|
|
أسماء.... مستفزة بقلم: محمد زروال ـ خنيفرة نحاول جاهدين أن نعيش في حياتنا اليومية أمازيغيتنا فنيا، اجتماعيا وثقافيا...، من خلال استحضارنا لكل ما هو أمازيغي كالموسقى، الشعر، الرقص والتواصل مع الأصدقاء بالأمازيغية والولوج إلى كل ما يرتبط بالأمازيغة في وسائل الإعلام، ومطالعة بعض الكتابات المهتمة بالأمازيغة، لكن رغم ذلك تستفزنا الكثير من الأشياء كمنخرطين في صفوف الحركة الأمازيغية بشكل يومي في الإعلام والكتب المدرسية والشارع العام ودردشات أصدقائنا في بعض الأحيان وفي منتديات المواقع الالكترونية، ونقتلع من جذورنا رغما عنا من طرف أطراف متعددة نصدم عندما نكتشف أنهم أما زيغ، وسأحاول في هذا المقال أن أقف عند بعض الأشياء التي تستفز مناضلي الحركة الأمازيغية. لسوء حظي كلما زرت مدينة من المدن المغربية تتعلق عيناي بكل اللوحات المكتوبة، والعلامات التجارية وأسماء الشوارع واللوحات الإشهارية لدرجة أشعر معها بإرهاق شديد كأنني أشاهد شريطا سينمائيا تكتب ترجمته أسفل الشاشة. وفي رحلاتي هذه أستفز كثيرا عندما أرى أمامي أسماء لمحلات تجارية أو مقاهٍ لا علاقة لها بالعمق الثقافي المغربي، بل نجدها مرتبطة بفضاء حضاري بعيد عنا جغرافيا، قيميا، سلوكيا ووجدانيا. فماذا يعني أن تتجول وسط شارع بمدينة خنيفرة أو أزرو وتجد أمامك لوحة كتب عليها مقهى المغرب العربي أو مقهى دمشق أو حلب إنه الاستلاب الهوياتي في معانيه الحقيقية، حيث أصبح الكثير من المغاربة عربا أكثر من العرب أنفسهم. ما يقال عن التسميات العربية يقال عن التسميات الغربية أيضا كاسم فرانكفورت أو كورسيكا وباريس، والخطير في الأمر أن المواطن المغربي البسيط لا يرتبط وجدانيا بهذه التسميات ونجده قد اختار أسماء أخرى لتلك المحلات غالبا ما تكون مرتبطة باسم مالكها أو أحد المستخدمين فيها. وبسبب غرابتها نجد البعض ينطقها بطريقة غير صحيحة أو يتم تحريفها جزئيا أو كليا، وفي الوقت الذي تبحث فيه المقاولات عن أسماء سلسة يسهل على الزبناء تذكرها يصر المستثمرون المغاربة على السباحة ضد التيار باختيار أسماء غريبة لن تخدم مصالحهم الاقتصادية في الدرجة الأولى. والعكس يحدث عندما يتعلق الأمر بتسميات محلية تنبعث منها رائحة» تمغربيت « يسهل على المواطن تذكرها ونطقها ويرتبط بها وجدانيا لأنها تستحضر بالنسبة إليه جزءا من ثقافته وتربطه بمجاله أكثر.أفرح كثيرا عندما تصادف عيناي لوحة محل تجاري مرتبطة بجذور المغاربة سواء كانت بالأمازيغية أو بالدارجة، ويزداد ابتهاجي عندما أجدها مكتوبة بحروف تفيناغ، وقد لاحظت في العقد الأخير تحولات كثيرة في هذه التسميات. فقد ظهرت أثار النهضة/الصحوة الأمازيغية في هذا الجانب وتكاثرت المحلات التجارية التي تحمل أسماء أمازيغية، بل كتب الكثير منها بالحروف الأمازيغية، ويصبح الاستفزاز معكوسا في هذه الحالة لأن بعض القومجيين يرفضون أن نسمي محلاتنا التجارية بأسماء أمازيغية، ولا يترددون في تسمية محلاتهم بتسميات مغرقة في الإيديولوجية العروبية. وهذا يؤكد أن الأمازيغية كانت منسية وخارج اهتمام الأمازيغ أنفسهم فيما يتعلق بالإشهار مثلا. عكس الفكر العروبي الذي تمكن من الانتشار في المغرب خاصة منذ الاستقلال في كل مناحي الحياة اليومية. ما يقال عن أسماء المحلات التجارية يقال عن أسماء الأشخاص. فأحيانا تسمع أذناي أسماء غريبة مثل «سلسبيل « و»ماجدولين « و»نور الهدى» أو «هيثم « و»معتصم» وغيرها كثير. هذه التسميات تستفزنا بشكل يومي لا نها توحي لنا بانتماء آخر. وعندما يسمي أحد الأمازيغ ابنه أو ابنته باسم أمازيغي يجد نفسه وسط اتهامات خطيرة وتكون المعركة الأولى مع أهله والذين يتهمونه بالرجعية والتخلف بدعوى أن الطفل أو الطفلة عندما يكبر سيكون معقدا من اسمه الأمازيغي والمعركة الثانية مع أصدقائه الذين يتهمونه بالعنصرية والشوفينية والزندقة ويبررون ذلك بحديث شريف يقول «خير الأسماء ما حمد وما عبد»، والثالثة تكون مع السلطات المخزنية حينما ترفض تسجيله بالاسم الأمازيغي، وتتجلى خطورة هذه الأسماء في كونها محطة البداية بالنسبة للتوجه الفكري الذي يمكن للشخص أن يسلكه في حياته. فعندما يكبر الطفل وينادى عليه بهارون أو المعتصم فإنه يكون مستعدا للارتماء في أحضان العروبة لغة، ثقافة وإيديولوجية. والعكس بالنسبة لمن يكبر مع اسم أمازيغي يذكره دائما بانتمائه الحضاري ويزرع فيه ذلك حب الوطن و يكون متصالحا مع ذاته. وقد فطن المخزن المغربي إلى هذه المسألة واقترح لائحة خاصة لأسماء المواليد الجدد خوفا من اكتساح الأسماء الأمازيغية الممجدة لحضارة الشمال إفريقي قديما وحديثا لكنانيش الحالة المدنية. وما أتأسف له هو وجود عدد من المغاربة ومنهم «الأصدقاء» لهم أسماء عائلية أمازيغية تربطهم بتاريخ ومجال معينين، لكنهم يلجؤون إلى تعريبها لإحساسهم بالنقص وشعورهم بعقدة الانتماء لهويتهم ويبررون ذلك بما سيصيب أبناءهم عندما ينادون بتلك الأسماء، وبهذا السلوك يقدمون خدمة جليلة للمخزن ويفشلون نضالات الحركة الأمازيغية التي خاضت الكثير من المعارك ضد السلطات لفرض الأسماء الأمازيغية في مكاتب لحالة المدنية. كانت هذه بعض النقط التي يتجلى فيها الاستفزاز المباشر لمشاعر ملايين الأمازيغ، استفزاز يتم بشكل يومي رغم انتباه الكثير من المثقفين لهذه القضية فمثلا كتب الإعلامي الحسين المجدوبي كتابا بالإسبانية حول الربيع الديمقراطي ويسميه بالعربي/ الأمازيغي إيمانا منه واعترافا منه كذلك بدور الأمازيغ في الحراك السياسي الذي عرفته شمال إفريقيا والمشرق العربي في السنتين الأخيرتين.
|
|