uïïun  140, 

mggyur 2958

  (Décembre  2008)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

afran n ubama d an^ça is d tammurt i itgucculn tanttit u maci d a^zur

Siwel

Arret (a)sen...

Tamazirt n yuba

Tiwecca

Azmz yadvnin yad

Ur ak nssin

Turjit n tanit

Français

Minucius felix, l'africain voilé

V° Congrès général du CMA

Communiqué de soutien du CMA aux étudiants du MCA  emprisonnés

Communiqué du CMA à propos du verdict des détenus amazighs

العربية

انتخاب أوباما تأكيد أن الهوية تتحدد بالأرض وليس بالعرق

من أجل دولة تستمد هويتها من الأرض الأمازيغية بالمغرب

متى سيشاهد الأطفال الأمازيغيون الرسوم المتحركة بالأمازيغية؟

تقييم 5 سنوات من تدريس الأمازيغية

قناة الجديرة الرياضية والمنظرون الجدد للقومية العربية

القضية الأمازيغية إلى أين؟

الكذب على الذات

من أجل الأمازيغية

الإعلام الإلكتروني الأمازيغي

الحسين طالبي: التشكيلي الأمازيغي المخلص للقصبات

حوار مع الفنان محمد الشامخ

قراءة في الفيلم الأمازيغي

الشاعر إبراهيم أوبلا

الشاعر عمر أكضيض

الهوية والحرية في شعر إد بلقاسم

رسالة مفتوحة للشبكة الأمازيغية حول منع الاسم الأمازيغي

مهرجان خطابي لتخليد انتفاضة الريف  58 ـ 59

بيان حول البرنامج الاستعجالي

تجديد مكتب جمعية تينامورين

بيان جمعية أمزيان وتاويزا

يوم دراسي حول الحكم الذاتي بالريف

بيان الحركة الأمازيغية بموقع وجدة

بيان الحركة الأمازيغية بموقع طنجة

بلاغ الحركة من أجل الحكم الذاتي

بلاغ تاماينوت بتزنيت

 

 

 

 

من أجل دولة تستمد هويتها من الأرض الأمازيغية بالمغرب

إعداد: جمعية "الهوية الأمازيغية" ـ سلون، الناظور

 

استطاعت الحركة الأمازيغية، منذ ظهورها إلى اليوم، أن تزعزع الكثير من "المسلمات" وتقوّض الكثير من "الحقائق" حول اللغة والثقافة والهوية بالمغرب، وأن تضطر جهات مخزنية وقومية كانت معادية لها إلى إعادة النظر في مواقفها التقليدية من الأمازيغية، والاعتراف بهذه الأخيرة كـ"مكوّن" و"رافد" للهوية الوطنية، ولو بشكل محتشم ومتردد. وبذلك ساهمت الحركة الأمازيغية في "الانتقال الديمقراطي" على مستوى التعدد اللغوي والثقافي، والذي كان من نتائجه أن الأمازيغية دخلت لأول مرة المدرسة العمومية والإعلام التلفزيوني، ولو بشكل لا زال ناقصا وغير مرضٍ ورمزيا فقط، لكنه يدل على أن المسؤولين أصبحوا يأخذون بعين الاعتبار المطالب الأمازيغية التي كانت وراء هذا التطور الذي عرفته القضية الأمازيغية في السنوات الأخيرة بالمغرب.

مطالب استنفدت محتواها وإمكاناتها:

لكن من جهة أخرى، يلاحظ أن القضية الأمازيغية بقيت حبيسة خطاب مطلبي يدور حول الاعتراف بالأمازيغية ورد الاعتبار لها لغة وثقافة وهوية وتاريخا. وإذا كان أمرا طبيعيا أن يطغى الطابع المطلبي على الخطاب الأمازيغي لأن هناك حقوقا أمازيغية أقصيت، تطالب الحركة الأمازيغية باستردادها والاعتراف بها، تخص اللغة والثقافة والهوية الأمازيغية، فإنه يبدو أن هذا المضمون المطلبي للخطاب الأمازيغي ـ بعد كل الذي حققه ـ قد استنفد كل محتواه وإمكاناته بحيث بلغ حدا قد يصبح معه النضال الأمازيغي، في شكله المطلبي الحالي، لا يخدم القضية الأمازيغية، بل قد يبرر الإقصاء السياسي لها ـ والذي يعمل هذا النضال على وضع حد له ـ ويشكل عائقا يمنع تقدمها وتطورها في اتجاه التحقيق النهائي لأهدافها، كما سنوضح ذلك في الآتي:

1 ـ هذه المطالب، في شكلها الحالي، تبدو ثانوية وفرعية، متفرقة ومجزأة و"قطاعية"، يطغى عليها الطابع الثقافي (اللغة، الثقافة، التاريخ، تدريس الأمازيغية، استعمالها في الإعلام...إلخ) وتفتقر إلى مطلب مرجعي، رئيسي وأصلي يوحدها ويجمع بين "قطاعاتها" وأجزائها المتفرقة، كهدف استراتيجي واحد، واضح ودقيق، يوجه مجهودات الحركة الأمازيغية ونضالاتها، ويشكل بلوغُه بلوغَ كل الأهداف والمطالب الأخرى الجزئية والفرعية، لأنه يتضمنها ويستغرقها كهدف استراتيجي وأصلي تتفرع عنه أهداف ومطالب ثانوية تابعة له نتيجة تبعية الفرع لأصله.

2 ـ فحتى على فرض أن السلطات المغربية قد استجابت ـ وهذا أمر مستبعد طبعا ـ لكل المطالب الأمازيغية، في شكلها الحالي الذي هو موضوع هذه الورقة، وأصبحت الأمازيغية لغة رسمية في الدستور يعمم تدريسها لجميع المغاربة، وتستعمل في الإدارة والقضاء، وتنشأ قنوات تلفزيونية تبث بالأمازيغية...، فإن كل هذه "الإنجازات" لصالح الأمازيغية، لن تغير الشيء الكثير من ميزان القوى بخصوص الوضع الهوياتي بالمغرب، الذي يبقى دائما بلدا عربيا، ذا انتماء عربي، وبحكم عربي ودولة عربية عضوة بالجامعة العربية. ذلك أن الحركة الأمازيغية، منذ ظهورها إلى الآن، لم يسبق لها ـ باستثناء أرضية "الاختيار الأمازيغي" ـ أن طالبت بتغيير هوية الدولة المغربية كدولة عربية ذات هوية مختلفة عن هوية الأرض الأمازيغية، إلى هوية أمازيغية منسجمة مع هوية الأرض الأمازيغية بشمال إفريقيا، على شكل دولة أمازيغية.

3 ـ هذه المطالب الأمازيغية، بشكلها ومضمونها الحاليين، تنطوي على اعتراف ضمني بعروبة الدولة المغربية، وبحكمها العربي الذي تطالب منه هذه الحركة أن يعتني بلغتها وثقافتها الأمازيغيتين، كمطالب لا تمس الثوابت العروبية للدولة المغربية، هذه الثوابت التي تتلخص في:

ـ أن المغرب أرض عربية،

ـ دولته عربية،

ـ تحكمه سلطة عربية.

4 ـ وعندما تطالب الحركة الأمازيغية النظامَ العربي بالمغرب بالاعتناء بلغتها وثقافتها، فإنها ضمنيا تبرز الأمازيغيين الذين تدافع عن حقوقهم، كأقلية إثنية لها حقوق لغوية وثقافية خاصة بها، تطالب، كأقلية إثنية، الأغلبيةَ العربيةَ بالاعتراف بهذه الحقوق ورد الاعتبار لها. وهذه نتيجة تتناقض مع واقع المغرب الذي هو أمازيغي في هويته بالمعنى الترابي الذي سنشرحه، وتؤكد بالتالي أن المغرب عربي في أغلبية سكانه.

5 ـ هذا الوضع، كأقلية إثنية، الذي تضع فيه الحركة الأمازيغية الأمازيغيين، بسبب طبيعة مطالبها في شكلها الحالي، يقدم كل الذرائع للمعادين للأمازيغية ليتهموا الحركة الأمازيغية بأنها حركة "انفصالية" تريد إقامة كيان أمازيغي مستقل عن نظام "الأغلبية" العربية، وهو ما يهدد الوحدة الوطنية وينذر بالشقاق والفرقة بين المغاربة، حسب الخطاب المعروف.

6 ـ بما أن الحركة الأمازيغية تقدم الأمازيغيين، لطبيعة مطالبها كما أشرنا، كـ"أقلية" لها مطالب إثنية خاصة بها، تطالب من "الأغلبية" العربية الاعتراف بهذه المطالب، فإن العلاقة بين ما هو أمازيغي وما هو عربي بالمغرب تتخذ شكل صراع عرقي ذي أبعاد عنصرية يتكرر معه السؤال: من هو العربي ومن هو الأمازيغي بالمغرب؟ وهو ما يتذرع به المناوئون للحقوق الأمازيغية ليختزلوا القضية الأمازيغية في مسألة العرق والأصل والجينات.

7 ـ عندما تطالب الحركة الأمازيغية بالاعتراف بالتعدد اللغوي والثقافي والهوياتي للمغرب، من خلال الاعتراف بالبعد الأمازيغي للهوية المغربية، فإنها تجعل من مطالبها مطالب "محافظة" لا تمس في الجوهر الثوابت العروبية للدولة العربية، كما أشرنا سابقا. وهذا ما يفسر أن الدولة العربية بالمغرب بدأت تستجيب لبعض هذه المطالب ما دامت لا تشكل أية خطورة على ثوابتها العروبية كما قلنا.

8 ـ هذه المطالب، التي تُوجه إلى الحكم العربي، تُظهر الأمازيغية كموضوع سلبي ومنفعل، وليس كذات فاعلة ومنتجة تتخذ المبادرات وتقدم الاقتراحات وتساهم في صنع الأحداث والتاريخ، الذي يصنعه حاليا الآخرون (الأغلبية العربية) الذين يملكون سلطة القرار السياسي، هذه السلطة التي قد تستجيب لبعض المطالب الأمازيغية أو ترفضها حسب هواها ومصلحتها كما هو الشأن مع الأسماء الأمازيغية أو مع الحزب الأمازيغي مثلا.

9 ـ هذه الاستجابة الجزئية من طرف النظام العربي بالمغرب لبعض مطالب الحركة الأمازيغية (إنشاء "ليركام"، إدماجها في المدرسة وفي الإعلام، الاعتراف بها كـ"مكون" للهوية الوطنية، رفع الحظر جزئيا عن الأسماء الأمازيغية...)، يستغلها هذا النظام لفائدته ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد:

ـ يتظاهر بأنه نظام "ديموقراطي" يضمن "للأقلية" الأمازيغية حقوقها الإثنية والثقافية واللغوية، وهو ما يلمّع صورته أمام المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان.

ـ في نفس الوقت يؤمّن ويحمي المنظومة العروبية المهيمنة من خلال التعامل مع الحقوق الأمازيغية كحقوق "أقلية" إثنية لا تنازع في الثوابت العروبية للدولة العربية بالمغرب.

10 ـ اللافت أنه رغم كل ما تحقق للأمازيغية (إنشاء "ليركام"، إدماجها في المدرسة وفي الإعلام، الاعتراف بها ك"مكون" للهوية الوطنية، رفع الحظر جزئيا عن الأسماء الأمازيغية...)، إلا أن الحركة الأمازيغية مستمرة في نضالها ومطالبها كأن شيئا لم يتحقق لها من هذه الأخيرة، مع شعور بأن الدولة العروبية لم تستجب بعدُ لأي من مطالبها. لماذا هذه المفارقة؟

فما دامت هذه المطالب فرعية، كما أوضحنا، فمن المنطقي أن الفرع لا يمكن أن يسبق الأصل، وبالتالي لا يكمن أن تتحقق المطالب الفرعية قبل أن يتحقق المطلب الأصلي والكلي الذي يضم ويحتوي هذه المطالب الفرعية. وبما أن هذا المطلب الأصلي لم يتحقق لأنه لم يطرح بعدُ من طرف الحركة الأمازيغية، فمن الطبيعي أن تشعر كأن شيئا من مطالبها لم يتحقق بعدُ رغم كل ما يبدو في الظاهر ـ في الظاهر فقط ـ أنه اعتراف بالأمازيغية واهتمام بها وتنمية لها.

هكذا تكون إذن هذه المطالب، في شكلها الفرعي،المتفرق والتجزيئي و"القطاعي" والثقافي، تساهم في استمرار هيمنة المنظومة العروبية بالمغرب ـ كهوية وثقافة ولغة وفكر وإيديولوجيا وتاريخ وسلطة ودولة وحكم ـ والتي أقصت الأمازيغية، وتقف عائقا أمام الحركة الأمازيغية لتجاوز هذا الإقصاء حيث تبدو هذه الحركة، لطبيعة مطالبها، كما لو أنها تتقدم إلى الأمام، لكنها في الحقيقة تراوح مكانها ولا تبرحه.

استعادة الهوية الأمازيغية للدولة كمطلب مرجعي إستراتيجي وأصلي:

إذا كان الإقصاء السياسي للأمازيغية مستمرا رغم ما تحقق للأمازيغية من اعتراف ورد للاعتبار، فذلك لأن طبيعة المطالب الأمازيغية لا يمكن الاستجابة لها إلا بشكل ثقافوي لا يمس الثوابت العروبية للدولة العربية بالمغرب، كما سبق توضيح ذلك. وبما أن نفس الأسباب تؤدي دائما إلى نفس النتائج، فإنه من الطبيعي أن يستمر الإقصاء السياسي للأمازيغية لأن أسباب هذا الإقصاء لا تزال قائمة ومستمرة، متمثلة في هيمنة المنظومة العروبية بالمغرب، سياسيا وهوياتيا وثقافيا ولغويا وحكما ودولة، والتي تجعل من المغرب أرضا عربية، تحكمها دولة عربية وبسلطة عربية. وبالتالي فإن الشرط الواقف لوضع حد للإقصاء السياسي للأمازيغية، ليس هو تدريس الأمازيغية أو دسترتها أو إدماجها في الإعلام، رغم أهمية هذه المطالب، بل هو القضاء على أسباب إقصائها السياسي، أي استبدال المنظومة العروبية المهيمنة بالمغرب بمنظومة أمازيغية تجعل من المغرب أرضا أمازيغية، بدولة أمازيغية تحكمها سلطة أمازيغية ذات هوية أمازيغية. وهذا ما ينبغي، في تقديرنا، أن يكون هو المطلب/الهدف المرجعي الإستراتيجي والأصلي للحركة الأمازيغية.

الهوية كمفهوم ترابي لا علاقة له بالأصل العرقي:

وهنا يجدر توضيح أن الهوية، التي نعنيها هنا، لا علاقة لها بالعرق والأصل الإثني، بل لها مضمون ترابي مستمد من هوية الأرض الأمازيغية التي تمنح، بصفة تلقائية وطبيعية، هويتها للسكان الذين يعيشون فوقها على وجه الدوام والاستقرار، رغم أنهم قد ينحدرون، في أنسابهم، من أصول عرقية مختلفة وغير أمازيغية، من عربية ويهودية ورومانية وفينيقية وأندلسية وإفريقية وزنجية... إلخ. فالهوية، لأن مضمونها ترابي وليس عرقيا، فهي دائما، كما في جميع البلدان، واحدة لا تعدد فيها. نعم قد يوجد تعدد في الهويات (بالجمع) داخل دولة واحدة لكن لا يوجد تعدد في الهوية الواحدة. ووحدة الهوية لا ينفي وجود تعدد في الثقافة واللغة والدين والأعراق والإثنيات التي تنتمي إلى نفس الهوية الواحدة التي تحددها هوية الأرض الواحدة. وهذه قاعدة عامة تسري على كل البلدان حيث إن لكل بلد ولكل دولة هوية واحدة أو هويات متمايزة ومستقلة وقائمة بذاتها ذات حدود لسنية وترابية كما في العراق (الهوية العربية والهوية الكردية)، أو في إسبانيا (الهوية الكطلانية، الهوية الباسكية، الهوية الكاليسية، الهوية الفشتالية، الهوية الأمازيغية لسكان كاناريا) أو في بلجيكا (الهوية الفلامانية والهوية الفرانكفونية). لكن كل هوية واحدة قد تضم أعراقا متعددة ومن أصول إثنية مختلفة، تنتمي إلى نفس الهوية الواحدة التي هي هوية الأرض التي تعيش فوقها تلك الأعراق بصفة قارة ودائمة، كما في الأمثلة التالية:

ـ ففي فرنسا هناك هوية واحدة هي الهوية الفرنسية المستمدة من هوية الأرض الفرنسية. لكن هذه الهوية الواحدة تضم ثقافات ولغات وأديانا وأعراقا مختلفة وسكانا من أصول غير فرنسية كما هو حال الرئيس الفرنسي "ساركوزي" الذي هو مجري الأصل، لكنه أصبح فرنسي الهوية بحكم هوية الأرض الفرنسية التي يقيم بها ويعيش فوقها. ولهذا انتخبه الفرنسيون رئيسا لهم، رغم أن أصوله أجنبية، لأن المحدد للهوية ليس هو الأصل العرقي للإنسان بل الانتماء إلى الأرض التي يعيش فوقها ذلك الإنسان بشكل دائم ونهائي.

ـ الأسرة الملكية ببريطانيا هي كذلك من أصول عرقية ألمانية كما هو معروف. لكنها لا تدعي أنها ألمانية الانتماء لأن هويتها أصبحت بريطانية منذ أن هاجر أجداد هذه الأسرة إلى الأرض البريطانية واستقروا بها بصفة دائمة ونهائية، رغم أن أصولهم العرقية غير بريطانية.

ـ الملك الإسباني خوان كارلوس ينحدر هو أيضا من أصول فرنسية، أجنبية وغير إسبانية. لكنه سيصبح إسباني الهوية بمجرد ما استقر أجداده المهاجرون بإسبانيا التي أصبحوا يحملون تلقائيا هويتها المستمدة من هوية الأرض الإسبانية. فخوان كارلوس إسباني الهوية إذن رغم أن أصوله العرقية غير إسبانية. ولهذا فهو يدافع عن الهوية الإسبانية، وليس الهوية الفرنسية التي ينتمي إليها عرقيا وليس ترابيا.

ونفس الشيء يصدق على المغرب: فإذا صح أن مجموعة من العرب هاجروا منذ قرون خلت إلى البلاد الأمازيغية واستقروا بها بلا عودة، وبصفة دائمة ونهائية، فإن جميع أحفادهم المنحدرين منهم يصبحون أمازيغي الهوية بحكم الأرض الأمازيغية التي ولدوا بها ويعيشون فوقها منذ أن هاجر إليها أجدادهم، رغم أن الأصول العرقية لهؤلاء الأحفاد قد تكون غير أمازيغية. إذن، فحتى على فرض أن هناك بالفعل عربا هاجروا في الماضي إلى بلاد الأمازيغ واستقروا بها بصفة نهائية، فإن استقرارهم بالأرض الأمازيغية يجعل من هويتهم هوية أمازيغية بصفة تلقائية، تبعا لهوية الأرض الأمازيغية التي يعيشون بها. فمن الخطأ إذن القول إن هوية المغرب "عربية" لأن به حكاما "عربا" في أصولهم العرقية، أو إنها "متعددة" عربية وأمازيغية، لأن التعدد، كما بينا، لا يوجد في الهوية، بل في اللغة والثقافة والدين والأصول العرقية.

الأصل الفرنسي للدولة "العربية" بالمغرب:

لقد أصبح المغرب، كبلد عربي ودولة عربية، "مسلّمة" لا تقبل نقاشا ولا تطرح أسئلة. لكن عندما نتساءل: متى وكيف أصبح المغرب بلدا "عربيا"، رغم أنه في الأصل أرض أمازيغية؟ فإن الجواب قد يفاجئنا لأنه جواب ظل إلى الآن "غير مفكر" فيه نهائيا رغم أنه يكاد يكون بديهيا.

فالمعروف أن المغرب لم يتعرض لاستعمار عربي استولى على الأرض الأمازيغية التي أصبحت، جراء ذلك، مِلكا عربيا ملحقا بالأرض العربية، ويمثل بالتالي امتدادا هوياتيا للهوية العربية، على غرار ما حصل مثلا في أميريكا الشمالية وكندا وأستراليا، رغم أنه كانت هناك بالفعل محاولات في هذا الاتجاه في الفترة الأموية لكنها لم تنجح في ضم البلاد الأمازيغية إلى الأراضي العربية، إذ سرعان ما استرد الأمازيغيون سيادتهم السياسية والهوياتية على أرضهم الأمازيغية، كما يتجلى ذلك في قيام دول أمازيغية بعد الحكم الأموي، مثل البورغواطيين والمرابطين والموحدين والمرينيين والعلويين.

وحتى اسم "المغرب"، كدولة، لم يكن مستعملا ولا معروفا، بل كان الاسم الذي يعرف به ما يسمى اليوم "المغرب" هو الاسم الأمازيغي "مراكش" الذي اشتقت منه التسميات الأجنبية مثل: Maroc, Morocco, Marruecos, Morokko…..

إذن من أين جاءت فكرة عروبة المغرب؟ مصدرها هو الاستعمار الفرنسي الذي تعامل ـ وفرض التعامل ـ مع المغرب كبلد عربي ألحقه بمجموعة الدول العربية مع بذل مجهود مقصود وواعٍ ومنهجي لتحويله إلى بلد عربي، وذلك بخلق مؤسسات وإصدار قوانين وإعداد خطط وسياسات ترسخ عروبة المغرب بجانب التركيز على تعريب السلطة السياسية بالمغرب، والتي جاءت فرنسا لحمايتها، أي حمايتها من الأمازيغية كخطوة أولى لتعريبها وخلق وعي زائف لديها بأنها عربية الانتماء والهوية.

أما لماذا انحازت فرنسا إلى الطرف “العربي” في حين حاربت الأمازيغيين وهمّشتهم وحاصرتهم في الجبال طيلة استعمارها للمغرب؟ لأنها كانت تعرف جيدا أن الذي يضمن مصالحها، سواء أثناء الحماية أو بعدها، ليس هم الأمازيغيون الذين واجهوها وقاوموها، بل النخبة العروبية التي رحّبت باحتلالها للمغرب وتحالفت معها مقابل “الحماية” الفرنسية لها من هؤلاء الأمازيغيين الذين أدخلتهم فرنسا لأول مرة تحت الحكم العربي بإنشائها لدولة عربية بالمغرب.

هكذا تأسست في المغرب، لأول مرة في تاريخه، دولة عربية بناها المارشال “ليوطي” الفرنسي، ووضع لها علمها ونشيدها الوطنيين وأطلق عليها تسمية عرقية هي “المملكة الشريفة” تبعا “للنسب الشريف” الذي يعزى لسلطان هذه المملكة “الفرنسية” الأصل. ومع 1956، تاريخ استقلال المغرب، كانت هذه الدولة العربية، ذات الأصل الفرنسي، قد نضجت واكتملت وأصبحت تتوفر على كل الوسائل والشروط لإعادة إنتاج عروبتها التي صنعتها فرنسا، والحفاظ عليها دون حاجة إلى حماية فرنسا التي يعود إليها الفضل في خلق تلك العروبة بالمغرب. وقد سلمت فرنسا الدولة العربية التي صنعتها بالمغرب إلى حكام ربتهم وصنعتهم كذلك لهذا الغرض، أي ليكونوا حكاما عربا وليحافظوا على دولتها العربية ويتمموا مشروعها السياسي العربي الذي بدأته بالمغرب ابتداء من 1912. بهذه العملية Processus نشأت الدولة العربية بالمغرب كبلد عربي ينتمي إلى مجموعة الدول العربية.

هكذا إذن تكون عروبة المغرب إرثا استعماريا فرنسيا. واستكمال تحرير المغرب واسترجاع كامل سيادته يفترض تحريره مما بقي من الإرث الاستعماري الفرنسي، الذي لا يزال يستعمر المغرب، أي تحريره من فكرة العروبة كهوية للمغرب، والتي كانت، كما شرحنا، من نتائج احتلال فرنسا للمغرب. وهذا التحرير يشترط العودة إلى الوضع الهوياتي الأمازيغي الأصلي الذي كان عليه المغرب قبل الاحتلال الفرنسي، عندما كان بلدا أمازيغيا أرضا وشعبا وسلطة، دون أن ينفي ذلك التنوعَ اللغوي والثقافي والعرقي والديني، لكن في إطار وحدة الهوية الأمازيغية للمغرب.

الأهمية الإستراتيجية والمنهجية لمطلب استعادة الهوية الأمازيغية للدولة بالمغرب:

بناء على ما سبق، فإننا، في جمعية "الهوية الأمازيغية"، نرى أن استعادة الهوية الأمازيغية للمغرب، أرضا وسلطة ودولة، المستمدة من هوية الأرض الأمازيغية على النحو الذي سبق توضيحه، ينبغي أن تكون هي المطلب المرجعي الرئيسي والأصلي ـ وليس الفرعي ـ والهدف الاستراتيجي للحركة الأمازيغية. واعتبار استعادة الهوية الأمازيغية، المستمدة من الأرض الأمازيغية، "مطلب المطالب" للحركة الأمازيغية والهدف الإستراتيجي الأسمى لنضالها، سيوضح الرؤية لدى هذه الحركة، ويسمح لها بتجاوز الكثير من المشاكل الناتجة عن غموض أهداف ومطالب الحركة بشكلها الحالي، ويسحب البساط من تحت أقدام من يتهمونها بالانفصال والعنصرية ومعاداة الإسلام واللغة العربية.

1 ـ فاستعادة الهوية الأمازيغية للدولة بالمغرب، كمطلب مرجعي إستراتيجي وأصلي، هي استعادة للسيادة الوطنية الهوياتية للمغرب، التي فقدها ابتداء من 1912.

2 ـ تصبح المطالب الأخرى للحركة الأمازيغية، التي هي اليوم فرعية جزئية و"قطاعية" متفرقة ومبعثرة، مفهومة ومعقولة وذات معنى عندما تربط بالهوية الأمازيغية للدولة المغربية: فعندما نسأل: لماذا المطالبة بدسترة الأمازيغية؟ يكون الجواب بسيطا وواضحا ومنطقيا: لأن المغرب دولة أمازيغية.

3 ـ تبني هذا المطلب ، المرجعي الإستراتيجي والأصلي، هو تجاوز للصراع ذي البعد الإثني العنصري بين من هو عربي ومن هو أمازيغي، لأن الهوية، كما شرحنا، ذات مضمون ترابي يرتبط بهوية الأرض وينبع منها. فالذي يحدد هوية الإنسان هو هوية الأرض التي ولد بها ويعيش فوقها وليس أصله الجيني، خصوصا أنه لا يوجد نقاء عرقي، وحتى إذا وجد فإنه من الصعب إثباته والتحقق منه. وهكذا تكون وحدة الهوية الأمازيغية، المستمدة من وحدة الأرض الأمازيغية، إطارا ووعاء لتعدد لغوي وثقافي وديني وعرقي، لكن ضمن هوية واحدة هي هوية الأرض الأمازيغية، كما هو الحال في كل بلدان المعمور ذات الهوية الواحدة مع تنوع في الأعراق والديانات واللغات واللهجات كما سبق أن شرحنا... وهكذا لن يبقى هناك فرق، على مستوى الهوية، بين من هو أمازيغي ومن يعتبر نفسه "عربيا"، لأن كليهما ينتميان إلى نفس الهوية الأمازيغية التي تحددها هوية الأرض الأمازيغية.

4 ـ حتى الإسلاميون أنفسهم سيقبلون ـ بل وقد يساندون ـ المطلب الهوياتي للحركة الأمازيغية ما دام أن هدف هذه الحركة هو استعادة الهوية الأمازيغية للدولة المغربية، ولا يهمها بعد ذلك أن تنجح المشاريع السياسية للإسلاميين بالمغرب، لكن ضمن دولة أمازيغية وبهوية أمازيغية، مثل المشروع الإسلامي بإيران الذي نجح وتحقق لكن في ظل الانتماء إلى الهوية الفارسية، التي هي هوية الأرض الفارسية، وليس العربية، أو النظام الإسلامي المتشدد السابق للطالبان الذين أقاموه بأفغانستان، لكن في إطار الهوية الأفغانية المستمدة من هوية الأرض الأفغانية، وليس الهوية العربية. فاستعادة الهوية الأمازيغية للدولة بالمغرب لا يلغي أن الإسلام هو دين هذه الدولة الأمازيغية، وأن لغتيها هما العربية والأمازيغية. وهذا ما لا يتعارض مع المبادئ التي تدافع عنها الحركة الإسلامية إذا كانت ترمي حقا إلى أسلمة الدولة والمجتمع، وليس إلى تعريبهما وتحويل هويتهما الأمازيغية الأصلية إلى هوية عربية، كما يسعى إلى ذلك القوميون والعروبيون.

5 ـ تجاوز الخصومة المفتعلة بين الأمازيغية واللغة العربية حيث يؤول رفض سياسة التعريب من طرف الحركة الأمازيغية على أنه رفض للغة العربية. ففي إطار الهوية الأمازيغية للمغرب، لن يبقى هناك مبرر لمثل هذه الخصومة بين اللغة الأمازيغية والعربية كلغة ـ وليس كهوية ـ لا تهدد الهوية الأمازيغية لأنه سيُتعامل معها وتدرّس، في إطار الدولة الأمازيغية، كأية لغة أخرى يختار المغاربة، لأسباب دينية إسلامية أو علمية ثقافية أو نفعية اقتصادية، تعلمَها وإتقانها، وليس كهوية تحل محل الهوية الأمازيغية الأصلية، كما هو الشأن في سياسة التعريب التي هدفها ليس هو تعليم اللغة العربية، بل التعريب الهوياتي للأمازيغيين بتغيير هويتهم من أمازيغية إلى عربية.

6 ـ تجاوز، كذلك، الخصومة المفتعلة بين الأمازيغ والعرب ـ الحقيقيين هذه المرة ـ حيث يؤول المعادون للأمازيغية المطالبة برد الاعتبار لهذه الأخيرة والاعتراف بها لغة وثقافة وهوية وتاريخا، على أنه "عداء" للعرب والعروبة. فالنضال من أجل استعادة الهوية الأمازيغية للدولة بالمغرب، كهدف مرجعي أول وأصلي وإستراتيجي، لا يعني أي عداء للعروبة والعرب، بل يعني فقط تصحيح وضع شاذ وغير سليم، من مخلفات الاستعمار الفرنسي. أما العرب، في هوياتهم وأوطانهم الأصلية بالمشرق العربي، فيبقون إخوانا لنا نشترك معهم في الدين، وتجمعنا بهم أواصر ثقافية ولغوية وتاريخية كما تجمعهم بشعوب إسلامية أخرى كالأتراك والفرس مثلا. بل إن استعادة الهوية الأمازيغية للدولة بالمغرب، سيسمح لنا، نحن الشعب الأمازيغي، وبدون عقد ولا تبعية، بإقامة علاقات تعاون وشراكة وحتى إنشاء اتحادات عربية أمازيغية يكون أساس ذلك مصلحة الشعبين الأمازيغي والعربي، وليس أساسه وجودَ أصل عرقي مشترك، مزعوم ومتخيل، يجمع بين المغرب والدول العربية كما هو شأن العلاقة بينهما اليوم في إطار الدولة العربية، بالمفهوم العرقي، بالمغرب حاليا.

7 ـ وحتى الحكام والمسؤولون السياسيون، بدل استمرارهم في رفض المطالب الأمازيغية، سيجدون في استعادة الهوية الأمازيغية للدولة التي يحكمونها، مصدر فخر واعتزاز يشعرهم بالاستقلال الهوياتي لدولتهم ويمنحهم شرعية "ترابية" حقيقية يستمدونها من الأرض الأمازيغية التي ينتمون إليها، عوض شرعية "عرقية" ترتبط بأصل عرقي مزعوم ينتسبون إليه وينحدرون منه.

8 ـ ثم إن تركيز الحركة الأمازيغية نضالها حول هذا المطلب/الهدف المرجعي الإستراتيجي الأصلي، لن يترك للدولة "العربية" الحالية مجالا للمناورة بادعائها أنها قد استجابت للمطالب الأمازيغية بإنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وإدماج اللغة الأمازيغية في التعليم والإعلام، ما دام أن تلك المطالب لا تمس ثوابتها العروبية، وهو ما يضمن هيمنة هذه الثوابت واستمرار الإقصاء السياسي للأمازيغية. لكن مع المطلب الهوياتي المرجعي، الإستراتيجي الأصلي، تصبح كل "تنازلات" الدولة العروبية لصالح المطالب الأمازيغية، في شكلها الحالي، لا تجدي نفعا ولا تعفيها من مسؤوليتها في الإقصاء السياسي للأمازيغية ما لم تتحول هويتها العربية إلى هوية أمازيغية تبعا لهوية الأرض الأمازيغية.

"أم" المطالب ورأس الأهداف:

إننا ندعو، إذن، كل مكونات الحركة الأمازيغية، في حال اقتناعها بمضمون هذه الورقة، إلى تجاوز المطالب الجزئية والفرعية الحالية، والانتقال إلى مرحلة مطلب المطالب ورأسها الذي هو مطلب استعادة الهوية الأمازيغية للمغرب، أرضا وشعبا وحكما ودولة، حتى يكون هناك انسجام وتوافق بين هوية الدولة وهوية الأرض التي تسود عليها هذه الدولة، وبين هوية السلطة وهوية الشعب الذي تحكمه هذه السلطة، وبين انتماء الإنسان وهوية الأرض التي يعيش عليها هذا الإنسان. ليكن إذن هذا المطلب هو الهدف المرجعي الإستراتيجي والأصلي المعلن بوعي ووضوح ومسؤولية للحركة الأمازيغية. فمع تحقق هذا الهدف تتحقق كذلك، دفعة واحدة ـ كما سبقت الإشارة ـ كل الأهداف الأخرى الحالية التي هي عبارة عن مطالب فرعية متفرقة وقطاعية ومتنوعة، لأن الاستجابة لهذه الأخيرة ستكون تلقائية باعتبار هذه الاستجابة جزءا من الهوية الأمازيغية المستعادة للدولة الأمازيغية، مثل: دسترة الأمازيغية، وتدريسها واستعمالها في الإعلام والقضاء ولإدارة.

فنحن، في جمعية "الهوية الأمازيغية"، بعد أن اقتنعنا بالمضمون الترابي لمفهوم الهوية، بالشكل الذي أوضحناه وشرحناه في هذه الوثيقة، أسسنا جمعية تحمل اسم "الهوية الأمازيغية" تتمحور أهدافها حول النضال من أجل استعادة الهوية الأمازيغية للمغرب والعمل على تحقيق الانتقال من دولة عربية الهوية، بالمفهوم العرقي، إلى دولة أمازيغية الهوية، بالمفهوم الترابي، في انسجام مع هوية الأرض الأمازيغية.

وأملنا أن ينضم إلى هذا المشروع الهوياتي كل من لديه من المغاربة غيرة على هويته الأمازيغية، التي هي غيرة على أرضه ووطنه، سواء كان ناطقا أو غير ناطق باللغة الأمازيغية، وأن تتبناه باقي فصائل الحركة الأمازيغية المؤمنة والمقتنعة بهذا المطلب/الهدف المرجعي الأساسي والأصلي، وتغير، في ضوئه، من إستراتيجيتها بالشكل الذي يوجه نضالها وأنشطتها في اتجاه استعادة الهوية الأمازيغية للمغرب، شعبا وأرضا وسلطة ودولة.

(جمعية الهوية الأمازيغية، سلوان في 04 أكتوبر 2008)

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting