Uttvun 69, 

Yenyûr  2003

(Janvier 2003)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

Agherbaz ageldan n idles amazigh

Agdud n tghessiwin

Tiggaz di arrimet n wussan

Amezwaru n mayyu

Tinit n umuni

Hezzem

Tabnannwatv

Ictab i rebbi

Tighuyya

Français

Réflexions sur la graphie à adopter pour Tamazight

Un nationalisme acquis à la belote

L'importance de l'histoire amazighe

العربية

المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

من الظهير البربري إلى منح جائزة الأمير كلاوس لمحمد شفيق

اكتشافات أمازيغية

قراءة في الحكاية الشعبية الأمازيغية

عن النزوع الأمازيغي وهفواته

الأمازيغية في التصريح الحكومي

الأمازيغية في ليبيا

الأمازيغية من الإنعاش إلى العناية الخاصة

بلا تعليق

رد على اليزيد البركة

اعتقال نوميديا مرة أخرى بالحسيمة

عندما تعمي القومانية العقول

 

عن "النزوع الأمازيغي" وهفواته (تابع)

بقلم: حميدي علي (خنيفرة)

إن نعته الامازيغية بـ"الظاهرة" يكشف لنا عن تصوره وفهمه لها. انها بالنسبة له ظاهرة. وفي علم الاجتماع تكثر الظواهر وتتعدد بتعدد المشاكل التي تواجهها المجتمعات لدرجة اصبحنا نصادف من بين علماء الاجتماع من يتحدث عن مادون الظاهرة وهي النمذجة، في اطار تطور البورجوازية وتعمق منحاها الفرداني. ولاشك ان ذلك هو سياقه، وهو ما انتهى به الى التعاطي مع نوع محدد داخل هذه الظاهرة، يقول: )واضح… اننا… لا نقصد نقد الظاهرة الامازيغية… بل نوعا من التعاطي مع هذه الظاهرة( .

هكذا تنحل الامازيغية الى انواع من التعاطي معها ـ وليس هي في حد ذاتها ـ   قد ينتهي الى اعتبارها حالة نموذجية، وبذلك يحرف ويفرغ القضية من حجمها ومحتواها الحقيقي.

ولننظر نحن الى مجموعة من الظواهر ونقارنها بالامازيغية. مثلا ظاهرة الاجرام او الانحراف او الطلاق… هل هذه الظواهر التي ترتبط بافراد في المجتمع في حجم قضية شعب يطالب بالاعتراف بلغته وهويته فوق ارضه؟ هل هذه الظواهر في حجم المقاومة المسلحة ودماء الامازيغ التي سالت من اجل صد الغزو الفرنسي والاسباني؟  هل هذه الظواهر في حجم مستقبل بلاد وشعب وتراثه وآدابه وحكمه وتاريخه وسياسته ونظمه في التسيير الجماعي وديموقراطيته المحلية والجهوية؟ هل هذه الظواهر في حجم شعب شُوه تاريخه وكتب بلسان اناس يعملون على محوه حتى على صعيد حياته العامة؟

ان الصورة الحقيقية هي ان تلك الظواهر المشار اليها تتم داخل اطار عام هو القضية الامازيغية. بل قل ان الكثير من تلك الظواهر تجد اسبابها داخل السبب الجوهري والذي هو العلاقة الاستغلالية التي تجمع المخزن مع الامازيغ والامازيغية وبلادهم. مثلا ظاهرة التعثر الدراسي او الاخفاق الدراسي تجد اصلها واسبابها في السياسة التعليمية العربية التي تقوم على تغييب لغة البلد ولا غيرة لها على هذه الاخيرة .

وحقيقة الامر هو ان الامازيغ اضطروا الى العصيان والتمرد فيما قبل 1912 نظرا لهمجية الاستغلال وشراسة الاظطهاد الذي عانوا منه. وهذا الاستغلال يكشف على طبيعة علاقة هذا المخزن مع سكان البلد، اذ لا يجمعه معهم الا استغلالهم وكذا يكون عمل اي كان لا يهمه البلد وسكانه وانما خيراته. فلو كانت هناك مصلحة جامعة وغيرة على البلد، ولو كان هناك ايمان فعلي بالدين لما تعامل مع المغاربة بذلك الاسلوب البراني الذي دفعهم الى العصيان. هذا هو جذر ما يجعل الامازيغي ينظر اليها على اساس انها قضية، سيما بعد ان اكتشف ان هذا المخزن على استعداد للتعامل مع الغزاة الفرنسيين من اجل دحر مقاومة الامازيغ.

وطبيعي ان نجد من يعمل على طمس هذه الحقيقة، وستتعدد الخطابات الجوفاء في هذا الجانب ولكنها في الاخير تجتمع وتلتقي في محاربة الامازيغية،  ومحاربة اهلها الذين يعرفون هذه الحقائق التي عانوا منها وما زالت اثارها بادية عليهم الى يومنا هذا. والغريب ان السلطة المستفيد الاكبر من هذه العملية لاتتفوه مباشرة باية كلمة في هذا المجال. لقد اوكلت مهمة الحرب الكلامية لفقهائها الجدد الذين تخرجوا من مدرسة طمس الحقيقة وقلب الوقائع واصبحوا يصدقون فعلا ما تعلموه. اما السلطة فموقفها تمارسه عمليا دون ان تصرح به. لان من شان ذلك ان يعجل بانتشار الوعي وانفضاح طبيعتها. ولان اسيادها الذين جعلوا منها سلطة على طول البلاد وعرضها لن يقبلوا منها قتل اللغات لانهم لا يمارسونه في بلدهم. الم يقل احد اكبر المناهضين للامازيغية اثارة للشفقة ـ عبد الحي العمراني ـ من كثرة تناقضاته ما يلي: )...ومع هذا يبقى من حق اصحاب اللهجات ان شاؤوا ان يلقنوا ابناءهم في جهاتهم لهجاتهم كما هو مسموح به في فرنسا و انكلترا(.

وعليه فهي تعمل بسياسة قل ما فيها ولا تقلها مثل سياسة ربط التنمية بالامية ومحاربة هذه بتعلم اللغة العربية؟ والابواق هي التي تطبل ولن تطبل الا باسم المصلحة العامة، يقول: )…وتفريق… قد يمس بالمصلحة العامة( والتي هي عنده ليست شيئا اخر غير سيادة العربية وايديولوجيتها ورضوخ الامازيغ وقبولهم بالامر الواقع، والذي هو في اخر المطاف المصلحة العليا للاستعمار. وها انتم ترون انه بعد ثلاثة قرون لا زال الامازيغي مجسدا للتطلع نحو مغرب حر وديموقراطي، وهاهم الابواق بعد خمسة عقود لا زالوا اوفياء لمصالح فرنسا مقابل تسييد ما دفع الامازيغ الى التمرد.

الم يكن لتثور ثائرته لو قلنا له "الظاهرة" الفلسطينية؟ اذن ماذا ننتظر من هذا النوع من البشر ان يقوله في قضيتنا وهو الذي يحكم عليها منذ الوهلة الاولى وبدون تمحيص بانها ظاهرة، وفي اماكن اخرى يؤكد في عناد مرضي حقده على الامازيغ بقوله "المغرب العربي".

في فقرته "اللغة من التوقير الى التحقير" يقول: )لقد تم الربط… بين التعدد اللغوي والفوضى… ومن حق كل قارئ ان يرد على هذا التصور بنقيضه. وبالفعل… التعدد اللغوي غنى وحافزا للبشر على… التسامح وتخليهم عن التمركز حول الذات.ف لماذا التوطئة للحديث عن الامازيغية بهذه اللهجة المخيفة… الجواب… بسيط… عندما نتحدث عن الامازيغية… لا نقصد… السواد الاعظم… ولا الفعاليات الثقافية… بل نقصد اولائك الذين يريدون قلب التهيئة اللغوية… واحلال الامازيغيات محل العربية ويعلنون او يسرون عداءهم للغة الضاد… فتصبح الامازيغية نقيضا للعربية… وقد اصبحنا نرى هذا التصور مجسدا في رفض البعض ممن يروجون له لسماع كلمة عربي وتاففهم من ذلك وعمل كل ما في وسعهم لالغائها واقصائها من التعابير التي الفنا تداولها وتقبلها بتلقائية مطلقة( .

اذن الامازيغية عنده ثلاثة مستويات اخرها هو المخيف. الاول هو السواد الاعظم، والثاني الفعاليات الثقافية، والثالث اولائك الذين يريدون قلب التهيئة اللغوية.

نرى نحن ان هذا العزل فيه قفز على ما هو علمي في تناول النخب او التيارات الثقافية والسياسية والايديولوجية في علاقتها بالمجتمع او بالسواد الاعظم على حد تعبيره. وهذه العملية ليست بريئة، اذ بواسطتها سيسهل عليه ـ في الخيال فقط وليس في الواقع ـ تمرير عزل هؤلاء وبالتالي وصفهم بالانعزال. او انهم عزلوا عن بقية المجتمع، وهو ما تكشفه له الايام يوما بعد آخر كما قال.

ولنستخرج نحن موقفه هو من خلال تحديده معالم هؤلاء ومواقفهم: فانطلاقا من عبارة )احلال الامازيغيات( يتضح انه لا يتحدث عن امازيغية واحدة رغم انه يعرف ان خط تامازيغت خط واحد. ان هذه حرب على الامازيغية ليست بجديدة وانما تنسجم مع سياسة فرق تسد، وكذلك ترسيم ما الف سماعه عن الامازيغيات والتعامل معها و كانها قدر محتوم في الوقت الذي هو امر شكلي. ان صدق النية وتوخي الموضوعية يقتضي التعامل مع اللغة من الداخل ومعرفة موضوع التفكير اولا وامتلاكه قبل اصدار الاحكام ليرى هل من حقه القول بالامازيغية او بالامازيغيات. اكيد انه لو كان يعرفها من الداخل لما قال ذلك. ولكنه يجتر ويزكي ذلك التصور القديم والمهترئ ايديولوجيا، والذي هو ان الامازيغيات انما احتمت بالعربية لفك مشكلة التواصل بين الامازيغ، و ينزع عنها طابع البرانية الخارجيانية الدخيلة.

والعجب هو كيف يستقيم له هذا التفكير مع ان الاجدى هو ا ان تستنجد الامازيغية بلهجاتها طالما انها تلتقي كلها في تامازيغت من ان تستنجد بلغة مغايرة ومخالفة، والتي هي اللهجة العربية القريشية. وفق تقسيمه هو فامازيغي من سوس يستطيع ان يتواصل مع امازيغي من الريف باقل جهد ممكن اكثر مما سيتواصلان بلغة لايعرفانها اصلا. عجبا كيف اصبح الامازيغ لايتواصلون بلغتهم ويستطيعون التواصل بلغة لا يعرفونها. لا يستطيع قلب الحقائق الا الساحر، ولكن الساحر لا يفلح حيث اتى.

ثم يقول: يعلنون او يسرون عداءهم للغة الضاد. يقول هذا مع ان النزوعي،  ومنذ البداية قد اعلن عداءه لكل ما هو عربي وهو ما جعل صاحب المقال يصفه بالميل والاعراض، وهي افعال بها اعلن عداءه. وبما ان النزوعي لا يسر ذلك العداء فمن يا ترى سيكون اولائك الذين يسرون عداءهم. لا بد ان يكونوا اناسا اخرين والا فلا معنى لتوطئته عن النزوعي؛ اهم السواد الاعظم؟ لا اظن لانه سواد يتكلم ويفكر في امازيغيته ولكنه لا يكتب حتى يتجسس من لا يعرف الامازيغية على انشغالاته ـ وذلك ما يريده بقوله السواد الاعظم. فلو لم يكن سوادا اعظم وكان سوادا منظما لكان الامر شيئا اخر ولكان صاحب المقال اول من يحترم نفسه، ولكان موقفه منها شيئا اخر. بقيت الفعاليات التي تريد الاعتناء بالثراث. انها هي التي يمكن ان تسر ذلك العداء حسب تقسيمه هو للمخاطبين عند حديثه عن الامازيغية. ماذا يكشف لنا هذا؟ يكشف لنا ان عداءه مباشر مع النزوعي ـ الذي لا وجود له الا في هلوساته ومخياله وتخوفاته وهواجسهـ  ولا شعوري او مسكوت عنه مع الفعاليات.

اذن رغم انه يقوم باستثناء الفعاليات الثقافية من خطابه، فالمسكوت عنده واحد هو ان الامازيغية لا يمكن تناولها الا بتلك اللهجة المخيفة من التعدد اللغوي. اما نقيضها والذي حاول التظاهر به من اجل التغليط من مثل؛ ان التعدد يعد غنى وحافزا على التسامح… وما الى ذلك، فهو كلام وايمان غريب عن تفكيره واصول هذا التفكير، وتظاهر به تحت ضغط الواقع والحقيقة واصبح يقر به، والاقرار ليس هو الايمان الفعلي ـ سيما بعد ان انهارت له الايديولوجية، ذلك البناء الواقي في وقت ما. اما الامازيغي الذي يضمر ويعلن عداءه له في نفس الوقت فذلك هو خطابه وقناعاته؛ التعدد والاختلاف والغنى ـ وكلمة غنى هنا المرتبطة بالتعدد والاختلاف لم يكن ليعرفها لولا نضال الامازيغي ـ …منذ كان ومنذ حرص على وحدة الوطن وعلى الانسجام والتلاحم المبني على الاعتراف وعلى الواقع. بل قل ان حرصه على الوحدة هو الذي جعله يمر الى الدفاع على نفسه من خلال التعدد الذي يميز البلد وليس كما كانت ولازالت تفعل تلك الاصول الفكرية لصاحب المقال في تعاملها مع المغرب وكانه بلد عربي، جاحدة بذلك الواقع وحقيقة المغرب الامازيغية. من يجحد الواقع يا ترى ويقفز عليه غير من هو غير ديموقراطي و لا عقلاني؟ ومن يكون الانسان غير العقلاني؟ انه نوعان؛ اما طفل لايستطيع التعامل مع الواقع بالعقل، وهو معذور لان الانانية صفة طبيعية وعادية في الصبيان، واما احمق، و الاحمق لا يعتد به.

لاحظوا ان التعدد عنده يعد غنى وحافزا على التسامح. لماذا بالظبط اورد التسامح. اذن لابد ان هناك خوفا ما يسكن قرارة نفسه. التسامح حول ماذا وعلى ماذا؟ كيف باختلاف المغربي عن الصيني يعد حافزا على التسامح بينهما؟ نحن كمغاربة لايجمعنا مع الصين الا الخير والاحسان، وبالتالي ليس هناك بيننا موضوع او قضية نتسامح بصددها. والاختلاف بيننا وبينهم يعد غنى وحافزا على تبادل الخبرات وعلى التطور والاستفادة من بعضنا البعض بحكم التفاعل بين الشعوب.

اذن لماذا يفكر هو في التسامح ويربطه بالتعدد؟ اذن التعدد في المغرب يمر بالضرورة عبر التسامح، اي ان هناك مشكلا ما ارتبط بهذا التعدد. فالتعدد من وجهة نظره في المغرب تعدد مرضي. يقوم على القوة ونفي احد الطرفين وسلبه حقوقه. وهذا الطرف هو الامازيغي، وهو ابن البلد، وهو الذي يوجد في اسفل الهرم. ويمنع حتى من ابسط الحقوق كتسمية ابنائهم باسماء امازيغية

هكذا يفهم هو التعدد، ولهذه الاسباب لا يستطيع ان يتعامل مع الامازيغية الا بتلك اللهجة المخيفة. الامازيغية تخيف. هذه الخلاصة ستجعلنا نكتشف العداء في كل كلماته والرفض لادنى مطالب الامازيغ فيما سياتي. ونحن على يقين طالما ان هذا هو اسلوب تحليله ورؤيته، فلن يسجل اطلاقا ولو ملاحظة واحدة ايجابية في نضال الامازيغ. ونحن لاننتظر منه ذلك طبعا ـ من اجل دمقرطة البلاد والدفاع عن غناها .

نعود لعبارته "قلب التهيئة اللغوية في المغرب و احلال الامازيغيات محلها". لنرى معه هذه الصياغة وكيف يقفز بها على حقيقة الامر كما هو حاصل في الواقع وعن امور تاريخية وعن الصياغة في حد ذاتها كيف تقدم الامر وكانه من عند الله.

ان الانسان اللاديموقراطي سرعان ما تفضحه تعقيدات الواقع حيث تفقده وحدة المرجعية وزاوية النظر.

فتراه من العزيز عليه التبجح بعبارة الرسميات عند مؤاخدته وتحليله لمجموعة من الامور المراد بها تزيين الواجهة. فتراهم مثلا مع الاسلام يتحدثون عن الاسلام الرسمي وغير الرسمي، وعن الديموقراطية الرسمية والمنشودة وعن الخطابات الرسمية عن الشيء والشيء في حد ذاته. وعند تعاملهم مع الواقع اللغوي في المغرب يسلكون نفس السلوك الرسمي اذ يسلمون بما هو رسمي وكانه حقيقة.

والحقيقة ان التهيئة اللغوية في المغرب كما يتصورها هي امور مخدومة بدهاء ومكر فائقين ولا علاقة لها بالواقع الحي وتدل عليها حتى كلمته. فـ"التهيئة" تعني ان هناك ارادة قامت بتهيئة وضع لغوي معين وترتيبه بحيث احتلت العربية اعلى الهرم على حساب لغة الشعب. ونتساءل نحن عن هذه التهيئة التي يخاف على قلبها هل تمثل الواقع المغربي. هل ساهم المغاربة في وضعها واستشيروا في ذلك. من نظر واطر لتلك العملية التهييئية؟ اسئلة تكشف ان هناك اقلية قررت في شان هذا الوضع واقصت من لهم كامل الحقوق التاريخية فوق ارضهم، وحرمتهم من ان تكون لغتهم هي المتداولة رسميا والناطقة بهمومهم واحوالهم، وليشعروا فعلا ان هناك انسجاما بين السواد الاعظم و لغة البلاد. وعليه فالتسييد الرسمي للعربية هو قلب للمعطى اللغوي الواقعي في المغرب. ويقفز هو على هذه الحقيقة ليقدم لنا نحن هذا المشهد المصنوع وكانه الوضع اللغوي الطبيعي في المغرب.. لا ادري لماذا لايستعملون رؤيتهم المشار اليها ويقولون بان هذه التهيئة هي رسمية وهناك تهيئة واقعية شعبية. لغة تحتضن الام وامال الشعب في الغد الافضل. انهم لا يتصرفون كذلك في هذه النقطة بالضبط. هنا ينهار الصراع الحزبي والفوارق الطبقية ليتوحدوا في العداء للغة الشعب.

ان الكلام ـ الذي يسمونه نضالا، لان فرنسا و اسبانيا هما اللتان ناضلتا بالقنابل والطائرات من اجل اعلاء العربية في بلاد الامازيغ ـ عن تغيير السائد والرسمي باتجاه الحق والعدل لا يمكن ان ينحصر في مجال دون مجال اخر. وبالتالي اذا كانت هذه التهيئة رسمية ولا تعبر عن الواقع فلا ضرر اذا اعدنا فيها النظر.

اعتقد انه اذا لم يفكروا كذلك، واذا استمروا في التلاعب على مطالب الشعب السياسية والاقتصادية بنظرة معينة، والنظر الى مطالبه الروحية والثقافية واللغوية بنظرة حذرة سيخلق لهم هذا النوع من التفكير والتعامل الكثير من المشاكل والمصاعب لانه يستحيل تناول المجتمع بشكل مجزء وبزوايا نظر مختلفة ومتناقضة.

ثم هناك جانب القفز على الحقائق التاريخية بحيث يتم التسليم بالتاريخ الرسمي للمغرب وكانه التاريخ الوحيد لهذا البلد، وكانه فعلا المسار الذي تطورت فيه احداثه. لسنا بحاجة الى التذكير بالفكرة القائلة بان الوعي الذي يتم تسييده في مجتمع ما هو وعي الطبقة السائدة في ذلك المجتمع. انها تعمل على اعطاء صورة ايجابية على مشروعها وعلى الوضع. هذه الصورة زائد ما عاشه المغرب من خلال توالي الدول، او من خلال رؤى تاريخية اخرى تكشف ان التاريخ الرسمي زائف و مزيف للحقيقة مما يعطينا شرعية التساؤل واعادة التساؤل وتمحيص هذا الركام من الافكار الذي يقدم لنا المغرب بشكل محدد هو الشكل الذي يرضى عليه البعض القليل جدا. اننا نطمح الى بناء تاريخ للتطورات الداخلية بموازاة مع التطورات والتفاعلات الخارجية، تاريخ لحركات الشعب المغربي وعلاقاته مع السلط السياسية، علاقة التيارات الفكرية والفلسفية و الدينية مع قضاياه الاجتماعية والسياسية والثقافية.

يرى بان الامازيغي يعادي اللغة العربية باعتبارها لغة دخيلة. ولنترك له تمحيص وفحص هذه الحجة اذا كان فعلا قادرا على رد حجج النزوعي الامازيغي كما يسميه. وليس البحث عن التلوينات والالتواء لرفض افكاره. هل هذه المسالة، لغة دخيلة، يمكنها ان تخرج عن احد الامور التالية: كل لغة بقيت في موطنها الاصلي فهي لغة غير دخيلة. فما الذي يجعلنا نحكم على لغة ما بانها دخيلة.

ليس هناك حاليا من شعب لا يتكلم لغة اخرى الى جانب لغته. واللغة المستعملة حاليا على الصعيد الدولي هي الانكليزية. انها اللغة الدولية المعترف بها حاليا بحكم قوتها الاقتصادية والعلمية. وعليه فان الشعوب كي تساير الحضارة الانسانية لا بد لها من معرفة هذه اللغة لدراسة العلوم والتكنولوجيا. اذن هذه اللغة فرضت نفسها بحكم قوتها الاقتنصادية وتطورها. فهي تدرس حتى بالنسبة للشعوب التي لم تعش الاستعمار الانكليزي حتى نقول انها مفروضة بشكل قسري. انما حاجة البشر لمعرفة تلك العلوم والحضارة تقتضي معرفتها على الاقل في افق الترجمة، وقد نقول انها دخيلة بشكل غير مباشر مرتبط بتطور الراسمالية وتمركزها.

كل لغة خرجت من موطنها الاصلي وفرضت بالقوة والحيلة ينظر اليها على انها دخيلة. كل لغة دخيلة لا تقدم نفسها على انها دخيلة وانما باعتبارها حاملة رسالة. كذلك فعل الاستعمار لتبرير غزوه للشعوب. لقد غزا الشعوب حاملا رسالة انسانية هي تحضير الشعوب واخراجها من تخلفها. في الوقت التي هي رسالة امتصاص خيرات الشعوب وربط مصيرها به. وفي البداية يحصل له ذلك بالحديد والنار. ومع المدة ينفضح ذلك التبرير الايديولوجي ويكتشف الشعب المستعمر على ان تلك الرسالة ما هي الا تغطية لمصالح اقتصادية لا غير. لان صاحب تلك الرسالة هو اول من يخرق حق تلك الشعوب في التعبير عن نفسها. هذا مع ان الرسالة في مفهومها الطاهر اذا ما وجدناه لها  تقتضي عدم ممارسة الابتزاز باسم الرسالة نفسها والا اصبحت ايديولوجيا تعبر عن مصالح اقتصادية صاعدة في حاجة الى التوسع لا اقل ولا اكثر. وتلك هي قوانين الاستعمار في مختلف الحقب ولا يستطيع التنكر لها الا مستعمر.

وعلى هذا الاساس فالامازيغي لا يتعلم العربية والفرنسية بمحض ارادته الى جانب لغته حتى نقول ان حاجته اقتضت تعلم تلك اللغات. انه يتعلم تلك اللغات والتي لكل واحدة سياقها التاريخي الخاص ضمن السياق العام لتاريخ الامازيغ الموشوم بالنضال من اجل استعادة حريته في علاقته مع دول الحوض الابيض المتوسط. والان كل تلك اللغات تقف عائقا امام تطوره على الاقل في احتلالها للمدرسة التي قامت وتقوم من عرق جبينه وضرائبه وكدحه وخيرات بلاده. انها تقف عائقا امامه في التعلم بلغته لانها مقصاة. وهو اقصاء له هو من التطور ومسايرة الحياة بشكل طبيعي مثله مثل جميع الشعوب. وعليه فهو لا يرى العربية والفرنسية في المدرسة الا على حساب لغته. وهو تعايش مصلحي. وعليه ماذا تريده ان ينظر الى تلك اللغتين انطلاقا من القاسم المشترك بينهما. فاذا كانت الاولى علمية فالعلم يؤمن بالتعدد والاختلاف، فلماذا لم يترجم على ارض الواقع من خلال الاعتراف بالامازيغي وبلغته؟ واذا كانت رسالة الثانية دينية فالدين يقول لافرق بين عربي و عجمي الا بالتقوى ـ والتقي لا يحتال على اراضي الاخرين ويعمل على ابادة لغة اهلها فلماذا لايترجم بالاعتراف بالامازيغي ولغته. وبما ان شيئا من ذلك لم يحصل فطبيعي جدا ان يسمي الامازيغي الاشياء بمسمياتها. والا فما الذي يستفز صاحب المقال ان لم يكن الامر حقيقة وان الاشياء بمسمياتها تسمى. هل يريد من الامازيغي ان يسمي الغراب حمامة؟!

اذن بالنسبة اليه فالامازيغي يرى بانها لغة دخيلة، وبالتالي: )… يجب ان ترجع الى… المشرق فيسقطون التقابل بين المشرق والمغرب على اللغة فتصبح الامازيغية نقيضا للعربية ويصبح وجودها رهينا بغياب هاته الاخيرة.(

ان هذا الفهم لحجج الامازيغي سطحي ويقف عند ظاهر الالفاظ بشكل مقصود كي ينتقل من التقابل الجغرافي الطبيعي الى التناقض اللغوي استنادا على لا منطوقه هو والذي هو ان التقابل الجغرافي لا يخلق منطقيا تناقضا لغويا.

ياله من ذكاء غبي. وفق هذا التفكير سنجد بالضرورة الامازيغي يطالب بعودة الفارسية والصينية الى الشرق لان الغرب متقابل مع الشرق والشرق يوجد فيه غير العرب.

الحقيقة ان النزوعي، كما يحلو له ان يسمي الامازيغي، حين يقول ان تطور لغته رهين بغياب هاته ـ مع انني لم يسبق لي ان صادفت من يقول هذا ـ فلانه عاش ولمس عملية سياسية تعمل على تدعيم واحدة على حساب الاخرى. لغة ميتة و دخيلة شئت ام ابيت ـ تقدم لها كل الامكانيات لتكتسح مجالات واسعة من حياته. ان هذه العملية الاكتساحية يعي الامازيغي بانها ليست ناتجة عن قوة ما داخلية في تلك اللغة وانها تتوسع من تلقاء نفسها. انما هناك سياسة تقف وراء هذا التعميم القسري الذي لا يخدم مصالح الشعب والوطن. وتعميمها لا يعني شيئا اخر غير تعميمها على حساب لغته هو. فعملية التعريب لامعنى لها سوى القضاء على لغة المغرب والمغاربة. وتتستر تحت شعار ايقاف زحف اخر للغة استعمارية دخيلة كي لا تنافسها وتنافس مصلحتها. وهذا ما نفهمه من التعريب اذا ما استحضرنا كيف فهم "الظهير البربري" في علاقته مع الامازيغ وان التعريب ما هو الا الوجه الاخر لاستمرار رفض الظهير والاحتيال على نضال الامازيغ.

هذه السياسية اذن هي التي تؤمن بان وجود اللغة العربية واستمرار مصالحها رهين بقتل لغة البلد التي تنافسها ميدانيا وتفضح وظيفتها. اي ان هذه السياسة هي التي تسعى الى اقتلاع الامازيغية من تربتها الحقيقية الميدانية. اذن سلوك النزع والاقتلاع هو سلوك تمارسه اللغة العربية وحماتها في حق اللغة الامازيغية ذات الشرعية التاريخية والاجتماعية والتي ليست في حاجة لمن يؤكد ذلك. بينما العربية في بلاد الامازيغ تستنزف طاقتها في البحت على هذه الشرعية ومع ذلك تفشل ولابد لها ان تفشل لان للتاريخ مواعد .

رغم كل هذا يتهم الامازيغي الوطني الحقيقي والشريف بعكس نواياه وقناعاته. فالعربية و برعاية الدولة وبالمال العمومي الامازيغي تعمل على محو اللغة الاصلية للبلاد عبر حملات محاربة الامية. ولتصل هذه السياسية الخبيثة الى اهدافها المكرة تعمل على اقناع الناس بان الفشل في مجموعة من الميادين التنموية والسياسية والاجتماعية راجع الى كون الشعب امي ولا يعرف القراءة والكتابة. في الوقت الذي يعني فيه ذلك الفشل هو فشل في التسييد الفوقي الايديولوجي للدولة على الشعب. وكذلك يكون مصير اي مشروع لاعلاقة له مع تربة الوطن. هذا اولا، ثانيا من الامي الحقيقي؟ اليس الذي يعرف القراءة والكتابة بلغته والذي خطط للبلاد بلغته العربية والفرنسية ووفق مصالحه وفشل في محو شخصية البلاد والعباد. ان اميته تتجلى في كونه يطلب المستحيل، واميته هو في كونه يعتقد ان الامازيغي ستنطلي عليه اكدوبة التنمية. اما هو فهاجسه لم يكن التنمية كما يدعي، انما شيء اخر.

اما المعني بالعملية والذي هو الشعب الامازيغي فهو يمارس انتاجه واقتصاده ومبادلاته التجارية بلغته، والمشكل المطروح له هو مع الادارات التي ترفض الترخيص له بالحديث بلغته مثل المحاكم ومراسلاته الادارية. اذن هو لا يجد مشكلا الا مع الاجهزة الرسمية المفروضة عليه والتي لا علاقة له بها وبلغتها.. اذن لو كانت النية فعلا من محاربة الامية هي التنمية لتم تقريب الادارة من المواطن من خلال ادماج الامازيغية في جميع مناحي الحياة حتى يكون المواطن على علم بما يجري في بلده. ولكن كيف بهم سيفعلون ذلك ليكون المواطن على علم بالاختلاسات التي تتعرض لها الاموال العمومية. كيف بهم سيفعلون ذلك ليكتشف المواطن ان الاختلاس لم يقف عند حدود ثروات الوطن بل تعداه الى اختلاس الوطن بكامله حين أصبح، والناس في غفلة، عربيا.

ففي اي شيء سيساهم في التقدم انسان يسمي الخبز "اغروم" ونعلمه ان يقول الخبز؟ ان الامية بهذا المعنى لن تزول ابدا من المغرب. لانه بالنسبة للامازيغي ما لم يعرف لغة اخرى فهو امي حتى وان تعلم العربية. فطالما ان لغته هي الامازيغية والعربية لا يجمعه معها اي شيء مثلها مثل الفرنسية، وطالما نربط محو الامية بتعلم لغة اخرى غير لغة الام، فالجميع امي طالما لا يعرف لغة اخرى. ان المعنى الحقيقي لمحو الامية هي ان نعلم الناس الكتابة والقراءة بلغتهم الام وليس بلغة اجنبية. والعملية ستنجح بسرعة لا محالة وباقل تكلفة وتكون ذات مردودية عالية في اشراك المواطن في التسيير الجماعي لبلده. ولكن هم لا يريدون محو الامية و يخافون من اشراك المواطن في التسيير والمراقبة والتتبع. ويتعاملون معها كقناع لطلب المساعدات الدولية في هذا الخصوص، وهي لا تصرف لهذا الغرض، والضحية هم ابناء البلد الامازيغ وما على المناضل الامازيغي الا ان يصرخ لفضحهم امام تلك المنظمات الدولية التي تقدم لهم المساعدات وليسميه صاحب المقال بالنزوعي او الايادي الاجنبية فذلك شانه ولنا نحن شان اخر ولله في خلقه شؤون.

هذا فيما يخص سلوك النزع والاقتلاع لان الميدان ميدان امازيغي. اما الامازيغي فماذا يريد اقتلاع العربية؟ فهذه لاجذور لها في الميدان. اذن انه لايريد اقتلاعها الا من تلك السياسة التي تستهدف محوه هو ونهب خيرات بلاده باسمها.

اما اللغة كلغة، كقاموس و.. فلا اظن ان هناك احدا له اشكال معها. وليس هناك من بشر له اشكال مع اللغة كلغة بشكل مجرد. بل ان الانسان ميال الى معرفة لغات غيره. اذن المشكل الحقيقي هو في السياسة اللغوية التي تمارس في بلاد الامازيغ والتي تهدف من خلال التعريب ومحو الامية الى احلال العربية محل لغة البلد.

      (يتبع في العدد القادم)

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting