Uttvun 69, 

Yenyûr  2003

(Janvier 2003)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

Agherbaz ageldan n idles amazigh

Agdud n tghessiwin

Tiggaz di arrimet n wussan

Amezwaru n mayyu

Tinit n umuni

Hezzem

Tabnannwatv

Ictab i rebbi

Tighuyya

Français

Réflexions sur la graphie à adopter pour Tamazight

Un nationalisme acquis à la belote

L'importance de l'histoire amazighe

العربية

المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

من الظهير البربري إلى منح جائزة الأمير كلاوس لمحمد شفيق

اكتشافات أمازيغية

قراءة في الحكاية الشعبية الأمازيغية

عن النزوع الأمازيغي وهفواته

الأمازيغية في التصريح الحكومي

الأمازيغية في ليبيا

الأمازيغية من الإنعاش إلى العناية الخاصة

بلا تعليق

رد على اليزيد البركة

اعتقال نوميديا مرة أخرى بالحسيمة

عندما تعمي القومانية العقول

 

الامازيغية: بحث في المعادلة الليبية ومستقبلها

بقلم: براهيم قراده

مؤتمر الذكرى الخمسين للاستقلال

 مركز الدراسات الليبية  

لندن- 28.04.02

 

الاخوة الكرام أزول فلاون، السلام عليكم

بعد الشكر والتقدير للاخوة المنظمين على هذا الجهد المبارك ومنحي فرصة التواصل معكم، أود قبل أن استرسل أن أعتذر لكم عن الأخطاء اللغوية التي قد تلاحظونها، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب.

 بالمناسبة والظرف اخترت لمساهمتي موضوع وعنوان" الامازيغية: بحث في المعادلة الليبية ومستقبلها ".

نصف قرن مر على استقلال وتأسيس ليبيا المعاصرة، والزمن سائر ونحن معه بين صانع ومتفاعل. ليبيا كنموذج، حالة فريدة وسباقة استجابت فيها الإدارة الدولية لنضال الليبيين من أجل الاستقلال. نموذج، لأنها ليست هيكل استعماري مصطنع ململم أو مجزأ، فلقد حفظتها إرادة شعبها. التي تجاوزت أسئلة وتحفظات بتقديمها قضية الاستقلال والوحدة الوطنية. وهكذا صيغت المعادلة الليبية وأعلنت في 24 ديسمبر 1951.

ألآن، وبعد نصف قرن على فرح الاستقلال، وشيوع حقيقة الوطن ورسوخ وحدته بفعل التراص الوطني الإرادي، لا زالت الأسئلة والتحفظات معلقة ومؤجلة ليظل معها الوطن أو بعضه معلقا ومؤجلا بسبب اختلال المعادلة الوطنية.

علوم الاجتماع، ومنها السياسة في تعريف مبسط، تقدم الدولة/ القوم بأنها اجتماع لثلاث عناصر، هي: شعب، وارض ، ونظام حكم. ليبيا، تتوفر على العناصر الثلاثة، ولذا فهي دولة واقعا وقانونا. الشعب، الذي نحن جزء منه، ليس مجرد جمع أشخاص يُحصون، بل أناس ذوي كينونة وهوية جماعية، أي حضور مادي ومعنوي، ومحمل بمنظومة ثقافية من أفكار وقيم وعادات وتفضيلات. الأرض الليبية، معروفة وموسومة بحضور الليبيين ومحددة موقعا وقياسا. نظام الحكم قائم، وان عارضه أو أنكر شرعيته البعض لعدم توفره على شروط العقد الاجتماعي.

بعد هذا التمهيد، أين هي الامازيغية من كل هذا وذاك؟ أو أين هي الامازيغية في المعادلة الليبية؟

في جانب الأرض، نعرف وندعو رقعتنا الجغرافية بليبيا، نسبة إلى "الليبو"، القبيلة الامازيغية التي عاشت في برقة، قبل اكثر من ثلاثة آلاف سنة( طورتها مدرسة د. خشيم إلى الريبو، فعريبو!). ليتعمم لاحقا اسم ليبيا على كل أفريقيا الشمالية وسكانها ولغتهم. ليبيا تقع في أفريقيا. وأول من قال "أفريقية للأفارقة" هو ملك نوميديا الامازيغية الاغليد "ماسينسا" (اغليد تعني ملك). "بربريا"، الاسم الذي ظل الأوربيون يستخدمونه حتى القرن التاسع عشر لإفريقيا الشمالية. حصر الإغريق والرومان اسم "البربر" على الامازيغ الأفارقة، لانهم خارج مجالهم الحضاري ولنزعة الامازيغ التحررية. وثبّت العرب، اسم "البربر"، لاختلاف اللسان.

نظرة على خريطة ليبيا وتوزع حضورنا وانتسابنا الاجتماعي إلى الحواضر والأرياف والبوادي المحتضنة في تضاريس الجغرافيا الليبية، بسهولها وخلجانها وصحاريها وجبالها تنطق بحيوية الأثر الامازيغي. حي، ولكنه يُكتم والكتم ينفجر ويقتل.

التاريخ كبعد وممارسة اجتماعية، عبر الأجيال، عامل مهم في تشكل الشخصية الإنسانية على المستوى الفردي والجماعي. في هذا الجانب من الأساس البشري، الليبيون، كأي جماعة بشرية، هم محصلة تفاعل تاريخي. باتباعنا العرف العلمي في تقسيمه مراحل التاريخ إلى قديمة، ووسيطة، وحديثة فمعاصرة وتتبعها، نلاحظ ان الامازيغية لم تكن ظاهرة أو موجة بل عاملا محوريا وممتدا في تاريخ تفاعل الوجود الليبي. وهذه ليست معلومة نادرة أو جديدة.

لا ادري، كيف يمكن، إن أمكن، قراءة تاريخ ليبيا بإسقاط أو بتر الوجود الامازيغي منه؟ الوجود الذي لم ينقطع منذ آلاف السنين، منذ بداية لحظة الاستقرار البشري في أفريقيا الشمالية، يوم كانت الصحراء عامرة، كما تحكي رسوم أجدادنا الامازيغ القدماء في تادرارت اكاكوس، مرورا بالفراعنة فالإغريق والرومان والفينيق وحتى الفترة الإسلامية فالعثمانية. من الإمبراطور الليبي "سيشنق" وحكمه لمصر الفرعونية إلى سجن المَعلم سليمان الباروني في اسطنبول العثمانية.

مرحلة الاحتلال الإيطالي مرحلة ذات وضعية خاصة في الضمير الوطني، ففي أثنائها سطر الليبيون واحدة من اعظم سجلات البشرية في مقاومة الأجنبي المحتل. دور المتحدثين بالامازيغية كان بارزا في تلاحم وطني، صدم الجنود الإيطاليين المتنزهين ورد على مراسلة إيطالية تعرض الحماية على متحدثي الامازيغية الاباضيين. فحتى بعد مسالمة قيادات من المنطقة الغربية، اثر معاهدة " أوشي لوزان" وانسحاب تركيا، استمر الرد المجاهد بقيادة الباروني، وتشكيله لحكومة للمجاهدين في "يفرن". ويعود الباروني ويقود الجهاد في موجته الثانية كوالٍ عثماني ويؤسس والسويحلي الجمهورية الطرابلسية، وفي ذلك قال غراسياني »وقد حارب البربر ضدنا أثناء احتلالنا لمستعمرة ليبيا... وكان قتالهم ضدنا عنيفا بقيادة سليمان الباروني«. في الأثناء يشعل خليفة بن عسكر جذوة الثورة، الذي وصف غراسياني إعدامه، بأنه اختفاء رجل شديد الخطورة من أمثال السويحلي وبانه تخلص من الكابوس. ملحمة الجهاد عكرتها فتنة قبلية أهلية مؤسفة وأليمة ـ ضمن سياسة فرق تسد الاستعمارية ـ أسفرت في جزء ومراحل منها عن تهجير اغلب المتحدثين بالامازيغية عن أراضيهم وقراهم بجبل نفوسة.

الشخصية الليبية ومحمولها الثقافي، كنتاج لسيرورتها التاريخية، وفي تفاعلها وتلاحقها مع المحيط والامتداد الحضاري الإنساني، تتميز بمكونها الامازيغي. فالشخصية الوطنية الأفريقية الشمالية تشارك مشرقها العمقين الإسلامي والعربي، وجنوبها الأثر الأفريقي ومع شمالها البعد المتوسطي. فالليبي يختلف عن اليمني والنيجري أو المالطي رغم تقاطعه معهم ثقافيا. وهنا محل اثر المكون الامازيغي ـ الذي لا يقتصر كما يفهم الكثير على اللغة.

ديموغرافيا، جل المصادر تقدر أن 97 % من الليبيين أمازيغ عرب. ليس كأصول انتربولوجية وثقافية فحسب وأيضا، لان جزء لازال يحافظ على اللغة الامازيغية. المتحدثون بالامازيغية واقع حي في كل الساحات والمجالات الأكاديمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الوطن والمهجر. ولكنهم مغيبون قسراً عن المعادلة الليبية. هذا التغييب القسري هو تعريض لجزء من الوطن لتعسف مستمر، في ضرب من الماسوشية (أي تعذيب الذات) بالنظر إلى ضخامة حضور المكون الامازيغي.

أتسال كم من الليبيين، يعرف بحقيقة هذه الحقائق؟! الحقيقة تطمس أو تقدم ناقصة أو مشوهه من قبل التعليم والإعلام الايديولوجي. فهم يبعدون الامازيغية ويتغافلون عن ذكرها بوصفها "السكان أو الأجداد القدماء" أو "عربية ما قبل الإسلام". إنهم يتعجلون الخروج من الحقيقة الواقع وتعويضها باستيراد جزء من تاريخ الغير، وبالتالي اختلاق شخصية منفصمة هوياتيا. التجربة البشرية سجلت استحالة إثمار التشويه غير المسخ المؤذي، وفشل عمليات التشكيل القسري في تجاوز القشور. وهنا تختلف وتتدرج الشعوب في الحكمة والخبرة باستعبارها لتجارب التاريخ والمحيط.

وهكذا، فبدل أن ينعكس المكون الامازيغي الفاعل والحضور الديموغرافي الواضح للمتحدثين بالامازيغية، في صيغة المعادلة الليبية، يُطمس ويغيب. ذلك اختلال، لان المنتظر أن تعكس المعادلة ضما واحتواء لكل مكونات وعناصر الوطن. أما أن يحدث ميل في تدوين المعادلة ويُتنكر لاحد مكونات الواقع فذلك معاكس للمنطق ومخالف للافتراض ومناقض للحقيقة ومنافٍ للعدالة. انحراف صيغة المعادلة الليبية، في دولتها المستقلة، يمتد بالضرورة إلى تطبيقاتها.

الأمازيغية، والمتحدثون بالامازيغية موجودون في وطننا ومواطنون كاملو الأهلية ولسنا دخلاء أو مكتسبي جنسية، ومنخرطون بامتداد وعمق في اوجه ومناحي الوطن العزيز. إلا أننا، نعاني حقوقيا في الجانبين الهوياتي والثقافي ـ رغم التساوي مع اخوة الوطن في باقي الجوانب والمناحي الاجتماعية والمادية. اللغة الامازيغية غير معترف بوجودها رغم تحدثنا بها. الثقافة الامازيغية تغتال وتعوق، في تجلياتها وتجسداتها. انه اغتيال جماعي لجزء مهم وأساسي من الوطن، وتُنفى الامازيغية في وطنها.

من المسؤول؟ مر استقلال ليبيا بمحكات أجلت بعض الترتيبات. خلال الإدارة البريطانية وفي المجلس الإداري لطرابلس تمثل المتحدثون بالامازيغية بعضوين ضمن ثمان أعضاء وطنيين. فماذا حدث؟  ليس سرا، انه كانت هناك توجسات تواجدت في برقة أو طرابلس أو فزان من وحدة ليبية ملكية سنوسية. ومن ذلك توجس المتحدثون بالامازيغية، إلا ان الحرص على الاستقلال والوحدة، لدى الجميع، تغلب كالعادة والمتوقع. ففي الحكومة المؤقتة التي مهدت وصنعت الاستقلال تمثلوا بوزير، هو إبراهيم بن شعبان، من ثلاثة مثلوا طرابلس ضمن وزارة بست حقائب على المستوى الوطني. واستمر منوال التمثيل طيلة العهد الملكي وأثناء حكم القذافي، ونفس الأمر يقال على تنظيمات في المعارضة.

نسبة تهم هذه الانتهاكات إلى نظام القذافي، صحيح جزئيا، محتوى وزمنا. لان إقصاء الامازيغية في المعادلة الوطنية تم من بواكير الاستقلال وطيلة الحقبة الملكية، لأسباب ذابت فيها قلة الوعي الوطني وفهمه للوحدة والتنوع، مع سطوة نمط ضيق من القومية العربية. البعض يتحدث عن تبني النظام الملكي الإهمال، كسياسة لمعاملة الامازيغية والذي تحول خلال الحقبة القذافية إلى برنامج تعريبي قاسٍ. قوبل بتحدٍّ وافرز رموز خالدة ك: "سعيد السيفاو" و "علي الشروي بن طالب" و "عمرو النامي" و"يوسف خربيش".

القذافي في هذه المسألة يجمع في خانته نقاطا اكثر. لأنه يقر بوجود الامازيغية، ولو بإخراج مدلس، لافتته "عربية ما قبل الإسلام". في المقابل تغيب الامازيغية وحقوق المتحدثين بالامازيغية بالكامل عن أدبيات التنظميات الليبية الوطنية والإسلامية والإنسانية. ألا يدعو هذا للاستفهام، لافتراض انها تعمل من اجل الحرية والعدالة وحقوق الإنسان في ليبيا؟ فأي إنسان وأي ليبيا تقصد؟

القذافي يطور خطابة مع تصاعد نضال الحركة الامازيغية. المتابعة التالية تبرهن ذلك. في 1983 قال: "بالله كلام الجدات وخرافات العجائز، لابد أن ينتهي بربر ما بربر، لغة قديمة ما لغة قديمة"، وعاد مكررا سياسته، ليقول في 1985: "فإذا كنت تسير في هذا المخطط، إذن تسير في مخطط الأعداء ولابد من محاربتك... حتى هذه اللغة دعها تنتهي... لغة لم تعد تنفعنا في شئ ولا نريدها... فإن كانت أمك تدربك عليها فهي رجعية ترضعك حليب الاستعمار وتسقيك السم". وقال اغسطس1997: "هذه مؤامرة استعمارية (في إشارة إلى انعقاد الكونغرس الامازيغي العالميالدفاع عن الامازيغية مؤامرة استعمارية"، وفي أكتوبر من نفس السنة يقول، في رد على مذكرة للمطالب الامازيغية، على ما يبدو: "ما هي الامازيغية هم اصل العرب نحن ليس لدينا أقلية حتى نتكلم عنها ونقول يأخذون حقوقهم الثقافية أو لغتهم، هؤلاء عرب... إنها ردة للعصور القديمة... لان الامازيغية ليست لها أي قيمة... الامازيغيون الذين يطالبون بهذا عملاء الاستعمار... هؤلاء يتقاضون رواتب من المخابرات الأجنبية". ولكنه في نفس خطابه يمرر مغيرا موقفه، فيقول: "وبعد ذلك هل هناك شخص ضرب شخصا آخر وقال له لا تتكلم بالامازيغية، لا يوجد أحد رقيب على أحد إذا كان في بيته أو في أي مكان من الذي منعه من التكلم بها". نفس القذافي، وفي خطاب جديد، في مارس الماضي 2002 ، قال: "نحن نريد أن نتعلم العربية، والامازيغية ...، حتى لا يجد الاستعمار، أعداء أفريقية، أي شئ يتاجرون به.. تعال الذي يتاجر بالامازيغية يأتي ونعطيه أموالا زيادة، ويعلمنا الامازيغية. كلنا نريد أن نتعلم العربية والامازيغية. لان الامازيغية لهجة عربية قديمة وغير متحسسين منها أبدا".

إقليميا، وبعد الربيع الامازيغي 1980، تعيش الحركة الامازيغية في تامزغا مرحلة نمو مطرد. في الجزائر، واستجابة للضغط الشعبي، دستور 1996  يحدد أبعاد الأمة الجزائرية في الإسلام والامازيغية والعربية، وتنشئ مفوضية سامية للامازيغية ويقر التعلم والإعلام بالامازيغية، لترسم مؤخرا، كلغة وطنية بجانب العربية. المغرب، وفي زخم نشاط ثقافي، يقر الحسن الثاني في 1994 التعليم والإعلام بالامازيغية. وفي السنة الماضية، يعتبر محمد السادس كل المغاربة امازيغ، وان للهوية المغربية روافد متعددة امازيغية وعربية وصحراوية وأفريقية وأندلسية. ويصدر مرسوما بإنشاء الأكاديمية الملكية للثقافة الامازيغية، كمؤسسة لبلورة السياسات الكفيلة بالنهوض بالمكون الامازيغي تعليميا واجتماعيا وثقافيا وإعلاميا. دول الصحراء، النيجر ومالي وبوركينا، واثر حروب أهلية مريرة يتم اعتبار الطوارق الامازيغ سياسيا وثقافيا. أسبانيا، المسألة الامازيغية في الكناري وسبتة ومليلية ملتحمة مع الجهد التحرري.

في خضم هذه التطورات تتباطأت التنظيمات الليبية عن ملاحقة التطورات الجارية، والتفاعل مع مطالب الحركة الامازيغية الليبية، وفي مقدمتها المؤتمر الليبي للامازيغية والاحتفاء باليوم الليبي للامازيغية. تتعدد مبررات التباطؤ، ولكنه يدعو بجدية لوقفة تقييم. فمهما كانت فحوى ومسمى الخطاب الفكري والسياسي لأي تنظيم، طالما انه يغفل المكون الامازيغي وتجسداته ويسكت عن انتهاك حقوق المتحدثين بالامازيغية، فانه خطاب قاصر. وعلى المتحدثين بالامازيغية وعموم نشطاء حقوق الإنسان ودمقرطة ليبيا مواجهة ذلك إيجابيا.

ما العمل؟ سؤال مطروح أمام كل مهتم بالشان الامازيغي وبالمعادلة الليبية. المسألة الامازيغية دائرتان، دائرة تتعامل مع هوية وكينونة الشخصية الوطنية وتهم كل الجمع الوطني وتحكمها، حتى هذه اللحظة، معطيات تتنافر وتنفر من الحقيقة الاجتماعية. وهي دائرة عمل يفترض أن يبذل فيها علماء الاجتماع والتاريخ الليبي دورا بحجم السؤال. ودائرة إنسانية تتسم بطابع لا يحتمل التأجيل، وهي المتعلقة بحقوق المتحدثين بالامازيغية. فلدفع الضرر أسبقية.

حقوق الإنسان، ومنها حقوق المتحدثين بالامازيغية في ليبيا،هي حقوق أصيلة، مرتبطة عضويا بالكرامة والمساواة الإنسانية والانتماء المواطني وليست حقوقا مكتسبة. حقوق الإنسان قيمة أدبية وموضوع قانوني، ويفترض أن ألا تكون محل تنظيرات ايديولوجية أو تجاذب سياسي. إنها موضوع غير شرطي وليست مسألة مفاوضات أو مقايضة، بمعنى دفع ثمن سياسي مقابل التمتع بالحقوق. الحقوق تسترد متى كانت مغتصبة، واسترجاعها ليس هبة أو مكرمة. انتهاك حقوق الإنسان، فكرا وممارسة، عدوان يجب التصدي له جماعيا.

حقوق الإنسان، الفردية والجماعية، شأن ومسؤولية فردية ومحلية ودولية متجاوزة للسيادة والحدود، في ضوء تمدد مفهوم مشروعية التدخل الدولي لأسباب إنسانية. فهي تهم الدول المجاورة والقوى الدولية والمنظمات الدولية الحكومية والمستقلة، ومجال تغطيه قوانين واتفاقيات دولية مثل:

ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الامم المتحدة

ـ المعاهدة الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية(ا.م

ـ المعاهدة الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية(ا.م)

ـ إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى اقليات وطنية، وعرقية، ودينية ولغوية(ا.م

ـ الاتفاقية 169 المتعلقة بالشعوب الأصيلة في الدول المستقلة (منظمة العمل الدولية)

ـ الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب،

ـ الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية،

ـ ( وحتى) الوثيقة الخضراء الليبية لحقوق الإنسان (الفقرتان 16 و17).

الدفاع عن حقوق الانسان، نقطة رئيسية في اجندة السياسة الخارجية الغربية وشرط متقدم للمؤسسات الدولية في تعاملها مع دول العالم الثالث. الادارة الامريكية، وبقرار من الكونغرس، تصدر وتسترشد بتقريرين احداهما يناقش حقوق الانسان (يشير بتكرار الى وضع المتحدثين بالامازيغ في ليبيا) والاخر يتناول وضع الحرية الدينية في دول العالم. الاتحاد الاوروبي في تعاونه مع دول جنوب المتوسط يشترط التزامها باعلان برشلونة والمتضمن لمعايير تتعلق بحقوق الانسان.  طبعاً مع تذكر ازدوجية المعايير والاستغلال السياسي لورقة حقوق الانسان من قبل الكثير، وفي احيان كثيرة.

الوضع ثقيل والمنزلقات عديدة والخيارات قليلة لتصحيح اختلال المعادلة الليبية وتلافي عواقب الخلل. وباعتبار اثر التطورات الوطنية والاقليمية، فالحركة الامازيغية الليبية، الصاعدة، في عمومها، وبطرق ومستويات عدة تتصف:

ـ أنها حركة حقوقية إنسانية ثقافية، وان عملت سياسيا، وملتزمة في نضالها باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية.

ـ  انتمائها الحضاري والتاريخي لليبيا. وبالتالي اعتبارها للمسألة الامازيغية الليبية شأنا ليبيا أولا، ويجب تضمينه ومعالجته ضمن الاجندة الوطنية ومن خلال التفاعل الوطني وتنظيماته.

ـ  عدم ملاءمة تناول المسألة الامازيغية ووضع المتحدثين بالامازيغية كأقلية أو شعب أصيل، لان الليبيين جمعيهم سواء ومشتركون في الهوية الليبية. أي انه لا يوجد عرب ليبيون وامازيغ ليبيون بل هناك ليبيون متحدثون بالعربية أو بالامازيغية.

ـ تهدف في عملها إلى الدفاع والإقرار بحق الامازيغية وروافدها في الوجود الكامل في الوطن. وما يتضمنه ذلك من حقوق ثقافية ولغوية وإدارية للمتحدثين بالامازيغية.

 

وأختم...

البرتقال، والزيتون، والنخل

 في بلدي

تطارد جدتي

يمحى اسم أمي ويُتهم حليبها

 تلاحق صلاة أبي ويصادر مسجده

بقانون موضوع

في بلدي

يحظر الحب

 بعرف متبوع

فاحبه بدون عرف وأمام أوباش القانون

هو وطني

مهدي، ونفيي

            ***

في بلدي الذي هو وطني

يكرهون المرآة

يشرخونها... يشرخونها

فيعقد لساني

يبتر جزئي

يترك نزفي

ويُهدر صراخي

يحررني ألمي... نعم، يحررني ألمي

المس نزفي

أعيد جزئي وغدي

وأهدر: أنني حي

واصرخ : احبك وطني

***     

في بلدي ومعادلة دولته

لا عدل، لا عدالة ومعادلة جائرة

يسألني حارسها من أكون؟

أريه ترابا... من جيب قلبي، أريه ترابا

 يحتقن، يرتعش ويكتب بعصاته

حروف كثيرة بدون نقاط

حروف مقلوبة بعلامات

ينثرها وارفض الإمضاء

مرة ومرات... مرات ومرة

وتهمس جدتي "تاغيرت تمرز": العصا مكسورة

يتهاوى الحارس

            ***

هو وطني

أهلي ولحدي

أملي وحبي... حبي وأملي

تانميرت والسلام

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting