هل
سيكون البترول المغربي صحوة لمثقفينا المغاربة؟
بقلم: حساين عبود (الرباط)
يحكى أن أعرابيا
فقيرا لم يكن يملك إلا شاة واحدة يستعين بحليبها في معاشه. ولم يرزق إلا ثلاث
بنات أدركن سن الزواج. غير أن خسة والدهن ومركزه الاجتماعي الوضيع حال دون تقدم
الخطاب إليهن. فكان أمرهن يشغل باله خشية أن تدركه المنية وهن عوانس.
مع اقتراب موعد سوق
عكاظ أشارت عليه زوجته بحيلة تساعد على تزويج بناتهما؛ مفادها أن يستضيف زوجها
أحد الشعراء لينشد قصيدة يصف فيها كرمه وجمال بناته. ولما بلغ إلى علمه أن أحد
فطاحل الشعر سيمر في طريقه إلى عكاظ قرب مضارب قبيلته، خرج لملاقاته وأنزله هو
وغلامه عنده وذبح لهما الشاة الوحيدة وقدم لهما الشواء وأجود الطعام. حين هم
الشاعر بالرحيل شكا له أمره. وفي عكاظ أنشد الشاعر قصيدة يشكره فيها على كرمه
وفضله ونبله وشيمه، واصفا حسن وجمال بناته ودماثة أخلاقهن. فتقدم الخطاب إليهن
وتزوجن في الحال.
وهذه الحكاية تنطبق
على قطاع كبير من المثقفين المغاربة رغم فارق الزمان والمكان: فتراهم يذبحون
كبرياءهم وانتماءهم الأمازيغي لقاء رضى البترول في الجزيرة. وتراهم عراقيين
أكثر من أهل العراق، وبعثيين أكثر من مؤسسي البعث، ويرافعون في شتى المحافل
والمنتديات لرفع الحصار على العراق، لا لحسهم الإنساني "الرهيف"، ولا إشفاقا
على أطفال يموتون جوعا، ولكن ليُسمح للعراق بتداول بتروله دون تقيد بالسقف
المحدد له من طرف المنتظم الأممي، ويحبذون ارتفاع أسعار البترول على الصعيد
الدولي مؤيدين الرئيس الفينيزويلي ومنظمة الأوبيك معتبرين قراره ثوريا ضد
الهيمنة الأميريكية، لا لشيء إلا أملا في ارتفاع ومضاعفة المبالغ المقدمة لهم
في الأظرفة المختومة. فلما ذا لا يطالبون مثلا إخوانهم العرب بأن يمتعونهم
بأفضلية الحصول على النفط بأثمان أقل من أسعار السوق الدولية إن كانوا إخوانهم
فعلا؟
وأخيرا، ها هي
الأرض المغربية حبلى بالنفط: أيكون ذلك صحوة وتأنيبا لضمير مثقفينا ليعودوا إلى
رشدهم ويرجعوا إلى أمازيغيتهم؟