع من خلال منظار تقزيمي، أحادي الرؤية. إذا
لم يكن الإشكال اللغوي مطروحا في هذه الفترة فلأن الأمازيغ كانوا
يحققون ذواتهم من خلال لغتهم الأمازيغية التي من المعروف أنه ترجم
إليها الفقه الإسلامي في هذه الحقبة بالذات. ولم يكن الأمازيغي ملزما
بالمرور عبر اللغة العربية لفهم الدين الإسلامي ولمزاولة حياته اليومية.
وفي تصور السعيد الحسن
أنه "لم تفرض اللغة العربية على المجتمع الأمازيغي، وإنما تقبلها
باختياره". لنفرض أن هذا الكلام صحيح، فهذا لا يعني لزوم تعريب الإنسان
الأمازيغي ومصادرة كيانه. كان الإنسان الأمازيغي منفتحا على الثقافات
واللغات، ولكن لم يكن ذلك على حساب شخصيته ومقوماتها، وإنما استطاع أن
يحافظ على التوازن بين كل هذه العناصر.
كذلك بالنسبة لصاحب
المقال، فقد حصل انسجام واندماج خيالي بين العنصرين الأمازيغي والعربي
منذ قدوم هذا الأخير إلى سكان إفريقيا. فعلى الرغم من أنف التاريخ
والعلم، يحاول صاحب المقال أن يثبت عكس الحقائق أو الحقائق التي تنسجم
مع تفكيره وتصوره. نعلم جيدا أن الفتح الإسلامي لم يتم إلا بحد السيف،
وبعد مخاض عسير. ومنذ ذلك العهد، كانت العلاقة بين العنصرين (الدخيل
والأصلي) علاقة صراع وتوتر وعنف، وذلك بسبب تسلط العنصر العربي. وما
نشأة الدولة البورغواطية إلا تعبيرا صريحا للرفض للإهانة والاستعباد
الذي كان يمارس من طرف العرب.
وما
وقوف الأمازيغ وقفة نضالية اليوم إلا لرد الاعتبار لشخصيتهم التي
داستها أقدام العرب وحوافز بهائمهم.
إننا نريد أن نعيش
أمازيغيين جسديا وروحيا ونرفض كل الرفض الاستلاب، سواء كان مشرقيا أو
غربيا. كنا امازيغيين وسنبقى أمازيغيين ولو كره الكارهون.
أناروز سعداني.